•• لم يســتطع الســيد رئيس مجلس الوزراء (معتز موسي) إستغلال سانحة مجانية كريمة أتته من تلقاء نفسِها مع حادثة طبيبة رويال كير، ليرسم لنفسه صورةً جميلة، وليتصالح مع كل القطاع الطبي المغبون في بلادنا..لقد ظلّ الأطباء يشتكون علي الدوام من إعتداءات النظاميين عليهم، إلي حد ضربهم، وهم علي رأس العمل، دون أن تُحرِّك الحكومة ساكناً لحمايتهم وإظهار إحترامهم، وتقدير ما يقومون به من أعمال..وحين سنحت له الفرصة في أول تعامل له مع مرفق صحي وهو رئيس وزراء كان بإمكان السيد معتز موسي أن يهتبل تلك الحادثة إهتبالاً حصيفاً تسير بمحمدته رُكبان الأسافير، بدلاً من مسيرِها بذمِّه، والتشنيع عليه كما هو حادثٌ الآن !!
وبالرغم من أن الســيد الوزير الأول قد إعتذر عن هذه الحادثة ضمناً، فيما بعد، ولكنه كابر -وكيف لا يكابر- حين أثار مسألة خصوصية المرضي (التي يزعُم أن الطبيبة تحدثت عنها) وهو يعلم أن عدم مراعاة حُرَّاسِــه لذات الخصوصية، ثم جلافتهم في التعامل مع الطبيبة، هو ما خلق هذه المشكلة أصلاً !!
فحين يحضر الحُرَّاس المكلَّفون برفقة وزير مَّا، هو الآخر يرافق شخصاً آخر، فما الذي يُقحم هؤلاء الحُراس في غرفة الكشف علي المريض؟! وإذا حدث ذلك، وتطفّل الحُراس علي خصوصية المريض لأن المسؤول دخل عليه، فلماذا لا ينصاعون بعد ذلك لرجاءات الطبيب المعالج حين يطلب إليهم الخروج من الغرفة ليُفسحوا له أو لها المجال لمباشرة هذا المريض؟!!
وحين (يتلايق) هؤلاء الحُرَّاس، (ويتنمَّرون) علي الطبيبة لأنها طلبت إليهم إفساح المجال لها بالخروج، فلماذا لا يوبِّخهم هذا المسؤول، ويعتذر للطبيبة، ويوافقها علي سداد رأيِها، وأن ذلك فعلاً من صميم متطلبات أدائها واجبها علي الوجه الأكمل؟!
هل هذا المسؤول، وهو هنا -سعادة رئيس الوزراء- لا يعلم أن الطبيب -في كل العالم- لا يستطيع أن يؤدي واجبه كما ينبغي -وبخاصة في الطوارئ- إذا كان واقعاً تحت تأثير التشويش، والهرجلة، والفوضي كالتي يحدثها وجود عدد كبير من المرافقين المتوترين والمتطفلين، داخل غرفة الإسعاف خصوصاً إذا كانوا من شاكلة حُرّاس سعادته الميامين ؟!!
وبعد هذا كله، وحين (لا يُسعف حُسن المقال) سعادة الوزير الأول، فلماذا لا يُسعفه حسنُ السكوت ويترك الطبيبة تتصرف مع الحُرّاس كما يتطلب الموقف بدلاً من التعليق (البايخ) الذي يزيد الطين بِلة، ويُوقع الطبيبة في ضغط، وتوتر، لازماها حتي إنتهاء ورديتها ذلك اليوم وحتي اليوم؟!!
• سعادة رئيس مجلس الوزراء هو من كان يلزمه حسنُ المقال لا الطبيبة !!
•• وهكذا يظلُّ محكوماً علي الأطباء بقاء هذا الخازوق علي رؤوسهم.. ويظل مسموحاً للنظاميين -بعدما أخذوا موافقةً ضمنية من السيد الوزير الأول- حين رأي (مُنكر التنمُّر) علي الأطباء بأمِّ عينِـه ولم ينـْهَ عنه، لا بل وافق عليه، وزاده كيلَ بعير !!
•• تذكُر صحيفة آخر لحظة علي لسان شقيق الزعيم الأزهري (دوليب الأزهري) أن الزعيم ذهب يوماً الى مستشفى الخرطوم الجنوبية (عائداً أحد المرضي) فإعترضه «الخفير -لإنتهاء وقت الزيارة-» وقال له «هذه تعليمات دكتور وصفي -لعله حكيمباشي المستشفي- بعدم الدخول» فأدار الأزهري محرِّك سيارته ورجع دون أن يدخل المستشفى، وعندما إتصل بدكتور وصفي لاحقاً وحكى له قصة (الخفير) معه أمر دكتور وصفي بمجلس تحقيق بحق الخفير (!!!) ولكن تداخل الزعيم الأزهري وقال له: «يا وصفي نحن دايرين زي ديل» وأمر بترقية «للخفير» وزيادة في المرتب..آخر لحظة ٢٠١٢/١/٢م..
• وأما سعادة رئيس الوزراء غير المحظوظ -وربما غير الحصيف- كان سيتجاوز سقف الزعيم إسماعيل الأزهري -وهيهات- لو أنه إبتداءً تصرَّف كما يتصرف الزعماء، وإنصاع لرجاءات الطبيبة بكل إحترام، وإعتذر لها عن رعونة حُرَّاسِه، وتركها فقط مع والدة إبنه، ووقف خارج غرفة الإسعاف منتظراً مستكيناً، ثم جاءها متمسكناً، ومستأذناً بعد ذلك يسألها عن حال إبنه..لو أنه فعل ذلك -ومع ما في هذا الموقف من تمثيل- لكانت الأسافير قد طارت بخبره، وبذوقِه، وخُلقِه ودماثته، ولكانت قد وضعته في مصاف الخيل السابقات..ولكنه لم يفعل، وربما لن يفعل، إذ هذه لا يُلقَّاها إلا الذين (حَصفوا) ولا يُلقَّاها إلا ذوُو الحظِّ العظيم !!
[email protected]