جوبا 12 يناير 2014 – إشترط زعيم متمردي جنوب السودان د. رياك مشار الذى تمكن السبت فريق وساطة ايقاد برئاسة الجنرال الكيني لازراس سيمبوبيو وضم وزير الخارجية الأثيوبي سيوم مسفن ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد بوث من عقد إجتماع مطول معه في منطقة نائية على الحدود الإثيوبية ان يكون توقيعه على خطة وقف إطلاق النار المقترحة من قبل الوسطاء متزامناً مع افراج جوبا عن مسانديه المعتقلين.
- مشار مع وفد الوساطة بقيادة سمبوبيو ويظهر في الصورة كل من المبعوث الاميركي دونالد بوث والدابي وبجانبه انجلينا تينج
وطبقاُ لمعلومات تحصلت عليها “سودان تربيون” ان الاجتماع بين مشار والذي يعد الاول من نوعه منذ اندلاع حرب الجنوب منتصف سبتمبر الماضي استغرق زهاء الثلاث ساعات بحث فيها الوفد مخاوف زعيم المتمردين بشأن نوايا الطرف الآخر .
واعاب مشار على المجتمع الدولي عدم تعاطيه مع الحرب في جنوب السودان بالموضوعية اللازمة محذرا في ذات الوقت من ما اسماه بالتدخل السافر ليوغندا في الصراع وقصفها لمواقع قواته في عدد من المناطق بالطيران.
وسلم مشار الوفد قائمة ياسماء المناطق والتى تتعدي الست مناطق قام الطيران الأوغندي بقصفها ، وحث وفد الوساطة الذي ضم بجانب سيمبوبيو وبوث ومسفن الفريق محمد احمد الدابي ممثل السودان في الوساطة بجانب دبلوماسين غربين واثيوبين مشار الى القبول بوقف اظلاق النار والسعي لمحاصرة الازمة قبل انزلاقها الى صراع اثني.
وابلغ الوفد مشار قلق المجتمع الدولي ومجلس الامن من انزلاق جنوب السودان الى صراع يصعب السيطرة عليه ، وطبقاً لمعلومات “سودان تربيون” ان الإجتماع كان جيداً واحرز تقدماً طبقا للمشاركين فيه.
وقتل ما يربو على ألف شخص في قتال استمر ثلاثة أسابيع بين قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان والمتمردين الموالين لمشار النائب السابق لرئيس جنوب السودان سلفا كير. وأسفر القتال أيضا عن نزوح 230 ألف شخص من منازلهم وتراجع إنتاج النفط.
وقال وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل ماكوي إنه يعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي يبحثه الجانبان في اثيوبيا منذ يوم الثلاثاء الماضي يمكن توقيعه فور عودة المبعوثين إلى أديس أبابا.
وقال دبلوماسي قريب من المحادثات لرويترز “سافر المفاوضون إلى جنوب السودان هذا الصباح للقاء ريك مشار، والهدف هو التعجيل بتوقيع اتفاق على وقف الأعمال العدائية.”
ولم يكشف أعضاء وفد مشار في محادثات أديس أبابا عن مكان النائب السابق للرئيس. غير أن مصادر في المحادثات تقول إنه في بلدة بولاية جونقلي بالقرب من الحدود مع اثيوبيا.
وتتضمن نسخة من مسودة اتفاق وقف إطلاق النار صاغها الوسطاء آليات المراقبة لضمان التنفيذ الكامل للاتفاق. وجرى تأجيل وقف إطلاق النار بسبب مطالب المتمردين بإطلاق سراح 11 سياسيا متحالفين مع مشار ومحتجزين منذ ديسمبر كانون الأول.
وقال ماكوي الذي يرأس الوفد الحكومي في أديس أبابا “نحن متفائلون بأننا سنوقع اتفاق وقف الأعمال العدائية فور عودة المبعوثين من مهمتهم ، الذي تولى قيادة حركة التمرد التي شكلت بعد معارك بين وحدات من الجيش .
ونقلت فرانس برس عن مشار اقراره بالانسحاب من مدينة بانتيو وقال في اتصال هاتفي من مكان لم يحدد “لقد انسحبنا من بنتيو لكننا قمنا بهذه الخطوة لتفادي حرب شوارع ووقوع ضحايا مدنيين” ،غير انه تعهدبالدفاع عن مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي التي تبعد 200 كلم شمال جوبا ، وقال “سنستمر في القتال وسنواصل معركتنا”.
واستمر الاف المدنيين في عبور النيل الابيض هربا من المعارك الدائرة في محيط بور، في حين عبرت القوات الحكومية النهر في الاتجاه المعاكس لاستئناف المعارك.
وشاهد مراسل لفرانس برس في مدينة مينكامن الواقعة على الضفة الاخرى من النهر التي لجأ اليها الاف النازحين، عشرات من الجنود الحكوميين يتوجهون الى خط الجبهة قرب بور.
واكد متحدث عسكري باسم مشار انه رغم سقوط مدينة بنتيو ما يزال المتمردون يسيطرون على المنطقة التي تقع فيها المنشآت النفطية ، وصادرات النفط تؤمن اكثر من 90% من ايرادات جنوب السودان. وتراجع الانتاج النفطي ب20% على الاقل منذ اندلاع المعارك في جوبا في 15 كانون الاول/ديسمبر.
وقالت الامم المتحدة ان اكثر من الف شخص قتلوا في المعارك الدائرة بين الطرفين لكن مجموعة الازمات الدولية تقدر العدد ب10 الاف ، كما بلغ عدد النازحين ربع مليون بعد ان تحول النزاع على السلطة الى حرب اهلية بين قبيلتي الدينكا التي ينتمي اليها كير والنوير التي ينتمي اليها مشار.
وحذر منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية لجنوب السودان توني لانزر من “كارثة انسانية” تضرب البلاد بعد عامين ونصف عام على استقلالها ، والجمعة طلب بان من كير الموافقة على طلب مشار الافراج عن 11 من مساعديه سجنوا لدى اندلاع اعمال العنف قبل بدء محادثات سلام.
وقال “اتصلت بالرئيس سلفا كير مجددا وطلبت منه ان يظهر مرونة سياسية ويفرج فورا عن السجناء السياسيين” ، كما طلب مجلس الامن الدولي الافراج عن المعتقلين “لاشاعة اجواء مواتية لانجاح الحوار” بين كير ومشار.
واعرب الوسطاء الاقليميون في اديس ابابا عن تفاؤلهم بان يقبل ممثلو الجانبين بوقف لاطلاق النار خلال اجتماعاتهم في فندق فخم في اديس ابابا ، ويدعو اقتراح الجانبين الى “وقف كافة الاعمال العسكرية واصدار اوامر للقوات بوقف العمليات الحربية”.
واعربت واشنطن التي كانت الجهة الراعية لاستقلال جنوب السودان عام 2011 عن قلقها من مخاطر تفكك هذا البلد الذي يشهد نزاعا مسلحا داميا ودعت الجانبين الى القبول فورا بوقف لاطلاق النار.
كما اعربت وكالات الاغاثة التي تسعى الى مساعدة الجرحى والنازحين عن قلقها من الوضع في جنوب السودان ، وقالت منظمة “اطباء بلا حدود” ان مقارها في بنتيو تعرضت للنهب فيما كشفت منظمات انسانية اخرى حوادث مماثلة بينها سرقة سيارات بقوة السلاح.
إلى ذلك اعلن المتحدث باسم الجيش السوداني السبت ان السودان جرد اكثر من خمسين من مقاتلي قبيلة النوير الجنوب سودانية من اسلحتهم بعد عبورهم الحدود، في حادثة هي الاولى منذ بدء القتال بين جيش دولة جنوب السودان والمتمردين.
وقال العقيد الصوارمي خالد سعد في بيان دخلت قوة تقدر بحوالى كتيبة من ابناء قبيلة النوير الي داخل الحدود السودانية قبالة منطقة هجليج واضاف قمنا بتجريد 54 فردًا منهم من اسلحتهم، وعوملوا كلاجئين، بينما انسحبت بقية القوة الى داخل دولة الجنوب بعدما رفضت التجريد”.
وينتمي قائد التمرد في دولة جنوب السودان رياك مشار الى قبيلة النوير، بينما ينتمي رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت الى الدينكا اكبر قبائل الجنوب. وتقع هجليج في ولاية جنوب كردفان السودانية، وهي المركز الرئيس لمعالجة نفط جنوب السودان، الذي ينتج في ولاية الوحدة، مع العلم ان الحدود بين الدولتين لم يتم ترسيمها بعد.
وفقدت قوات مشار الجمعة سيطرتها على مدينة بنتيو عاصمة ولاية الوحدة بعدما دخلتها القوات الحكومية، وبدأ القتال بين جيش جنوب السودان والمتمردين في الخامس عشر من ديسمبر الماضي، وسرعان ما تحول الى عنف بين الدينكا والنوير.
وتقول الامم المتحدة ان نحو 400 الف شخص فروا من منازلهم بسبب المعارك في جنوب السودان، التي اوقعت “اكثر بكثير” من الف قتيل. ومن بين اللاجئين فر 50 الفا الى دول مجاورة. وفر ملايين من مواطني الجنوب الي شمال السودان اثناء الحرب الاهلية، التي استغرقت 22 عاما، وانتهت باتفاق السلام الشامل في كانون الثاني/يناير 2005، والذي افضى الى ان يصبح جنوب السودان دولة مستقلة في يوليو 2011