الليلة الوقفة وبكرة العيد ، كعك العيد في الليد ألغام،
الحلوي البقت رصاص ، الحكم الصادر بالإعدام،
ياماما خلاص بابا ……………………..،
هدوم العيد في الدولاب………………….،
نعم تمر اليوم الذكري الثانية و العشرون لتلك المذبحة البشعة واللاإنسانية، و التي
أسلم فيها الوطنيون الشرفاء الروح لبارئها في ظروف لايمكن أن يوصفها بشر
بكامل قواه العقلية والجسدية إلا بأنها إستثنائية في كل شيء ، بل مأساتها وهول الفاجعة إنها جاءت في يوم وقفة عيد الفطر المبارك ، ذلكم الشهر الفضيل ، شهر التوبة والغفران و الذي إتصف بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ،شهر يصفّد فيه رب العزة شياطين الجن ولكن!!! حدثت الفاجعة والمأساة والصدمة لكل الشعب السوداني ، بل عمّ الحزن والأسي كل العالم ، وإستنكرت الإنسانية جمعاء وأهل القبلة علي وجه الخصوص ما حدث تجاه أولئك الضباط ، بل لتتحدث مجالس المدينة عن إلتزام تجاه من قاموا بالتفاوض بين الجانبين بأن يتم توفير محاكمة عادلة وفق نصوص القانون أيا كان ، ولكن هول المفاجأة أن أحكام الإعدام تم تنفيذها دون حتي ربما علم الجهات ذات الإختصاص وفي ظرف ساعات، فأين يقع هذا من العدل في الإسلام(أعدلوا هو أقرب للتقوي)؟؟؟
الإنقاذ جاءت عن طريق إنقلاب عسكري مهما كانت المعاذير والتفاسير في 30/6/1989 ، إنقلاب أتي من علي ظهر دبابة نتيجة تدبير وتخطيط وتنفيذ قيادة الجبهة القومية الإسلامية وعلي رأسها الشيخ حسن الترابي ، وليس ببعيد أذهب للقصر رئيسا وأنا للسجن حبيسا قد إنطلت علي الشعب السوداني ، بل إنكشف الزيف والخداع أيضا في رمضان حيث كانت المفاصلة؟
نعم نجح قادة الإنقاذ في إنقلابهم فدالت لهم الدولة والسلطة المطلقة والثروة ، ولم ينجح قادة إنقلاب رمضان فكان مصيرهم الإعتقال والتعذيب والإعدامات والدفن في مكان مجهول حتي اليوم.
من منطلق إسلامي بحت ، ألا يحق لنا أن نسأل طالما تدثرت الإنقاذ بمسوح الدين ومراهم العقيدة ،
هل يحق للشعب أن يختار إختيارا حرا نزيها حكامه دون إكراه؟
هل يحق للشعب أن يسحب ثقته من هؤلاء الحكام متي ما رأي ذلك واجبا؟
هل يحق للشعب أن يحاسب حكامه وتقويم إعوجاجهم متي حادوا عن جادة الطريق الصواب ؟
هل يحق للشعب أن ينتقد عبرصحافته حكامه؟
هل يحق للشعب أن يقوم بتنظيم إحتجاجات ومسيرات ومظاهرات ضد الحاكم بطريقة سلمية وحضارية؟
ثم لنقول إن الإنقاذ قد جاءت عن طريق إنقلاب علي سلطة شرعية منتخبة ديمقراطيا بواسطة الشعب ، فكيف يكون حسابها وعقابها وهي تهمة لاتسقط بالتقادم ، في حين أن شهداء رمضان قد قاموا بمحاولتهم ضد سلطة إغتصبت الحكم وهي ليست شرعية قانونا؟؟
نعم نقول إن للأمة والشعب الحق في الإختيار والمحاسبة والعقاب وسحب الثقة، أليس هذا هو الإسلام الحق الدين القيم كما أمرنا رب العزة( أعدلوا هو أقرب للتقوي ) صدق الله العظيم. هذا واضح في الإسلام وأمره بالعدل ورفضه المطلق للظلم حتي وهو ظلم فرد لفرد ، فكيف بظلم حاكم لشعبه، نعم في الإسلام لا مكان لحاكم ينام قرير العين فوق آلام شعبه ومعاناتهم وفقرهم وجهلهم وعدم أمنهم وحاجات مواطنيه ، وفي الإسلام لامكان لحاكم يضع نفسه فوق الحق ولا لحاكم يعطي مواطنيه الفضل من الوقت الضائع.
قادة الإنقاذ تمر علينا اليوم الذكري الثانية والعشرون لتلك المذبحة ، فهل رجعتم القهقري للقدوة والمثل الأعلي عليه أفضل الصلاة والتسليم ومن بعده الخلفاء الراشدون ،
الحكم ليس مزية ولا صفقة ولا إمتياز، بل إنه أمانة ويوم القيامة خزي وندامة ، وتحصين الدولة لايتم بالسجون والمعتقلات والإعدامات والمصادرات والعزل والفصل ، ولكن هل تدبرتم قول الخليفة العادل عمر : لو عثرت بغلة بالعراق لكان عمرا مسئولا عنها لم لم يسوي لها الطريق ، إنها بغلة عثرت ، فمابالكم سيدي وقد تم تنفيذ الإعدام في 28 ضابطا وفي يوم وقفة عيد الفطر !!! هل يمكن وبعد مرورأكثر من عشرون عاما أن نجد تفسيرا كيف تم هذا ومن قام به ولماذا ؟,
بل هل يمكن لكم أن تدلوا أسر الشهداء علي قبورهم وأماكن دفنهم؟؟
هل أقيمت عليهم صلاة الجنازة؟
من الذي قام بدفنهم؟
هل تم كل ذلك بطريقة إسلامية؟
أليست هذه أمانة في أعناقكم إلي يوم تبعثون ، يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم؟؟
نعم أكثر من عشرون عاما إنقضت ولكن ذكري شهداء مذبحة رمضان ستظل أبد الدهر في عقول الشعب السوداني ، لأنها إرتبطت بظروف دينية وقيم ومثل سودانية لايمكن أن تنمحي من عقول الشعب السوداني ، فكيف تنمحي من عقول أسر الشهداء؟؟
نعم حديثكم لحظتها كان حديث دنيا وإن بدا لك في ظاهرة حديث دين، ولغط سياسة وحكم ولكن صورتموه علي أنه أمر عقيدة وإيمان ، بل كان شعارات أنطلت علي البسطاء وصدقها الأنقياء وإعتنقها الأتقياء ، وإتبعها من يدعون الورع ، ولكنهم يشتهون السلطة لا الجنة ، والحكم لا الآخرة ،والدنيا لا الدين ، بل كانوا يتعسفون في تفسير كلام الله لغرض في نفوسهم يما في ذلك القطعي الورود والدلالة مثل الربا وتحليلهم لتلك القروض، ويوأولون الأحاديث علي هواهم لمرض في القلوب ، بل لايثنيهم عن سعيهم لمناصب السلطة ومقعد السلطان أن يخوضوا في دماء إخوانهم في الدين أو أن يكون معبرهم فوق أشلاء صادقي الإيمان من رفقاء الدرب والسلاح.، وقد كانت مذبحة شهداء رمضان مثالا أدمعت دموع كل الإنسانية أينما كانت، وذكراهم ستظل أبد الدهر عالقة في عقول الشعب السوداني.
نعم تحدثتم عن الشريعة وتطبيقها ، ولكن هل وجد الجائع طعاما والخائف مأمنا والمشرد سكنا والإنسان كرامة والذمي حقا كاملا ، بل هل وجد قادة إنقلاب رمضان عدلا ؟؟؟ أليس العدل هو أساس الحكم؟ ألم تدبروا أمر الواحد الأحد (أعدلوا هو أقرب للتقوي).
