عبدالرحمن الخضر .. قوة عين زائدة ام افلاس النظام؟/ابراهيم سليمان
صوت من الهامش
لا نظن أن هنالك مواطن سوداني، يرغب في اجترار ملابسات فساد مكتب والي الخرطوم السابق، الخاصة بالأراضي، لنتانة رائحته، تلك التجاوزات المهولة، التي اقتضت إصدار فتوى التحلل من قبل فقهاء السلطان، واستلزمت “اغتيال” احد الضالعين في القضية جهاراً نهاراً في شوارع الخرطوم، ولا نشك في عدم وجود من لديه استعداد للسماع مجددا قصة “بصات” الوالي المأساوية، هاتين القضيتين اللتين ظلتا تشغلان الرأي العام، كلاهما ارتبطت بتلابيب الطبيب البيطري عبد الرحمن الخضر، كنا نظن، أن الرجل إن شُنق في عمود عام، لم يشفِ غليل المواطن، ولو كانت لدية ذرة من حياء، لتوارى خجلاً من نفسه، عن اعين الناس، ألا أننا تفاجأنا بأنه تولى منصب تنظيمي رفيع بالتنظيم الفاسد (رئيساً للقطاع السياسي)، منذ مارس الماضي، وطفق بكل قوة عين يتصدر الندوات، ويصرِّح للصحافة، ويبشّر المواطن بخير كثير قادم من لدن حزبه في مقبل الأيام!!
هذا القيادي الفاسد، اصبح رمزاً للتنفيذي “السبهلل”، والمسئول خالي الذهن، الذي لا يدري ما يدور في استقبال مكبته، ناهيك عن نطاق دائرة اختصاصه الضيقة، فقد حاول التبرؤ من صغار الموظفين الفاسدين في مكتبه، بالتبليغ عنهم، لينجو بنفسه، ليبرهن على انه ليس برجل دولة، وليس على قدر المسئولية، زاد تصرفه التمويهي والتبريري هذا، من اشفاق الناس عليه، والتندر بحزبه الفاسد.
لكن اللوم يقع اولاً على حزب المؤتمر الوطني، وعلى نافع على ناقع، الذي اتى به في عهد التمكين المشين، من صيدليته البيطرية في الأبيض، لينتهي به المطاف التنفيذي عمدة بأطيان على الخرطوم بجلالة قدرها، دون إلمام منه بأسس علم الإدارة، او أبجديات بالخدمة المدنية. وقد شهد الخضر على نفسه بعدم الدراية السياسية، في حوار له مع صحيفة الصيحة بعد مغادرته منصب الوالي حيث قال عندما سئل عن استبداله السياسة بالطب: ” قطعا لم يحدث ذلك خاصة وإني لم اطلب السياسة والعمل فيها جاء فقط من خلال عضويتي الفاعلة التي اظنها في الحركة الإسلامية ولم اطلب الدخول في العمل العام فقد كنت في قمة النجاح في العمل التجاري، ولكن قبلت من بعدها باعتبار الأمر تحديا خاصة وانه كان لدينا مشروع جديد في السودان يستوجب نصرته ومساعدته ولهذا قبلت بالدخول في العمل العام حتى انتهى بي المطاف إلى ولاية الخرطوم.”
“بصات” متهالكة، استوردتها ولاية الخرطوم في عهده، بمبالغ طائلة من دبي، تم سحب بعضها وهي مقطورة من حظيرة الجمارك، ليتم تمليكها بعد فترة وجيزة لمواطنين بطرق غير سليمة، وفساد الاراضي بمكتبه قدرت قيمتها ب 900 مليار جنيه، افادت نيابة الثراء الحرام فيما بعد أنها اخلت سبيل المتهمين بعد “تحللهم” من المبلغ، واستعادت منهم حوالى 18 مليار جنيه فقط. فشلت اللجنة المختصة بالقضية في إثبات التزوير في توقيع الوالي، مما يزيد من شُبهة ضلوعه شخصياً في هذه التجاوزات، سيما وأنّ المتهم الرئيس في هذه الفضيحة، ضابط صغير بالشرطة، وشاب لم يتجاوز الخامس والعشرين من عمره، وهو امر يطرح تساؤل مشروع، كيف اُسند اليه مثل هذه المهام الكبيرة، ليتمكن من العبث والتصرف ببيع أراضي الدولة بمليارات الجنيهات! مع افتراض وجود خبرات متخصصة في مجال التخطيط العمراني، ضمن طاقم مكتب الوالي.
