وضع المؤتمر الوطني الحاكم في السودان نفسه في ازمة سياسية ربما تقود إلى انقسام جديد في صفوفه بعد 24 عاماً من الحكم، واعلنت 31 من قياداته المؤثرة – التي سبق وان تقدمت بمذكرة مفتوحة لرئيس الجمهورية تطالبه بوقف قتل المحتجين على الإجرءات الاقتصادية الاخيرة – بالاجماع رفضهم لقرار اتخذه الحزب بتجميد عضويتهم ، وعدوه باطلاً ولايساوي ثمن الحبر الذى مهر به، بينما إستبق د. غازي القرار وتقدم بإستقالته من الحزب .
وسلم الحزب ظهر الاحد خطابات لمجموعة 31 تبلغهم بتجميد عضويتهم وأبرزهم د. غازي صلاح الدين العتباني الذى شغل عدة مناصب حكومية آخرها مستشاراً لرئيس الجمهورية والعميد محمد ابراهيم عبد الجليل الشهير بـ”ود ابراهيم” قائد آخر المحاولات الإنقلابية للإطاحة بنظام البشير ، ود. اسامة توفيق وهو أحد قيادات مجموعة المجاهدين الذين قاتلوا ابان الحرب الاهلية في جنوب السودان ويحظي باحترام واسع وسط مجموعة السائحون .
وأعلن د. اسامة توفيق أن خيارات المجموعة مفتوحة على الصعد كافة بمافيها تشكيل تنظيم سياسي وقال لـ”سودان تربيون” لن يجعلونا نعاني “اليتم السياسي ” مشددا على أن الاصلاحيون داخل الحزب أكبر بكثير من ما يتصورون .
ومضى توفيق ـ الذى ذاع صيته ابان المحاولة الانقلابية الاخيرة التى قادها “ود إبراهيم” بعد ان سعى جاهدا لاطلاق سراح المشاركين فيها وتوسط لدى الرئيس البشير للعفو عنهم ـ مؤكدا انهم تسلموا خطابات موقعة باسم أحمد إبراهيم الطاهر تبلغهم بتجميد عضويتهم لحين النظر في الامر من قبل أجهزة الحزب العليا ، وأضاف ان المجموعة المجمدة عضويتها اعتبرت القرار باطلاً لانه بنى على باطل .
وزاد بقوله سنقاوم القرار بكل السبل لاسقاطه فنحن لسنا بدخلاء على المؤتمر الوطني وسنعمل من أجل قضيتنا وهي الاصلاح ، مشيرا الى انهم عندما وقعوا “خطاباً مفتوحاً لرئيس الجمهورية وقعوه باعتبارهم مواطنيين سودانيين لابصفتهم اعضاء في المؤتمر الوطني.
وكشف توفيق لـ”سودان تربيون” ان منطوق القرار ينص على انه “بناء على ورود اسمك ضمن الموقعين على المذكرة فانه تقرر تجميد عضويتك” ممايعني طبقاً له ان القرار اتخذ دون تثبت ودون تروي ، مشيرا إلى انه مثل امام لجنة المحاسبة وسلمها اعتراضا مكتوباً ، وأضاف القرار شمل الذين مثلوا امام لجنة التحقيق وأولائك الذين رفضوا المثول.
وفي السياق ابلغ مصدر رفيع لـ”سودان تربيون” أن د. غازي صلاح الدين تقدم الاحد باستقالته من المؤتمر الوطني لانه رأى فيه حزبا مسدود الأفق مغلق لايقبل النصح ولايرضي النصيحة واضاف المصدر ان الحزب بقراراه تجميد عضوية هولاء القادة ادخل نفسه في عاصفة كبيرة ربما تعجل بالاطاحة به من الحكم ، واضاف المصدر إلى ان مجموع المجمدة عضويتهم يحظون باحترام واسع لدى قواعد الحزب وكوادره الوسيطة .
وقال ان اجتماعات عديدة انتظمت عضوية الحزب طيلة ليلة الاحد مشيرا إلى ان سيل من الاستقالات سيواجه الحزب ومن كوادر حساسة ، وتوقع المصدر الذى فضل حجب اسمه ان يسهم هذا القرار في التعجيل بالاطاحة بالحكومة الحالية التى تمر بأضعف مراحلها.
ومضى المصدر إلأى القول ان من جمدت عضويتهم هم قادة الشباب الذين يحمون النظام واضاف ان كان المؤتمر الوطني يظن انه يحمي سلطته بـ”ابو طيرة ” في اشارة لشرطة مكافحة الشغب فليعلم انه واهم
ومن الذين تم تجميد عضويتهم بحسب معلومات مؤكدة تحصلت عليها “سودان تربيون” د.عائشة الغبشاوي ود. حسن عثمان رزق،ود فضل الله أحمد عبد الله ، و د. احمد عبدالملك الدعاك – أستاذ جامعي ، بجانب أعضاء لمجلس الوطني مهدي عبدالرحمن أكرت و ابراهيم بحر الدين و د. سامية يوسف هباني إضافة إلى روفسير محمد سعيد حربي وعدد آخر من منسوبي الحزب الموقعين على المذكرة.
ودعت المذكرة التى نشرت على نطاق واسع إلى الغاء الاجراءات الاقتصادية التى اعلنتها الحكومة وزادت بموجبها اسعار العديد من السلع، واعتبرتها غير دستورية ، و اتاحة الحريات العامة واشراك القوى السياسية المعارضة في شأن البلاد.