المؤتمر الدستورى:
معركة بلا معترك واهدار للجهد والوقت والمال، وبالنص علي مواثيق حقوق الانسان في ديباجة الدستور لا نحتاج لمؤتمر دستورى، وليس لبريطانيا دستورا مكتوبا وهي أعرق الديموقرارطيات لأن متطلبات وقواعد العدالة السياسية والاجتماعية من البديهيات التي يدركها الانسان السوى بالفطرة والوجدان السليم ، وانما نحتاج لمجموعة من الخبراء ورجال القانون لتكريس مواثيق حقوق الانسان من خلال النصوص الدستورية وتأمين الفصل بين السلطات والاستعانة بدساتير الدول التي سبقتنا في الديموقرارطية ومن الممكن الاستفادة من دستور 1973 ، لأن مواثيق حقوق الانسان تعلو فوق الدستور ولا يعلو عليها وتحكمه ولا يحكمها، وأى نص دستورى أو قانون يتعارض معها يعتبر غير دستورى، ويقولون الدستور أبو القوانين وللدستور آباء وأمهات وهي البنود الواردة في مواثيق حقوق الانسان، وتستطيع قوى الاجماع الوطني تكوين لجنة لوضع الدستور الدائم للعمل به ولا تحتاج الحكومة الانتقالية لدستور انتقالي، والانتفاضة استفتاء ضد النظام العنصرى وقد تأتي عفوية، وماهو موضوع المفاوضات بين الحكومة ومجموعة نداء السودان ان لم يكن الانتقاص من مواثيق حقوق الانسان وعفا الله عن الذى سلف وتمييع مفهوم الدولة المدنية والديموقراطية ودولة المواطنة، والتنازل عن المبادىء والقيم المعيارية التي تقوم عليها الدولة ومنها ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب، ولولا الافلات من العقاب لما كنا في هذا النفق المظلم والمصير المجهول، وكيف يبني حاضرنا ومستقبلنا علي مقدمات كاذبة وتوقعات واهية وتقديرات طائشة وحسابات خاطئة، ولا يملك نداء السودان الحق في التنازل عن الحقوق العامة والخاصة الا بادعاء الوصاية علي الشعوب السودانية المغلوب علي أمرها، وهل لدى الصادق المهدى تفويض من أم مجدى محجوب، والديموقراطية كل لا يتجزأ ولا يمكن اختزالها في مسائل اجرائية وتبادل السلطة أو اختلاف الثقفات لأن الدولة تتعامل مع مواطنيها كأفرد وليس جماعات اثنية وموضوعها المساواة المطلقة بين الناس أمام القانون والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، ولا توجد منطقة وسطي بين الديموقراطية ودولة المواطنة والدولة الدينية الا في شنآن الصادق المهدى، وأذكر أنه دعا الي تطبيق الشريعة علي المسلمين فقط ويعني ذلك السير في خطين متوازيين لا يلتقيان علي حساب النمو الطبيعي والتطور التلقائي للقومية السودانية التي حققت معجزة كبرى بكسر حاجز اللغة في زمن وجيز بحساب التاريخ، وقال للمسلمين حق التشريع ولغير المسلمين حق المواطنة ويعني ذلك مصادرة حق غير المسلمين في السيادة الوطنية، وحاول الصادق المهدى تمييع مفهوم دولة المواطنة بالدعوة الي لبننة المجتمع السوداني ويعني ذلك الدولة الطائفية ودولة المحاصصات فهل تحقق الأمن والاستقرار في لبنان؟ ويزعمون ان ديموقراطية ويست منستر لا تصلح في العالم الثالث، وكانت الشعوب الأوربية تعاني من الحروب المذهبية والفوضي الدينية والسياسية كما في العالم الاسلامي الآن وترسخت الديموقراطية في أوربا بالممارسة، ولو لا الانقلابات العسكرية والحكومات الطائفية وثلاثين عاما من الشمولية القابضة لكانت الديموقراطية مادة أساسية في التعليم العام وسلوكا ديموقراطيا دارجا، وقال الأصم استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم ان طلابه لا يفهمون الفرق بين الدولة والحكومة، ومع ذلك كله كان ولا يزال المجتمع السوداني مجتمعا ديموقراطيا متسامحا بحكم واقعه التعددى وخلفياته الصوفية، ويزعمون ان الشعب السوداني سياسي بطبيعته لتبرير ما لايمكن تبريره والشعوب التعددية أكثر وعيا وتسامحا بحكم واقعها التعددى.
