الجزء الاول : يأتي هذا المقال بعد 16 شهر على استقلال جنوب السودان و يتزامن مع زيارة السيد باقان اموم للخرطوم حرا كريما يمثل دولته لا عبد ذليلا تحت رحمة الاعراب , يأتيها اجنبيا مفاوضا بعد ان رفضوه اخا شريكا عزيزا , فالليلة ليست كالبارحة ,تبدلت المواقع و برزت الندية القائمة على اساس سيادة الاوطان , فلا اجد تعبيرا لحالتي غير ان انحنى رافعا قبعتي احتراما و تقديرا لهذا الشعب الباسل قاهر المستحيلات. ان الاعتذار و الاعتراف بالذنب قيمة اخلاقية و انسانية نبيلة, يجب ان تسود فى عالمنا المعاصر , فكثير من الاخطاء و الجرائم التي ارتكبت فى حق بعض الشعوب على مر العصور و الحقب لم يتم الاعتذار عنها بشكل مناسب , فالاعتذار طريقة للتصالح مع الذات , و مدخل الى المصالحة مع الاخر , تعجل بعملية التعافي و تجاوز الماضي المرير و لقد ضربت ايطاليا افضل مثال و بعد 77 عام على استعمارها لليبيا، اعتذرت ايطاليا رسميا و علنا للشعب الليبي و اقرت على تعويضه عن مآسي حقبة الاستعمار الإيطالي ، فقال رئيس الوزراء الإيطالي ” إنه اعتراف معنوي ومادي بمآسي الحقبة الاستعمارية التي ارتكبتها بلادنا في حق بلادكم. اما الإنكار يعنى قمة الوقاحة و عدم الاكتراث و اللامبالاة بمشعار الضحايا و حقهم فى الانصاف المعنوي, فمثلا انكار محرقة اليهود التى تعرف بالهولوكوست , الابادة الجماعية فى روندا , النخاسة و استرقاق البشر فى حقب سابقة او التقليل بانها لم تحدث فعلاً بالأسلوب أو الحجم الذي يتم الإشارة إليه حالياً , هذا الانكار يشكل جريمة اخلاقية و مادية فى حق شعوب تعرضت لاستهداف كادت ان تنقرض بأكملها , و بنفس القدر من السقوط تتساوى معها انكار جرائم بعينها ارتكبت فى السودان , فى حق الجنوب او دارفور , مازالت فئة كبيرة من السودانيين , تنظر الى ما حدث فى تلك المناطق بنظرية المؤامرة او التضخيم من قبل الأجنبي و بعضهم يفتخر انه كان من ضمن المشاركين فى ارتكابها و البعض الاخر ينفيها او يقلل من الاحصائيات , فأريد ان اشير فى هذا المقال ,الى الجرائم التي ارتكبت فى حق شعب جنوب السودان , و التى يجب علينا ان نعترف بها و نعتذر عن ما ارتكب باسمنا نحن الشعوب السودانية و نذكر انفسنا بهذه الجرائم حتى تكون عظة و عبرة, حتى نعرف ان الاستقلال لا يعنى ان تبدل سيدك ذو البشرة البيضاء بسيد ذو بشرة اكثر سمرة , و لكى نعرف ان الثورة لا تعنى انهيار الطاغية بل الثورة هى هدم لكل المفاهيم الاستعلائية التى غرسها العنصرين خلال خمسين عاماً من تاريخ السودان، بجانب اعادة بناء الدولة السودانية التى تستوعب كل الشعوب السودانية و تحقق المساواة على اساس المواطنة ,و تخلق مجتمع سوداني مصاب بعمى الالوان. فشعب جنوب السودان يستحق منا هذا الاعتذار فى التاسع من يوليو 2011 نال جنوب السودان استقلاله بعد حرب اهلية دامت لعقود قتل فيها قرابة الاثنين مليون شخص و نزح اكثر من اربعة مليون و توزع مئات الالاف من اللاجئين بين دول الجوار. و خلال الاربعين عام من الاحتراب و سفك الدماء وقعت عدة اتفاقيات سلام لكنها لم تفلح فى تحقيق المصالحة بين ابناء الوطن الواحد بسبب التكتيك المستمر الذي تنتهجه نخبة المركز لكسب الوقت وإستدامة قبضتها، من خلال نقضها للعهود والمواثيق وعدم تنفيذ الاتفاقيات , كانت اخر هذه الاتفاقيات اتفاقية نيفاشا خاتمة المطاف , فاصبح بسببها المليون ميل مربع دولتين مستقلتين , تربطهما قضايا شائكة و خلافات على الحدود والبترول و ابيى و غيرها، ولم يمضي هذا الإنفصال بسلام كما توقع و توهم البعض , فسرعان ما ادي الى اندلاع حرب جديدة كانت فى بداياتها حرب بالوكالة الى ان اصبحت مواجهة صريحة بين البلدين على منطقة هجليج الغنية بالنفط.
