بسم الله الرحمن الرحيم
غرس الوطن5
[email protected]
إلى الجبهة الثورية بمكوناتها الثلاث : حركة تحرير السودان بقيادة القائد مني اركو مناوي، الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة القائد مالك عقار، العدل والمساواة بقيادة القائد د.جبريل ابراهيم وهي من ضمن نداء السودان و تجمع الحرية والتغيير.إلى الحركة الشعبية فصيل القائد عبد العزيز الحلو، وإلى حركة تحرير السودان فصيل القائد عبد الواحد محمد نور.وإلى جميع الحركات المسلحة السودانية بدون استثناء ، غير الخمس المذكورة اسما..
هذه مناشدة حادبة أقدمها للحركات المسلحة قاطبة :من تلك المنضوية تحت الحرية والتغيير إلى فصيل القائد عبد الواحد محمد نور الذي رفض الاتفاق مع المجلس العسكري جملة وتفصيلا باعتباره امتدادا للسلطة الانقاذية ، طالبة منهم الانتصار على شح الأنفس وتقديم مصلحة الوطن فوق كل مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية أقدمها باسمي أصالة ونطقا بلسان حال سودانيين كثر – صحيح لم يفوضني أحد، لكن لا شك أن الجميع إلا من أراد شرا بالسودان، ينتظر بترقب متوجس وأمل حارق وحرص حادب أن يتم تسليم السلطة التي تدير شأنهم الى حكومة مدينة مؤتمنة بمهام محددة متفق عليها يديرها أكفاء بعيدا عن المحاصصات والتنازعات: للعبور بالسودان من أزمته المستفحلة، ولتنظيم انتخابات حرة و نزيهة- بعد ثلاثين سنة من القهر والاكراه والاستبداد، لتفوز بها حكومة يختارها السودانيون برضاهم.
كذلك يأتي الحرص على هذه الخطوة المهمة قلقا من الفرص التي يتيحها الفراغ الدستوري الحالي لأعداء الثورة وأنصار الثورة المضادة للتخريب ولمحاولات احباط الثورة ومكاسبها سواء بالانقلابات أو بالمؤامرات والدسائس. فقيام حكومة مدنية مسئولة ضرورة حيوية وحتمية لقطع طريق المؤمرات و لكي ترى أهداف الثورة النور ولكي ننعم بالسلام والحرية والعدالة ويكون شعار الثورة واقعا معاشا.
في يوم الأحد الموافق الرابع من أغسطس 2019م تم في الخرطوم توقيع الوثيقة الدستورية، بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري بالأحرف الأولى ليستكمل الإجراء المنتظر في 17 اغسطس القادم وفق جدول زمني منشور . والوثيقة التي تفتتح ديباجتها بمقدمة عامة عن تأسيس الاتفاق على مباديء الثورة وأولوية السلام الشامل والتحول الديمقراطي الكامل ، تتضمن كذلك مهام المرحلة الانتقالية وهياكل ومستويات السلطة فيها ومهام مجلسي السيادة والوزراء، والى من تتبع القوات النظامية، كما تتضمن الحصانة الاجرائية وأولوية للعمل على اتفاق سلام شامل وانهاء الحرب والعفو العام ورصد الستة أشهر الأولى من عمر الحكومة الانتقالية لتحقيق السلام وتفاصيل أخرى تجدها في تلك الوثيقة المنشورة.كما تم الاتفاق على تكوين لجنة تحقيق مستقلة تكمل أعمالها خلال شهر من تكوينها وقد كان امضاء هذا الاتفاق بشهود الاتحاد الأفريقي والوسيط الأثيوبي ودعم الجامعة العربية وحظي بترحيب دولي ووطني كبير.