إن الملك هومن عند الله سبحانه وتعالي يؤتيه من يشاء ولكن ينزعه متي شاء، وما أقسي لحظات النزع هذه ،ثم هل تدبرتم قوله سبحانه وتعالي ( إرم ذات العماد وفرعون ذي الأوتاد فصب عليهم ربك صوت عذاب ، إن ربك بالمرصاد) أليس لنا في الرسول قدوة؟ ألم تدبروا قوله عند فتح مكة: أذهبوا فأنتم الطلقاء، أين أنتم من هذا؟ أهل مكة الذين عذبوه وناصبوه العداء وأخرجوه منها وحاربوه، ومع ذلك قال لهم : أذهبوا فأنتم الطلقاء، هكذا كان عليه أفضل الصلاة والتسليم قدوة للأمة الإسلامية، ولكن أين أنتم من هذا؟
نعم جاءت الإنقاذ عن طريق إنقلاب ونجح قادته وسيطروا علي مقاليد الدولة والسلطة ، ولكن قادة إنقلاب رمضان فشلت محاولتهم ، فهل يعقل أن يتم تعذيبهم وإهدار إنسانيتهم وكرامتهم وإذلال أسرهم من بعد إعدامهم ودفنهم في مكان مجهول؟؟ نعم محاولة وقد فشلت؟؟ هل يقع إعدامهم في جزء من الدين الإسلامي والشريعة المحمدية والتي تحتكمون إليها ، بل وفي يوم وقفة العيد ، والأنكي والأدهي أن بعضهم كان معتقلا قبل عدة أيام من المحاولة ، وآخرون كانوا من أثر التعذيب والتنكيل فاقدي الوعي، بل إن المأساة تكمن في كيف تمت إجراءات المحاكمة وهذه مسئولية قادة الجيش لحظتها فقد لاذوا بالصمت الرهيب من أجل دنيا فارقها بعضهم وآخرون ينتظرون تلك اللحظة؟
نعم الحاكم ليس ركنا من أركان الإسلام بل بشر يخطيء ويصيب ، وليس له من الحصانة والقدسية ما يرفعه فوق غيره من المحكومين.
لننظر للخلفاء الراشدون: حكمت فعدلت فأمنت فنمت ،
لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيفنا هذا،
صدقت إمرأة وأخطأ عمر،،
ألم يقل أحد المصلين للخليفة العادل عمر وهو يلبس ثوبين وهو علي المنبر يخطب: لا سمع ولا طاعة؟؟فهل إعتقله الخليفة أو زجّ به في المعتقلات والسجون؟ كلا وألف كلا بل أوضح مصدر الثوبين، أليست هذه هي القدوة الحسنة؟ أليست هذه هي القدوة الحقة ؟؟
أين نحن منها؟
العدل لايتحقق بصلاح الحاكم ولا يسود بصلاح الرعية ولا يتأتي بتطبيق الحدود ، ولكن يتحقق بوجود نظام حكم يحاسب الحاكم بالخطأ ويمنع التجاوز ويعزل إن خرج علي الإجماع،
لنا أن نسأل ألم يكن ممكنا أن تتم المحاكمة وفق قانون ما بين نصه وروحه علي المحاولة؟؟ نعم كيف لكم وأنتم قد أطلقتم سراح قادة إنقلاب مايو تحت مواد القانون السائد وقتها ، ولكن تم إعدام شهداء رمضان في أسوأ كارثة شهدها السودان والعالم الإسلامي.
نعم تحدث البعض عن نصوص قرآنية بأحقية الدولة في القصاص ، ولكن هل لنا أن نسأل، هل تطبيق الشريعة الإسلامية وحده هو جوهر الإسلام؟ فالبدء يكون بالأصل وليس الفرع ،
وبالجوهر وليس المظهر، وبالعدل قبل العقاب ، وبالأمن قبل القصاص ، وبالأمان قبل الخوف ،وبالشبع قبل القطع ،(فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) وفوق كل ذلك تحصين الدولة لا يتم إلا بسياج العدل ، أليس العدل هو أساس الحكم؟.
الشعب السوداني له إرث حضاري ضارب في الجذور ومابين إكتوبر ورجب أبريل وما سبقها من ثورات وما تلاها من مقاومات ومحاولات ، كلها تصب من أجل التغيير نحو الأفضل، والشعب السوداني اليوم لايمكن أن يقاد معصوب العيون ، ولا يمكن السيطرة عليه وتطويعه تحت أي مسمي وقيادته نحو الإنتحار البطيء ، والشعب قد أسقط حاجز الخوف الذي يفصل بين الحياة بذلة والموت بعزة وكرامة ، والشعب يعمل من أجل بذل الأنفس والتضحيات، وتوجد حالة من الإحباط العام وقلق وتوتر من المستقبل وضبابيته وحلم لم يتحقق ، بل وطن قد تمزق وفقد تماسكه وإنفصل ثلثه بفضل تلكم السياسة التي لا تفكر إلا في إستمرارية الجلوس علي كراسي السلطة، أليست السلطة المطلقة مفسدة ؟، وأي فساد نعيشه اليوم بلغ مداه أن صرنا مثل الصومال التي ليست لها دولة ؟ ولهذا فإن التحديات كبيرة وهذه ستلد رجالا كبارا يسيرون علي خطي شهداء رمضان ،والشعب السوداني سيفرز تحديات بحجمهم وعظمتهم ، وهذا القلق اليوم هو دالة الثورة نحو التغيير عبر وحدة الشعب السوداني لخلق وطن واحد موحد أرضا وشعبا عبر إختيار حر ديمقراطي حتي يحس المواطن بأن هذا الحكم شرعي قولا وفعلا وهذه متطلبات الإستمرارية ، وحالة الحراك التي شهدها الوطن في كل أصقاعه هي دالة علي قرب نضوج ربيع سوداني أصيل لونا وطعما ورائحة ، وكما قال الشيخ محمد الغزالي: (ما زلت أؤكد أن العمل الصعب هو تغيير الشعوب ، أما تغيير الحكام فإنه يقع تلقائيا عندما تريد الشعوب ذلك،) ونعتقد أن الحراك الحالي في الساحة السودانية هو رغبة الشعب في تغيير حكامه ، وهذا التغيير سيأتي شاء من شاء وأبي من أبي، لأن إرادة الأمة فوق إرادة الحاكم مهما تكبر وتجبر وتعالي علي شعبه، والتاريخ القريب له أمثلة حية فهل يتعظ الحاكم؟؟ فقط أنظروا لبن علي والقذافي ومبارك وعلي صالح والأسد ومن قبلهم أنظروا إلي رغبة الشعوب في التغيير ما بين منقستو ونوريقا وصدام وشاوشيسكو وفرانكوا وماركوس وتيلور وغيرهم كثر، وإرادة الله فوق كل متجبر ومتكبر.
نترحم علي شهداء رمضان فهم اليوم في عالي الجنان في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ونترحم علي كل شهداء القوات المسلحة ونترحم علي كل شهداء الوطن. مجدي محجوب وبطرس والتاية وعوضية وشهداء كجبار وشهداء العيلفون وشهداء بورتسودان وشهداء نيالا وكتم ، ونتمني أن ينال سجناء الرأي خلف القضبان حريتهم وأن ينال الوطن حريته وعزته وكرامته،
كل عام وأنتم بخير أعاده الله علي السودان وشعبه يرفل في ثوب الحرية والكرامة
والعزة،
يديكم دوام العزة وتمام العافية والشكر علي العافية