شكر صاحب السمو الأمير على دعوته وحسن الضيافة وأعرب عن أمله بمساعدة الكويت لإنشاء سفارة لبلاده
رئيس جنوب السودان سيلفا كير لـ «الأنباء»: نسير بالاتجاه الصحيح وبلدنا آمن وحافل بالفرص للمستثمرين
مصر عملاق أفريقي ولا يمكن إلا أن نكون أصدقاء معها ولسنا طرفاً في الخلاف بينها وبين إثيوبيا حول النيل والذي نتوقع أنيحل ودّياً
شمال السودان لم ينظر لنا يوماً على أننا عرب ولذلك انفصلنا وإذا طلبت الجامعة العربية انضمامنا فسنطرح الموضوع على مجتمعنا فلست أنا من يقرر
أجرى الحوار: محمد بسام الحسيني
أكد رئيس جمهورية جنوب السودان سيلفا كير ميارديت أن بلاده تسير في الاتجاه الصحيح داعيا المستثمرين من مختلف دول العالم وخاصة دول الخليج والكويت الى استغلال الفرص المتاحة فيها مستذكرا العلاقات التاريخية بين البلدين وما يكنه أهل جنوب السودان من تقدير لدولة الكويت التي كانت أول دولة عربية تمد يد المساعدة لبلاده.
وأكد الرئيس سيلفا كير في حوار خاص مع «الأنباء» على هامش مشاركته في القمة العربية ـ الافريقية الثالثة، أن بلاده منذ استقلالها اعتمدت مبدأ وهو الصداقة مع الجميع وكل الدول العربية، الى أن يقول أحدهم «أنتم لستم أصدقاءنا»!
وتحدث عن الاجتماع القصير الذي جمعه على هامش القمة مع نظيره الشمالي عمر البشير، كاشفا انه تركز حول تحديد المنطقة منزوعة السلاح بين البلدين لوصول المراقبين اليها، لافتا الى أنه لا يمكن حل القضايا التي تلت استقلال الجنوب في يوم واحد.
وفيما يلي التفاصيل:
نبدأ الحديث بسؤالكم عن انطباعاتكم عن زيارتكم الى دولة الكويت ولقائكم مع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وأجواء القمة العربية ـ الافريقية الثالثة.
٭ جئت الى دولة الكويت بدعوة كريمة من صاحب السمو الأمير، حيث دعاني سموه شخصيا للحضور ووجدت في ذلك مناسبة لآتي وأنقل بعضا من اهتمامات وقضايا بلدي.
وحظيت باستقبال ممتاز بكل ترحاب مع الوفد المرافق ونحن ممتنون لذلك. كما تمكنت من عقد لقاء قصير مع صاحب السمو اول من أمس (الأربعاء) وأنا سعيد بالزيارة.
هل ناقشتم افتتاح سفارة لدولة الكويت في جوبا وإمكانية افتتاح سفارة لبلدكم هنا؟ وهل من جديد حول ذلك؟
٭ إن افتتاح سفارة كويتية في جوبا مهم ولكنه ليس الأولوية حاليا وما طلبته من صاحب السمو هو منحنا الفرصة لافتتاح سفارة لنا هنا وأن تساعدنا حكومة الكويت في ذلك، حيث لا نملك التسهيلات لذلك ولدفع الايجار والاحتياجات لذلك ولم يكن الرد سلبيا وإنما وعدت بجواب لاحق ونتمنى خيرا.
كيف تقيمون علاقات البلدين حاليا؟ وما رسالتكم الى الكويتيين الراغبين في الاستثمار في بلدكم؟ وهل الأوضاع مستتبة ومستقرة وآمنة للاستثمار؟
٭ أعتقد أننا في وضع جيد والاتجاه الصحيح. الكويت كانت من أولى الدول العربية التي دخلت الى جنوب السودان قبل أكثر من 40 عاما بعد الاتفاق الذي عقد في أديس أبابا عام 1972 عندما كان صاحب السمو الأمير آنذاك وزيرا للخارجية.
وكان سموه مشرفا على المشاريع التي اقيمت آنذاك ومنها مدرسة ومجمع لمبان سكنية للمعلمين ومسؤولي الدولة ومستشفى الصباح للأطفال الذي لايزال يعمل إلى اليوم، كل ذلك أنجز بين 1972-1975، ولقد زرتم جوبا كما ذكرتم لي وشاهدتم ذلك. إذن نحن لا نبدأ من الصفر وإنما من مستوى أوقفتنا عنده الحرب، ونأمل بأن هذه الزيارة ستثمر المزيد.