هذه الوثيقة لاقت رفضا من الحركات المسلحة التي وصفتها بالمعيبة لكونها غادرت قضايا مهمة من قضايا السلام والنازحين واللاجئين ولم تشملهم بالذكر والاهتمام اللازمين، هذا الرفض الصريح لاتفاق ارتجى منه السودانيون خيرا عظيما دعا الحكومة المصرية لاستضافة محادثات بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية(جزء من الحرية والتغيير) لمحاولة تقريب وجهات النظر استباقا لاستكمال الاتفاق المزمع في 17 اغسطس القادم لكنها-تلك المحادثات، لم تحقق نجاحا يذكر رغم أن الجانبين لم يقفلا باب الحوار في: السودان أو في أي بلد آخر ..
ليس تقليلا من أهمية السلام وهو محل اهتمامنا كلنا ولكن استعظاما للأخطار التي يمكن أن تترتب على أي تأخير من جراء هذا الموقف الرافض-مما قد يعصف بكل المكاسب التي تحققت ، نناشد قادة الحركات المسلحة تفويت الفرصة على من يريد بالسودان شرا والقبول فورا بما تم الاتفاق عليه والمساهمة في اكمال كل نقص موجود .
مناشدتي تلك لابد من قراءتها جنبا الى جنب مع التحبير بصريح العبارة وعالي الصوت على أن:
لا أحد يستطيع نكران أن تلك الحركات المسلحة انما حملت السلاح حماية لأهلهم الذين بطشت بهم آلة الحرب الانقاذية ولم ينج حتى العزل والمدنيين من قصف الطائرات وحرق القرى والتشريد والاضطهاد والطرد من قراهم وتسكين آخرين مكانهم دون وجه حق..لابد من التأكيد هنا على تفهم ومشروعية حمل السلاح ضد الانقاذ حينها، عندما انسد الأفق ولم تترك تلك السلطة الباطشة دربا واحدا للخروج إلا طريق السلاح.
ولا أحد سوى مكابر يستطيع انكار أن تلك الحركات المسلحة تمكنت فعلا من حماية مواطنيها الى حد كبير، كما استطاعت بتمترسها الشرس في وجه الانقاذ أن تضعف من سلطتها الغاشمة وتسلط الضوء على مظالمها التي استحقت بسبهها أكثر من 60 قرارا دوليا صادرا من الأمم المتحدة ضد السودان بما فيها القرار 1593 القاضي بتسليم المخلوع الى العدالة الجنائية الدولية .
ولا أحد ينكر مساهمة تلك الحركات المسلحة الفاعلة ضمن منظومة أخرى من المعارضة السلمية في اسقاط هيبة حكومة المؤتمر الوطني ثم اسقاطها جملة واحدة في فعل تراكمي تنوعت حلقاته بين عسكري ومدني.
كما أن تلك الحركات المنضوية منها في نداء السودان وحتى تلك التي لم تمضي على اعلان الحرية والتغيير- باختيارها وضعت السلاح منذ بداية الثورة المباركة في ديسمبر 2018، مجردة بذاك الفعل السلطة الغاشمة من أهم حيلها ومبرراتها التي كان يمكنها استخدامها لضرب التظاهرات السلمية بعنف أكبر ربما وصل حد القصف بالطائرات بحجة أن تلك الثورة يحميها السلاح حتى و ان لم توجد علاقة مباشرة!
لابد من الاعتراف بهذا وتسجيل صوت شكر لهذه الحركات على هذا الدور المحمود الذي أعطى الثورة فرصة أن تنتصر بسلميتها وبالصدور العارية الا من الايمان بالوطن وضرورة تخليصه من الطغاة وبسبب هذه السلمية الكاملة وجدت ثورة ديسمبر ترحيبا دوليا واقليميا ساهم مع صمود الثوار في سقوط دولة المؤتمر الوطني.
وقد أثلج صدري ولا شك صدور آخرين كثر تصريحات سابقة شنفت آذاننا من قادة هذه الحركات من الذين هم ضمن تحالف الحرية والتغيير بأنهم حريصون على حلف الحرية والتغيير وبعيدون عن أي رغبة في المحاصصات بل حتى القائد الحلو وحركته ليست من ضمن الحرية والتغيير ولكنه صرح بأن قضية السلام في نظره أهم من اهدار الوقت في مناقشتها مع المجلس العسكري ويرى محقا أن وقت ذلك يأتي بعد تكون الحكومة المدنية .للقائد عبد الواحد موقفا آخر مثلما نوهنا ومع ذلك هو أيضا التزم بأرضا سلاح لدى قيام الثورة!
