قبل أن يتحول تعداد السكان إلى قضية سياسية

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل أن يتحول تعداد السكان إلى قضية سياسية

قراءة أولى للنتائج

إعداد: د. محمد المعتصم أحمد موسى

[email protected]

7/7/2009م

جدول1: يوضح تقدم وتراجع تعداد ولايات السودان في العام 2008م مقارنا بالعام 1993م

ترتيب

الولاية

اسم الولاية

إجمالي

السكان

الترتيب1

2008م

الترتيب2

1993م

التغير في

الترتيب

ملحوظة

1

جونقلي

1.358.602

10

18

+8

  1. تقدم ترتيب عشر ولايات في

تعداد 2008م مقارنا بالعام

1993م، بينها خمس من

الجنوب وخمس من الشمال.

  1. يلاحظ أن ثلاث من ولايات

الجنوب المتقدمة هي الأكثر

تقدما بين ولايات السودان التي

تقدمت في تعداد 2008م.

  1. ولايات الشمال المتقدمة هي:

شمال وجنوب دار فور،

جنوب وشمال كردفان، والبحر

الأحمر.

2

الاستوائية الوسطى

1.103.592

15

20

+5

3

شرق الاستوائية

906.126

18

22

+4

4

شمال دارفور

2.113.626

5

8

+3

5

جنوب كردفان

1.406.404

8

10

+2

6

البحر الأحمر

1.396.110

9

11

+2

7

جنوب دار فور

4.093.594

2

3

+1

8

شمال كردفان

2.920.992

4

5

+1

9

أعالي النيل

964.353

17

18

+1

10

الوحدة

585.801

24

25

+1

1

الخرطوم

5.247.321

1

1

نفسه

  • حافظت خمس ولايات على

ترتيب العام 1993م في تعداد

2008م، بينها ولايتان من

الجنوب وثلاث من الشمال.

2

كسلا

1.789.806

6

6

نفسه

3

النيل الأبيض

1.730.588

7

7

نفسه

4

واراب

972.928

16

16

نفسه

5

غرب الاستوائية

619.029

23

23

نفسه

1

الجزيرة

3.575.280

3

2

1

  1. تراجعت عشر ولايات في

الترتيب بينها ثلاث من الجنوب

وسبع من الشمال.

  1. بين ولايات الشمال التي

تراجعت اثنتان من ولايات

مناطق النزاع المسلح هي

النيل الأزرق وغرب دار فور

وهي الأكثر تراجعا.

  1. ولايات الشمال الأخرى التي

تراجعت هي الجزيرة، نهر

النيل، القضارف، سنار،

والشمالية.

2

نهر النيل

1.120.441

14

13

1

3

البحيرات

695.730

22

21

1

4

غرب بحر الغزال

333.431

25

24

1

5

القضارف

1.348.378

11

9

2

6

سنار

1.285.058

13

11

2

7

الشمالية

699.065

21

19

2

8

شمال بحر الغزال

720.898

20

17

3

9

النيل الأزرق

823.112

19

14

5

10

غرب دارفور

1.308.225

12

4

8

كل السودان

39154490

نسمة

المصادر: 1 الجهاز المركزي للإحصاء. نتائج تعداد العام 2008م. www.cbs.gov.sd . 2وزارة التربية والتعليم.التعليم الثانوي. كتاب الجغرافيا للصف الثاني. ص152.

التقدم والتراجع في تعداد ولايات السودان للعام 2008م مقارنا بالعام 1993م

نعيد للأذهان أن التعداد السكاني لعام 2008م هو أحد الاستحقاقات الرئيسة لاتفاق السلام الشامل الوقع بنيفاشا في العام 2005م. وقد قسم اتفاق نيفاشا ولايات السودان لقسمين هما الولايات الشمالية وعددها 15 خمس عشرة ولاية، والولايات الجنوبية وعددها 10عشرة ولايات.
يمكن تلخيص بيانات وملاحظات الجدول1، الذي يوضح مدى تقدم وتراجع ترتيب تعداد ولايات السودان في العام 2008م مقارنا بالعام 1993م، على النحو الآتي:

  1. تقدمت خمس ولايات جنوبية في ترتيبها للعام 2008م مقارنا بالعام 1993م، وهي على التوالي: جونقلي، الاستوائية الوسطى، شرق الاستوائية، أعالي النيل، والوحدة ، مقابل خمس ولايات شمالية هي: شمال وجنوب دار فور، جنوب وشمال كردفان، والبحر لأحمر.
  2. حافظت خمس ولايات على ترتيبها، بينها ثلاث ولايات شمالية هي على التوالي: الخرطوم، النيل الأبيض، وكسلا، وولايتان جنوبيتان هي: واراب وغرب الاستوائية.
  3. ترجع ترتيب عشر ولايات بينها ثمان ولاية شمالية وثلاث ولايات جنوبية هي: شمال وغرب بحر الغزال والبحيرات. أما ولايات الشمال المتراجعة فهي على التوالي: الشمالية، سنار، القضارف، نهر النيل، والجزيرة، بالإضافة لولايتي غرب دار فور والنيل الأزرق، الواقعتان في مناطق النزاع المسلح، وهما الأكثر تراجعا بين ولايات السودن على الإطلاق.

كيف نفسر التقدم والتراجع في حجم السكان ؟

أولا: تفسير التقدم

جميع الولايات العشر التي تقدمت في ترتيبها هي ولايات شهدت نزاع مسلحا في العقدين الماضيين، في غرب وجنوب وشرق السودان. وقد وقعت الحركات المسلحة في هذه الاقليم ثلاث اتفاقيات هي على التوالي: السلام الشاملنيفاشا 2005م، سلام دار فورأبوجا 2006م، سلام الشرقأسمرا 2006م. ويمكن تفسير تقدم هذه الولايات في التريب باعتبار ما حدث من استقرار أمني وفر الأجواء اللازمة للعودة الطوعية للنازحين داخليا إلى ولايات السودان الأخرى، وعودة اللاجئين من دول الجوار.
كما يمكن تفسير الانخفاض النسبي لعدد السكان في ولايات الجنوب التي تقدمت في الترتيب، بأسباب تتعلق بتوطن الكثير منهم في أقطار اللجوء خاصة أميركا، استراليا، أورباالغربية، جنوب إفريقيا، وكينيا. المؤسف أن هؤلاء معظمهم من ذوي القدرات، الذين يمكن أن يسهموا بفاعلية في إعمار ما دمرته الحرب التي تطاولت لأكثر من عقدين.
الملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أن الولايات التي تقدمت بجنوب السودان هي الولايات التي تقع في شمال وشرق الإقليم الجنوبي حيث الاستقرار النسبي للأمن والتنمية. وربما تأثرت الولايات المتراجعة بنشاط بعض المليشيات المسلحة التي لم تدمج في الجيش النظامي بالإضافة لنشاط جيش الرب في المنطقة.
وقد أثر التوقيع المبكر لاتفاق سلام جبال النوبة السابق لنيفاشا في استقرار جنوب كردفان مما أثر ايجابا على شمال كردفان. بالمثل يمكن أن نعزي تقدم ولايتي جنوب وشمال در فور لتوقيع اتفاق أبوجا. كما يمكن القول أن قيام معسكرات اللاجئين داخل الإقليم بالإضافة لحملات التجنيد لحركات دار فور قد لعب دورا في عودة الكثيرين الذين نزحوا نزوحا طبيعيا خاصة في فترة المجاعة التي شهدها الإقليم منتصف الثمانينات.
أما ولاية البحر الأحمر فبالإضافة لأثر توقيع اتفاق سلام الشرق الذي أنهى حالة الطوارئ في الإقليم، نجد أن الولاية شهدت تنمية واسعة في السنين الأخيرة، شملت إنشاء عدد من موانئ التصدير خاصة للبترول، مع تنمية البنيات التحتية واكتمال طريق الخرطوم عطبرة بورتسودان إضافة لطريق الخرطوم كسلا بورتسودان. كما شهدت الولاية تطورا في خدمات التعليم والصحة قفز بمدينة بورتسودان إلى المرتبة الثانية بعد الخرطوم.

ثانيا: تفسير التراجع

التراجع الأكبر حجما بين كل ولايات السودان  هو تراجع غرب دار فور من الترتيب 04 إلى الترتيب 12. وربما نكون في غنى عن التفسير فهذه هي الولاية النازفة منذ العام 2003م لوقوعها على الحدود الغربية مع دولة تشاد، غير المستقرة اصلا. ولعل قسمة السلطة في هذه الولاية لصالح الحركة المسلحة الرئيسة وهي حركة تحرير السودان وفقا لاتفاق أبوجا يؤكد أنها منطقة رئيسة في النزاع المسلح الذي ما زالت تشهده دار فور.

أما ولاية النيل الأزرق الثانية تراجعا بعد غرب دار فور، فقد كانت مسرحا رئيسا في الشمل للعمليات العسكرية للحركة الشعبية لعقدين كاملين مما عطل حركة التنمية ودمر البنيات التحتية لتقف عاجزة أمام مطلوبات إعادة البناء عالية التكلفة في ظل ضعف قدرات حكومة الوحدة الوطنية وعد وفاء المانحين بالتزاماتهم وتولد الشروط الجديدة الخاصة بانهاء الحرب في دار فور. وربما كان وقوع هذه المنطقة خارج دائرة مسئولية حكومة الجنوب، على الرغم من شمولها باتفاق السلام في بوتوكول المناطق الثلاث، قد أثر سلبا على تنميتها وجاذبيتها للنازحين واللاجئين لندرة فرص العمل فيها.
ولايات الجنوب الثلاث التي انضمت لجموعة الولايات العشر الأكثر تراجعا وهي، غرب وشمال بحر الغزال والبحيرات، يمكن تفسير تراجعها بالتوترات الأمنية التي تشهدها من حين لآخر بسبب نشاطات المليشيت القبلية المسلحة وجيش الرب. وقد قعدت التوترات الأمنية بجهود التنمية التي تضطلع بها الحكومة الاتحادية ووحكومة الجنوب.
ويمكن أن نفسر تراجع ولايات الشمال الأخرى وهي على التوالي: الشمالية، سنار، القضارف، نهر النيل، والجزيرة ، بعودة النازحين إلى ولاياتهم الأصل في الجنوب، وجاذبية معسكرات النزوح والحركات المسلحة للدارفوريين حيث تتوفر لهم شروط أفضل مقارنة بندرة فرص العمل للعمال غير المهرة في مدن الشمال.
كما يفسر تراجع الولايات المذكورة أيضا بحركة الهجرة الواسعة لدول الخليج والمملكة العربية السعودية لذوي المقرات العالية والقادرة على المنافسة في ضروب العمل المختلفة، كانت في معظمها لسكان هذه الولايات. يعزز هذه النتيجة انخفاض التركيب النوعي (الذي يعرف بأنه عدد الذكور لكل مائة من الإناث) بهذه الولايات حيث بلغ في:الجزيرة(93)، سنار(95)، القضارف(99)، الشمالية( 102)، نهر النيل(104). وتشير هذه النتيجة لانخفاض التركيب النوعي بهذه الولايات عن متوسط السودان البالغ 105مع فروق كبيرة بين الولايات تتراوح من 93 لولايات الجزيرة، شمال كردفان، وشمال بحر الغزال إلى 134 في ولاية البحر الأحمر. التركيب النوعي لهذه الولايات يشير لزيادة عدد الإناث على الذكور مما يعني أن الذكور قد غداروا هذه الولايات غالبا لطلب الرزق داخليا أو خارجيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *