حسن اسحق
المساس بالاديان السماوية ،والاديان الاخري مرفوض ،باي حجج او مبررات من البشر ،الاساءة الي الرموز الدينية والانبياء ،والكتب السماوية غبر مقبول ،يجد الادانة والاستنكار من الجميع ،ان مواثيق حقوق الانسان العالمية تكفل للفرد حرية التعبد والاقتناع ،ولا تقبل لاي كائن او فرد كان ان يدعي ان ديانته لها الافضلية ،وياتي هذا في سياق الاعتراف المتبادل والحقوق المتساوية المتعارف عليها عالميا .
ان الفيلم الاخير الذي قيل انه اساء الي نبي المسلمين رفضه وشجبه الجميع ،وحتي بابا الفاتيكان في زيارته الاخيرة الي لبنان ،طالب من الكل نبذ تحقير الاديان ،والتقليل من شأنها ،والولايات المتحدة الامريكية اكدت ادانتها لذلك ايضا.ان من نتائج هذا الفيلم ،الجماهير اصطفت لتأكيد رايها ،ان ماقام به منتجو الفيلم يسئ الي نبيهم ،وهذا حق مكفول ،تعطيهم لهم حقوقهم الدستورية والقانونية في التجمع السلمي ،والتظاهر لارسال رسائل عن قضية معينة
،برز من حق التظاهر هذا ،سلوك همجي وبربري ،يؤكد دوما ان العقلية في العالم العربي الاسلامي عقلية تتسم بالهمجية ،وعدم النضج الفكري والوعي ،وان مقتل السفير الامريكي في بنغازي ،وبعض افراد سفارته ،مهما كانت المبررات والمسوقات ،لا يشكل نصرة للمسلمين ونبيهم ،انما يعكس مدي التردي والتخلف في هذه المجتمعات ،وحرق السفارات في مصر والسودان وليبيا ،وبعض الدول الاسلامية العربية ،من المستحيل ان يضيف شيئا جديدة لهذه الشعوب التي يكافح انسانها للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ،وحق المرأة في التساوي مع الرجل علي مستوي الحقوق والواجبات في الدول التي يتسلط عليها المستبدون ويحاصرها رجال الدين والسلفيون الانتهازيون .
ان توجيه الاساءة والاهانة الي كل المقدسات عمل منبوذ ،ومكروه ،لكن هذه الشعوب التي خرجت للتعبير عن رأيها في هذه الحادثة ،وسمحت لها حكوماتها غير الديمقراطية المستبدة ،لو قررت ان تخرج لعكس ارائها عن حال حكوماتها ،ستتصدي لها قوات الامن والشرطة ،ويطلق عليها الغاز المسيل للدموع ،وتضرب بالهراوات ،كل هذه الحكومات لا تحترم الاديان في دولها ،الاقباط في مصر كنائسهم تحرق والسلطات تسمع وتري الجماعات التي تدعو للعنف ضد الغير ،،والمؤتمر الوطني هذا الحزب المتثعلب ،ان داره الحالي في مدينه الخرطوم ،كان في السابق دار عبادة لاحد الطوائف المسيحية في البلاد ،صادره وحوله الي دار حزب له ،اما اذا صودر جامع للمسلمين في اي بقعة من العالم ،يخرج ،ويكرروا عباراتهم المألوفة ان الدين مستهدف من قبل الكفرة والصهاينة والغرب ،والغريب في الامر ،ان كل الجماعات الدينية التي ضيق عليها الخناق في بلدانها ،تذهب الي الغرب الاوروبي ،وتتمتع بكل الحريات هناك ،تبني مساجدها ،وتدعو الاوروبيون للدخول في الدين واعتناقه ،واما اذا حاول الاخر من اصحاب الاديان الاخري ،ان يدعو وينشر دينه ،لتجد العجب العجاب ،وتخرج الجماعات السلفية من اوكارها ،وتطالب بطرد اي فرد يدعو المسلمين لذلك ،من الشواهد علي هذا ،بعض المنظمات طردت من اقليم دارفور ،والحجج والادعاءات المساقة ،ان العاملين في هذه المنظمات يوزعون الاناجيل داخل معسكرات النازحين ،ويدعونهم لاعتناق المسيحية ،ومايروج له السلف ،ضوء اخضر يأتيهم من السلطات ،وهذه الجماعات القذرة التي تعمل في الاسواق ،والطرقات وكل مكان تسمح لها الحكومة ،ان المؤتمر الوطني في السودان يسمح لكل الجماعات الدينية كانصار السنة والهجرة والتكفير وحزب التحرير وحاملي مشروع الدولة الدينية الخالصة ان يروجوا لمشروعهم الرافض للاخر من الاديان الاخري ،وايضا من داخل الدين نفسه كالذين يؤمنون بمشروع الدولة المدنية ،وهذا الترويج في النهاية يخدم الحزب الحاكم في البلاد .
ان خروج هذه الجماعات يوم الجمعة الماضية ،للتظاهر وحرق بعض السفارات الغربية في الخرطوم ،ليس من الغريب ان تغيب عنه واجهزته الامنية هذا المخطط ،وبعض الصور المنشورة في المواقع العالمية تظهر ان رجال الشرطة كانوا يقفون ويشاهدون المتظاهرين يرشقون السفارات بالحجارة ويلقون بعلب المالاتوف ،وهي من حرضتهم علي القيام بمثل هذا التظاهر والخراب ،وتريد ان تقول للولايات المتحدة وحلفاءها ان السودان به جماعات دينية متطرفة ،لكن هي من تحتضنهم وتأويهم لتنفيذ اهدافها ،وايضا ان الاعلان ان هذا الخروج نشر علي المواقع الالكترونية منذ يومي الاربعاء والخميس الماضيين ،والدليل علي مانريد ان نبينه والجميع يعلم به،اذا اراد الشباب السوداني الساعي الي اسقاط النظام الخروج لمسيرة سلمية ،واعلنها علي المواقع الاسفيرية ،ان يوم كذا ستكون التظاهرة ،وفي ميدان كذا ،وعندما يقرر اي فرد الذهاب الي المكان المحدد للمشاركة في التظاهرة ،ستجد قوات الامن والشرطة والقوات الخفية تحاصر المكان ،وتراقب كل فرد يتحرك اليه ،وغالبا مايتم تعديل مسار سير السيارات داخل العاصمة ،مانريد ان نشير اليه ان هذه الكائنات الدينية التي خرجت واحرقت السفارة الالمانية دعمتها وسندتها الحكومة ،ومن قتلوا جراء الدهس الشرطي ،ضحت بهم ،وهم في رأيها كبش فداء ،لتقول انها تقوم بواجبها تجاه السفارات ،لو كان قولها فعلا صحيح لامنت السفارة الالمانية ،كما تأمن الميادين والجامعات في الخرطوم عندما تسمع بهمس خروج لاسقاطها ،ان عبدالله يوسف ومحمد عبدالكريم والطيب مصطفي ورجال متاجرون ومستثمرون في الدين ،يرتدون عباءة الدين ويخدمون مصالحهم وينفذون في الوقت نفسه رغبات الحكومة الباطشة والقاتلة لشعوبها باسم السماء والاله ،ويخرجون ليلا كالخفافيش لخوفهم من نور الحقيقة ،واين رجال الدين هؤلاء اثناء موت الاطفال في الحروب ،لماذا لم يخرجوا ويقولوا للحكومة ان الدين يحرم القتل واغتصاب النساء ومنع الاطفال من الدواء والاطفال الرضع من احتياجاتهم الخاصة ،واين عبدالحي يوسف ومحمد عبدالكريم والطيب مصطفي الخائف علي مصالحه ومصالح زمرته العنصرية المندسة في النظام ،كلهم كانوا في غياب تمام عن الوعي الانساني والكرامة البشرية ،انهم بحق خفافيش الظلام .
حسن اسحق
صحفي
[email protected]