شمال السودان يواصل غاراته الجوية على حقول نفط في الجنوب
الخرطوم – النور أحمد النور
أعلنت الرئاسة السودانية التعبئة العامة وعلقت زيارة الرئيس عمر البشير إلى جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان التي كانت مقررة في الثالث من نيسان (أبريل) المقبل، وأوقفت أي محادثات بين الدولتين بعد هجوم جيش الجنوب على منطقة هجيلج النفطية في ولاية جنوب كردفان المتاخمة للجنوب، وأكدت وقف زحف الجيش الجنوبي وتكبيده خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
وكان مسؤول في جنوب السودان اتهم مقاتلات تابعة للجيش السوداني بقصف حقول نفط رئيسية في ولاية الوحدة في جنوب السودان لليوم الثاني على التوالي في الوقت الذي تصاعد فيه العنف بين البلدين.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى وضع حد للمواجهات بين البلدين، فيما دعت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة اللاجئين السودانيين البالغ عددهم نحو 16 ألفاً في محيط مخيم ييدا في جنوب السودان إلى مغادرة المكان بسبب المواجهات الأخيرة في المنطقة.
وقرر البشير تشكيل لجنة عليا للتعبئة والاستنفار برئاسة نائبه الأول علي عثمان طه ووزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين، وأمر اللجنة بوضع الترتيبات اللازمة لنفرة «الردع الكبرى وتهيئة المعسكرات لإعداد المجاهدين».
وقال نائب الرئيس السوداني الحاج آدم يوسف، في حديث بثه التلفزيون السوداني: «لا حديث عن زيارة أو اتفاقيات أو تفاوض مع جوبا إلى حين انجلاء الموقف الأمني في منطقة هجليج». وأضاف: «إذا كانت قواتنا المسلحة في الميدان تقاتل الآن فلن نتحدث عن تفاوض إلى أن ينجلي الموقف، وإذا اضطررنا للحرب فيجب أن نرد الصاع صاعين». وأعلن تعليق زيارة البشير إلى جوبا عاصمة الجنوب وأكد أن تداعيات الهجوم لا تسمح بإتمامها في الموعد المحدد، واتهم الجنوب بالتخطيط للسيطرة على هجليج منذ وقت مبكر ومنع السودان من آبار النفط .
وأشار إلى أن رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت قال في وقت سابق أن هجليج جزء من جنوب السودان، مؤكداً أن «الاعتداء على أي أرض سودانية سيقابل بالردع».
ورهن يوسف الحديث عن تفاوض مع الجنوب بانجلاء الموقف وحسم القوات المسلحة اعتداء الجيش الجنوبي، ورأى أن سلفاكير غير قادر على طرد الحركات المتمردة المناوئة للخرطوم من جنوب السودان. وطالب دولة الجنوب بالالتفات لتنمية أراضيها بدلاً من الدخول في صراعات مع السودان، مؤكداً أن اعتداء جيش دولة جنوب السودان على هجليج يؤكد عدم وجود إرادة سياسية جادة لدولة الجنوب للعيش في سلام مع السودان.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد في بيان جديد أمس أن القوات السودانية صدت الهجوم على الهجليج، موضحاً أن «المعتدين استخدموا كل أنواع الخديعة والغدر واستخدام السلام كمطية»، في إشارة منه إلى زيارة الأمين العام للحزب الحاكم في الجنوب باقان أمون إلى الخرطوم ولقائه البشير واتفاقهما على التهدئة الأمنية والإعلامية. وأوضح الناطق العسكري أن الجيش الجنوبي دخل الأراضي السودانية صباح أمس.
وأضاف سعد أن القوات السودانية انسحبت من موقع «الشهيد الفاضل» والذي يبعد عن الحدود الدولية مسافة عشرة كيلومترات في عمق الأراضي السودانية، وبعدها تدخلت قوات تابعة إلى «حركة العدل والمساواة» المتمردة وكانت موجودة مع القوات الجنوبية وشاركت في المعارك.
وأكد سعد دحر الهجوم الجنوبي ووقف زحف قواتهم ونتج من ذلك «قتل أعداد كبيرة غالبيتهم من ضباط وجنود الجيش الجنوبي وتدمير دبابتين من طراز تي 55 وست سيارات مسلحة بمدافع دوشكا ومدفع رباعي وراجمة صواريخ». ونفي سعد في تصريح لـ «الحياة» اتهام المتحدث باسم الجيش الجنوبي فيليب أغوير بقصف الطيران العسكري السوداني حقول النفط في ولاية الوحدة الجنوبية صباح أمس وقال إن الجيش الجنوبي قصف بالمدافع منطقة اشوين الحدودية التي تقع على جانبيها حقول نفط شمالية وجنوبية، ورد عليه الجيش السوداني، مؤكداً أن قواته تبسط سيطرتها على منطقة هجليج وحقول النفط في شكل كامل ولا توجد أي قوات جنوبية في المنطقة التي تبعد 70 كيلومتراً من الحدود الجنوبية.
وقال فيليب أغوير في مؤتمر صحافي في جوبا أن القوات الجنوبية لن تخرج من منطقة هجليج حتى يكتمل ترسيم الحدود بين الدولتين. واتهم الجيش السوداني بقصف حقول نفط جنوبية في ولاية الوحدة.
وكان رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت أقر بدخول قواته منطقة هجليج، واتهم مجموعات شمالية قال إنها تسعى إلى نسف زيارة الرئيس السوداني المرتقبة إلى جوبا بالمبادرة إلى تنفيذ الهجوم على قواته في منطقتي الجاو ومناكير في ولاية الوحدة الجنوبية، مشيراً إلى أن قواته تصدت للهجوم وطاردتهم، وأوضح أن قوات جنوب السودان اجتازت الحدود مع الشمال وسيطرت بشكل كامل على حقل نفط اهليلج الذي يطالب به الطرفان. وكان جدعون غاتبان وزير الإعلام في ولاية الوحدة في جنوب السودان المحاذية للحدود مع شمال السودان أعلن (أ ف ب) أن مقاتلات تابعة للجيش السوداني قصفت الثلثاء ولليوم الثاني على التوالي حقولاً نفطية في الولاية، وذلك غداة معارك برية بين قوات الخرطوم وجوبا.
وقال غاتبان: «هذا الصباح (الثلثاء) سمعنا عودة (مقاتلات) انطونوف وألقت قنبلتين. نعتقد أن هذه الضربات الجوية تستهدف حقولاً نفطية». وأوضح أنه يعتقد أن القنابل التي سقطت على بعد حوالى 35 كلم عن بنتيو عاصمة الولاية، لم تسفر عن ضحايا ولم تسبب أضراراً للبنى التحتية النفطية.
وأكدت «شركة النيل الكبرى» لعمليات البترول وهي كونسورتيوم تقوده شركة النفط الصينية «سي أن بي سي» تعمل في الولاية القصف. ونقلت «رويترز» عن قال تشوم جواج نائب رئيس الشركة إن «الطائرات الحربية تحلق في كل مكان، سقطت قنبلة بالقرب من المعسكر الرئيسي في ولاية الوحدة. لكن حتى الآن ليس لدينا معلومات عن الأماكن الأخرى».
وأضاف: «قصفوا حقل النفط لكننا حتى الآن ننتظر التقرير من الحقل ليبلغنا ما إذا كان تضرر».
ونقلت وكالة الأنباء السودانية (سونا) عن وزير الإعلام عبد الله علي مسار قوله إن تصريحات سلفاكير التي أعلن فيها استيلاء قواته على مجمع اهليلج النفطي «تعكس منتهى الحقد إزاء السودان وشعبه وقواته المسلحة».
وقال الوزير السوداني إن جنوب السودان انتهج «الخداع والتضليل» عندما وقع على اتفاقات إثيوبيا، وأرسل وفداً الأسبوع الماضي إلى الخرطوم لدعوة البشير إلى القمة في جوبا.
وفي واشنطن، دعا بان كي مون الاثنين البلدين إلى وضع حد للمواجهات تفادياً لنشوب حرب بينهما. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي إن «الأمين العام قلق جداً من المواجهات العسكرية في منطقة حدودية (بين البلدين) ويدعو حكومتي السودان وجنوب السودان إلى احترام وتطبيق الاتفاقات الموقعة حول الأمن ومراقبة الحدود وابيي» المتنازع عليها. وأضاف: «يتوجب على الطرفين أن يستعملوا كل الآليات السياسية والأمنية القائمة لحل خلافاتهم سلمياً».
وأشاد بان كي مون بـ «روح التعاون التي أظهرتها مؤخراً» الحكومتان اللتان وقعتا سلسلة اتفاقات لتخطي خلافاتهما. ودعا قادة البلدين إلى «اللقاء كما كان مقرراً في الثالث من نيسان (أبريل)».
إلى ذلك، دعت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة اللاجئين السودانيين البالغ عددهم نحو 16 ألفاً في محيط مخيم ييدا في جنوب السودان إلى مغادرة المكان بسبب المواجهات الأخيرة في المنطقة. وحذرت ناطقة باسم المفوضية من أن «حياة اللاجئين في خطر ونطلب منهم مغادرة المكان». وأضافت: «نطلب منهم التحرك باتجاه مخيم آخر». وتابعت الناطقة أن مخاوف المفوضية «تزايدت بعد المعلومات التي تحدثت عن مواجهات جديدة بين القوات المسلحة السودانية وجنوب السودان في منطقة بحيرة جو ومناطق حدودية أخرى».
وتوزع مفوضية اللاجئين في منطقة ييدا في ولاية الوحدة في جنوب السودان مساعدات لحوالى 16 ألف لاجئ فروا من أعمال العنف في جبال النوبة جنوب كردفان في السودان.