نحو حركة تنوير سودانية 1 .4
حسن اسحق
الانسان ولد حرا ،وهو الان مكبل بالاغلال في كل مكان،ان الحكام في جميع انحاء الارض،ماهم الا نواب للشعب وللشعب الحق في اختيارهم .بهذه العبارة الصريحة الدلالة للمفكر الفرنسي جان جاك روسو في كتابه العظيم العقد الاجتماعي،وضع اساس متين للفهم الديمقراطي علي مستوي الحكم لكل النظم السياسية في البلدان التي تعترف بالحرية وممارسة الديمقراطية.والشعب في مفهوم العقد الاجتماعي ليس تابعا،بل هو العمود الفقري للعمل الديمقراطي الذي يحترم حرية الفرد في اختيار من يرونه مناسبا للحكم،والحكام الذين يتشربون من مبادئ النظم الديمقراطية،لا يلجأون الي السلطة بقوة السلاح او الانقلابات العسكرية،كما فعل هؤلاء القوم،لانهم يدركون تماما،ان الشعب لن يقف في صفهم او يساندهم،والوسيلة الوحيدة هي صناديق الاختراع،هي من تأتي بالحكام،وهم مكلفون من قبل الشعب.
في هذا البلد العظيم السودان،كم نحن بحاجة الي حركة تنوير سودانية تستطيع ان تخترق هذا الواقع المعقد،واحداث نقلة ايجابية في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية،ودراسة الواقع السوداني بطريقة عقلانية بعيدا عن العواطف الدينية والعرقية،واعادة الاعتبار للتاريخ السوداني الاصيل الممتد لالاف السنين قبل دخول المسيحية والاسلام الي السودان،كان هنالك سودانا عظيما،لان بدون دراسة عقلانية لذلك التاريخ السوداني لن نستطيع احداث اي اختراق للوضع الراهن المعقد،وهذا الوضع اذا ساد سيتحول الوطن الي مزيد من الدويلات،وهذا مايريده المركز الاسلاموعروبي بعقليته الاقصائية المنظمة للحكم الحالي،وسيطرته المستمدة من التمكين وابعاد الاخرين.وحسب العقلية الاسلاموعروبية تحول السودان الي دويلات سيضمن له فترة بقاء اطول،لان هؤلاء القوم يخشون التغيير،وحدوث اي تغيير حقيقي او حركة عقلانية،اذا اجتاحت الواقع السوداني،وتنسم السودان رائحة ديمقراطية حقيقية،سيكتشف زيف ادعاء هؤلاء لنموذجهم الديني الذي خدع به السودانيين،وبأسم الايدولوجية الدينية بتر جزء عزيز من البلاد،جنوب السودان،لان الصورة التي رسمها المركز الاسلاموعروبي للجنوب،انه لا يدين بالاسلام وليسوا عربا،لذلك لا يحق لهم التواجد في ارض المليون ميل،وتم كل ذلك باسم الدين،والمؤسف ان الاديان عندما اتت لم تأتي لكي تفرق بين البشرية،كما يدعون،بل اتت لتصلح جزء من بعض الاخطاء التي يؤمن بها البعض في المجتمعات،كما يكررون ذلك،وهذا الاصلاح يتم بالتدرج،وبخطوات ثابتة،والدين لا يستبعد الاخر الذي يختلف معه في الدين ،والدين في حد ذاته رسالة انسانية،وهذا مايتمسكون به لطعن الاخرين علي ظهورهم، العقلية الاسلاموعروبية لاتري هذه الرسالة الا من خلال رأس المال الرمزي العروبي،ومن خلاله يمكن ان تحدد مكانتك في المجتمع السوداني الحالي،فاذا لم تستطع ان تنال صكوك الغفران الاسلاموعروبية ستتوه في صحراء التهميش،والابعاد القسري،لان الدين اصبح عبارة عن لعبة يديرها المتنفذين لتحقيق احلامهم الذابلة عن طريق الدين،وهو وسيلتهم الوحيدة،والعرق المصاحب لعملية الزواج الاجباري.
فهم يخشون التفكير العقلي الذي تصاحب الديمقراطية عبر الانفتاح علي الجميع،والعقل هو السلاح الذي يدمر تلك الكتلة الدينية المتجددة المنغلقة علي نفسها،وغير قادرة علي اختيار امكانية تحليل الواقع المعاش،عندما يلج هؤلاء الي الدين،يريدون ان يحجبوا عن الشعب قدرته علي التعبير،وممارسة حرية الاختلاف في مناخ يسوده التسامح،وعقلية قبول الاخر بمفهومها الشامل الانساني،وهنالك مقال للمفكر الفرنسي ديدرو تناول فيه العقل مربوط بالدين،وكان يتحدث عن الدين باعتباره شرف البشرية،والتفوق الاكثر امتيازا لطبيعتنا علي الحيوانات،هو في الاغلب المنطقة التي يظهر فيها الناس اكثر عقلانية.السؤال الذي يطرح نفسه الان،اذا كان الدين فعلا هو شرف البشرية ومتفوقا ،ويميزنا عن الانعام.لماذا هذه الصورة اللاعقلانية..
[email protected]