الحلقة الرابعة ( 4 – 5 )
ثروت قاسم
1- صدق او لا تصدق ؟
اختزل ادناه ثلاثة وقائع ، من بين عشرات ، يصعب تصديقها ، ولكنها وقعت بالفعل ، في بر مصر ، اخت بلادي يا شقيقة :
اولاً :
في يوم الاثنين 17 ابربل 2017 ، وفي عموده المقرؤ في صحيفة الشروق المصرية ، اشار الكاتب المصري المشهور فهمي هويدي إلى تواطؤ سلطات الامن المصرية في تفجير كنيستي طنطا والاسكندرية في احد السعف 9 ابريل 2017 ، لإتخاذ التفجيرات كمسوغ لفرض حالة الطوارئ في مصر لمدة 3 شهور قابلة للتمديد ، لتتزامن مع إعادة انتخاب الرئيس السيسي لولاية ثانية في عام 2018 .
مع بدء فرض حالة الطوارئ ، بدأت الاعتقالات العشوائية في مساجد مصر ال 170 الف ، للمصلين الملتحين والمتعاطفين مع جماعة الاخوان المسلمين ، في اكبر محاكم تفتيش في تاريخ مصر الحديث .
ثانياً :
في يوم الاربعاء 12 ابريل 2017 ، حكمت محكمة جنايات الاسكندرية على المحامي المصري محمد رمضان بالسجن المشدد 10 سنوات + ٥ سنوات إقامة جبرية + ٥ سنوات منع من استخدام الإنترنت، لاتهامه … ابلع ريقك وخذ نفساً طويلاً … بأهانة الرئيس السيسي في صفحته على الفيسبوك ؟
ثالثاً :
في يوم الاحد 16 ابريل 2017 ، وفي مقابلة تلفزيونية على قناة العربية ، أكد العميد أحمد العسيرى الناطق الرسمى باسم قوات عاصفة الحزم التى تقودها السعودية لاعادة الشرعية إلى اليمن، ان الرئيس السيسى، عرض ارسال ما بين 30 و40 الف جندى مصرى للقتال بريا فى اليمن، وأن السعودية والتحالف رفضوا ذلك، باعتبار ان تلك مهمة القوات اليمنية فقط.
ما لم يفصح عنه العميد العسيري ان الرئيس السيسي طلب 30 مليار دولار مقابل الكتيبة المصرية ، ومن ثم رفض التحالف للعرض المصري !
في المقابل ، تحارب القوات السودانية برياً في اليمن وتموت ، مجاناً لا قرش ولا تعريفة ، لان السودان لا يقبل ان يتاجر بجنوده كمرتزقة .
هل رايت الفرق في المرجعيات الاخلاقية والوطنية ؟
2- كيف إسترقت مصر بلاد السودان ؟
في هذه المقالة ( كيف إسترقت مصر بلاد السودان ؟ ) من 5 حلقات ، نحاول استعراض بعض المحطات المهمة في العلاقة الازلية التي ربطت وتربط دولتي وشعبي مصر والسودان منذ فجر التاريخ وحتى يوم الدين هذا .
نواصل في هذه الحلقة الرابعة من المقالة ، وفي النقاط ادناه ، إستعراض سيرة ومسيرة تعامل الانظمة المصرية مع السودان ، على مر العصور .
خامساً :
+ ارسل سبحانه وتعالى الرسل لاقوامهم : صالح في ثمود ، وهود في عاد ، وموسى ويسوع في بني إسرائيل ، ومحمد في قريش … إلا اهل مصر الذين كانوا ، ولا يزالون على دين ملوكهم ، في مؤوسسة الفرعون .
الم يقل الكتاب في الآية 43 في سورة طه مخاطباً النبي موسى واخيه هارون :
( إذهبا إلى فرعون إنه طغى )
ولم يقل اذهبا لأهل مصر ؟
لا تزال ثقافة الفرعون تتملك مصر والمصريين ، فكان ان فشلت في يوم الاربعاء 3 يوليو 2013 ، اول تجربة ديمقراطية حقيقية في تاريخ مصر منذ زمن الفراعنة الآلهة ، ولم تستمر هذه التجربة الديمقراطية سوى سنة واحدة يتيمة ، عادت حليمة المصرية بعدها الى قديمها … دولة الفرعون !
في هذا السياق ، قال الشيخ راشد الغنوشي :
في كل بلد في العالم ، توجد دولة لها جيش ؛ إلا في مصر ، فيوجد جيش له دولة .
تفسر ثقافة الفرعون السائدة في مصر ، تعامل الانظمة المصرية مع السودان خلال العصور ، وحتى يوم الدين هذا . كان السودان ، ولا يزال ملفاً امنياً لكل الانظمة المصرية من الفرعون الإله خوفو وحتى الفرعون الضرورة السيسي .
سادساً ً :
+ نعم … كانت مصر ، ولا تزال ، تعتبر السودان شأنا خاصأ ، منذ زمن الفراعنة الالهة ، وخصوصاً خلال الحقبة الخديوية .
نستعرض مثالاً وليس حصراً ، سيرة تحتمس الثالث ، 1425 قبل الميلاد ، الفرعون الأسطورة ، سادس فراعنة الأسرة الثامنة عشر، ويعتبر أعظم حكام مصر ، وأحد أقوى الاباطرة في التاريخ .
غزا تحتمس الثالث وإحتل بلاد السودان حتى الخرطوم الحالية .
تحتمس الثالث هو الفرعون ذو الاوتاد .
تقول الاية رقم 10 في سورة الفجر ( وفرعون ذي الأوتاد ) .
سمي فرعون بذي الأوتاد لأنه كان يضرب لخصومه اوتاداً في الارض :
4 اوتاد لكل خصم ، يربط يدي الخصم ورجليه المتباعدة على كل وتد ، وهو ملقي على ظهره . ويستمر مسجى على هذا الوضع ، تحت الشمس الحارقة ، حتى يصير هيكلاً عظمياً .
يقوم كهنة الفرعون بسقي المعذب المقيد على الاوتاد الماء من آن لاخر ، لا رحمة به ، وإنما ليضمنوا عدم موته السريع ، وبالتالي نهاية عذابه ، الامر الذي يُغضب الفرعون لانه يستعذب طول مدة عذاب اعدائه ، وليس موتهم ونهاية عذابهم .
نجد شيئاً من هذا القبيل في الاية 36 في سورة فاطر :
والذين كفروا لهم نار جهنم ، لا يُقضى عليهم فيموتوا ، ولا يخفف عنهم من عذابها …
تحتمس الثالث هو الريح الصرصر التي ما تذر من شيء أتت عليه ، إلا جعلته كالرميم . حرق تحتمس الثالث في طريقه الى الخرطوم البشر والشجر وحتى الحجر ، ربما في اول إبادة جماعية في التاريخ ، بعد قتل قابيل لاخيه هابيل .
دشنت غزوة تحتمس الثالث للسودان المسالم ، وسفكه الدماء ، ظلم الانسان المصري لاخيه الانسان السوداني ، كما سوف نرى لاحقا في هذه المقالة .
سابعاً :
+ الاسرة الكوشية الفرعونية رقم 25 من الفراعنة السودانيين ، من دولة كوش في بلاد النوبة ، و700 سنة قبل ميلاد المسيح . حكمت هذه الاسرة السودانية عموم بر مصر ، إلى ما بعد البحر الابيض المتوسط ، لاكثر من قرن من الزمان . وكان من فراعنتها بعانخي وترهاقا . امتدت امبراطورية الاسرة 25 الى جنوب تركيا مروراً بفلسطين والاردن وسوريا ولبنان .
المفارقة انك لا تجد أي ذكر لهذه الاسرة في كتب التاريخ المصرية . تجد نقطة سوداء كبيرة في التاريخ المصري المدون في فترة حكم الاسرة 25 من 700 الى 600 قبل الميلاد ، في إقصاء متعمد لهذه الاسرة 25 من التاريخ المصري . ولا تجد اثر لتماثيل فراعنة هذه الاسرة 25 في المتاحف المصرية .
إقصاء كامل ، بل مسح بالاستيكة لفترة حكم الاسرة 25 من السجلات المصرية ؟
اعطني فجوراً اكثر من ذلك ، يا هذا ؟
اما انا فسوف ازيدك كيل بعير .
ثامناً :
+ سمعنا بأتفاقية البقط في عام 651 ، بين ملوك مملكة المقرة المسيحية ، والوالي علي مصر عبدالله بن ابي السرح ، التي ضمنت توريد مملكة المقرة 360 ( عبدأ ) سودانيأ لولاة مصر كل سنة ، ضمن بنود تعسفية أخري ! نصت الاتفاقية على أن يكون هؤلاء العبيد صحيحي الأبدان ، ليسوا من العجائز أو الأطفال ، ويكونوا خليطًا من الذكور والإناث . يضاف عليهم حزمة من 40 عبدًا توزع على وجهاء ولاية مصر .
استمرت اتفاقية البقط لاكثر من 700 سنة ، وحتى القرن الرابع عشر عند سقوط مملكة المقرة .
وكانت قوافل العبيد ، 280 الف من العبيد السودانيين الاشداء ، تنزل على مصر ، كل سنة ، طيلة 700 سنة مما تعدون .
كانت تلك سنوات نحسات ؟
الم يقل الخليفة الراشد عمر :
متي استعبدتم الناس ، وقد ولدتهم امهاتهم احراراً ؟
نواصل في الحلقة الخامسة …
Facebook page :
https://m.facebook.com/tharwat.gasim
Email:
[email protected]