سلفا كير يدعو الجنوبيين إلى «مسامحة» الشماليين عن الحروب التي خاضوها ضدهم
المعارضة السودانية تدعو إلى إسقاط النظام وإنهاء حكم الحزب الواحد
الخرطوم: فايز الشيخ جوبا (السودان) – لندن: «الشرق الأوسط»
دعا رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير أمس الجنوبيين إلى «مسامحة» الشماليين على الحروب التي خاضوها ضدهم، وذلك غداة انتهاء أعمال الاستفتاء حول حق تقرير مصير السودانيين الجنوبيين.
وقال كير في كلمة ألقاها في أعقاب قداس أقيم في كاتدرائية القديسة تريزا للكاثوليك في جوبا عاصمة جنوب السودان: «من أجل أشقائنا وشقيقاتنا الذين فقدناهم، خصوصا الذين رحلوا عنا خلال المعارك، ليباركهم الله وليعطهم الراحة الأبدية، أما نحن فعلينا، مثلما فعل السيد المسيح على الصليب، أن نغفر للذين تسببوا في قتلهم». وهي المرة الأولى التي يلقي فيها كير كلمة بعد انتهاء أعمال الاستفتاء مساء السبت، التي تواصلت من 9 إلى 15 يناير (كانون الثاني) الحالي. وكان كير وصل ظهرا إلى الكاتدرائية للمشاركة في قداس أمس حيث كان آلاف الأشخاص في انتظاره وسط أجواء من الفرح وأصوات فرق موسيقية كانت تعزف الأناشيد الوطنية.
من جهته، قال أسقف جوبا للكاثوليك باولينو لوكودو لورو خلال عظة الأحد في كاتدرائية القديسة تريزا: «نصلي من أجل أن يستجاب لدعاء السودان». وجابت شوارع جوبا شاحنات مجهزة بمكبرات صوت كانت تدعو السكان إلى المشاركة في تجمع حاشد مساء في أرض خلاء قرب وسط العاصمة الجنوبية.
إلى ذلك، اعتبرت الأحزاب السودانية المعارضة أمس أن الأزمة الحالية القائمة في السودان لن تحل «إلا بسقوط النظام وانتهاء حكم الحزب الواحد»، في إشارة إلى حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني عمر حسن البشير.
وقال فاروق أبو عيسى المتحدث باسم أحزاب المعارضة السودانية المتجمعة في إطار ما يعرف بـ«قوى الإجماع الوطني»! في مؤتمر صحافي عقده في الخرطوم، إن «الأزمة الحالية لن تحل إلا بسقوط النظام وإنهاء الشمولية وانتهاء حكم الحزب الواحد». وأضاف أن اجتماعا سيعقد «خلال الأيام المقبلة لرؤساء الأحزاب المعارضة لتحديد كيفية الإطاحة بالنظام» السوداني برئاسة البشير.
كما وزعت أحزاب المعارضة بيانا على الصحافيين دعت فيه «جماهير شعبنا في كل أنحاء السودان إلى مقاومة الزيادات في أسعار السلع والمطالبة بإلغائها، ودعم السلع الأساسية من موارد الدولة المهدرة في الإنفاق الحكومي على أجهزة الأمن والدفاع والشرطة».
كما رحبت أحزاب المعارضة بتنحي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عن السلطة تحت ضغط الشارع، وقالت إن «ثورة عظيمة هبت علينا.. نحن في السودان معكم بالتهاني والتأييد تأكيدا بأن الثورات والهبات الشعبية لا تعرف الحدود وستتجاوز كل السدود والمتاريس لاستعادة حقها في الحرية والديمقراطية».
واعتبرت قوى الإجماع الوطني التي تضم حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، والحزب الشيوعي السوداني، وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، والحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال، إضافة إلى أحزاب يسارية صغيرة، في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، انهيار الاقتصاد وتحميل المواطنين نتائجه يعود إلى طبيعة السلطة الاستبدادية وإهدارها موارد البلاد على أجهزتها الأمنية والإدارية المتضخمة، وأبانت أن قطاع الأمن والدفاع والشرطة والقطاع السيادي يستوليان على أكثر من 78% من إجمالي الأجور حسب الإنفاق المعلن، ورأت أن الإنفاق غير المعلن أكبر بكثير. وعزت قوى الإجماع خفض قيمة الجنيه السوداني إلى ما وصفته بالصرف الباذخ على الشريحة الحاكمة وأعوانها ولاستيراد السلع الترفيهية والبذخية وإجراءات بنك السودان الأخيرة واستشراء الفساد في أروقة الدولة ونهب الموارد بأشكاله المختلفة.
واعتبر البيان أن السلطة لا تدعم المواد النفطية وإنما تجني أرباحا طائلة من ورائها. ودعا البيان جماهير الشعب السوداني إلى مقاومة الزيادات والمطالبة بإلغائها ودعم السلع الأساسية، وأوضح أن الحد الأدنى للأجور لا يغطي إلا 7.3% من تكاليف المعيشة.
إلى ذلك، حمل مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع ونائبه بالحزب الحاكم بشدة على المعارضة واتهمها بالضعف، وقال: «سنعمل على تقييد حركة المعارضة، إنها ترسل رسالة خاصة للبعض الذين يودون أن يقتاتوا على الفتن، والذين يحلمون بأن يبلغوا مرامهم»، التي أشار إلى أن أهل السودان حرموهم من الوصول إليها عبر الانتخابات، وتابع: «إنها فئة لا تملك غير أن تصك الآذان بالعويل والصراخ حول الوضع المتأزم وضرورة ذهاب الحكومة وإجماع الأمر على ذهابها». وأضاف نافع: «نقول لهم إنكم تبنون أحلامكم على وهم أن يشتجر أهل السودان، وأن يتحاربوا وأن تعم الفتنة التي لا تملكون الجرأة ولا تملكون العدد لإشعالها»، وأكد أن أهل السودان السمح سيبطلون هذه الأحلام. وتابع نافع: «نقول لهم إن السلام أفضل وإن الحوار أفضل والعمل على سطح الأرض أفضل من تحتها، ونقول لهم إن أردتم غير ذلك فلن تحصدوا إلا الهشيم والحسرة، ولن تحصدوا إلا أن تفقدوا ما أنتم متمتعون به الآن من الحرية والحركة والاحترام بين الناس»، وأكد أن «السماحة والحلم في التعامل لا تعني الاستهانة والخوف».