السلطة والثروة:
كان توزيع السلطة والثروة لعبة كيزانية لتسييس المجموعات القبلية ووظائف دستورية ومخصصات مليونية وعربات رباعية للكبار الذين يتاجرون بأهلهم ونفوذهم القبلي أو الديني في سوق السياسة ووظائف حكومية لبطانتهم من الصغار الذين يطبلون لهم وتفكيك أحزاب المعارضة من داخلها وأكلها بالقطاعي، ووظائف الخدمة العامة علاقات تعاقدية بين الموظف والدولة علي أساس الأجر مقابل العمل والخادم والمخدوم والعامل ورب العمل والمؤهلات الأكاديمية والمهنية والخبرة العملية وتخضع لقانون العرض والطلب في سوق العمل ولا يجوز أن تخضع لأى اعتبارات سياسية أو قبلية وجهوية، والمحسوبية أخطر الجرائم الاقتصادية وقد تسبب الولاء قبل الكفاءة في اضعاف الدولة وانهيار الخدمة العامة، وحياد الخدمة العامة واستقلالها من مصلحة الأحزاب السياسية لأنها في السلطة بغير خدمة عامة قوية وفعالة كالساعي الي الهيجاء بغير سلاح، كما ان تمثيل المناطق الجهوية في مجلس الوزراء ومجلس السيادة يعني العودة الي دولة المحاصصات والدولة الطائفية، ويعني نقل الصراعات بين المصالح المتعارضة وشيلني اشيلك وساندني واساندك الي مجلس الوزراء ومجلس السيادة، وفي السودان 144 قبيلة وعشرين مجموعة اثنية، ويفترض أن تكون الحكومة الانتقالية حكومة كفاءات علمية ومهنية مستقلة، علي أن تكون الأولوية المطلقة للنازحين والمناطق الأكثر تخلفا لامتصاص الفوارق الحضارية والهجرة من الريف الي المدينة، وكان توطين الخدمات يخضع للاحصاءات التعليمية والأمنية والصحية بما يحقق العدالة في توزيع الخدمات، وأذكر أنني اقترحت علي حكومة نيفاشا الاستفادة من اللاغاثة في مساعدة النازحين علي اكتساب قوتهم وبناء منازلهم بأنفسهم كتدريب النازحين في الجنوب ومناطق السافنا الغنية علي تربية النحل مع وبذور الذرة والدخن والحبوب الزيتية وعنزين لكل اسرة، واستطاعت لحكومة في الهند اخراج 300 مليون أسرة من دائرة الفقربمساعدة المزارعين علي انتاج حاجتهم من السكر وزيت الطعام وبيع ما يفيض عن حاجتهم في الأسواق المحلية، وذلك بمد المزارعين بالآيات التي تعمل بطاقة الانسان والحيوان.
القواسم المشتركة في السودان واسرائل:
اليهود في اسرائيل ثمانية مليون نسمة منهم مليون نسمة يعرفون بالأصولية والتشدد الديني، يعيشون في أحياء منعزلة يحكمها حاخاماتهم وتحرم فيها وسائل الترفيه والاتصال كالصحف وأجهزة الراديو والتلفزيون والموبايل ولهم صحف حائطية كلوحات الاعلان ومدارسهم الدينية الخاصة، والمرأة في شريعتهم مبولة وخادمة وجهاز تفريخ في مجتمع ذكورى مائة في المائة، ولا يختلفون في ذلك عن جماعات الهوس والغلو الديني في هيئة علماء السودان بوكو حرام وطالبان في السودان ، لكن بعض أولاد اليهود المتشددين يهربون للانخراط في المجتمع الاسرائيلي العريض أو يهاجرون الي خارج اسرائيل
