هذا مجلس يعاني من إعاقة ذهنية وحركية

جعفر عباس

تحول المجلس العسكري الانقلابي الى لغز: ماذا يريد؟ هل يحسب ان قتل وترويع المواطنين سيضمن له البقاء في الحكم؟ هل يحكم فعلا؟ هل للبرهان أي سلطة على المجلس وعلى أحوال البلد؟ اين القوات المسلحة؟ ولماذا يمنعون قوات الشرطة من أداء واجباتها؟ كيف يقولون ان الدعم السريع جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة ثم يتحدثون عنها ككيان منفصل في بياناتهم وخطبهم؟ وهل يعتقدون ان تكليف قوات الدعم السريع بالبطش بالمواطنين سيعزز سلطتهم، ام هم يخافون على أنفسهم من الدعم السريع ويريدون إشانة سمعته بين الناس توطئة للتخلص الناعم منه؟
لماذا يمارس المجلس الكذب باستمرار؟ وآخر الكذبات ما جاء على لسان الفريق جمال عمر وهو كما تذكرون نال عضوية المجلس مؤخرا كبدل فاقد، ليحل محل مدير الاستخبارات العسكرية الذي استقال او أقيل من منصبه؛ قال هذا الفريق الاحتياطي ان قوى الحرية والتغيير وافقت على فض الاعتصام!! يعني وافقت على أن يتم قتل المئات وإلقاء بعض الجثث في النيل!! وما زالت كذبة ان ما حدث في 29 رمضان هو تصفية بؤرة كولمبيا!! ولكن تم قتل 9 أشخاص في 8 رمضان بحجة تصفية كولمبيا!! وهل كان جماعة كولمبيا يقيمون في الخيام التي تم حرقها أمام بوابات القوات البرية والبحرية والجوية؟ وهل كانت تصفية كولمبيا تتطلب خطة عسكرية محكمة يشكل فيها آلاف المسلحين النظاميين كماشة لحصد الأرواح بالجملة؟ ومنذ متى من المشروع قتل من يتعاطون الخمر والمخدرات رميا بالرصاص دون محاكمة او بعد المحاكمة
اعتقد وقد أكون على خطأ أن البرهان رئيس صوري- مجرد ديكور- للمجلس، وأنه بالتالي بلا سلطة حقيقية، خاصة وانه من المعروف ان حميدتي هو من أسند المنصب اليه؛ واعتقد وقد أكون على خطأ أيضا أن المجلس الانقلابي لم يجتمع ليتخذ قرار فض الاعتصام بالقوة، بل إن القرار صدر عن جهاز الأمن بالاتفاق مع الدعم السريع، وربما يفسر هذا “الكشة” التي أطاحت بالعشرات من قيادات الجهاز ومعهم ، ولم يكن ذلك من باب معاقبتهم، بل بهدف تحميلهم مسؤولية مجزرة 29 رمضان، لأن المجلس لا يملك السلطة أو الشجاعة لمحاسبة جندي “نفر” من الدعم السريع، واكتفى بعزل مدير استخبارات الدعم السريع (وهو أصلا من جهاز الأمن) ليتسنى للدعم السريع الزعم بأنه تعرض للتضليل والتورط “على خفيف” من قبل جهاز الأمن
ويقول مسيلمة المجلس العسكري ان العصيان المدني لم يؤثر على “العمل والحياة في البلد” ثم يضيف إنه يؤثر على حياة الناس!! فهل الناس شيء والبلد شيء آخر؟ ثم يقول إن ما يبدو كنجاح للعصيان سببه ان كثيرا من الناس لم يعودوا الى العاصمة من الأقاليم بعد عطلة العيد!! ولكن سعادتك ماذا عن الالتزام التام بالعصيان في الأقاليم؟ أم أنك مثل أسلافك من جنرالات السلطة تعتقد ان السودان هو الخرطوم و”بس”
قبل يومين تم قتل المناضل وليد عبد الرحمن السعدابي في بحري رميا بالرصاص، وكانت عملية اغتيال مدبرة لأن الشهيد كان رمزا ثوريا راسخ الحضور في كل ساحات النضال، وأثناء مراسيم دفنه هجم جماعة الدعم السريع على المشيعين بالرصاص الحي واضطر المشيعون الى تشكيل درع بشري فوق الجثمان حتى انكسر السرير الذي كان يرقد عليه، ومرة أخرى سيقولون إن جماعات متفلتة ترتدي زي الدعم السريع وتستخدم سيارات الدعم السريع تقوم بالهجوم على المواطنين هنا وهناك لتشويه سمعة تلك القوات، ومعنى هذا ان هناك آلاف الأشخاص يرتدون زي الدعم السريع موزعون على كل ركن في العاصمة بلا رادع؟ يا مثبت العقول يا رب
مرة أخرى في ظرف شهرين فقط وقبل ان تستتب لهم الأمور ثبت ان المجلس الانقلابي هو أكبر مصدر لتهديد امن الوطن والمواطن، وأنه مسؤول عن مصرع أكثر ممن صرعهم نظام البشير في سبتمبر 2013 وخلال ثورة ديسمبر وأكثر ممن قتل من السودانيين طوال نصف قرن من حكم بريطانيا للسودان بعد معركة كرري!! هل يتمتع بذرة من العقل حاكم يرسل قواته لاحتلال مركز الامدادات الطبية وطرد العاملين فيه وإغلاق 7 مستشفيات من بينها مستشفيات بحري وأم درمان؟
هذه سلطة باطشة وغاشمة وغشيمة، ولا سلاح لنا للقضاء عليها وتخليص البلاد من شرورها ودمويتها الى بالعصيان، لنشل حركتهم ثم نفقدهم توازنهم ثم نقدمهم للمحاكمة ونشرع في إعادة بناء وطننا ودولتنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *