كليمات في حضرة الشهيد ابراهيم الزبيدي ..
تاج الدين عبدالله
فتي يافع في ثلاثينيات عمره الطري، وهب نفسه للثورة، نذر روحه لقضية اهله بدارفور، رفض في كبرياء وشموخ الظلم والقهر والاضطهاد واختار الانحياز للانسان…قاوم في سمو واباء كل اغراءات الاستقطاب القبلي وتجاوز بوعي ثوري ساطع وفكر ثاقب، وذهن متقد ثنائية (زرقة-عرب) الي ماهوارحب، الي مبادئ الثورة وحرب التحرير.. عاش فريدا ومات وحيدا فطوبي لامثاله من الغرباء. كان امام الزبيدي طريقين: احدهما ممهد ومفرش بالورود ومزخرف بزينة الدنيا ونعيمها الزائل، وطريق آخر هو طريق الثورة الشائك، طريق لا يسلكه الا امثاله من اولو العزم واصحاب المبادئ السامية ممن مضوا في طريق ثورة دارفور الممتدة، ووهبوا انفسهم وارواحهم رخيصة.. …
لم يقف الزبيدي حائرا عندما تفرع به الطريق ولكنه سلك ذلكم الذي رجح كفته، حاله في ذلك حال الشاعر الامريكي روبرت فروس الذي وقف متأملا ليقرر مسلكه عندما تفرع به الطريق في غابة، حيث صور نفسه في رائعته الشهيرة “الطريق الذي لم أسلكه”
The Road Not Taken
يقول:
Two roads diverged in a wood, and
I took the one less traveled by,
And that has made all the difference.
طريقان افترقا في الغابة
وسلكت أنا الذي قل سالكه
وهذا ما رجح الكفة أبدا
رجح هذا المحارب كفته عندما سلك الطريق الوعر المحفوف بالمنايا ونال شرف الشهادة وكبر في نظر الجميع. هو ثوري من طراز فريد، عشق الانسان واحب الارض التي انجبته، وابي ان يغادرها حتي عندما احاطت به المخاطر من كل حدب وصوب ومشي الي الموت بخطي ثابتة وبشجاعة الابطال. نعم هو حفيد التعايشي وعلي دينار ورفيق بولاد وعبدالله ابكر، استلهم من بسالتهم ومشي علي خطاهم وما كذب.
لست بحاجة لأن انعي رجلا في همته، ولكني انعي ادعياء الثورة من ذوي الياقات البيضاء، آكلي السحت، القابعين في ابراجهم العاجية في انتظار موسم الحصاد لعلهم يظفرون بشيء من متاع الدنيا الرخيص الذي داس عليه الزبيدي بكلتا رجليه وهو يحدق ببصره شامخا نحو افق جديد لم يشرق صباحه بعد، ولكنه حتما سيأتي.