أكاد لا أصدق ما أراه من اللا مبالاة التي يشهدها الشارع السوداني إزاء التقتيل المنتظم الذي يمارسه كلاب المؤتمر الوطني ضد طلاب دارفور الذين يتساقطون اغتيالا واحداً تلو الآخر وعلي مرمي حجر من قبة البرلمان الذي يفترض به تشكيل لجان تحقيق ومحاسبة فورية وفصل كل من تربطه صلة بهذا العبث بأرواح الأبرياء ،
بينما في ذات الوقت تتورم حلاقيم الأجهزة الحكومية التشريعية منها والتنفيذية وهيئة علماء السودان ورؤساء المنابر والنقابات الاتحادية وخطباء المساجد بالنعيق بضرورة دعم مسلمي ميانمار(الروهينغا) الذين تجرعوا ذات المرارات علي يد الدكتاتورة البورمية “أون سان سو تشي ” التي تقل دكتاتوريتها كثيرا عن دكتاتورية السفاح البشير ، علي اعتبار أنهم إخوة لهم في ا
لدين !
* لا أحاول بأي شكل تقليص كمية تضامن الشعوب المسلمة مع بعضها البعض ، سيما وأن للروهينغا قضية عادلة توجب علي الإنسانية جمعاء الوقوف معهم بغض النظر عن ديانتهم أو غيره ، لكن طالما تمسح أولئك المتضامنون السودانيون ببراهين ونصوص دينية ، فالقاعدة الإسلامية تقول : ” الأقربون أولي بالمعروف ” ، فأي الشعبين إليكم أقرب !! وأي الحالتين أولي بالتضامن ؟وأي الفريقين أحق بالدعم إن كنتم صادقين ؟ شعب الروهينغا أم طلاب دارفور ؟
* دارفور” اللوح والدواية ” كما يحلو لكم تسميته لغرض الإحتيال علي شعبه فقط والزج بهم في حروباتكم المفتعلة علي امتداد تاريخ السودان الدامي ، تلك الدولة الإسلامية التاريخية التي ظلت تبعث قوافل كسوة الكعبة المشرفة وطعام الحجيج كل عام زهاء الخمسة قرون بلا من -بتشديد النون- من شعبها ولا أذي ، وحتي اليوم يعد دارفور الإقليم السوداني الوحيد الذي يدين شعبه بالدين الإسلامي بنسبة مئة في المئة ، فعن أي أخوة في الإسلام تتحدثون؟
* عموما أظهرت واقعة إعتداء طلاب كتائب المؤتمر الوطني الارهابية علي طلاب دارفور بداخلية – غوانتانامو – قبيل عيد الأضحى الذي نجم عنه حتي أمس الأول إغتيال ثلاثة من طلاب دارفور العزل جعفر محمد “جيفارا” وأشرف الهادي ومحمد علي “كلول” أظهرت مدي الهوة الوجدانية التي تفصل بين شعب دارفور وشعوب الوسط والشمال النيلي بمن فيهم دعاة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ما عدا القليل والقليل جداً ، يتضح ذلك جلياً لكل من تابع سير مراسم تشييع الجثاميين الثلاثة ، إذ لم يكن من بين المشيعين رؤساء وأعضاء الأحزاب السياسية السودانية ال160 إلا القليل منهم الذين سيدون التاريخ الانساني وقفتهم هذه بأحرف من ذهب فلهم التحية والتجلال ، والمحزن أيضًا في المشهد أن جل المشيعين من طلاب دارفور شباب في المراهقة أو بعدها بقليل ، وكأنهم طلاب وافدون من دولة نائية معادية .
هكذا قدر لطلاب دارفور أن يموتوا غدرا وبقية شعب السودان يتباكون علي الروهينغا والفلسطينيين والشيشان ، ولا أحد يأبه لأنينهم سوي أمهاتهم المكلومات ، مما يوحي بإستمرارية عواصف العنصرية التي ستعصف بوحدة السودان إن لم يتداركها الحكماء ، إن وجدوا أصلاً .
فهل فعلاً كل ما يبدوا لي حقيقية أم مجرد حلم مريع ؟
وإذا كان ذلك كذلك فأفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون !!
Attachments area