فمن يرغب في أن يعيش في جلباب أبيه، وتعاني اسرائيل من الهجرة العكسية، وثلث السودانيين خارج السودان هربا من القهر والاستبداد ومصادرة الحريات الفردية والاحباط والبطالة والحاضر المؤلم والمستقبل المظلم، وكان اليهود المتشددون يعيشون في جماعات منعزلة في أوربا قبل قيام اسرائيل يحرمون الربا في التعامل مع أنفسهم ويحلونه في التعامل الآخرين ويزعمون أنهم شعب الله المختار ويعرف الآخرون في منظورهم بالأميين مالهم ودمهم حلال، لذلك كانت الكراهية ضد اليهود متجزرة في المجتمعات الأوربية منذ رواية تاجر البندقية في القرن الخامس عشر وانتهي بهم ذلك الي محرقة اليهود علي يد النازية في ألمانيا، وختان الذكور والاناث طقوس فرعونية استنسخها اليهود وتسبب ذلك في احراق المئات من المسلمين فقد كان الجستابو يستدل علي اليهودى بالختان، ويزعم أدعياء الاسلام أيضا أنهم خير أمة أخرجت للناس لكن الخيرية في الآية مقرونة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم أبعد أهل الأرض عن المعروف بدليل حروبهم العوان ضد بعضهم وضد الآخرين، وليس في الحرب والعدوان والسيارات المفخة والأحزمة الناسفة والقتل بدون تمييز وذبح الانسان الذى كرمه الله بالسكين كما تذبح الشاة شيئا من المعروف، وتنافق الأحزاب السياسية اليهود المتشددين طمعا في أصواتهم الانتخابية وتستجيب لمطالبهم في كثير من التنازلات التشريعية، مثلما كانت ولا تزال حكوماتنا المتعاقبة تنافق أدعياء الاسلام الذين يحتكرون منابر المساجد وتتقي شرهم وتستجيب لمطالبهم، بدليل ان نظام الكيزان تراجع عن استبدال عقوبة رجم الزاني المحصن من الرجم الي السجن، وليس للرجم نص في القرآن، ولا اكراه في الدين والنظام متهم دوليا بانتهاك الحريات الدينية لكنه لا يستطيع الغاء عقوبة اعدام المرتد لأنه أسير في يد جماعات الغلو والهوس الديني التي أرادها فزعا فصارت وجعا، وليس للردة عقوبة دنيوية في القرآن ولم يتفق الأئمة الأربعة علي اعدام المرتد، وسئل شيخ الأزهر عن حكم المرتد فقال ماذا يريد المسلمون من شخص يغير دينه كما يغير ملابسه ما يغور في ألف داهية، لكن جماعات الهوس والغلو الديني التي تحتكر تفسير الاسلام والتي أصبحت فيلا والنظام ظله تبتزه وداعش داخل النظام له بالمرصاد، وقد تأتي داعش من ليبيا وغرب أفريقيا وتحاول احتلال السودان بتهمة ارتداد النظام عن الاسلام وتطبق حكم الردة علي سائر الكيزان في السودان، كما ان النظام أسير جرائمه ضد النفس والمال ولا يستطيع التنازل عن السلطة طوعا، وتشكو المؤسسات الأمنية في اسرائيل من أن المتشددين اليهود يتطوعون في الشرطة والأجهزة الأمنية والعسكرية لتنفيذ أجنداتهم الخاصة ضد الفلسطينيين، ويتطوع الداعشيون في ملشيات النظام المسلحة ومؤسساته الأمنية، ولداعش أصابع خفية داخل النظام تصدر الفتيات الي ليبيا للعمل زوجات داعشيات في سبيل الله، والمستوطنون في اسرائيل مجمعوات من المنتفعين من الفوضي الدينية والسياسية والاسفادة من التبرعات التي تأتي من اليهود في الخارج لصالح التوسع الاستيطاني، بدليل أنهم أخلوا غزة بدون مقاومة مقابل ظروف أفضل داخل اسرائيل، ولا يختلفون في ذلك عن دعوني أعيش في السودان، فلا تختلف الديموقراطية المزعومة في اسرائيل عن ديموقراطية آيات الله في ايران والكيزان في السودان في كونها شكلا بلا مضمون، وبرر الصادق المهدى انسحاب حزب الأمة من التجمع الوطني الديموقراطي بتخوفه من الحلول غير الوفاقية، وكانت الاتفقيات في جيبوتي والقاهرة وأبوجا والدوحة وموضوعها التحول الديموقراطي حبرا علي ورق وحبالا بقر، فلماذا يصر الصادق المهدى علي تجريب المجرب، وتتجلي القواسم المشتركة في السودان واسرائيل في كونهما آخر النظم العنصرية بعد جنوب أفريقيا وروديسيا، ولا تختلف هوية السودان العربية والاسلامية عن يهودية الدولة في اسرائيل.
