قيادي سوداني معارض: مفوضية الانتخابات لا تصلح لإدارة انتخابات مدرسة ابتدائية
البشير وسلفا كير يرفضان بشدة تأجيل الانتخابات.. واستفتاء الجنوب
سودانيات يقمن بإعداد محصول السمسم في قرية الخوجلاب قرب الخرطوم (رويترز)
الخرطوم: اسماعيل آدم
أعلن كل من الرئيس السوداني عمر البشير، ونائبه الأول سلفا كير ميارديت، بتشدد، رفضهما القاطع لتأجيل الانتخابات العامة في البلاد، المقرر لها أبريل (نيسان) المقبل، في وقت نشب فيه خلاف حاد بين الأحزاب المعارضة ومفوضية الانتخابات، حول إجراءات تنظيم الحملة الانتخابية. ووصف قيادي معارض مفوضية الانتخابات بأنها «لا تصلح لإدارة انتخابات مدرسة ابتدائية».
وقال الرئيس البشير، الذي يتزعم حزب المؤتمر الوطني الحاكم، في خطاب أمام حشد رياضي في حي كوبر بالخرطوم بحري، إن «الانتخابات قائمة في موعدها»، ونفى بشدة وجود أي اتجاه لتأجيلها، واعتبر أن حجة الحرب في دارفور «حجة واهية»، واستدل بأن حرب الجنوب بدأت منذ استقلال السودان، ومع ذلك نظمت عدة انتخابات بالبلاد، ولم يتحدث أحد عن تأجيل الانتخابات بحجة الحرب. وجدد تمسكه بثوابت نظام حكمه المعروف بـ«الإنقاذ الوطني»، وقال «لا ركوع أو سجود إلا لله رب العالمين».
وفي لقاء حاشد في جوبا عاصمة الجنوب، أغلق رئيس الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب، ومرشحها لمنصب رئيس حكومة الجنوب في الانتخابات المقبلة، الباب أمام أي دعوات لتأجيل الانتخابات من أبريل إلى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حسب مقترحات بعض القوى السياسية المعارضة. كما رفض سلفا كير في الوقت نفسه تأجيل الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب. وقال «نرفض تأجيل الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان عن موعده حتى ولو ليوم واحد».
وقال سلفا كير إن «أحزاب الشمال تسعى لتأجيل الانتخابات لشهر نوفمبر المقبل، والاستفتاء إلى تاريخ غير محدد.. نحن بالطبع لن نقبل بذلك لأن التأجيل سيفقدنا برلماننا الذي من خلاله نستطيع تحقيق تقرير مصيرنا». وأضاف «لن نقبل أن تؤجل عملية الاستفتاء على حق تقرير المصير ولو ليوم»، ومضى «ومن يعتقد أن الحركة ستقبل حتى النقاش في تلك القضية فهو مخطئ»، ورفض النائب الأول للرئيس السوداني تماما ربط تأجيل الانتخابات بتأجيل الاستفتاء، واصفا ذلك بـ«الخطأ الكبير».
وحذر سلفا كير المرشحين المستقلين المنشقين من الحركة من إحداث بلبلة أمنية في الانتخابات، وقال «أنا متأكد أنهم سيخلقون مشكلات في الانتخابات»، وكشف أنه قدم وعودا لمناصب المستقلين مقابل التنازل عن الترشح، «إلا أنهم أصروا على مواقفهم الرافضة لوعوده». ووصف سلفا كير الحركة الشعبية بأنها «البطارية التي تنير الطريق أمام السودانيين شمالا وجنوبا»، وطالب بالتصويت لمرشحيها باعتبارهم الأفضل للجنوبيين والشماليين.
وتعهد سلفا كير بالتزام الحركة بإجراء الاستفتاء في وقته، وأعلن عن رفع نسبة مشاركة المرأة في الجهاز التنفيذي عند فوزه في الانتخابات المقبلة إلى 30%، بدلا من الـ25% الحالية حسب اتفاق السلام الموقع بينه وبين الشمال.
