عليكم بمعرفة مفهوم حرية الصحافة والإعلام ان كنتم لا تعرفون يا بلاطجة المؤتمر الوطني :
مما لا شك فيه أن الإعلام يعتبر السلطة الرابعة ضمن السلطات الدولية الثلاثة (القضائية والتشريعية والتنفيذية) ومن ثم يضاف السلطة الإعلامية , ويكتسب الإعلام أهمية قصوى كونه لسان يستنطق منظومة الفكر السياسي والثقافي والاقتصادي وأصبح المبدأ الأساسي الخاص بحرية الرأي وحرية التعبير والصحافة بديهية لا يتنازع عليها أحد وضمانها نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونصوص الدساتير المتتابعة والتي تؤكد على حق كل شخص في حرية الرأي والتعبير, ويشمل ذلك حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل , واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت , وهذه الحريات ظل يفتقدها الشعب السوداني على الدوام بل أصبح تكميم الأفواه أمراً طبيعياً في أوساط أجهزة النظام ومضى النظام أبعد من ذلك بانتهاكه المتواصل لهذه الحرية بسبب المضايقات المتكررة واعتقال وتعذيب وتهديد العديد من الصحافيين مما اجبر البعض للجوء إلى دول يتوفر فيها حرية العمل الصحفي والإعلامي ومنهم من ترك العمل الصحفي وأصبحوا يبحثون عن عمل بعيداً عن هذه المهنة التي أصبح العمل فيها بمثابة الجريمة , كما تواصل الدولة أيضاً تقييد الحريات بمصادرة الصحف وإهانة وإذلال الصحافيين كالقرار الذي صدر مؤخراً من وزير العدل محمد بشارة دوسة بإنشاء نيابة بولاية الجزيرة الذي يتعارض مع القرار الذي أصدره وزير العدل السابق عبدالباسط سبدرات في 11 فبراير 2010م كل هذا السلوك يتنافى تماماً مع المادة الخامسة من المبادئ الأساسية لحرية الصحافة والصحافيين من قانون 2005 الذي ينص على ألا يجوز حبس أو اعتقال الناشر الصحفي في المسائل المتعلقة بممارسة مهنته عدا الحالات التي يحددها القانون , علماً بأنه لا يوجد قضاء مستقل ونزيه في السودان حتى يستطيع تحديد مشكلة الصحفي والناشر ومعالجتها عبر القانون لأن جل الأحكام التي صدرت بحق الصحافيين بالسودان جميعها لم تكن عادلة مما جعل السودان يصنف في المرتبة رقم 170 حسب تقرير منظمة مراسلون بلا حدود للعام 2011 م علماُ بأن تفسير معنى حرية التعبير يختلف اختلافاً كبيراً عن التطبيق في دولة مثل السودان إذ تعتبر حرية الصحافة والإعلام هي حجر الزاوية في الديمقراطية ويحميها القانون , في حين تقيد هذه الحرية في بعض الأنظمة مثل نظام المؤتمر الوطني وفق ما تراه ملبياً لاحتياجاتهم , كما أنهم يصنفون الصحافيين الذين يحترمون هذه المهنة ويتعاملون بالمهنية الصحفية بأنهم أعداء للدولة كما ظل يصرح به قيادات المؤتمر الوطني , بل ذهب رئيس البرلمان السوداني لأبعد من ذلك بتهديده للصحافيين بأن لا تنقل أخبار المعارضة وإذا قام أي صحفي بذلك فإنه يعتبر خائن وعميل. لكن من البديهي جداً أن تخرج تصريحات من مثل هؤلاء الأقزام لأن نظامهم لا يحترم هذه السلطة الرابعة حتى في مؤسساتهم إشارة إلى الصراع الذي أدى للإطاحة بوزير الإعلام السابق عبدالله مسار مما يؤكد عدم التمييز بين سلطات الأجهزة التنفيذية والإعلامية لكن نريد أن نعرف حكومة البلاطجة إن مفهوم حرية الصحافة والإعلام يتجاوز الإطار الضيق الذي يتم حصرها فيه ، في الكثير من الأحيان ، لأن ممارسة هذه الحرية لا يمكن أن تتم بشكل جدي ، إلا إذا توفرت مجمل الشروط ، من ضمانات لحرية التعبير، واحترام للتعددية السياسية والثقافية والإيديولوجية ، وتوفير الحق في الحصول على المعلومات والمعطيات التي تهم المواطن حول سير الشأن العام ، والحق في الوصول إلى وسائل الإعلام السمعية والبصرية ، ومحاربة احتكار الصحافة والإعلام من طرف مجموعات سياسية ومالية نافدة . إن دور الصحافة والإعلام أساسي في تقوية البناء الديمقراطي عبر توفير فضاءات ، ذات مصداقية لممارسة الاختلاف ومقارعة الحجة بالحجة وإغناء النقاش السياسي بشكل جدي ومسؤول وتطوير حرية الفكر. وعلى هذا الأساس فإن مفهوم حرية الصحافة والإعلام لا يمكن حصرها في المقاربة القانونية فقط أو الاكتفاء بتسجيل الخروقات التي مورست للتضييق على الحرية أو قمعها . كذلك فإن المفهوم الشمولي لحرية الصحافة والإعلام يقتضي أن يكون الصحافيون قادرون على ممارسة عملهم ضمن قواعد وشروط تمكنهم من القيام بالبحث والتقصي في الوقائع والأخبار وإصدار تعليقات وتحليلات مبنية على معطيات موضوعية . كل هذه الشروط لا يمكنها أن تتم إلا في إطار مؤسسات تحترم العمل الصحافي المتحرر .
الطيب خميس
[email protected]