وبالنسبة الى القطاع الخاص، فقد التقيت نائب رئيس غرفة التجارة وأعطيت مسؤولي الغرفة كل الضمانات بأن التوجه الى جنوب السودان مضمون، ولهم الفرص الكاملة في الاستثمار بكل المجالات التي يختارونها وكامل الحرية في تحويل أرباحهم من دون اي مشاكل.
وهذا امر متاح لكل المستثمرين الراغبين ايضا.
هل لديكم الرغبة في الانضمام الى جامعة الدول العربية خاصة اننا سمعنا من الامين العام السابق للجامعة السيد عمرو موسى ان من حقكم الانضمام التلقائي بعد الانفصال ومن دون حاجة لأي اجراءات ولكن تردد انكم انتم المتريثون في ذلك؟
٭ لا أدري، مشكلتنا ليست فقط الانضمام للجامعة وإنما ان لم ينظر إلينا على اننا جزء من العالم العربي من قبل جمهورية السودان سابقا وهذه النقطة كانت اساسا من الاسباب الرئيسية لمشاكلنا مع الشمال، نحن سودانيون واردنا ان نبقى سودانيين، هم من مارسوا التمييز ضدنا، وقالوا اننا لسنا عربا ولذلك انفصلنا عنهم.
ولو ان هناك نية من الجامعة العربية لأن نكون عضوا بالجامعة وطلبوا الامر منا فلست انا من يقرر ويجب مناقشة الموضوع مع المجتمع في جمهورية جنوب السودان.
التقيت الرئيس عمر البشير على هامش القمة في اجتماع قصير، نتمنى ان تبلغنا بما دار بينكم وعن مستقبل العلاقات بين البلدين وأين وصلت الامور؟
٭ تحدثنا عن الحفاظ على افضل العلاقات، كما تعلمون لم نكمل بعد الامور والقضايا العالقة في مرحلة ما بعد استقلال جنوب السودان وهي لا يمكن ان تحل بطبيعة الحال في يوم واحد.
عندما اجتمعنا اليوم ناقشنا كيفية الاتفاق على الخط الوسط او الخط الامني والمنطقة منزوعة السلاح، على قوات الشمال ان تنسحب الى مسافة معينة ونحن من جانبنا كذلك لننشئ منطقة عازلة بالمنتصف لمراقبي وقف النار، وهناك ايضا قضية الانتقال الحر للسلع والمواطنين من الجانبين عبر الحدود ووضع العلامات الحدودية وقضية ابيي التي تنتظر تحديد الى اي جهة تنتمي، كل هذه المواضيع تتقدم ببطء ولا بد من حلها بشكل نهائي لننتقل الى مرحلة جديدة بعدها.
هل يمكن القول ان الاجتماع حقق تقدما؟
٭ المهم اننا اتفقنا على استمرار الحوار كأساس لحل المشاكل.
في الفترة الاخيرة اجريتم تغييرا جذريا على الساحة السياسية الداخلية، هل كان ذلك جزءا من عملية اصلاح شامل او كما يرى البعض انه نتيجة لصراع سياسي، ما الاسباب الحقيقية وراء ما تابعناه؟
٭ في اي بلد هناك تغير للحكومة لم يكن شيئا جديدا وإنما مجرد تغير طبيعي ولكن فوجئ البعض بأنه كان كبيرا ولذلك ظنوا ان هناك صراعا سياسيا لكنه في الواقع ليس كذلك، والامور تسير على ما يرام.
كيف هي علاقتكم مع الدول العربية التي شهدت مؤخرا تغييرات على مستوى الانظمة خلال ما سمي بـ «الربيع العربي»؟ وكيف تقيمون هذا الربيع بصفتكم قائدا لحركة تحرير شعبية معروفة على مستوى العالم وكرئيس لدولة في المنطقة جاره لما شهدته دولها من احداث وتحديدا مصر وتونس وليبيا؟
٭ كل بلد لديه مشاكله وظروفه السياسية الخاصة، جنوب السودان كأمة جديدة لديها سياستها الخاصة، منذ استقلالنا في 2011 قلنا بوضوح لكل دول العالم انه لا استثناءات لدينا في علاقاتنا مع الجميع، وافتتح عدد كبير من الدول سفارات لدينا وكذلك نحن، والدول العربية ليست استثناء، قبل الربيع العربي كانت لدينا علاقات مع كل دول شمال افريقيا مثل الجزائر وتونس وليبيا التي كانت افضل صديق لنا، ومصر، حيث لاتزال لدينا سفارة فيها اليوم، ليس لدينا سفارات في باقي تلك الدول، لكن تجمعنا بها علاقات صداقة، وتلقينا دعوات لزيارتهم وان لم يتسن لي الوقت لذلك بعد، ولكن قامت وفود وزارية من جانبنا بهذه الزيارات، نعتبر انفسنا اصدقاء لهم ما لم يأت احدهم ويقول «لستم اصدقاءنا»!
من القضايا الاساسية مع مصر موضوع مياه النيل، ينظر لدولة جنوب السودان على انها اقرب في القضية الى موقف اثيوبيا، هل هذا صحيح؟ وهل ناقشتم الموضوع مع المسؤولين المصريين؟
٭ امس جمعني لقاء مع الرئيس المصري الانتقالي المستشار عدلي منصور وتحدثنا عن علاقات البلدين، مصر عملاق في المنطقة وهي عضو في الجامعة العربية وفي منظمة الوحدة الافريقية، ولا يمكن الا ان نكون اصدقاء لمصر. اما بالنسبة لمياه النيل، فإن علاقاتنا مع اثيوبيا لا علاقة لها او تداخل مع موضوع النيل، فهذا النهر لا يمكن اعتراضه، زرتم جوبا وشاهدتم النيل يمر هنا وهي على ضفافه، ومع ذلك نحن لم نستخدم ليترا واحدا من مياه النهر الا في الشرب والغسيل، ولا نستخدمها للزراعة، اذ لدينا ما يكفي من مياه الامطار لزراعتنا، وحتى الآن لا نحتاج للنيل، كما لدينا انهار اخرى ولن نؤثر على النيل،
اما بالنسبة لمشكلة مصر واثيوبيا فستحل وديا بينهما وليست مشكلتنا.
عندما زرنا جوبا سمعنا عن كلام لنقل العاصمة من اقصى الجنوب باتجاه الشمال وتحديدا الى مدينة رامشيل، هل هذا المشروع جدي ومتى سينجز؟
٭ لدينا اولويات ملحة اخرى كأمة حديثة بدلا من انشاء عاصمة جديدة، اليوم نحتاج منشآت طبية وعندما سيتوافر المال علينا اولا توفير المستشفيات والمدارس ومياه الشرب الصحية والامن الغذائي والامن لبلدنا، هذه امور اكثر الحاحا الى جانب مشاريع البنية التحتية وخاصة الطرق، لذا فعلينا انجاز كل هذه الامور قبل الانتقال الى موضوع العاصمة الجديدة، المشروع طُرح ولكنه ليس اولوية.
مجالات الاستثمار الأفضل
قال الرئيس سيلفا كير ميارديت أنه ينصح المستثمرين الراغبين بالتوجه إلى بلاده بأن ينظروا إلى قائمة أولويات الدولة والاختيار من بين ما تتضمنه من مشاريع للاستفادة من الميزانية المخصصة بشكل رئيسي إلى مجال الصحة والتعليم والبنية التحتية والطرق اللازمة لربط المحافظات داخليا وفيما بينها والإسكان ومحطات الطاقة إضافة إلى الزراعة حيث لدينا أراض شاسعة وخصبة.
لقاءات رئيس جمهورية جنوب السودان خلال وجوده في دولة الكويت
التقى الرئيس سيلفا كير ميارديت صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، كما اجتمع مع عدد من كبار المسؤولين والشخصيات بينهم نائب رئيس الوزراء ووزير النفط مصطفى الشمالي الذي وعده بالمساعدة في حل بعض المشاكل التي يواجهها القطاع في جنوب السودان وتعزيز التعاون النفطي بين البلدين.
واستقبل مدير عام الصندوق الكويتي عبدالوهاب البدر ونائب رئيس غرفة التجارة عبدالوهاب الوزان ووفدا رفيع المستوى في شركة «زين» ضم رئيس مجلس إدارة المجموعة أسعد البنوان والرئيس التنفيذي سكوت جاجنغهايمر، والرئيس التنفيذي لشؤون أعمال المجموعة م.سعود الزيد والرئيس التنفيذي لزين جنوب السودان وسيم منصور.
كما عقد وزير الصحة في جمهورية جنوب السودان د.ريغ اجتماعا مع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الصحة الشيخ محمد العبدالله .
نعتز بتأييدنا للكويت خلال الغزو
استذكر الرئيس سيلفا كير وقوف الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان مع الكويت عام 1990 خلال فترة الغزو الصدامي الغاشم وقال: رفضنا الغزو وتعهدنا بإرسال 1000 مقاتل من أديس أبابا إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في التحرير، وكان موقف الجنرال الراحل جون قرنق موقفا واضحا في هذا المجال.