ينسب إلى الرئيس البرازيلي لويس لولا دا سيلفا قوله “يمكن الفوز في الحرب منفردا، لكن السلام، السلام الدائم، لا يمكن الفوز به أو ضمانه بدون توافق الجميع.” فالحرب والتي توصف “بالكريهة” قد اندلعت، وهي كريمة للمواطن المغلوب إلى أمره، وكنا نظن أننا بمعزلٍ عنها، وبمنأى عن مخاطرها، والآن يتوجب على الحادبين على سلامة الأرواح، والمشفقين على حال ومآل حال البلد، ممن يتوسمون الشفاعة لدى طرفيّ النزاع، الفريق عبدالفتاح البرهان والفريق محمد حمدان دقلو، ألاّ يدخروا جهدا، في السعي بينهما من أجل الجلوس للتفاوض، دون مكابرة، ودون اغترار بما يتمتع بها كل واحدٍ منها من صفات وعتاد.
التاريخ السياسي السوداني شاهد على أنّ كافة النزاعات المسلّحة في السودان، حُسمت ولو مؤقتا على طاولات المفاوضات، وليست على ساحات المعارك، وما نشهدها الآن لن يكون استثناءً، فمن العقل والحكمة، أن تبدأ هذه المفاوضات اليوم قبل الغد، لتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية.
لدى كلٍ من طرفي الصراع المسلّح الدائر الآن، مؤيدين معروفين، وهنالك رموز مجتمعية معروفة تحظى بالتقدير والاحترام، عليهم الشروع الفوري في تكوين تكتّل (دعاة وقف الحرب وإحلال السلام) وساطة قومية، تضم تمثيل لكافة المكونات السياسية والاجتماعية والأكاديمية ..ألخ، والإصرار على إحضار البرهان وحميدتي إلى طاولة المفاوضات، بأية صورة.
قتلت مئات الآلاف من الأنفس السودانية في حرب الجنوب، وفي نهاية المطاف فُصل الإقليم، وأزهقت أرواح عددا مضاعفا في حرب دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وفشلت كافة الأطراف في الفوز بالنصر الكاسح، ووجد قادة الحرب وتجارها أنفسهم مجبرين على التفاوض، وتوقيع اتفاقيات سلام أوقفت الحروب ولو مؤقتا، لتندلع بصورة مباغطة، بين المكون العسكري في الخامس عشر من أبريل الجاري، ونجزم أن كل منهما وجد نفسه في ورطة، غض النظر عن من أطلق الرصاصة الأولى، وعلى الأرجح، أنهما يبديان الممانعة، والتعّنت، وهما راغبان في التفاوض. وعلى الحادبين التحرك الفوري، وعدم الاستسلام للعقبات المتوقعة.
المنتصر الفردي، إن لم يوقّع اتفاقا عادلا وملزما، قد يجد نفسه، جالسا على كرسي المهزوم، ويشرب من نفس الكأس، فالزمن دوّار، والقوة لا تدوم لأحد، ويقال أن التاريخ يكتبه المنتصر، لكن في عالم اليوم، وفي ظل خضم تعقيدات المشهد الماثل في البلاد، قد يكون النصر المؤزر، مثل العنقاء والخل الوفيّ، لذا من الضروري الحرص على توافق كافة الأطراف الرئيسية، عسكرياً ومدنياً، وإلاّ ظل السلام مفقودا، هذا ما توّصل إليه الرئيس البرازيلي المخضرم، لولا دا سيلفا.
على تكّتل الوسطاء (دعاة وقف الحرب وإحلال السلام) أن يسّرع الخطى، قبل التدّخل الدولي المباشر في الأزمة السودانية، لوقف المواجهات، وترسيم منطقة خضراء في وسط الخرطوم على غرار ما حدث في بغداد، لا تسمن ولا تغني من جوعٍ، وعلى الذين يتكئون على الشرعية، ويوزعون صكوك الوطنية والتخوين، أن يتذكروا أن حركة طالبان تحكم أفغانستان الآن وهي حركة متمردة، وعبدالملك الحوثي يسيطر على صنعاء، وأنّ خليفة حفتر يحكم النصف الشرقي من ليبيا. ذلك أن امتلاك الشرعية وحدها، ليس كافيا لتحقيق النصر، رغم أنّ طرفي النزاع، هما إنقلابيين، فاقدا الشرعية.
يقول المثل الشعبي “لا تلاوي الحجّاز”
//أقلام متّحدة//