يبدو ان الرئيس التشادي نسي الجميل الذي قدمه له أبناء دارفور عندما هرب من بطش نظيره الأسبق حسين هبري في عام 1988م ؛ فاحتضن دارفور دبي ومن معه من رجاله طيلة عام تقريباً فقدم أهل دارفور الغالي والنفيس وهناك من تبرع بكامل ماله وأملاكه لا لشي إلا لرفع الظلم عن كاهل الشعب التشادي وعندما تجاوزت قوات هبري حدودها ودخلت الأراضي السودانية وقتلت أبرياء عزل في منطقة الطينة وحتى وصلت مدينة الكتم وأخذت مرضى من مستشفاها بحجة هؤلاء الجرحى تابعين لثوار دبي فعندها شعر دارفور بخطورة نظام هبري ولابد من الإطاحة به ؛ فشارك أهل دارفور ثورة دبي بأربع ألف مقاتل من خيرة أبنائه ولم يرجع منهم إلا نفر قليل جميعهم استشهدوا في معارك التحرير ؛ وهذا لا يحتاج ان نذكر احدا لان إدريس دبي نفسه ذكر هذا في أكثر من مناسبة في السنوات الأولى من حكمه ؛ هذه الدماء السودانية الطاهرة التي روت ارض تشاد اقل ما يمكن ان نقدمه لمن يستحقون حسن الجوار في سبيل نيل كرامتهم وصيانة حقوقهم المستحقة 0ليس هذا من باب المن لأهلنا في تشاد حاش وكلا ونعوذ بالله من المن ؛ ولكن أردت ان اذكر الرئيس التشادي الذي جثم على صدر الشعب التشادي زهاء ربع قرن.
أولا : ليست من الحكمة ان يختزل الرئيس التشادي المعارضة الدارفوريه في قبيلة واحدة بفهم ان هذه القبيلة لها امتداد قبلي في العمق التشادي ؛ فهناك قبائل كثيرة ذات امتداد بين الدولتين ولهم تأثير كبير في الأوضاع السياسية في البلدين ؛ فبقية القبائل التي تمت تهميشها في هذا المؤتمر ربما تأخذ موقف من دبي وعلى القبيلة بصفه خاصة وكان من الأجدى إلا تستجيب قبيلة الزغاوة لهذا المؤتمر لان عواقبه في المستقبل قد تكون وخيمة .
ثانياً : ليس من حق الرئيس التشادي ان يستخدم الفرضية الأبوية في وجه القبيلة لأنه لا يمثل كافة ابناء الزغاوة ؛ فالزغاوة امة لها امتداد ها الحضاري والثقافي ضاربا جذورها في البلدين ؛ ؛ ويجب احترام خصوصية الزغاوة في السودان ؛ لأنها تمثل مكون من مكونات المجتمع السوداني ولهم الحق ان يشاركوا في الحراك السياسي في بلدهم وفقاً للأجندة الوطنية بعيداً عن الجهوية والقبلية ودون أي أملاءات من أي طرف وخاصة عندما يكون هذا التدخل من خارج الحدود 0 الرئيس دبي قد يستطيع ان يبرز عنترياته في أهلنا التشاديين فقط شانه شأن أي دكتاتور لا يرى الأشياء إلا بمنظوره الشخصي.
ثالثاً: بروز بعض أبناء القبيلة ككوادر سياسية وانشغالهم بالهم الوطني لا يأتي من باب الأجندة القبلية بل أفرزته الحاجة الوطنية ؛إذن العمل في مضمار السياسة مثل الأنشطة الأخرى كالتجارة والرعي وغيرها من الأعمال ؛ ولذا ألا ينبغي للرئيس التشادي ان يساهم في إدراج القبلية في المسائل السياسية .
