بقلم : حسن إبراهيم فضل [email protected]
** مجلس شركاء الفترة الانتقالية جاء نتاج طبيعي للخلافات و للعجز الذي اتسم به أداء الحاضنة في الفترة الماضية نتيجة للتشرذم بين مكوناتها واختطاف التنسيقية لقرارات التحالف.
** اذن شركاء السلطة وفقا لهذا المجلس فان الأوضاع ماضية الى إيجاد منظومة شراكة جديدة وفقا لرؤى جديدة
**بعد تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية فان القوى المناهضة للسلام داخل الحرية والتغيير سوف لن تكون بذات الفاعلية كما كانت.
بداية أعزي الأمة والشعب السوداني بشكل خاص في فاجعته برحيل أحد أعمدة العملية السياسية والاجتماعية في وطننا ,اعزي نفسي والجميع في رحيل الامام الحبيب الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي والذي ترجل عن الفانية راضيا مرضيا بعد عطاء ثر وعمل دؤوب في الفكر والسياسة والاجتماع ونشاط استمر لنحو ست عقود من الزمان ,مساهما بفكره واطروحاته المهمة على الصعيد الدولي والاقليمي.
رحل الامام في وقت عصيب ومنعطف خطير من تاريخ بناء وطننا العزيز , كم كنا في حاجة ماسة لوجوده في هذه المرحلة والتي نشهد فيها مرحلة جديدة من تاريخ بناء وتأسيس وطننا العزيز والذي بدأنا فيه خطف ثمار نتاج عمل كبير وجهود ثرة شارك فيها الراحل لتحقيق السلام الذي اصبح اليوم واقعا والذي وائم فيه الامام في سعيه لتحقيقه حيث مزج ما بين النضال المدني والكفاح المسلح منذ الفجر الجديد واتفاق باريس ونداء السودان, في واحدة من السوابق المهمة في التواضع على الحد الأدنى من المواقف وفي التضحية من اجل بناء الوطن, فالدعوات الصادقات ان يتقبله الله قبولا حسنا وان يسكنه فسيح جناته وخالص العزاء لأسرته ومحبيه.
هذه وقفة واجبة والا فان الحديث عن تكوين شركاء الفترة الانتقالية وهي واحدة من اليات الحفاظ على مكتسبات الثورة وعلى الفترة الانتقالية والتي شهدت كثير من الخلافات والتباين والعجز أحيانا عن الفعل السياسي المرتجى منها , سيما فيما يلي قوى الحرية والتغيير كحاضنة للحكومة او يفترض ان تكون.
جاء قرار تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية وفقا لمنطوق المادة (80) والتي أضيفت للوثيقة الدستورية بعد تضمين اتفاق جوبا للسلام الذي وقع في الثالث من اكتوبر2020 في جوبا حاضرة دولة جنوب السودان وتنص المادة (80)على تأسيس مجلس شركاء المرحلة الانتقالية الذي يضم المكون العسكري والحرية والتغيير قوى الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق السلام بجوبا ، ونصت المادة على انشاء مجلس شركاء الفترة الانتقالية من :رئيس مجلس الوزراءو2 من الوزراء تختارهم مجلس الوزراء و5 ممثلين من المكون العسكري و12 من قوى اعلان الحرية والتغييرو5 تختارهم اطراف عملية السلام (اتفاق جوبا )و2 من مجلس السيادة وحددت المادة (10)من اللائحة مهام واختصاصات المجلس في:
- تنسيق الرؤى والمواقف بين اطراف الوثيقة الدستورية والسلطة الانتقالية وحل التباينات التي تنشأ بينها
التوافق على السياسات الوطنية العليا ومتابعة القضايا الاستراتيجية*
العمل على ضمان نجاح المرحلة الانتقالية وتنفيذ الوثيقة الدستورية واتفاق السلام.*
ووفقا لتلك الاختصاصات للمجلس أيضا للمجلس سلطات في وضع الخطط والبرامج وانشاء اللجان وتحديد اختصاصاتها وسلطاتها و اصدار اللوائح الداخلية التي تظم اعمال المجلس ولجانه المتخصصة وتكون قرارات المجلس ملزمة لجميع اطرافه.