وكانت القوى السياسية المعارضة في البلاد طالبت بتأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق لإتاحة الفرصة لتحقيق السلام في دارفور، والذي من شأنه أن يتيح الفرصة لأهل دارفور للمشاركة في الانتخابات. وتسارعت المطالبة بعد توقيع الحكومة وحركة العدل والمساواة المسلحة في الإقليم اتفاقا إطاريا يوقف إطلاق النار، ويمهد لمفاوضات بين الطرفين لإنهاء الأزمة المتفجرة في الإقليم، منذ عام 2003.
وفي لقاء بينه وبين المفصولين تعسفيا في السنوات الماضية من حكم البشير، طالب ياسر عرمان، مرشح الحركة الشعبية للسباق الرئاسي، الرئيس عمر البشير، مرشح حزب المؤتمر الوطني، بالتنازل عن ترشحه لمنصب الرئيس في الانتخابات المقبلة أمام الرأي العام بجوبا، حتى يترك للحركة الشعبية والمواطن والقوى السياسية فرصة الإتيان برئيس من الحركة الشعبية ليجعل من الوحدة خيارا جاذبا. وأكد أن البشير لن يستطيع توحيد السودان وحدة طوعية لأسباب كثيرة لم يذكرها، وقال «نطالبه باتخاذ موقف شجاع يذكره له التاريخ، وليدخل التاريخ من أوسع أبوابه». وقطع عرمان بأن الشراكة مع المؤتمر الوطني «غير ممكنة ومستحيلة»، وكشف عن أربعة وفود أرسلها الرئيس البشير قبل زيارته إلى جوبا في الأيام المقبلة بعد إعلان حزبه عدم الحوار مع الحركة إلا بعد الانتخابات، وقال «أريد أن أعطي البشير رسالة وهو يتأهب لزيارة جوبا، بأن العمل المشترك في الانتخابات بين حزبه والحركة بخلاف القوى السياسية غير ممكن».
إلى ذلك، نشب خلاف حاد بين الأحزاب المعارضة ومفوضية الانتخابات، حول إجراءات تنظيم الحملة الانتخابية التي بدأت منذ أسبوعين، وتستمر حتى نهاية الأسبوع الأول من أبريل. ووصف معارض مفوضية الانتخابات بأنها «لا تصلح لإدارة انتخابات مدرسة ابتدائية».
وقررت أحزاب المعارضة تحدي منشور من مفوضية الانتخابات يشترط على الأحزاب الحصول على تصديقات مسبقة لتنظيم أنشطتها الدعائية حتى داخل دورها. وقال محمد سيد أحمد، القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني، وهو عضو في تحالف المعارضة، للصحافيين، إن المعارضة ستبدأ حملاتها «دون استئذان». وقال سيد أحمد إن أبيل الير، رئيس مفوضية الانتخابات، رفض تسلم مذكرة دفع بها التحالف الخميس الماضي. وأضاف أن 90% من أعضاء مفوضية الانتخابات ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني بزعامة البشير.
لكن نائب رئيس مفوضية الانتخابات عبد الله أحمد عبد الله، أبدى تمسك المفوضية بمنشورها الذي أصدرته لتنظيم الحملات الانتخابية للمرشحين، وقال إنه يهدف لمنع الاحتكاكات بين المرشحين على كل المستويات، وذكر أن المنشور صدر وفقا للقوانين السارية في البلاد وليس موجها ضد حزب بعينه، ونوه بأنه ملزم لكل القوى السياسية والمرشحين.
من جانبه، شن المعارض السوداني المحامي فاروق أبو عيسي هجوما عنيفا على مفوضية الانتخابات، وقال إن المفوضية «لا تصلح لإدارة انتخابات في مدرسة ابتدائية». وأضاف في حشد انتخابي «لقد طلبت من أبيل الير الاستقالة من هذه المهزلة انتصارا لتاريخه». وفي بيان أصدره أمس، قال حزب الأمة المعارض بزعامة الصادق المهدي، إنه «يتخذ موقفا واضحا من مخالفات مفوضية الانتخابات، وينسق مع حلفائه للتعبير عن الاحتجاج على تلك المخالفات والمطالبة بالتصحيح».