صرّح هذا الخضر يونيو 2014م لشباب الخرطوم العاطل عن العمل قائلاً “أي زول ما لاقي شغلة يجيني أنا مباشرة” واتضح فيما بعد أنه كان يمزح، ولا يعني ما يقول، زاعما أن وسائل الإعلام أخرجت تصريحه من سياقه!!
وقع البيطري عبد الرحمن الخضر في ابريل الماضي في خطأ مشين، ليس مستبعدا بسوء نية، زاعماً انه منح قطعة أرض استثمارية بإعفاءات، لسكرتير عام الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، رغم انه اعتذر فيما بعد حملة من التشهير به، مبرراً أنه وقع في خلط بين الأسماء، وهو اكبر دليل على انه مشوش ذهنياً ولا يستطيع التركيز. يضاف إلى ما سبق، مما يعزز هذه الصفات السالبة للبيطري الخضر، تصريحه الموثق بعد محاصرته بخصوص فضيحة مكتبه المدوّية قائلا “ناس مكتبي غشوني وخانوا ثقتي فيهم”. بالطبع الشينة منكورة، لكن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا من سياسي فاشل، او اداري خائب او تنفيذي ضعيف.
لا ندري كيف تلقى والي الخرطوم السابق، تصريح خلفه عبد الرحيم حسين، حين قال ” الحتات كلها باعوها”؟ هو شخصيا المعنى بالإجابة على من الذي باع؟ ولماذا بيعت؟ ولمن باع؟
وعلى ذمة المحلل الاقتصادي عصام عبدالوهاب بوب، فقد بلغت قيمة الاراضي المرهونة بولاية الخرطوم لرجال أعمال وبنوك تبلغ 900 مليار جنيه، ويقول ان رهن اراضي الدولة جريمة يعاقب عليها القانون بالإعدام.
أما سلفه الوالي الاسبق عبد الحليم المتعافي، فقد صرّح في افادات متلفزة بقناة النيل الأزق، حين سُئل عن الصعوبات التي واجهته اثناء توليه منصب والي الخرطوم، قال فيما معناه هنالك ضغوطات من نافذين للاستيلاء والسيطرة على الموارد، وان خلفه الخضر لجأ إلى الحل الساهل، وترك لهم ما يريدون، وهي شهادة على ان الخضر والي ضعيف “لا يهش ولا ينش”.
هذا هو البيطري عبد الرحمن الخضر، الوالي الفاشل والفاسد السابق، رئيس القطاع السياسي الحالي بالمؤتمر الوطني بإيجاز!!
ورغم كل هذا الفشل والإخفاق المريع، يأتي مستشار “ارزقجي” ومقاول اعلامي، يحاول الذود عنه بالباطل، قائلاً أنه “يتمتع بملكات القيادة ومهارات إدارة الموارد البشرية والمادية، فضلا عن مقبوليته السياسية والاجتماعية” ويزيد “ولعل في هذه الصفات الأخيرات ما يجعل من اختيار الرجل لتولي موقع الأمين السياسي لحزبه أكثر الخيارات توفيقاً من بين مقررات مكتبه القيادي.”
ماذا يعرف المستشار عبد العزيز البطل عن أبنه احمد وصهره محمد الكامل؟ وفيما يتاجرا، وما علاقتيهما باغتيال غسان بابكر؟ رغم ان الضحية لا بواكي عليه، مهما حاول عبد الرحمن الخضر التنصل، سيظل في نظر الشعب هو المسئول عن دم المتهم ملازم غسان بابكر، سيما وانه قد بلّغ عن تهديدات جدية موثقة تلقتها من اقرباءه قبل تصفيته.
ولا ندري عن أية ملكات ومهارات للبيطري الخضر يتحدث عنها هذا المستشار الضلالي؟ واين يلتقي الفاسد الضعيف بالمقبولية الاجتماعية غير النادي الكاثوليكي؟
ليت الخضر التزم الصمت وانزوى، همد فقط لبعض الوقت، قبل ان ينفض الغبار عن صولجان السطلة، ويطِّل علينا مجددا وكأن شيئا لم يحصل، ليبرهن للشعب أن عينه قوية، ولن تنكسر ابداً، وأن قيادات المؤتمر الوطني، انعدم بينهم الصلاح، وأنّ الأفسد هو الأصلح للحكم، وأنّ الأضعف هو الاحب واجّل.
للإطلاع على المقالات السابقة:
http://suitminelhamish.blogspot.co.uk