التدخلات الخارجية:
كان الاخوان المسلمون في السودان يزعمون أن مشروعهم الحضارى مشروع نموذجي للبشرية كلها لكنه تمخض عن مشروع سلفي ظلامي متحجريقوم علي الوصاية الدينية والسياسية، وينتقي من النصوص ما يناسب تطلعات وأطماع شخصية وعرقية، وتعطيل آيات الحرية والتسامح والتدافع الطبيعي بين الناس في معترك الحياة والافساد والعلو والعتوفي الأرض، بدليل اشعال الحرائق في كل أرجاء السودان والتضحية بثلث السودان وثلثي موارده الطبيعية ومستقبل الاسلام واللغة العربية في السودان وأفريقيا كلها، والتعامل مع أهل السودان كرعايا عليهم السمع والطاعة فان لم يستجيبوا لما يؤمرون حق عليهم العذاب والبطش والارهاب كعبيد آبقين، مع تمظهرات حداثية شكلا بلا مضمون لخداع الرأى العام في الخارج، والحداثة سلوك حضارى وأخلاقي وليست مؤسسات صورية وشكلا بلامضمون، ولا يعترف النظام في بالرأى العام في الداخل في نظام قمعي لا نظير له الا في ايران والنظام في السودان استنساخ لنظام الآيات في ايران بعد أن كان استنساخا للتجربة البريطانية العريقة، وكان من الطبيعي أن يأتي ترتيب النظام في ذيل قائمة الدول الأكثر فسادا والأقل شفافية لغياب الحريات السياسية والنقابات الحرة وحرية الصحافة وتدفق المعلومات ثلاثين عاما، وللتنظيم الدولي للاخوان المسلمين تحفظات دينية ضد النظام لكنه يتفادى انتقاد النظام علنا ولن يسمح بسقوط النظام خوفا من فضائح مدوية يتردد صداها في العالم كله علي حساب الاسلام السياسي، وفي مؤتمر التنظيم في الدوحة تفادى المؤتمرون مناقشة ورقة الترابي حول أول تجربة اخوانية في السودان، وأعلن أوردقان عن دعم النظام بالمال والسلاح ولتركيا الاخوانية حاميات في قطر وجيبوتي والصومال، وكانت ولا تزال قطر تستقبل شبابنا الذى يعاني من البطالة والاحباط للتجنيد في الجيش القطرى بعلم النظام، واعترف أوردقان بحقوق المرأة أمام مؤتمر نسوى في أنقرة، ولم يستنكر التشهير بالمرأة السودانية في أقسام الشرطة وقاعات المحاكم وقضية فتاة الفيديو التي كانت حديث العالم كله، ولتركيا الاخوانية فضائية باسم تي آر تي العربية للتريج للخلافة العثمانية التي قال فيها عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ما قاله مالك في الخمر وأكثر وهو شاهد من عصرها، وتروج القناة لسلطانها رجب أوردقان الأول، وقد ضحي الشعب السوداني دون غيره من المسلمين بثلاثين عاما من القهر والاستبداد في سبيل استرداد الخلافة العثمانية وكانت في الحقيقة أمبراطورية تركية التركية لغتها والترك وعبيدهم حكامها، وأذكر أنني ناشدت قوى الاجماع الوطني أن تبادر منذ الآن بارسال عريضة الي الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان باتهام تركيا وقطر والسعودية بالتدخل في شئون السودان الداخلية والتآمر ضد وحدة السودان الجغرافية والبشرية كدولة معترف بها دوليا، وعريضة الي مجلس الأمن ومحكمة الجزاء الدولية بأن جرائم الابادة الجماعية في دار فور وجبال النوبة كانت بتعليمات رسمية صادرة من السلطة القائمة وسلاح الحكومة والمطالبة بسحب الاعتراف بالنظام دوليا، ومخاطبة سفراء الدولالأوربية وأميركا بأن الصادق المهدى زعيم طائفي ولا يمثل الشعوب السودانية المغلوب علي أمرها، والاعلان بأن قوى الاجماع الوطني لاتعترف بعقودات بيع الأرض للدول الأجنبية.
اعادة هيكلة الدولة:
لكي لا تبدأ الحكومة الانتقلية من الصفر يتعين علي قوى الاجماع الوطني تكوين مجموعات لاعداد تقارير وبرامج ومخططات تنفيذية حول اعادة هيكلة الدولة واستعادة المؤسسية ودولة القانون، واعداد مسودات التعديلات الازمة للقوانين التي تتعارض مع الديموقراطية ودولة المواطنة، والأوليوية لوزارة المالية لأنها كالرجال قوامين علي النساء بما أنفقوا والتحكم في الموارد المالية وترتيب الأولويات والاسبقيات من خلال الميزانية العامة كخطة عمل لمدة عام، ووزارة المالية كالمضغة التي في الجسد اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله.