قيادات سياسية تعلق على فساد منظمة الشهيد

قيادات سياسية تعلق على فساد منظمة الشهيد
(حريات)
أثارت الوثائق التي نشرتها (حريات) والتي كشفت فيها فساد منظمة الشهيد ردود فعل واسعة ، واستطلعت(حريات) عددا من القيادات السياسية ، الذين ارجعوا الفساد لمصادرة الحريات وانعدام الرقابة والمحاسبة ، مؤكدين أن مفوضية (محاربة الفساد) التي ينوي البشير تكوينها لا تستطيع القضاء عليه لأنه يمارس من قبل مراكز القوى في المؤتمر الوطني بما في ذلك إخوة الرئيس.
ولدى اتصال (حريات) بالأستاذة سارة نقد الله رئيسة المكتب السياسي لحزب الأمة القومي قالت إنهم قد اهتموا منذ فترة مبكرة باثر انعدام الحريات والشفافية على تفاقم الفساد بأنواعه مؤكدة أن الاستبداد ملة واحدة مربوطة بالفساد بأنواعه المالية والأخلاقية. وقالت إنها تابعت بعض المعلومات التي نشرت مؤخرا حول الفساد بشكل مجتزأ وذلك  للتعميش على الشعب السوداني ولتوحي بأن هناك عناصر فاسدة قليلة تتم مواجهتها مثل حديث صحيفة (الانتباهة) حول تزوير موظف النفايات لزيادة التحصيل وما أوردته الصحيفة من استئذانها الرئيس في نشر الخبر وموافقته للإيحاء بأنهم يكشفون الفساد ويواجهونه.
ثم استطردت قائلة: أما الفساد الذي نشرته (حريات) في منظمة الشهيد فهو كارثة الكوارث لأنه باسم الإسلام. لقد أطلقوا لفظ الشهداء بدون استصحاب المقصد الشرعي واستيفاء شروط الجهاد الذي باسمه أطلق اللفظ. ثم أنشأوا المنظمة لرعاية أسر الشهداء لكنها تحولت للمحاسيب فصارت تمول أوجه الفساد ولم يخرج أسر الشهداء منها بشيء بل أهملوا أي أن أموال المنظمة لم تذهب لمصارفها المفروضة، وأضافت: “هذا يظهر أنه حتى بالنسبة لناسهم الذين ماتوا من أجل قضيتهم لم يراعوا فيهم إلا ولا ذمة كل ذلك بسبب الفساد والطغيان”.
وقالت لا بد من مفوضية لمحاربة الفساد تكون حسب معايير الشفافية الدولية تقوم برصده ومعاقبة المفسدين بقوانين حقيقية تحاكمهم وترجع المال المنهوب، وليس بالطريقة التي يعمل بها هذا النظام الذي يقف متفرجا على الفساد فلم يحرك ساكنا أمام تقارير المراجع العام التي كشفت فسادا كبيرة للست سنوات الأخيرة. وناشدت سارة كل الجهات الحريصة على المال العام أن تقوم برصد للفساد وتوثيقه لتكون هناك مصادر كثيرة تغذي المفوضية حال تكونها وتمدها بمعلومات عن الفساد.
ولدى سؤال (حريات) عما يمكن أن يحدث في حال لم تكون “الإنقاذ” المفوضية بالشكل المطلوب قالت، نعم في الغالب لن تكون المفوضية كما نطالب بها ولكن هذا لا يمنع اشتراك جميع المعنيين في عملية الرصد على مستوى شعبي، وحينما تأتي الديمقراطية تكون ملفات الفساد مرصودة وموثقة لحين تكوين آلية قانونية في وضع ديمقراطي تقوم بالمحاسبة واسترداد الأموال.
وقال الإستاذ يوسف حسين الناطق الرسمي بإسم الحزب الشيوعي السوداني أن الفساد  إستشرى فى كل الدولة و تورط فيه إخوة الرئيس حتى النخاع و بصورة أساسية ، وهو فساد غير مسبوق ضلعت فيه كل مؤسسات الدولة سوى كانت منظمة الشهيد أو غيرها.
وقال أن “الفساد ينتشر ويتمدد في ظل إنعدام الحريات وتفشي الإستبداد وإنعدام الرقابة مع عدم وجود النقابات”
ويتفق الأستاذ أبو بكر عبد الرازق المحامي  القيادي بالمؤتمر الشعبي مع ذلك ويقول ( ان غياب الحريات وضعف الرقابة لأجهزة الدولة الإدارية والمالية هما سببان رئيسيان لتفشي الفساد لأن الشركات والمؤسسات بعيدة كل البعد عن الرقابة مما يصدر إحساساً للشركات أو المؤسسات أنها بمثابة ملك خاص مما يؤدي لفساد كبير).
