هل يصمد اتفاق السلام في جنوب السودان امام شيطان التفاصيل المرابط في جوبا ؟ … بقلم حسن إبراهيم فضل

هل يصمد اتفاق السلام في جنوب السودان امام شيطان التفاصيل المرابط في جوبا ؟ … بقلم حسن إبراهيم فضل

بداية أزجي التحية خالصة لأهلنا في جنوب السودان وفي شماله بطبيعة الحال على ما تم في الخرطوم , من اتفاق ورجاءنا ودعوتنا نرفعها صادقة ان يصمد هذا الاتفاق ولا يكون كسابقاته من الاتفاقات التي وقعت ولم تصمد لأسباب كثيرة ومعروفة.
لا يختلف اثنان على ان السلام يعتبر حاجة ملحة ليس فقط لأهلنا في الجنوب ولكن أيضا في الشطر الشمالي وفي دول الجوار الإقليمي, وان البحث عن السلام أيضا يعتبر واجب لكل محبي السلام في وطننا الكبير, لما يعانيه المواطنين من تشرد ونزوح وقتل وتدمير للبنى التحتية على قلتها , وانتشار الرعب وكل أسباب الدمار والخراب , والانهيار الاقتصادي وتدهور العملة الوطنية.
لم تكن ظروف توقيع هذا الاتفاق افضل من الاتفاقات السابقة من حيث المعطيات الداخلية والإقليمية خاصة في دول جوار جنوب السودان واللاعبين بشكل مباشر وغير مباشر في الملف .
اتفاق تقاسم السلطة بين فرقاء جنوب السودان يحفه كثير من التحديات أولا تحدي المكان وصناع الاتفاق نفسه , نعم ببساطة لم يكن الخرطوم المكان المناسب ولا قادة الخرطوم الذين قادوا عملية الوساطة مؤهلون أخلاقيا للقيام بهذا العمل .
لا اعتقد ان الرجل الذي كان يعتقد ان الجنوب سرطانا يوجب الاستئصال ليتعافى الشمال مؤهل أخلاقيا لان يقوم بهذا الدور صادقا ما لم يكن هناك اجندات ودوافع لذلك.
لم يكن من كان يصف شعبنا في جنوب السودان بالحشرات مؤهلا باي صورة من الصور لان يكون وسيطا نزيها.
الخرطوم التي تشتعل الحروب في كل اطرافه ويعجز بقصد او بدونه ان يصل فيها لاتفاقات لا اعتقد انه يملك تلك القدرة لان يحل أزمات الاخرين ففاقد الشيء لا يعطيه. اذن المعطيات والظروف المحيطة بالاتفاق , من حيث المكان وصناع ذلك المشهد , ليس ممن يؤمل فيه بلوغ هذا المسعى الى غاياته,( اما نظر نجار الخرطوم الى بابه ليستر سوءتها قبل الذهاب الى الجنوب؟ ).
الخرطوم لم يكن محايدا فهو داعم باستمرار لاحد فصائل المعارضة في الجنوب بل ويعتبر المحرض الرئيس لكل عمليات الاحتقان التي سبقت عملية تفجر الأمور في الجنوب .
التحدي الأبرز والذي عبر عنه الرئيس سلفاكير ميارديت في كلمته وهو تحدي الاقتصاد والازمة المالية الخانقة التي تعانيه دولة جنوب السودان , وعلى غرار (الجمرة تحرق الواطيها ) الرئيس سلفا قالها بوضوح (هناك خمس نواب للرئيس انا القى ليهم عربات وبيوت من وين ) سلفا أراد ان يعي القادمون الى جوبا يكونوا على بينة من امرهم ولا بد ان يعلموا ان التحدي ليس بسيطا والطريق ليس مفروشا بالورود.
لم تكن تحقيق ما وردت في تلك الكلمات التي قالها كل من الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار رغم أهميتها بالأمر اليسير, الرئيس سلفا قال ان بلاده ودعت الحرب بعد توقيع اتفاق تقاسم السلطة ودعا المتمردين الي العودة الي البلاد والعمل معا من اجل تنفيذ الاتفاق وان البلاد باتت مفتوحة من اجل عودتهم كمواطنين ولممارسة العمل السياسي وانه لن يتم اعتقال اي شخص او تتم عمليات قتل.. هل هذا يتحقق بشكل فوري ام يحتاج لعملية مستمرة ويحتاج لمزيد من الوقت.
تصريح السيد البشير الذي اطلقه في الهواء الطلق على انهم ملتزمون بمساعدة الجنوب بالكوادر لتنفيذ هذا الاتفاق ولكنه لم يوضح السيد البشير من هي تلك الكوادر التي سيدفع بها لمساعدة اهل الجنوب , هل هم نفس القادة الذين ازكمت رائحة فسادهم كل بقاء الوطن , هل هم القادة الذين يكتنزون مئات العربات والدولارات في بيوتهم؟ ومليارات أخرى في ماليزيا وتركيا واستثمارات جميرا دبي؟, هل هم أولئك الذين ينهبون مواد إغاثة متضرري السيول والامطار؟؟ هل هم من يهددون خطيب مسجد اعزل لا يملك الا لسانه
هل هؤلاء الكوادر متخصصون فقط في الجنوب؟ هل باستطاعتهم اصلاح أزمات الوطن في الشمال اولاً وقلمه؟؟ ام السيد الرئيس سيستورد قادة من كوكب اخر كما يستورد الطماطم والثوم وهو يتربع على عرش بلد الاثنا عشر نهراً ؟

