أحمد كانم
ً
بات من الأمور المضحكات حتي البكاء ، أن يطل علينا كل حين وآخر بعض ممن أدمنوا علي لعق دماء الشعب السوداني في دارفور بثوب الحادبين علي تضميد جراحات من تبقي منهم في أزقة مخيمات النزوح التي بلغ عددها حتي الآن 174 معسكر للنزوح .
وكأن الفاعل جآن مارد خرج فجأة من تحت الأرض السابعة فخرب ، و نهب ، وسلب ، وأغتصب و أحرق ، وأباد ، قبل أن يفلت و يفر عائداً إلى قاع الجحيم !
** ما فتئ مهندسو الإبادة الجماعية يبحثون عن مخرج لكبيرهم الذي ما انفكت تلاحقه العدالة الدولية لما يقارب العقد من الزمن جراء ما ارتكبها من جرائم حرب ضد المدنيين العزل في دارفور ، فعمدوا علي محاولة وأد كل ما من شأنه إظهار آثار المحارق والمذابح بتقسيم تلك الأراضي المحروقة المهجرة أهلها وتمليكها إلي قبائل رعوية وافدة من دول الجوار، لتقوم تلك الأجسام الغريبة بدورها بتغيير أسماء تلك الحواكير و القري المحروقة إلي أسماء تتماشى مع توجهاتهم بغية دفن الأسماء القديمة مع أصحابها وإلي الأبد .
** إذا ما أعدت النظر -عزيزى القارئ- إلي كنه عملية الإحلال والإبدال الذي تم هناك ، يتضح جلياً أن تسليم تلك الأراضي جاء وفاءً لعهد قطع سلفاً مع هذه الجهات من جهة ، وطمراً للأدلة التي ستعرض صناديد المؤتمر الوطني الوالغين في دماء أهالي تلك القري إلي المحاسبة من جهة أخرى .
ولم يكن ذلك بمنأي عن عمليات إخفاء المقابر الجماعية المكتشفة بإخراج رفات الضحايا وحرقها .
و قبلها طرد بعض من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان لإرغام النازحين إلي الهرب جوعاً من مخيمات النزوح ، ظناً منهم أنهم بذلك قد أخفوا كل الأدلة التي من شأنها توريط رئيسهم السفاح وأمراء حربه ، لكن ولات حين مناص .
** وبما أن مخيمات النازحين المتناثرة علي سوح وأطراف مدن دارفور المختلفة قد أضحت معالم بارزة لا تخطئها أعين الزوار من المراقبين الدوليين ، والأقمار الصناعية السابحة في فضاءات دارفور ، وحتي الزوار المناصرين والداعمين للنظام من بعض دول المحيط الإقليمي ، كان لزاماً علي تلك العصابة-حكومة الإنقاذ- محو تلكم المعالم المحرجة و المثيرة لسخط الدول الآبهة لحقوق الإنسان ، فتولدت فكرة إزالتها وطمسها بأي ثمن !
** منذ إنطلاق الجولة قبل الأخيرة لمفاوضات الدوحة لسلام دارفور التي تمخضت عنها إتفاقية الدوحة ، أقدمت حكومة البشير علي استصدار قرار إزالة معسكرات النازحين عبر بعض ممن أسمتهم السلطات الحكومية ” أعيان نازحي دارفور ” الذين فرضتهم علي النازحين و أحضرتهم للمشاركة في جميع مراحل التفاوض تحت مظلة ( منظمات المجتمع المدني و نازحي دارفور ) رغم من بيانات الشجب والإستنكار الصادرة من قبل هيئة النازحين واللاجئين – الممثل الشرعي لنازحي دارفور – وقتذاك ، إلا أن وقفات النازحين الاحتجاجية كان لها دور كبير في تقذيم تقدم مساعيهم ، فلم يحرزوا أي تقدم في هذا الصدد ، فأضطرت السلطات علي إيكال الأمر برمته إلى رئيس السلطة الانتقالية آنذاك الدكتور التجاني سيسي الذي صرح في أكثر من موضع بضرورة تفكيك معسكرات النازحين ، وتبعتها تصريحات ولاة ولايات دارفور ، وبعض منسوبي السلطة الإنتقالية ، وما محاولة زيارة البشير إلي معسكر كلمة في سبتمبر من العام 2017 ومخططات والي شمال دارفور والفريق جنجويد حميدتي بخصوص معسكر زمزم منا ببعيد .
** جميل أن يسعي أؤلئك السادة لوضع حد لمعاناة أهلهم النازحين بغض النظر عن الدوافع والمبررات ، إلا أنه من الوقاحة بمكان أن يلزم النازحين بشد رحالهم عن معسكرات النزوح -ذات الأمان النسبي – دون أن يتطرق أؤلئك الآمرون إلي البدائل والخيارات المتاحة بعد تهجيرهم وتشريدهم مرة أخرى !!
ونواصل