كانت تلك بشريات ستساعد دون أدنى شك في العبور بالسودان لبر الأمان.
ثم حدثت نكسة بعد إمضاء الاتفاق بالأحرف الأولى: فقد توالت تصريحات قادة الحركات المسلحة تترى ومخيبة للآمال تنصلا عن تصريحاتهم السابقة وأنهم ليسوا جزءً من هذا الاتفاق، واشتراطهم تأخير تكوين الحكومة الانتقالية ليكونوا جزءً منها ومن الاتفاق ومطالبتهم باستيعاب ما تم الاتفاق عليه في اديس ابابا في منتصف يوليو مع الحرية والتغيير ليضمن في الوثيقة الدستورية..
بعض هذه المطالب موضوعي وبعضها تعجيزي وبعضها مخيب للآمال:
المطالبة بتكوين مجلس قيادي للفصل في قرارات الحرية والتغيير مطلب موضوعي وقد تم الاتفاق عليه وهو لا يقتضي تأخير اجراء 17 اغسطس .
تضمين اتفاق اديس ابابا يوليو 2019 للوثيقة الدستورية سيفتح الباب واسعا للمجهول لأنه يعني إعادة التفاوض مع المجلس العسكري مما يعني الدخول مرة أخرى في مفاوضات تستغرق زمنا ضائع أصلا. ويمكن تلافي ذلك بالحاق اتفاق اديس كملحق بالاتفاق الأصلي مما لا يتطلب تأخيرا اضافيا.
أما المخيب للآمال فقول القائد جبريل في المؤتمر الصحفي بعد محادثات القاهرة 12 اغسطس الجاري أن الصراع السياسي في السودان هو في الأساس حول السلطة وأنه لا يوجد ما يمنع أن تكون الجبهة مشاركا في الحكومة الانتقالية! وهذا مخالف لما سمعناه بعدم الدخول في محاصصات وفيه ما يشي بحديث المحاصصات وهي خطر كامل على تكوين الحكومة الانتقالية.لذلك تواثقت غالبية قوى الحرية والتغيير على أن تكون الحكومة الانتقالية لكفاءات بعيدا عن المحاصصات وتكون الفعاليات السياسية مشاركة في الانتقالية من ضمن نسبة ال67% للحرية والتغيير والجبهة الثورية منها .وقد تركت ال 33% الأخرى للحركات المسلحة الأخرى والقوى التي عارضت الانقاذ لكنها لم تكن جزء من الحرية والتغيير.
مع تلك المناشدة أطلب من هؤلاء القادة بل من كل حادب/بة على السودان ادراك أن:
الاتفاق مع المجلس العسكري ليس كاملا فهو اتفاق بين مختلفين حتى لا نقول بين عدوين! والطريقة التي حدث بها التغيير تجعل هؤلاء جزء من التغيير فمن الأفضل للسودان الخروج بمعادلة كسبية للجميع مثلما كتبنا في مقال سابق .
أن اي تأخير أو مماطلة من أي طرف من الأطراف لن يورثنا الا خبالا.
أن السلام من أولويات الجميع وحرص المفاوضين قبل غيرهم ولكن ذلك يجب استكماله في الحكومة الانتقالية مثلما ذكر القائد الحلو محقا.
فيا أهلنا في الحركات المسلحة قادة وأنصار نرجوكم افرحوا لفرح السودان الذي لن يكتمل الا بانضمام الجميع الى ركبه واعلموا أن المهم وضع الأمور في نصابها الصحيح وليس اكتمالها بين يوم وليلة فذاك تعجل فيه تأخير قد يعني زوالها كلها لا قدر الله.
وسلمتم
[email protected]