الحقيقة الناصعة التي يجب ان يعيها كل مواطن ومسؤول في جنوب السودان في الحكومة والمعارضة ليس هناك عدو وخطر يهدد استقرار الجنوب اكثر من حكومة المؤتمر الوطني وقادته , واقسم مغلظا والمرء يقسم على ما يعتقد لولا بترول الجنوب وازمات الشمال لما تقدم هؤلاء خطوة نحو الجنوب الا ازكاء نار الفتنة فيها.
المطلوب من القادة في جنوب السودان الا تتعلق امالهم بالشمال الذي دفع بهم بعيدا تحقيقا لثقافة أحادية تفرق ولا توحد , وان يوطنوا ارادتهم الذاتية لانفاذ هذا الاتفاق والا يكونوا اضحوكة يشبع سادية حكومة المؤتمر الوطني التي لم تتمنى يوما الخير لاهل الجنوب .

العملية ليست يسيرة حيث يرابط شيطان التفاصيل وبقوة ضارية في جوبا حيث ساحة التنفيذ والرقيب الحقيقي والمشهد المزري هناك حيث الامتحان الحقيقي نامل ان يتجاوزه قادة جنوب السودان.
الاتفاق يحفه كثير من التحديات كما ذكرت لغياب الدعم الإقليمي والدولي رغم وجود ممثلين للاقاد والأمم المتحدة ولكن الامر الملفت غياب عدد من القادة الافارقة الذين دعو لحضور توقيع الاتفاق رغم ان عدد من هذه الدول اوفدت ممثلين الا ان الامر يحمل الكثير من الدلالات والتوجس لدى كثيرين حول صمود هذا الاتفاق , فليس السودان ولا قادته مكان ثقة لان من المعلوم بالضرورة لا يمكن ا يكون ضامن هذا الاتفاق والوسيط فيه شخص يشعل الحروب بل ووقود بقائه واداءه اليومي مبني على بقاء بلده مشتعلا.
إضافة الى الغياب العربي رغم الحضور على مستوى السفراء والغياب الملفت لدولة قطر الاب الذي (ولدت حكومة البشير ونساها ) قطر التي لم تفرط في مثل هكذا مناسبات بل واعلامها وسفيرها الأقوى ( الجزيرة ) غابت عن تغطية الحدث الجزيرة التي غطت حتى (فنلة ميسي ) المزيفة غابت عن مشهد الخرطوم.
قطر التي تسعى وبكل قوة ان تتمدد رغم قصر قامتها ومساحتها فهي دائما تسعى لان تكون حاضرة في مثل هذه الأجواء واعتقد جائزة نوبل التي حلمت بها ومن اجلهل فرخت وظائف ووزارات لكثير من العاطلين والمهرولين في المشهد الدارفوري لم تكن لتغيب لولا ان يكون هناك (الكبير القوي ). قطر التي دفعت الملايين لقتل الشهيد معمر القذافي وملايين أخرى لازاحة حسني مبارك من المشهد لتتصدر هي لكنها حصدت الهشيم ومقاطعة اعادها الى ما قبل حجمها الحقيقي.
اعود فاقول الغياب العربي له دلالة بالغة كنا نتوقع حضور الرئيس السيسي على الأقل تتويجا لما تم في الزيارة السابقة وتمهيدا لزيارة أكتوبر الحاسمة.
الملفت أيضا في مشهد توقيع الاتفاق لم نرى اثرا لقيقم ولا فتية (سيرسير ياريس) ولم يصدقنا البشير القول كما صرح امام حفل تدشين توزيع اليات الخريف بولاية الخرطوم بإنه اجرى عملية تبديل “ركبه داخل السودان” وتفاخر بانه ممكن ان يرقص على المنصة دون عنت. (داخل السودان دي طبعا ) قد يكون وزير الصحة المناضل لم يوافقه فيها لان سعادته يتعالج كعادة قادة وطني في هذا الزمان في تايلند.
بقي ان اصلي وادعو الله القدير ان يكلل عملية السلام في وطني بالنجاح و وان يزيح عنهم عنت تدخلات الجوار المتظاهرين بالمودة والمبيتين لكل أسباب الفتنة هناك.

حسن إبراهيم فضل
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *