فى ندوة نادى الصحافة المستقلة ” فورنت لاين ” بلندن عن فشل دور الامم المتحدة بدارفور :
السير جون حولمز الدبلوماسى البريطانى :
وجود العمل الانسانى بقيادة الامم المتحدة بضخامته الحالية فى دار فور يعتبر دليل ادانة على الحكومة السودانية
موكيش كابيلا :
فشل الامم المتحدة فى دار فور كان استمرارا لفشل المنظمة الدولية فى مواقع اخرى سابقة مثل رواندا وسيربانستا
حركة تحرير السودان بقيادة مناوى :
تحالف جبهة القوى الثورية السودانية يجمع كل شعوب السودان وعلى المجتمع الدولى دعم هذا التحالف والاعتراف به كممثل شرعى للشعب السودانى باعتباره جهة سياسية تسعى لاقامة بديل ديمقراطى مستدام فى السودان
لبت حركة تحرير السودان بقيادة مناوى – احدى فصائل تحالف جبهة القوى الثورية السودانية – دعوة كريمة لحضور ندوة خاصة عن دور الامم المتحدة فى ازمة دار فور ، وذلك فى امسية الاربعاء 21 مارس 2012 م بمقر نادى
” فورنت لاين ” بلندن . ، وكان موضوع النقاش هو :
منذ تفجر الاحداث فى 2003 م ، فقد اثيرت اسئلة كثيرة عن الدور الذى لعبته الامم المتحدة فى دار فور وعن جدوى التفويض الممنوح لها . الان وقد قاربت الازمة عامها العاشر ، هل هنالك اى دور اضافى يمكن ان تلعبه الامم المتحدة ، او ان الامر قد وصل مستوا يُعصى على الحل ؟
مثل الحركة فى هذه الندوة كل من الاتى اسماءهم :
الاستاذ \ حسين اركو مناوى
الاستاذ \ محمد بشير عبدالله
الاستاذ \ نورالدائم محمد احمد طه
الاستاذ\ حامد سنين
وكان ضمن الحضور :
السيدة \ كلير موى : مسئولة دار فور بالخارجية البريطانية
والدكتور \ اسفن كوبمانز : المستشار السياسى للاتحاد الاوروبى فى السودان ، وعدد من المنظمات والصحفيين والناشطين والمهمتمين بالشأن السودانى .
ادار الندوة السيد \ باتريك اسميث ، وهو رئيس تحرير ” افريكا كونفدانشيال ” ، وهى مطبوعة اخبارية عريقة متخصصة فى الشأن الافريقى توزع فقط للمشتركين سواء كانوا افراد او مؤسسات حكومية او شركات خاصة . وكان المتحدثون على النحو التالى :
1- دكتور موكيش كابيلا : وهو وكيل الامين العام السابق للجمعية الوطنية لتطوير المعارف فى الاتحاد العالمى لجمعيتى الصليب والهلال الاحمرين ، وقد عمل بشكل مكثف فى السودان ، وكان منسقا هناك للامم المتحدة للشئون الانسانية وممثلا لبرنامج الامم المتحدة للانماء والتعمير ، وهو اول شخصية دولية اعلن فى 2004 بان دارفور تشهد اكبر كارثة انسانية وقد طرد من البلاد نتيجة لهذا الاعلان
2- السير جون حولمز : وهو دبلوماسى بريطانى محنك عمل لاكثر من 30 سنة فى هذا المجال وكان سفير بريطانيا فى فرنسا والبرتغال ، وكان مستشار ما وراء البحار للرئيسين السابقين تونى بلير وجون ميجر ، وقد كان ايضا مساعد الامين العام للشئون الانسانية ومنسق عمليات الاغاثة فى مقر الامم المتحدة بنيويورك للفترة من 2007 – 2010 م ، وقد زار دار فور 5 مرات خلال هذه الفترة .
3- الدكتور احمد الشيحى : وهو زميل دراسات وبحوث ومؤسس شريك
ل ” برنامج السودان ” فى كلية انتونى بجامعة اكسفورد .
افتتح الندوة السفير السير \ جون حولمز ، وقال ان مهمة الامم المتحدة فى دار فور كانت اكبر عملية انسانية للامم المتحدة فى العالم ، حيث ان هنالك 2 مليون نازح فى المخيمات وثلثى الشعب الدارفورى يحتاج الى الاغاثة وتكاليف ذلك يربو على البليون دولار فى السنة ، ومع ذلك فان دور الامم المتحدة هناك قد لا يختلف عن الدور التقليدى لعمليات الامم المتحدة فى مناطق كثيرة فى العالم ، حيث يكون الدور الملموس دائما ينحصر فى عمليات الاغاثة ، اما عمليات حفظ السلام فدائما تكون هنالك قصور يختلف من منطقة الى اخرى حسب درجة التعقيدات على الارض والتفويض الممنوح من مجلس الامن ، والامر فى دار فور معروف بتعقيداته الكثيرة ، خاصة والحكومة السودانية ساعية لافشال العملية برمتها منذ البداية لان وجود مثل هذا العمل الانسانى الضخم ما هى الا شهادة ادانة لها ، بالاضافة الى ضعف الاتحاد الافريقى لقلة الموارد والخبرة ، وغياب الثقة من الحركات المسلحة فى اتجاهى الحكومة والاتحاد الافريقى معا ، لقناعة هذه الحركات ان الاتحاد الافريقى هو اقرب للحكومة وبالتالى غير محايد . التعقيدات ايضا زادت بعدم جدية الحكومة بانفاذ اتفاق ابوجا ، رغم انه كان اتفاقا جيدا من حيث المضمون . افرد السيد \ حولمز عدة تحديات واجهت عمل الامم المتحدة فى دار فور ، اولها ان الحكومة غير متحمسة وبالتالى سعت الى خلق الكثير من التعقيدات مثل تأخير اجراءات دخول المعنيين بالعمل الانسانى من الاجانب(تأخير منح الفيز) ، وكذلك عدم السماح لفرق الرقابة الخاصة باليوناميد للتحرك بحرية الى مواقع الاحداث . اكبر التحديات فى رأى السيد حولمز هو اعلان المحكمة الجنائية الدولية لطلب القبض على البشير باعتباره مطلوبا لدى المحكمة ، وانعكاس هذا الاجراء كان خطيرا، حيث تم طرد 13 منظمة اغاثة اجنبية جملة واحدة ، الامر الذى خفض حجم المجهود الاغاثى الى النصف تقريبا ، وكانت الخيارات صعبة امامنا ، اما الانسحاب او الاحتجاج ثم البقاء ، ولجأنا للخيار الاخير ، لانه لو لجأنا الى الخيار الاول لكان قد عاقبنا المنكوبين ، والوضع الانسانى ما كان يتحمل ذلك . هنالك ايضا تعقيدات لوجستية بالنسبة لنا كمسئولى الامم المتحدة فى الخرطوم لانه كان غير مسموح لنا من رئاسة المنظمة الدولية لمقابلة البشير لانه متهم من قبل المحكمة الجنائية ، وهذا امر محرج بالنسبة لنا . من التحديات المستقبلية ايضا ، حتى اذا تم حل المشكلة وتوفر السلام والامن ، كم من هولاء النازحين – و الذين استقروا فى المخيمات لحوالى العشرة سنوات – سيعود الى قراهم الاصلية وخاصة الفئة الشابة ؟ وكذلك مستوى التدمير الذى لحق بالنسيج الاجتماعى كان مهولا ايضا . هنالك نقطة اخيرة ذكرها السيد حولمز واعتبرها سلبية ايضا فى اطار حل المشكلة وهو تراجع الاهتمام العالمى بمشكلة دار فور ، فلم تكن دار فور الان تصنع العناوين البارزة فى صحافة وتلفزيونات العالم . وختم السفير السير حولمز حديثه قائلا ان الفشل فى دار فور ليس فقط للامم المتحدة ، الفشل كان فشلا للكل ، الامم المتحدة كمنظمة ، الحكومة السودانية ، المتمردون والمجتمع الدولى .
تحدث بعد ذلك الدكتور \ مكيش كابيلا ، قائلا انه سوف يتحدث بشكل اكثر استفزازيا ممن سبقوه ويقول ان مأساة دار فور يعتبر فشلا مستمرا لفشل الامم المتحدة فى مواقع اخرى شبيهة كرواندا وسيربانستا ، وانه شخصيا ليس فقط شاهد لفشل الامم المتحدة فى ادواره فى دار فور فقط فى عامى 2003 – 2004 ، وبل منذ عشرة سنوات قبل ذلك التاريخ ، لان فشل الامم المتحدة فى دار فور هو تكرار لفشل المنظمة فى رواندا فى عام 1994 ، وقد كان مسئولا هناك للمنظمة الدولية ، وقال انه قد قارن رسائل الاستغاثة التى كان يبعثها لرؤسائه فى نيويورك فى حالتى دارفور ورواندا ووجدها شبه متطابقة ، فقط الفرق ان رسائل رواندا كانت تلكسية ورسائل دارفور كانت عبارة عن رسائل الكترونية
(ايميلات) !
وقال كابيلا انه ليس من العدل تنزيل الفشل السياسى الكبير الذى يتحمله الدول الفاعلة وتقزيمه الى فشل للعمل للانسانى للمنظمة الدولية ، وضرب مثلا وقال ان دولا مهمة بحجم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنيرويج كانت فى رئاسات مجلس الامن فى الدورات التراتبية خلال هذه الفترة ، اين دورها ونفوذها السياسى للدفع فى اتجاه حل هذه المشكلة والتى كانت تشغل كل الراى العام العالمى ؟
تحدث بعد ذلك الدكتور \ احمد الشيحى و اكد ان الفشل فى دار فور كان فشلا جماعيا ، والقى باللائمة على الحكومة البريطانية نفسها ، وذكر الحضور لاحداث بعينها ذات علاقة بدار فور تسببت فيها الحكومة البريطانية لعدم المساعدة فى حمل الاطراف على التفاوض الجاد .
ختم الدكتور احمد حديثه قائلا ان الفشل يتحمله اطراف عدة منها الامم المتحدة بالطبع ، وهنالك ايضا الحكومة السودانية والمتمردون والاتحاد الافريقى وجامعة الدول العربية وكذلك بريطانيا والدول الاخرى .
قبل فتح باب النقاش ، تم اعطاء الاولوية الى اعضاء وفد حركة تحرير السودان للتعقيب باعتبار انهم يمثلون احد الاطراف لهذا الصراع الذى جرجر الامم المتحدة الى غياهب الفشل موضوع الندوة ، واعطى الفرصة اولا للاستاذ \ محمد بشير ، حيث قال : انه ليس من العدل الحكم بفشل الامم المتحدة منفردا فى مهمتها فى دار فور ، دون التعرض الى الدور اللئيم الذى لعبته الحكومة السودانية اثناء المفوضات لقبول نشر قوات اليوناميد ، حيث لعبت تكتيكات لئيمة ضمنت بها وجود قوية دولية \ اقليمية ضعيفة ، بقيادات من المعاشين المفسدين من جنرالات بعض الدول الافريقية بشكل منتقاة ، ضمن معها بقاء الاحوال فى دار فور كما هى : استمرار جرائم الحكومة فى المواطنين العزل والمواصلة فى سياسة فرق تسد ، عدم تجريد الجنجويد ، تدهور الوضع الامنى ، بقاء الناس فى المخيميات ، غياب الحل السياسى ، وبالتالى الفشل الكلى لمجهودات المنظمة الدولية .
تحدث بعد ذلك الاستاذ\ حسين اركو ، وقال ان النظام الذى اعتاد طوال بقائه فى السلطة على استخدام جُل موارد الدولة فى شراء الاسلحة من اجل حرب وابادة شعبه لا يرجى منه السلام ، ونحن نرى ان الكثير من المنظمات الطوعية والمجتمع المدنى ونشطاء السلام والاعلام يقومون بجهد كبير تجاه قضية دار فور ، ولكن للاسف دور الحكومات ، وخاصة الدول الفاعلة فى مجلس الامن لم تلعب دورا حاسما فى قضية دار فور كما فعلت فى ليبيا . والحرب فى جنوب السودان خير دليل على ذلك ، فحين تدخل المجتمع الدولى بصورة حاسمة استطاع ان يصل الى حلول حاسمة ، ولذلك نحن نؤيد وننادى بتدخل دولى جاد وقوى لحسم قضية دار فور .
وتحدث اخيرا الاستاذ \ نورالدائم محمداحمد وطالب بضرورة وجود منظور حل شامل للازمة السودانية لان الأزمة في الخرطوم وليست في اي منطقة اخري و البشير هو المسئول الاول من معاناة الشعب السوداني وقتل المدنيين الابرياء في دارفور و جبال النوبة والنيل الأزرق ولا يزال مستمرا في جرائم الإبادة الجماعية والقصف الجوي ضد المدنيين في دارفور وكردفان وجبال النوبة ، ويجب تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية . وسخر من الذين يحلمون بعلاقات جيدة بين السودان فى ظل البشير والدول المجاورة للسودان وشبههم بمن يسعون لعلاقات جيدة وطبيعية بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا في ظل النازية بوجود هتلر في السلطة !
واوضح الاستاذ نورالدائم بان تحالف الجبهة الثورية السودانية يجمع كل شعوب السودان المضطهدة و التواقة الي الحرية والديمقراطية وطالب المجتمع الدولي ان يدعم هذا التحالف ويستثمر فيه استثمارا حقيقيا والاعتراف به كممثل شرعى للشعب السودانى باعتباره جهة تسعى لاقامة بديل ديمقراطى مستدام فى السودان .
وفُتح باب النقاش بعد ذلك لمجموعة من المتداخلين وقد تمحور النقاش بما يشبه العزف الذهنى للاجابة على تساؤل ، وهو :
هل يجب الاقرار بفشل الامم المتحدة فى دار فور وبالتالى المطالبة بانسحابها واستبدالها بقوة اكثر فعالية لحماية المدنيين وضمان انسياب العمل الانسانى ؟
ظهرت فعلا بعض الاصوات ضمن المعلقين مؤيدة لانسحاب الامم المتحدة لفشلها ، مع ضرورة تعديل التشريعات الخاصة بالمنظمة الدولية لتوفير غطا ء عسكرى يرافق ويحمى عملياتها الانسانية . رغم ان البعض القليل من المعلقين رأوا ان الوضع المتجمد الحالى – وجود البشير ورفاقه المتهمين بلا تنفيذ القبض عليهم وغياب العدالة للمتضررين – لا يفيد الحكم او طالبى العدالة (اهل دار فور ) فى شئ ، وبالتالى لا بد من البحث عن حل وسط ، دون تحديد هذا الحل الوسط . اما الاكثرية ، سواء كان من المتحدثين او المتداخلين فقد اكدوا ان احقاق العدل هو امر ضرورى وحيوى وان الامريرتبط بالكرامة الانسانية فلا يعقل ان يظل الجزار حاكما ويذهب الالاف من ضحاياه من القتلى والاحياء بلا عدالة ، وقد كان اكثر المتحدثين صرامة وجدية فى هذا الاتجاه هو الدكتور موكيش كابيلا ، حيث اجمل حديثه قائلا :
ان المعاناة فى دار فور قد زاد عن اى حد معقول وان هنالك سيولا من الدماء انهمرت ، ويجب الا نعطى اهل دار فور ” وعودا زائفة ” ، واما ان يكون المجتمع الدولى بقدر المسئولية التى تمكنها من محاسبة هولاء المجرمين واحقاق العدالة لاهل دار فور وبذلك يكون المجتمع الدولى قد قام بدوره الواجب او ترك الناس ليعملوا ما يليهم لحماية انفسهم او اخذ العدالة بطريقتهم سواء كان ذلك عن طريق الثورة الشعبية او المسلحة والتى تضمن ازاحة الحكام الحاليين ومحاكمتهم ، وقال انه شخصيا كمواطن بريطانى يسأل حكومته ويقول اذا كانت الحكومة البريطانية تسحب سفيرها من طهران فقط لموضوع التسليح النووى لايران ، فما كان من الاجدى سحب سفيرنا من الخرطوم والحفاظ على الحد الادنى من العلاقات كنوع من ممارسة الضغط السياسى على الحكومة السودانية ؟ واستشهد الدكتور كابيلا بالحكومة الامريكية والتى تعارض علانية باسقاط الحكومة الحالية ومع ذلك تحتفظ امريكا بالقائم بالاعمال بسفارتها فى الخرطوم .
سيف الدين آدم عبدالله
الامين الاعلامى لمكتب المملكة المتحدة وايرلندا
حركة \ جيش تحرير السودان
الجمعة 23 مارس 2012 م
www.slm-sudan.com
Email : [email protected]