مستشار البشير يعرض على زعيم متمردي دارفور حكم ولايتين ومنصباً في الرئاسة لإنقاذ اتفاق السلام
الخرطوم – النور أحمد النور الدوحة – محمد المكي أحمد
بعثت الخرطوم مستشار الرئيس مسؤول ملف دارفور غازي صلاح الدين إلى العاصمة التشادية نجامينا لإجراء محادثات مع رئيس «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم لإنقاذ مفاوضات الدوحة المتعثرة، بعدما وقّع الطرفان «اتفاق إطار» قبل ثلاثة أسابيع. وكان يُفترض أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق سلام شامل بحلول 15 آذار (مارس)، وهو موعد بدا واضحاً أن ليس في الإمكان الالتزام به.
وانخرط صلاح الدين أمس في مشاورات مطولة مع الرئيس التشادي إدريس دبي ومسؤولين في حكومته لتنفيذ «الاتفاق الإطاري» مع «حركة العدل» ومناقشة اقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية. وأجرى وفدا الحكومة ومتمردي «حركة العدل والمساواة» محادثات غير مباشرة عبر وسيط تشادي، ويُنتظر أن يلتقي خليل وصلاح الدين لكسر جمود التفاوض بعدما تمسك الأول برفضه توقيع الحكومة «اتفاق إطار» مع مجموعات دارفورية أخرى تنشط تحت مسمى «حركة التحرير والعدالة» في الدوحة.
وضم فريق «حركة العدل» خليل ابراهيم ومسؤول إقليم دارفور في الحركة أحمد آدم بخيت ومسؤول إقليم كردفان محمد بحر الذي أطلقته الخرطوم أخيراً بعدما حُكم عليه بالإعدام ومسؤول شؤون الرئاسة منصور أرباب ومسؤول شؤون المال عزالدين بجي. أما فريق الحكومة فضم غازي صلاح الدين وسفير السودان لدى تشاد عبدالله الشيخ وقيادات أمنية وسياسية. وتمثّل الجانب التشادي خصوصاً بالرئيس دبي ووزير خارجيته موسى الفكي.
وشملت أجندة المحادثات إطلاق سراح السجناء والعفو عن المحكومين، ومشاركة «حركة العدل والمساواة» في السلطة، والعودة الطوعية للنازحين واللاجئين وإعادة دمجهم، والتعويض الفردي والجماعي للمتضررين من الحرب. وعلم أن الوفد الحكومي طرح موضوع تنمية دارفور من مواردها، وزيادة ولايات الإقليم إلى خمس بدل ثلاث، ومنح «حركة العدل والمساواة» حكم ولايتين، وإشراكها بمنصب مساعد رئيس في مؤسسة الرئاسة، وأن تكون التعويضات جماعية وليست فردية.
وأكد رئيس وفد الحكومة السودانية إلى المفاوضات مع حركات دارفور المسلحة الدكتور أمين حسن عمر لـ «الحياة» في الدوحة أن حكومة الرئيس عمر البشير و «حركة التحرير والعدالة» التي يقودها الدكتور التجاني سيسي ستوقع «اتفاق اطار» واتفاقاً ثانياً لوقف اطلاق النار بين الجانبين يوم الخميس المقبل. وسيشكل الاتفاقان تطوراً بارزاً في مفاوضات الدوحة. والحركة الدارفورية الجديدة أُعلنت في الدوحة أخيراً بعد مشاورات كثيفة أجريت بين «حركة/جيش تحرير السودان (القوى الثورية)» و «مجموعة خريطة الطريق» التي كانت تُعرف بـ «مجموعة أديس ابابا». وأسفرت مشاورات تلك الحركات عن توحيد واندماج حركات عدة لتعلن ميلاد الحركة الجديدة، لكن هناك أربع مجموعات أخرى رفضت الاشتراك في التجمع الجديد.
وسألت «الحياة» الوزير أمين حسن عمر عن مغزى اللقاءات بين غازي صلاح الدين وخليل إبراهيم في نجامينا وآخر تطورات مفاوضات الدوحة، فأجاب بأن «المفاوضات دخلت مرحلة نشطة بيننا وبين المجموعتين (أي حركة العدل والمساواة وحركة التحرير والعدالة)، ولنا اتصالات مستمرة معهم». وشدد على «أننا في حالة ارتباط بكل الأطراف، سواء في شكل مباشر أو غير مباشر … وما يجري في تشاد ليس مفاوضات (بين غازي وخليل) بل تفاهمات تهدف إلى دفع المفاوضات في قطر لنصل إلى اتفاق سلام نهائي» بين الحكومة السودانية و «حركة العدل».
على صعيد آخر، أعلن مرشح «الحركة الشعبية لتحرير السودان» للرئاسة ياسر عرمان انه سيتخذ فور دخوله القصر الرئاسي – في حال فوزه في الانتخابات – قراراً يستجيب مطالب أهل دارفور بحكم إقليمهم وإعادة أراضيهم وتعويض المتضررين جراء الحرب وتأمين مشاركتهم في السلطة المركزية.
ودشّنت قيادات «الحركة الشعبية» حملتها الانتخابية في مدينتي الضعين ونيالا في ولاية جنوب دارفور وسط حشد جماهيري كبير على رغم مضايقات تعرض لها أنصار الحركة بحسب منظمي الحملة وعرمان الذي دان موقف السلطات واعتبر لدى مخاطبته الجماهير في نيالا الاستقبال الذي وجدته قيادات حركته ومرشحوها في جنوب دارفور يمثل استفتاءً حقيقياً للحركة، مؤكداً أن البلاد لا يمكن أن تكون فيها انتخابات أو ديموقراطية أو حريات إلا بحل شامل وعادل لقضية دارفور. وقال ان الحركة رأت ضرورة أن تجرى الانتخابات بعد حسم قضية دارفور لكن حزب المؤتمر الوطني الحاكم مستعجل لأن ما يهمه هو «أصوات دارفور وليس الموت والدمار الذي تعانيه» المنطقة، وتابع: «سنلقن حزب المؤتمر الوطني درساً في الانتخابات».
أما الأمين العام لـ «الحركة الشعبية» باقان أموم فقال إن عهد قيام الحكومات عبر الدبابات قد انتهى وولى زمانه، وقال إن الانتخابات جاءت نتيجة للنضال والسلطة الآن للشعب. ورأى أن انتخاب عرمان يمثّل فرصة كبيرة لمنع تمزيق البلاد وإحلال السلام في دارفور.