سيف الدولة حمدناالله
المتابع للقرارات التي اصدرها النائب العام المصري بالتحفظ على اموال احمد عز وحبيب العادلي وآخرين ، يخال اليه انه نائب عام جديد غير الذي ظل يشهد حالات فساد المسئولين الحكوميين للثلاثين سنة الماضية، فحتى تارخ 25 يناير كانت كلما ارتفعت الاصوات بالحديث عن الفساد ، كانت الحكومة المصرية تمد لسانها للشعب وهي تقول ( اعلى ما في خيلكم اركبوه ) وهي العبارة المصرية التي تعادل ( الحسوا كوعكم ) السودانية .
حتى قيام الانتفاضة الشعبية كانت الحكومة المصرية تنكر وجود الفساد ، وكانت تقول ان حديث المعارضة عن الفساد يدخل في باب الكيد سياسي ، فالشعب المصري مبسوط من بابا مبارك ويشهد على ذلك ملايين الناس الذين يهتفون بحياة الرئيس كلما خرج للقاء ابنائه في النجوع والارياف. فما هي حدود فشل وفساد الحكم المصري مقارنة بشقيقه السوداني في عهد عصبة الانقاذ ؟
الرئيس المصري له زوجة واحدة لم يسجل في حقها انها امتلكت قصرا او حتى شقة في شبرا الخيمة باسمها ، ولم يشيد الرئيس المصري من مدخرات راتبه الشهري مركز خيري كصدقة جارية لروح والده العارف بالله المرحوم مبارك والد حسني واشقائه ، ولم يصدر قرارًا واحدًا طوال الثلاثين سنة التي حكم فيها مصر باحالة موظف للصالح العام ، فالموظف الاميري في مصر تنقضي خدمته في الدولة باقرب الاجلين ، اما الوفاة او التقاعد ببلوغ السن القانونية ما لم يفصل من وظيفته بموجب محاسبة تجرى وفق مقتضيات القانون .
ورغم ان الشعب المصري يبلغ في تعداده ضعف الشعب السوداني ، الا ان حكومته تتكون من 25 وزيرا وتسعة محافظين لا يعاونهم وزير ولائي ولا معتمد محلية ، ولايوجد بالقصر الرئاسي المصري مستشار رئاسي لشئون التأصيل او لشئون المرأة .
الفساد المصري يتم في الخفاء ، فالسيد احمد عز لم يستولي على قطعة ارض في حي سكني او على ميدان عام ، ولم يقم اركان الفساد المصري بتشييد فرن تركي او فيلا في ميدان من ميادين الاحياء .
ورغم الفساد الذي اشعل الثورة في ارض مصر ، فلا تزال هناك حرمة وتقاليد للوظيفة العامة ، فلا يوجد بين سفراء مصر معلمي ابتدائيات ولا لواءات متقاعدين ، ولم يسبق في مصر لقاض من قضاة النكاح والطلاق ان جلس على رأس دائرة قضائية تختص بفروع القانون المدني والجنائي والدستور .
في مصر لا ينتقل الوزير او المسئول الحكومي فور تعيينه من الشقة التي يسكنها الى حي المطار المصري ، ولا تتحمل خزينة الدولة علاجهم خارج نطاق المستشفيات الحكومية ، ولا يوجد تشريع يمنح بموجبه كبارمسئولي الدولة السابقين وكبار ضباط الجيش منذ عهد الملك فاروق واليوزباشي جمال عبدالناصر مخصصات وظائفهم كاملة من اموال دافعي الضرائب.
يأخذ الشعب المصري على رئيسه انه سمح لابنه علاء مبارك الدخول في دنيا المال والاعمال ، رغم ان النجل الرئاسي ليس له منصب في الدولة ، ولم يجرؤ الرئيس المصري ان يقول لشعبه ان نجله مواطن مصري من حقه ان يتاجر كغيره من المواطنين المصريين .ورغم الفساد الحكومي المصري ، الا ان الخطوط الجوية المصرية لا تزال ملكًا للدولة ، لم تفرط فيها الحكومة المصرية لصالح عصابة من اللصوص الدوليين، ولا تزال حديقة الحيوانات معلمًا من معالم الجيزة لم يغري موقعها المميز باقامة فندق عليه او مركز هايبرماركت ، ولا تزال حقول القطن طويل التيلة تزين ارض مصر من اسوان حتى الاسكندرية ويشكل ريعه المصدر الاساسي للدخل القومي مع وجود البترول، ولا يزال ابناء الاثرياء والطبقة الوسطى يرسلون ابناءهم للمدارس الحكومية ويحققون اعلى الدرجات ، ولا تزال السكك الحديد المصرية الناقل الارخص للبضائع والركاب وتوفر وظائف لعشرات الالاف من المواطنين .
لم يوجد في تاريخ مصر مسئول حكومي هدد شعبه بتقطيع اوصاله او ما دون الاوصال ، ولا تجلد في مصر الحرائربالسياط في الساحات ، وفي عهد الرئيس مبارك لم تفقد مصر متر مربع من اراضيها ، بل زادت مساحة مصر بقدر ما فقدناه في حلايب ، ولا يوجد في مصر ديوان للزكاة يرأسه (ودفادني ) مصري بدرجة وزير مركزي يجمع اموال الناس بغير الاصول الشرعية ويصرفها في كل شيئ الا على الفقراء.
ومن حسن حظ الشعب المصري ان اجداد السيد عبالرحيم حمدي قد هجروا الى جنوب الوادي منذ امد بعيد وتناسلوا بعيدا عنهم حتى رأى النور في ارض اسمها السودان ، فاقام بيننا وجرب فينا دونهم كل ما يخطر على باله من افكار، فخصخص مرافق الدولة واحال الشعب الى اشباح وفقراء فيما لا يزال الشعب المصري ينعم بالتعليم والعلاج المجاني وتدعم حكومته اسعار الخبز والوقود والكهرباء .
الفساد والفشل الحكومي المصري مجرد لعب عيال امام دوري المحترفين الانقاذي .
سيف الدولة حمدناالله
[email protected]