بقلم : أحمد قارديا خميس
[email protected]
بالأمس عُقِد في مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور اجتماع بين حكومة الولاية و السيدة ماريا كريستينا رئيسة لجنة العقوبات علي السودان. لمناقشة وضع حقوق الانسان بالولاية. و إتهم والي الولاية (كبر) الحركات غير الموقعة بانها المعوق الرئيسي لتطبيق قرار مجلس الأمن 1591 , وناشد لجنة حقوق الانسان رفع العقوبات عن السودان، مبينا أنها أضرت بأهل دارفور دون غيرهم. السؤال هل سأل (كبر) نفسه, من هو الذي ينتهك حقوق الانسان في دارفور؟!!
في يوم 10 ديسمبر 1948م أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة حق كل انسان في التمتع بالحرية والكرامة والمساواة مهما كانت صفاته ولونه وعرقه ودينه. وها هي تمر علينا الـ 66 عاما لليوم العالمي لحقوق الانسان, وتزامنا مع مرور أكثر من عشرة أعواماً علي انطلاق ثورة الحرية والكرامة في دارفور , ويتحدث علينا (كبر) بهرطقاته عن حقوق الانسان في دارفور.
هذه الحقوق ليست محصورة علي مجتمع معين أو قبيلة معينة او حزب معين او…الخ, بل صالحة لكل مكان في العالم,ولكن وللأسف يحمل (كبر) للحركات المسلحة التي تنادي بهذه الحقوق! لان في السودان يتفاوت تطبيقه بين مجتمع واخر, متأثرا بمستواه الفكري وبتراثه ومعتقده وعاداته وتقاليده. كذلك الانتهاكات لحقوق الانسان نجد أكثرها (لا انسانية) هي التي تجري تحت حكم النظام القمعي الاستبدادي والديكتاتوري في السودان. هذه الانتهاكات تستفحل وتزداد قسوة في أوقات الحرب, هذا ما يعانيه الشعب الدارفوري الآن من مجازر وعمليات تهجير وتشريد واهانة وذل في داخل ولاية شمال دارفور أو خارجها قد تجاوز كل التوقعات والتصورات!. ولم يسبق لشعب آخر أن مر بمثل هذه الكارثة, وما يعيشه هذا الشعب الآن لا يمكن وصفه الا بالمأساة المليئة بالفظائع والانتهاكات اللا انسانية. وعدم اكتراث المؤتمر الوطني وخاصة (كبر) بالقرارات الأممية لحقوق الانسان,وكذلك استهتارا بالقيم والمبادئ الانسانية التي استنبطها المجتمع من دينه وتراثه وحضارته, من الأسباب الرئيسية التي أدت الي اندلاع الثورة المسلحة في دارفور.
ان تراكم الانتهاكات لحقوق الانسان في أي مجتمع كان و لحقبة طويلة قد يؤدي في نهاية المطاف الي ردود فعل عكسية تأخذ بالمجتمع الي حالة لا تحمد عقباها، هذا هو الحاصل بدارفور الآن. ألم يكُن قتل الابرياء العزل في دارفور هو الشرارة التي أدت الي اشعال نار الثورة السودانية بدارفور ؟!. والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير, وخصوصا عندما قام النظام بتقسيم مجتمع دارفوري الي (زرقة – عرب), وتكوين مليشيا الجنجويد لابادة القبائل, واعتقال نشطاء من ابناء دارفور الذين ينضمون الي قبائل الزرقة كما حاصل حتي اليوم (المناضل تاج الدين عرجة كخير دليل), وآليات التعذيب وإساءة معاملة واغتيال بعضهم واختفاء بعضهم قسريا,كانت سببا مباشر لدي شريحة كبيرة من الشباب للانخراط في صفوف الثورة الدارفورية في السودان وبحماس شديد, هؤلاء الشباب أصبحوا يشعرون بأنهم سُلِبوا أغلي ما يملكونه في حياتهم, ألا وهي كرامتهم,بسبب انتهاك واغتيال رجال الأمن ومليشيات (كبر) لهم ولفترات طويلة, وأصبحوا منزوعي الكرامة والحرية!. فلهذا فضلوا الموت علي حياة الذل والعبودية والقهر. وأين الحقوق التي يتحدث بها (كبر).
الأنظمة العالمية والمؤسسات الأممية تصل اليها تقارير كثيرة حول انتهاكات حقوق الانسان في دارفور, وبرغم اتخاذ قرار مجلس الأمن 1591الذي يتحدث عنه (كبر) عن معوقها, ولكنها لا تحرك ساكنا وتكتفي بالاستنكار والشجب, وهي تعلم أن هذا النظام القمعي يدوس علي حرية وكرامة مواطنيه بالأرجل ولا يطبق هذه الحقوق وأيا من القرارات الأممية لحقوق الانسان. بعض هذه الأنظمة تذهب الي أبعد من ذلك وتتعامل مع هذا النظام بمعايير مزدوجة بخصوص حماية حقوق الانسان, وتقوم وبشكل مباشر بدعم انتهاك هذه الحقوق.
بفارغ الصبر ينتظر الشعب الدارفوري اليوم في معسكرات النزوح التي تجري فيها معاملته من قبل مليشيات المؤتمر الوطني (كما حصل في معسكر زمزم من قبل مليشيات محمد عثمان كبر في شهر ماضي) من عمليات القتل والاغتصاب والتحرش الجنسي والمساس في كرامتهم. ألا نتذكر يوميا ما تتعرض له المراة الدارفورية وهي باكيةً بسبب الاغتصابات التي تقع عليها من قبل مليشيا الجنجويد في دارفور!!. للأسف في كثير من دول العالم يوجد للحيوان حقوق أكثر من الانسان الذي يعيش تحت نظام المؤتمر الوطني في دارفور!!. بأي حقوق تتكلم يا والي ولاية شمال دارفور؟.
كل من يعتبر نفسه انساناً عليه أن يدافع عن حقوق الانسان وفي كل مكان في العالم لأنه بذلك يدافع عن حقوقه الشخصية, وعلي المجتمع الدولي أن يحمي هذه الحقوق ويصونها, وأن لا يفرق بين انسان منحدر من مجتمع فقير وآخر من مجتمع غني أو من دولة قوية وآخر من دولة ضعيقة! فيكون بذلك قد حمي حقوق أغلي ثروة في الدنيا وأقدس شئ من المخلوقات..ألا وهو الانسان!!