أحمد محمود كانم
في الوقت الذي أحيا نازحو معسكر”كلمة” للنازحين الذكري التاسعة حمامات الدم التي شهدها المعسكر في 25 أغسطس من العام 2008 ، والتي جزت فيها مليشيات البشير رؤوس 36 من نازحي معسكر كلمة وجرحت 126 آخرين ، جلهم نساء وأطفال وكبار السن ، تنفيذاً لأوامر اللص القاتل المدعو/ علي محمود عبد الرسول والي ولاية جنوب دارفور الأسبق ، يعتزم الرئيس البشير هذه الأيام القيام بجولة إلي ولايات دارفور لإفتتاح بعض المنشآ
ت ، حسبما أوردتها وسائل الإعلام الحكومي .
* جميل أن يزور البشير أي من ولايات ومدن السودان المختلفة ويتفقد أحوال مجمعاتها كرئيس للبلاد ، ويفتتح ما يمكن افتتاحه – ولو أزيار سبيل – ويختتم خطاباته الجماهيرية بفواصل رقص تهتز فيها الأصلاب والدقون علي إيقاع موسيقى الرد .. الرد.. كباري وسد ، و شوفوني شوفوني .. أنا برتقالة ، وورا ورا وهلمجرا..
أمر عادي ومألوف وجائز في الشرع والبروتوكول الكيزاني .
* أما أن يتطاول ذات السفاح المجرم الهارب من العدالة ويضع “معسكر كلمة ” للنازحين ضمن قائمة جدول محطات زيارته تزامناً مع ذكرى الدموع والدماء ، فهذا لعمري قمة الإستهتار والإستحمار وقلة الأدب التي لم يشهد تاريخ السودان لها مثيلا .
ما هي الا ساعات تفصلنا عن وصول طائرة الرئيس للأراضي التي أهلك حرثها ونسلها إلا أن ثمة أسئلة ما برحت تلاحق أطياف كل المتابعين لمجريات الأمور حول فحوى الغرض من زيارة عمر البشير لمسكرات كلمة وقريضة اللتان تحويان بأحشائهما بقايا أبشع مجازر نظامه المستذئب .
وهي :
– ماذا بجعبة هذا الجزار ليقدمه لضحاياه بمعسكرات النزوح في دارفور بعد كل هذه السنوات الدامية ؟
– هل ينوي البشير بتلك الزيارة مقابلة النازحين لتقديم التعازي في (العشرة ألف مواطن بس ) الذين إعترف هو بإبادتهم ، وبالتالي طلب العفو والصفح ممن تبقي من ضحاياه شبه الأحياء من الجرحي والجوعي والمغتصبات والمغتصبين والمشردين تحت كباري المدن وأرصفتها عن ما ارتكبته قواته ومليشياته بحقهم ، ويتعهد لهم بإعادة كرامتهم وممتلكاتهم وقراهم التي دمرت وتعويضهم سنين البؤس والشقاء التي قاسوها بالمعسكر !!؟
– أم أراد البشير فقط أن يظهر للرأي العام العالمي بأنه ورغم عزلته الدولية لا يزال يتمتع بحب واسع وسط شعبه ، بدليل أنه استطاع أن يقدل بكلتا رجليه (المكعوجتين)
داخل معسكر كلمة ، أكبر مخيم للنازحين بدارفور ، ويتوكأ علي تراب “قريضة” بعصاه التي يحملها دوماً ليهز بها علي شعبه وله فيها مآرب أخري !!؟
* إستناداً إلي الخبرة الواسعة التي تشربناها عن أساليب نظام البشير في الإلتفاف علي الحقائق ولي أعناقها ، إضافة إلي ضرورة المرحلة التي تحتم عليه فعل المستحيل لرفع العقوبات الأمريكية التي تقض مضاجع نظامه الفاسد ، يمكننا التوصل الى أن الغرض الأساسي من هذه الزيارة الإستعراضية يكمن في خلق ضوضاء صاخبة للفت أنظار إمبراطورية البيت الأبيض ، بغية تغيير وجهة نظرها تجاه العقوبات الأميركية التي يتضمن رفعها تراخي مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية عن ملاحقة البشير ومن معه من مجرمي حرب دارفور ولو لحين .