لا شك ان مجلس شركاء الفترة الانتقالية جاء نتاج طبيعي للخلافات و للعجز الذي اتسم به أداء قوى الحرية والتغيير والحكومة في الفترة الماضية نتيجة للتشرذم بين مكوناتها خاصة على صعيد قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين والذي شهد انقساما حادا منذ بواكير الفترة الانتقالية والذي شهد خروج الجبهة الثورية كأحد اهم مكونات التحالف نتيجة لما اسمته الجبهة الثورية وقتها باختطاف القرارات داخل الحرية والتغيير من تنسيقيه لم يتم الاتفاق حولها وتبع ذلك الانشطار الذي تم داخل تجمع المهنين وصولا لتجميد حزب الامة لنشاطه وخروج الحزب الشيوعي, فضلا عن الأداء الذي تقاصر دون طموحات الثورة.
ان هذا المجلس ووفقا للائحة تكوينه وحسب تصريحات الفاعلين فيه يجب ان يكون مجلسا للحكماء وكمرجع لأي تباين قد يحدث خلال أداء المهام خاصة فيما يختص بتنفيذ السلام وارجاع أي تباين في تفسير لأي نص او قرار ويكون الحاكم الفصل فيه الوثيقة الدستورية واتفاق السلام , خاصة وان السلام يمثل قاعدة أساسية رافعة مهمة للاستقرار وأي تراجع او تقاعس في تنفيذه بمثابة نسف للعملية برمتها وقد تخرج الأمور عن السيطرة .
أثيرت نقاشات كثيرة حول المجلس, البعض وصف العملية بانها التفاف على المجلس التشريعي وتغول على اختصاصاته والبعض الاخر ذهب الى ان هذه المجلس هو بديل للحاضنة السياسية وهي تحالف قوى الحرية والتغيير ,غير ان اللائحة المكونة للمجلس قد أجابت بشكل واضح وكما اشرنا انفا وحددت سلطات واختصاصات المجلس فضلا ان القرارات في المجلس تتخذ بالتوافق وبالتالي الحديث عن قيام المجلس بمهام التشريع قد لا يكون دقيقا فضلا ان قوى الحرية والتغيير او بعض مكوناتها خاصة تلك التي دعمت عملية تحقيق السلام ستكون موجودة في المجلس وداعمة له.
لكن من المهم جدا بعد تكوين هذا المجلس فان تحالف قوى الحرية والتغيير بشكلها القديم خاصة تلك القوى المناهضة للسلام سوف لم تكون بذات الفاعلية كما كانت لأسباب عديدة منها وجود الجبهة الثورية كطرف في المجلس بدلا ن كان ضمن مكون التحالف وهو الحرية والتغيير بالإضافة لتجميد وخروج عدد من الأحزاب المكونة للحرية والتغيير والانقسام الذي شهده تجمع المهنيين كل هذه المعطيات بالضرورة تشير الى نتيجة واحدة مفادها ان الحرية والتغيير كتحالف لم يكن له تأثير في المشهد , قد يكون بعض مكوناتها التي ساهمت بشكل كبير ودفعت الى ان يتكون هذا المجلس سيكون لهم دور مهم ومؤثر, لكن الحقيقة التي يجب ان نتقبلها ان تحالف الحرية والتغيير فرطت في مكتسبات الثورة منذ اليوم الأول بقبولها بالشراكة مع العسكر رغم المبررات التي صاغوها وقتها وان الذي حدث هو المتاح ولكن اعتقد موقف العسكر كان متقدما كثيرا عن مواقف بعض قوى الحرية والتغيير خاصة فيما يلي العدالة والسلام حيث كان موقف العسكر كان متقدما جدا في تحقيق السلام وهو الملف الذي كان منوطا به مجلس الوزراء والحرية والتغيير بالضرورة كحاضنة للحكومة.
اذن شركاء السلطة وفقا لهذا المجلس فان الأوضاع ماضية الى إيجاد منظومة شراكة جديدة وفقا لرؤى جديدة ولا شك ان مجلس شركاء الثورة سيكون اكثر اتساعا وفاعلية عما هو عليه خاصة فيما يلي المكون المدني و تحالف قوى الحرية والتغيير لكن ما يرجوه الشعب المغلوب على امره من المجلس الجديد والحكومة المقبلة والتي تأخرت كثيرا انتظارا لتكوين هذا المجلس , نامل ان يواكب انشغالات الناس وان يسارع اطراف العملية الى تكوين مجلس تشريعي يراقب الأداء ويشرع في القضايا الملحة والعليا للبلاد وان يتخذ من الإجراءات التي من شأنها تخفيف وطأة الغلاء الطاحن للمواطن البسيط وتوفير السلع الضرورية والعمل بشكل متسارع لعودة النازحين واللاجئين الى قراهم .
حسن إبراهيم فضل [email protected]
أقلام متحدة