وإعتبر أبو بكر أنه ومجرد أن تكون هناك جهات إستثمارية تابعة للدولة هو تأسيس للفساد ورعاية له وموافقة ضمنية عليه، فالمال العام ينبغي ألا يكون إستثماراً تجارياً تديره الدولة ومؤسساتها بل يجب أن يكون جباية لرسوم مباشرة أو غير مباشرة للضرائب ورسوم الخدمات وغيرها بناءاً على قانون صادر من المجلس الوطني يحدد ماهية المال المُجبى وطبيعته وقدره وينظم العلاقة بين الجهة الجابية والمجبي منها بضوابط قانونية مؤسسة على قانون الإجراءات المالية والمحاسبية الذي يحدد كيفية جباية المال العام ومن بعد ذلك يكون المراجع العام رقيبا بعدياً يراجع الحسابات ويطمئن على  صحة الحسابات ويقدم كل من تورط في التجاوزات القانونية للمحاكمة الفورية.
وقال إن أي فساد لأي مؤسسة من مؤسسات الدولة  قائم على مدى إستخدام مبدأي الدستور والقانون وأن تكون اللوائح والقرارات والمنشورات فرعاً من الدستور والقانون ولا تتصادم مع نصوصهما.
وأكد أن الدولة ظلت لا تحترم هذا المبدأ بل أن قراراتها وقوانينها تجعلها ضالعة في رعاية الفساد.
وقال أن الدستور هو الأسمى ثم يليه القانون ثم المنشور والائحة ثم القرار وقد راينا كيف تم تجاوز ذلك في وحدة (تنفيذ السدود) وفقاً لقرار رئيس الجمهورية 217/ 2005م الذي يستتثى الوحدة من قانون المراجع العام وقانون محاسبة العاملين وقانون الإجراءات المالية والمحاسبية الذي يحدد كيفية جباية وصرف وحفظ المال العام.
حيث أستثنى القرار الوحدة من قانون الخدمة العامة وخول لها بموجب القانون إختيار أي مراجع سوى أن كان من السوق أو من ديوان المراجع العام بموافقة اللجنة السياسية للوحدة، وبهذا يكون قد تم إفراغ القانون من محتواه وترك المال العام نهباً للمفسدين برعاية مباشرة أو قد تكون غير مباشرة.
و قال” مما سبق فإني لا أستبعد فساد أي مؤسسة من مؤسسات الدولة فالفساد ملأ البر والبحر بما كسبت أيدي المؤتمر الوطني وحكومته، وخير دليل على ذلك التململ داخله الذي أفضى لإعلان الرئيس إنشاء مفوضية لمحاربة الفساد والتي أخشى أن تكون هي أيضا وعاءاً للفساد.
ويرى عبد الجليل الباشا من حزب الأمة القومي أن الفساد جزء أصيل من النظام مهما أدعت الدولة محاربته  لن تستطيع لأن محاربته تعني تفكيك مراكز القوى فى الدولة، وشئ طبيعي أن تجده منتشراً ومتفشياً في مؤسسات المؤتمر الوطني ومنظماته بما فيها منظمة الشهيد التي لن تكون إستثناءاً لأنها إحدي المنظمات  التابعة للمؤتمر الوطني لذلك فلا يمكن أن تخلو من الفساد.
وقال عبد الجليل أن تقارير المراجع العام ظلت تشير سنوياً لكثير من المؤسسات الفاسدة، معتبراً أن الفساد إستشرى في كل مؤسسات الدولة ومرافقها وقال” أن العلاج لن يكون إلا عبر التغيير في السياسات وصانعيها بالإضافة للهياكل والإدارات.
وقال نحتاج إلى تغيير كامل وشامل وهذه مسؤولية الشعب السوداني.
وأكد أن الحكومة ستظل عاجزة عن محاربة الفساد لأنها جزء أصيل منه، فحتى المفوضية التي كُونت لن تستطيع محاربة الفساد الذي يمارس من قبل مراكز القوى داخل النظام، لذلك لا خيار سوى التغيير.
 
وكانت(حريات) نشرت تقريرا رسمياً سرياً بعنوان (ادركوا منظمة الشهيد قبل الاوان)، يكشف عن الفساد المهول في المنظمة ، مالياً وادارياً .
وبحسب التقرير فان مدير (منظمة الشهيد)  اللواء (م) محمد عثمان محمد سعيد ضعيف ادارياً ، ويتغيب عن المنظمة ، وحين يأتي للاجتماعات يأتي متاخراً . وقد عين أخاه عوض عثمان محمد مديراً لمزرعة المنظمة ، كما عين (عديله) عادل الامين آدم صالح نائب مدير مالي للمنظمة ، والذي يتقاضى حوافز تبلغ في المتوسط (80) مليون جنيه سنوياً .
ولكن معقل الفساد الاكبر المدير العام المكلف التهامي احمد المصطفى ، وقد تم فصله في السابق من شركة وفرة للأدوية التابعة لمنظمة الشهيد بسبب تجاوزات وفساد يتعلق باستيراد أدوية للشركة بعضها غير مسجل وبعضها مهرب ، وقد استورد الادوية باسم عمل يتملكه شخصياً ( نمارق) ! ولكن بعد فصله تم ارجاعه مرة اخرى وتعيينه مديراً مالياً للمنظمة منذ عام 2002 م ولاحقاً مديراً عاماً مكلفاً ! .
وقد عين التهامي مجموعة من اقربائه للعمل في المنظمة وشركاتها من ذوى قرابة الدرجة الاولى ( كالزوجة والابناء والعشيرة الاقربين) ، حيث عين :
– آمال (زوجته) مدير فني بمصنع مروة ( التابع لمنظمة الشهيد)
– محمد التهامي ( ابنه) مدير فني بشركة وفرة ( تابعة لمنظمة الشهيد)
– امين التهامي (ابنه) مديرمالي بشركة باشكو ( التابعة للمنظمة) وهو خريج حاسوب
– محمد سعيد الامين (ابن اخته) ، تم فصل موظف لتعيينه مكانه بالادارة المالية لرئاسة منظمة الشهيد .
( ومجموع الاقرباء 9 في المنظمة وشركاتها ) .
وتوضح الوثائق فساد التهامي في استيراد ماكينة للتعبئة   لشركة الخرطوم لمنتجات الالبان- التابعة للمنظمة – غير مطابقة للمواصفات ، وفي استيراد لبن فاسد بقيمة 120 الف دولار . وقام بانشاء شركة ( باشكو) التي أصبح شريكاً فيها بواسطة نسيبه أحمد كمال يسن .
 
وتكشف الوثائق نماذج من الفوضى المالية والادارية ، فشركة باشكو تستمر لحوالي العام وخزينتها في عهدة ثلاثة أشخاص من بينهم التهامي وابنه . وأحد المصانع التابعة للمنظمة يصرف (5) مليار جنيه سنوياً بدون انتاج .
وتصرف شركة الحبوب الزيتية المتوقفة منذ خمس سنوات حوافز لثلاثة اشخاص من بينهم نائب المدير المالي عادل الامين ( عديل المدير العام) تبلغ 30 مليون جنيه ! وعقد عمل مدير احدى شركات المنظمة من تصميم وتوثيق وكيل نيابة أمن الدولة لمدة (5) سنوات وبراتب شهري (9) مليون ، وحين تم فصله طالب بـ ( 500) مليون جنيه لاكمال فترة العقد ! .
هذا ويقبع تقريرفساد منظمة الشهيد على منضدة نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه منذ 1 سبتمبر 2010م – اي اكثر من ستة أشهر – للبت فيه ، ولكنه لم يتخذ اي قرار رغم تصريحاته باعلان الحرب على الفساد.
هذا وتعتبر منظمة الشهيد أهم منظمة اجتماعية اقتصادية للانقاذ ، فالفكرة الناظمة للانقاذ هي (الجهاد) ، كشرعنة للعنف ، وبالتالي يكتسب الشهيد دوراً مركزياً في ايدلوجية النظام وخطابه التعبوي ، ولكن منظمة الشهيد انتهت الى فساد مهول ، وبدلاً عن رعاية الارامل واليتامى تحولت الى تسمين القطط والتماسيح ! فاذا انتهت منظمة الشهيد الى الفساد فأي صلاح يرجى في مؤسسات اخرى أقل أهمية ؟! ان مآل منظمة الشهيد يكشف بان اية قيم – سواء العدالة او الامن او الوحدة او الاخلاق او الدين – اذا لم تترافق مع الحريات وحقوق الانسان فانها تنتهي الى نقيضها .فانتهت منظمة الشهيد التي يفترض بانها عنوان التضحية بالنفس والزهد في الدنيا ( لا لدنيا قد عملنا ، نبتغي رفع اللواء ) ! انتهت بقيادة (لواء) الى مآل بئيس من الانانية و ملاحقة الدنيا بكل الوسائل الوضيعة من محسوبية وفساد ونهب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *