بسم الله الرحمن الرحيم 00
رجب طيب أوردغان الإسلامي ( بين الإعتراف بإبادة الأرمن والتشكك في إبادة دارفور ! ) 0
عبدالغني بريش اللايمى // أمريكا
يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) } التوبة 0 )
وجاء في صحيح البخاري – (ج 1 / ص 59) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ” 0
إذن النفاق أو التملق هو ظاهرة تصيب ضعاف القلوب من البشر الذين يظهرون خلاف ما يبطنون ، للحصول على فائدة أو مكسب ما 0 والنفاق إمتهان للكرامة الشخصية والإنسانية والوطنية 0 وبما ان رسالة الإسلام الحقيقي تتنافى مع النفاق ، إلآ ان معظم المنافقون في مشارق الأرض ومغاربها مسلمون 00 ومنهم على سبيل المثال ( رجب طيب أوردوغان ) رئيس وزراء الحكومة التركية عن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي تشكك في وقوع إبادة جماعية في دارفور ، قائلا ان أي مسلم لا يمكنه ان يرتكب إبادة جماعية ! 0 وجاء كلامه هذا عندما تفاعلت مسألة عدم حضور الرئيس السوداني عمر البشير القمة الإسلامية الاقتصادية التي بدأت بتركيا يوم 10 نوفمبر 2009 ، حيث قال رئيس الحكومة التركية رجب طيب اوردغان للصحف التركية ، انه يفضل اللقاء مع الرئيس السوداني عمر البشير على ان يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ، مضيفاً (يوجد في اسرائيل مجرمو حرب أكثر بكثير مما يوجد في السودان وغيره ) ، وبحسب صحيفة الوطن التركية شكك رئيس الوزراء التركي في امكانية ارتكاب الرئيس البشير لأي إبادة جماعية في دارفور اوغيرها ، ذلك ، لأن أي مسلم لا يمكنه ارتكاب إبادة جماعية 0
نعم ، هذا ما قاله رجب طيب أوردوغان الإسلامي التركي ، بأن أي مسلم لا يمكنه ان يرتكب ابادة جماعية !! فلكم أيها القُراء الكرام ان تنظروا إلى هذا الكلام بجدية ، سيما ان الدولة التركية المسلمة ارتكبت ابادة تاريخية منظمة ضد الأرمن ، لكن ” اوردوغان ” يتشكك اليوم في وقوع ابادة بشرية في دارفور غربي السودان ؟ 0 وقصة ابادة الأرمن للذين لم يسمعوا بها هي ( ان شرقي الأناضول الوطن الأم للأرمن تم احتلاله على يد الأتراك بالقوة ومارسوا المذابح الجماعية وبشكل منظم ضد الأرمن ابتداءا من الحرب العثمانية – الروسية ” 1877 – 1878 ” ، انتهاءا بإبادة أخرى مخططة ضدهم بأوامر سرية من ” طلعت باشا ” 1915 – 1917 حيث بلغ عدد الضحايا مليون ونصف المليون أرمني فقدوا حياتهم ، وبناءاً على الوثائق والمستندات التي قدمها الأرمن للجهات العدلية بهذا الخصوص حدث الأتي :
* اعتراف الدول الكبرى والمنظمات العالمية والدولية بهذه الإبادة 0
* اعتراف تركيا بهذه الإبادة 0
* إجبار تركيا لدفع تعويضات مادية إلى ضحايا الإبادة أو إلى ورثتهم 0
* ضم جزء من شرقي الأناضول إلى أرمينيا بتطبيق معاهدة سيفر (Sévres) التي تعطي الأرمن جزءاً من شرقي الأناضول 0
يبدو ان السيد رجب طيب اوردوغان وكغيره من الزعماء المسلمين المنافقين يريد انكار حقائق موثقة وثابتة في كتب التاريخ ( كمحمود أحمدي نجاد الذي ينكر وقوع المحرقة ) ، فمذابح القومية الأرمنية وقعت فعلا على يد الامبراطورية العثمانية ( التركية ) المسلمة ، فاعترفت الحكومات التركية المتعاقبة بها ، ودفعت تعويضات مادية الى ضحاياها 00 فعن أي مسلم يتحدث اوردوغان ويقول ان أي مسلم لا يمكن ان يرتكب إبادة جماعية ؟ 0هل يذكر رجب طيب اوردوغان القائد المسلم المغوار المقبور عليه ” صدام حسين ” حارس العروبة الذي ارتكب مجازر جماعية كبيرة ضد مواطنيه ” الشيعة والكرد ” في الفترة من 1990 – 1998 وكانت لا تخلو مدينة عراقية من مقابر جماعية وجماجم بشرية مبعثرة لأبرياء العراق في عهده ؟ ، وهل يذكر السيد اوردوغان النظام العلوي البعثي العبثي المسلم الحاكم في سوريا ومجازره ضد الاكراد والجماعات السورية المعارضة ؟ ثم نسأله أيضاً عن نظام العقيد الأخضر معمر القدافي الذي ارتكب مذابح جماعية ضد ” الأمازيغ ” البرابرة ، ومجازر أخرى ضد القبائل الزنجية المسلمة في جنوب ليبيا في الفترة من 1970 – 1988 – وهل كان العقيد الليبي معمر القدافي الذي قام بإرتكاب هذه الفظائع مسيحي أم مسلم ؟ 0 رجب طيب اوردوغان يعرف الإجابة الصحيحة على هذه الأسئلة ، لكن ، ولأنه مسلم ، وبعض المسلمون يحملون ” جينات ” النفاق والكذب ، كان لابد له ان ينافق ويكذب ، وينافق ويكذب ، حتى يصدقه الأغبياء والسفهاء منهم 0
قال رجب طيب اوردوغان إنه يفضل لقاء عمر البشير من ان يقابل رئيس الوزراء الإسرائيلي ” بنيامين نتينياهو ” ! وهذا القول فيه نفاق عظيم ، بإعتبار ان الدولة التركية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الدولة العبرية ، وحدث ان قابل اوردوغان مسئولين اسرائيليين كبار بعد فوزه برئاسة الحكومة التركية 00 إذن ما الذي استجد حتى يقول انه يفضل لقاء البشير من ان يقابل نتينياهو ؟ واذا كان كلامه هذا رداً على الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة في بداية هذا العام 00 فلماذا لا يتخذ سيادته بإعتباره رئيسا للوزراء الحكومة التركية مواقف عملية قوية ضد اسرائيل كقطع العلاقات الدبلوماسية معها أو مقاطعة بضائعها التجارية 00 الخ ؟ ألآ تدخل مثل هذه المواقف ضمن خانة المواقف الاستهلاكية للجمهور الإسلامي الساذج ، لكنها في الواقع لا علاقة لها بالوقائع والحقائق على الأرض ؟ 0
صحيح ان ثقافة النفاق السياسي منتشرة في أوساط كل المجتمعات البشرية ، لكن ان يصل النفاق إلى حد التشكك في ابادة جماعية خطيرة كالتي وقعت في دارفور وتم توثيقها على كل المستويات الحكومية والاهلية والمنظماتية ، هذا ما لا يمكن السكوت عليه اطلاقا ، واوردوغان مطالب بالإعتذار للدارفوريين على تصريحاته غير المسئولة عن نفيه لإبادة دارفور ! 0
المعروف ان فئة المثقفين والانتهازيين والاقلام المأجورة المحسوبين على السلطة في بلدان النفاق السياسي ، دائما هم الذين يمارسون النفاق والتملق ، لانهم يعملون على تدمير الحياة الاجتماعية والثقافية وتشويه صورة المجتمع ، بتبرير الممارسات غير الأخلاقية لتلك الأنظمة وتجميل صورتها أمام شعوبها ، مقابل وظيفة ما أو مال 00 الخ ! لكن ما لا نفهمه هو سبب دفاع رئيس الوزراء التركي المنتخب ديمقراطيا رجب طيب اوردوغان عن الرئيس السوداني عمر البشير الهارب من العدالة الجنائية لإرتكابه جرائم حرب ، والابادة الجماعية ، وجرائم ضد الانسانية لمواطنيه في اقليم دارفور غربي السودان ؟ إلآ إذا كان اردوغاناً هذا يحمل ” جينات ” النفاق والكذب التي يحملها معظم الزعماء المسلمون ، أو انه لا يملك الجرأة في التأثير على ممارسات النظام الخاطئة في السودان ضد مواطنيه المسلمون ، لأنه ربما لديه مصالح شخصية تربطه بالنظام السوداني القمعي القاتل فيخشى عليها 0
اننا ندعو السيد رجب طيب اوردوغان الذي وصل الى السلطة بانتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة ، الجنوح والإلتزام بثقافة الصدق والأمانة ، والتمسك بالأخلاق والمبادئ السماوية والانسانية ، لا بثقافة المصالح الشخصية والأنانية على حساب ضحايا الابادة الجماعية في دارفور ! ، فإذا كان فعلا مسلما حقيقيا عليه ان يسحب تصريحاته المتشككة في الابادة التي وقعت في دارفور ، ويعتذر للدارفوريين علنا ، لأن الإسلام الحق ينصر الضعفاء والمساكين ، لا مرتكبو جرائم الابادة والتطهير العرقي والقتل العشوائي 00 ولعن الله المسلمين الذين جعلوا الإسلام مجرد أقنعة تنكرية بوجوه متعدده تراهم على المنابر يتهكمون وفي أحاديثهم يتغنون ان الإسلام هو الحل في كلام يكثر فيه السجع ويقل فيه النفع ، يضعون لأنفسهم خطوطا حمراء وخضراء وسوداء 00 الخ ، ثم ما يفتأون ان يمسحونها بأرجلهم 00 فالإسلام عندهم مجرد شعار وغاية مفرغة من مضمونها ومحتواها 0000000000
والسلام 00
[email protected]