رابعاً: اتهم الرئيس التشادي أبناء قبيلته سوى كانوا في السودان أو في تشاد بأنهم سبب البلاوي في دارفور وخيرهم ما بين اللحاق بمصفوفة الدوحة أو ان تتدخل قواته لحسم الأمر عنوة ؛ انا لا ادري من أي وجوه الحق يحق له ان تطأ قواته الأراضي السودانية لضرب ثوار عزل قدر الله ان يكونوا بعضهم من هذه القبيلة و يطالبون بحقوقهم الشرعية ومحاسبة مرتكبي الجرائم في دارفور ؛ إذن ماذا عن القبائل الأخرى ؟ هل صنفهم من بني جنسه حتى يحق له ايضاً ان يضربهم أم إنها ذريعة لإنقاذ نظام متهالك بات في إعداد مذبلة التاريخ ؟
لا شك ان الرئيس التشادي بعد ان انغمس في ملذات الحكم جفل عنه مرارة الظلم التي مسته في نهاية الثمانينيات من نظيره السابق حسين هبري الذي كان يرمي معارضيه في براميل مياه ساخنة في الساحات العامة ؛ فهل نسيت يا سعادة الرئيس عن الحكاوي التي ترويها عن ظلم هبري والفظائع التي ارتكبها وكيف أساء استخدامات السلطة ؟ الم تشكو يا سيدي من القبلية البغيضة ومن ظلم قبيلة القرعان التي ينتمي إليها هبري ؛ فكيف بك ان تريدنا ان نكون قبليين ونحصر قضية شعب بأكملها في وعاء قبلي ضيق ! اذا كنت تعتقد ان المناصب هي هدف أهلنا الزغاوة قد تكون مخطي يا سعادة الرئيس ؛ ما فائدة هذه المناصب والشعب السوداني يرزح تحت الفقر والظلم ؛ إذا كان الأمور تقاس بالمناصب هناك ثلاثة وزراء من أبناء الزغاوة بما فيهم وزارة سيادية ؛ ماذا في وسع هؤلاء الوزراء ان يقدموا لا بناء القبيلة ناهيك عن الشعب السوداني ؟ إنهم وزراء اسمياً بل ينطبق عليهم مقولة ( رُيسْ وتُيسْ ).
أما فيما يتعلق عن حديث دبي عن تنمية دارفور انه هراء وضرب على الطبول ونوع من التدليس والدليل على ذلك انه حتى هذه اللحظة لم يقدم أدنى حد للتنمية في منطقة دار زغاوة التشادية ناهيك عن مناطق الزغاوة في السودان ؛ قولوا لي بربكم هل هناك بئر ارتوازي واحد في دار زغاوة ؟ وهل توجد مستشفى للنساء والأطفال وكم عدد المدارس الموجودة هناك ناهيك عن الطرق المعبدة ؛ كل الشواهد الواقعية تؤكد ذلك بان دبي ليس لدية أدنى رغبة لتطوير المنطقة 0هناك مدن في دار زغاوة التشادية ينبغي تطويرها مثل الطينة التشادية التي تمثل حلقة وصل بين أهلنا في تشاد والسودان وهي مركز تجاري وثقافي هام تؤهلها لان تكون في مصاف المدن الكبرى وتطال فيها البنيان وتستحق ان تكون العاصمة التراثية للزغاوة وهناك مدن أخرى مثل هيربا وكاري جاري جميعها تستحق الاهتمام بدلاً من المحاولة اليائسة التي يقوم بها الرئيس لإضفاء صفة المدينة لمسقط رأسه أم جرس ؛ هذه القرية الصغيرة لا تتوفر فيها أدنى معالم الحياة حتى تبنى فيها بعض المنازل الشاهقة وقصر رئاسي ومطار عسكري ؛ إنها منطقة جبلية في وسط صحراء قاحلة لا ماء ولا زرع فكيف بها أن تكون مدينة . اذن دبي غير مؤهل ان يتحدث عن التنمية في دارفور . إذن الهدف من مؤتمر أم جرس هو تنفيذ مخطط إجرامي تم حياكته في ليل دامس ما بين البشير ودبي وأريد تمريره عبر القبيلة ؛ إنها الحرب ضد الشعب السوداني.
لاشك السلام خيار استراتيجي لكل أبناء الشعب السوداني لا يرفضه إلا مكابر عنيد ولكن على حكومة الإنقاذ ينبغي أن تكون لها القدرة والجرأة و الشجاعة الكافية ان تتصالح مع نفسها وان تتوب إلي الله وان تقدم اعتذار للشعب وايضا على الوسيط يجب ان يتخذ الحيادية والحكمة ؛ فعندها تجد الكل ينساق نحو السلام تلقائياً .
بقلم / فاطمة زكريا
[email protected]