تاريخ متسلسل من حلقات جحيمية متواصلةاستوقفتني حادثة اولى دعاوى العنصرية التي و جهت لسيدنا بلال عندما قال صفوان بن أمية: الحمد لله الذي أذهب أبي قبل أن يرى هذا…… , فعرفت ان ما يحدث لنا فى السودان هو تراكم تاريخي لميراث عربي عميق الجزور , تمكنت الحكومات السودانية المتعاقبة من صياغته فى منظومة من المفاهيم و الافكار ,و هى خليط من الاسلام الدين حسب تفسيراتهم المخلوطة و العروبة كموروث ثقافي , قدموها فى شكل حضارة اسلامية لكنها عربية فى الاصل تسيطر على كل من يعتنق الاسلام بلغ هذا المشروع ذروته و اخر حلقاته فى عهد هذه الحكومات التي تجسدها الانقاذ , ا اعلنته من غير خجل على عكس سابقاتها , فالرعيل الاول الذى وضع حجر اساس هذه النظرية , انجز اكبر مهمة لهذا المشروع بتأسيس سودان عربي و حشره فى صالون الجامعة العربية ,من غير اى مراعاة للأغلبية غير العربية فى ارض السودان فجعلوا العربية اللغة الرسمية ، و بالسيطرة على السلطة و مفاصل الحكم منذ الاستقلال جرت الثروة فى ايديهم كما الطوفان تدفعها قوة هائلة من الفساد و المحسوبية , امتلكوا ثالوث السيطرة السلطة و المال و ثقافتهم المفروضة , انتجوا برنامج متكامل العناصر , مكنهم من اقصاء و تهميش الاخرين , انفردوا بكل شيء و صاروا معيار لقياس مدى تمدن و رجعية الشعوب السودانية , لكن لم تستكن هذه الشعوب و انتفضت ثائرة لتأخذ حقها التاريخي و ترد كرامتها المهدرة ، صدوهم بوحشية تتواضع امامها كل الجرائم التي ارتكبت على مر الإنسانية , و حينما فشلوا فى ايقافهم فصلوا الجنوب لعلهم يسيطروا على البقية المسلمة غير العربية , او ابادتهم كما يحدث فى دارفور و جبال النوبة , و الغريب فى الامر انهم لا ينكرون هذه المخططات بل اعلن رئيسهم جهرا بعد انفصال الجنوب قائلا لا مجال للدغمسة السودان عربي و مسلم 100% , بل تجسدت قمة عنصريته عندما قال ان الخادم يشرفها ان ….. جعلي لعله نسى ان الشرف الحق سطره اجدادنا الزنوج حيث ماتوا شامخين كما الاشجار فى شجاعة نادرة ادهشت حتى اعدائهم , سقوا ارضنا بدمائهم الطاهرة و لم يهربوا الى ارض النجاشى طلبا فى النجاة , و من غير خجل زيفوا التاريخ ليمجدوا الهاربين , فخلقوا من الجبناء ابطال و اساطير , مع تجاهل تاريخ الابطال السودانيون الحقيقيون امثال عبد اللطيف و الماظ و التعايشى و السحينى …..، فهذه هي سياستهم و اهدافهم ان يلغوا الاخرين او يمحوهم من على الوجود .
التناقض المنسجم (اشتهاء الجواري و احتقارهن)….!!!!!ابان هذه الحرب الاهلية صار جنوب السودان مسرح كبير للعمليات العسكرية , انتشر فيه الجنود و المجاهدين الشماليين يعيثون فسادا و تنكيلا بالمدنيين العزل , رافعين شعارات دينية تنادى بتحرير هذه الارض من عبادة الكجور و الديانات الأفريقية التقليدية , التى سادت بين السكان الاصلين للسودان او تحريرها من الكفار المسيحيين , كما يبرره تأويلهم للخطاب الاسلامى , جعلوا من الاختلاف فى طريقة عبادة الالة الواحد سبب لشن حرب شعواء ضد كل ما هو جنوبي ، استباحوا حرية الجنوبين و اذلوهم و أخذوا نسائهم سبايا و اطفالهم للرعي و خدمة الاسياد فى الزراعة و المنازل, خاصة فى مناطق الشريط الحدودي بين الشمال و الجنوب , و بعد ضغط الدوائر الدولية , اسسوا لجنة للقضاء على اختطاف النساء و الاطفال (سيواك) , كلمة اختطاف هى اسم الدلع لكمة رق , بها اعادوا الى الاذهان ممارسات عبد الله ابن سلول سيد الجواري و الزبير باشا المجرم ، صار الجنود الشمالين فى جبهات القتال يستغلون الفتيات الجنوبيات القصر باتخاذهن خليلات , يرضون شهواتهم و نزواتهم الجنسية , من غير أي مشاعر و عاطفة، علاقات تنعدم فيها المساواة الادمية بين الشريكين , فما من جندي او ضابط الا و له خليلة يتركها كما الزبالة عندما تحين مواعيد تبديله، يعتدوا اكثر من ثم يعودوا الى الشمال تاركين ابناء , بعضهم رأوا النور و بعضهم مازالوا فى احشاء امهاتهم الحائرات ,الى ان يحل محلهم مستغلين و مغتصبين شمالين اخرين, تأتى بهم اجراءات التبديل الروتيني , لم تطارد وصمة العار هؤلاء الاطفال الملونين على غير السحنات و التقاسيم الجنوبية , هذا عكس ما يحدث فى الشمال المسلم العربي , عندما تحمل بنتهم سفاحا تقتل جنينها او تلقى به فى النفايات , خوفا من العار و حفاظا على شرف الاسرة و عرضها!!! اى شرف يختزل قيمة المرأة فى اعضاءها التناسلية , انه نفس الوعى الجاهلي الذى برر دفنهن حيات , فأعادوا انتاجه , ستظل دار المايقوما للأطفال مجهولي الابوين شاهد يذكرهم بان العار ليس قضاء الحاجات الانسانية و انما العار قتل الانسانية , و حتى احد كبار سادتهم مارس علاقاته الحميمة مع احدى (الخادمات)…عذرا… الجنوبيات من غير ان يعطيها لقبه , بل طالبها بكتمان الامر مراعاة لمشاعر السيدة الاولى و موقعه كراس دولة و امير المؤمنين مطبق شريعة قوانين سبتمبر المخلة و مازالت دعوى السيدة روضة جوان فى اثبات زواجها من رئيس الجمهورية الاسبق نميري قيد مراحل التقاضي. نواصل
أندوشو مُصظفى Andowsho Mustafa andowsho@
gmail,com