هذه هي البيئة التي نراها لإجراء حوار مع نظام البشي
د.جبريل ابراهيم في حوار ساخن الجزء الاول
هذا حوار مطول مع الدكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ننشره على جزئين حيث يتعرض في الجزء الاول عن هل لازالت الجبهة الثوريه تؤمن بالحوار؟ وهل في مقدور بعض الشخصيات مثل السادة موسى هلال أو صديق ودعه التدخل لتقريب وجهات النظر المختلفه . وماهو الموقف من الحوارات الثنائيه التي تجري بين المؤتمر الوطني واطراف اخرى في الجبهة الثورية.
وفي الجزء الثاني من الحوار يتحدث القائد جبريل عن الوضع العسكري للجبهة الثوريه ويفند التهم الموجهه ضدهم بمساندة احد اطراف الصراع في الجنوب.
ويوضح رأيه في امكانية ايقاف التقارب بين المؤتمرين الوطني والشعبي . ويقول أن المؤتمر الوطني هو حزب من غلاة المتشددين العنصريين وانه لاعلاقة لهم بالاسلام.
حوار عبدالوهاب همت
*الا زلتم تؤمنون بالحوار كوسيلة لحل الازمة السودانية أم انه لابد من اعمال السلاح كما شرعتم وانه الخيار الافضل؟
اولا المطلع على كل الوثائق الخاصة بحركة العدل والمساواه أو وثائق الجبهة الثورية وحتى وثيقة الفجر الجديد التي شاركت في إعدادها عدد كبير من القوى السياسية الأخرى، أكدت بما لا يدع مجالاً للشك ان الحوار والحل السلمي المتفاوض عليه هو الخيار الاول لكل الذين يحملون السلاح، ولكل الذين يعارضون النظام. ولو كان في مقدورنا الوصول الى أهدافنا من غير إراقة قطرة دم للجأنا إليه على الفور، لأن ذلك أفضل واقل تكلفة من حيث الدماء والدمار والخراب الذي يلحق بالموارد البشرية و المادية. لذلك نحن لم يسبق لنا مطلقاً أن قلنا أننا لا نحاور. الحوار كمبدأ هو الأفضل بلا منازع. ولكن الذي يجب أن يُفهم هو أن أن الحوار يحتاج إلى طرفين يؤمنان بأن الحوار هو الوسيلة الأنجع و الأسلم لعلاج مشاكل الوطن، و أننا يجب ألا نتحاور من أجل الحوارفقط.
و حتى يثمر الحوار، لا بد أن تكون هناك بيئة مهيأة له. أي لا بد من وجود حريات كاملة تمكن الناس من الافصاح عن ارائهم من غير حجر أو خشية من عاقبة، و لا بد من أن يتم اطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين، وهؤلاء يجب أن يكونوا جزءاً من الحوار. ولا بد أن يتم الاتفاق كذلك على إيقاف العدائيات و الاعلام الهدّام. أما تكميم الأفواه، وتقييد الحريات، ومنع القوى السياسية من الإلتقاء بجماهيرهم في الساحات العامة، كل هذه لا يمكن أن تفعلها وأنت تتحدث عن الحوار. علاوة على ذلك، لا بد أن تكون هناك ندية بين الأطراف المتحاورة ومن المهم أن توكل إدارة الحوار إلى طرف محايد، مع أهمية وجود رقابة إقليمية و دولية لأن الثقة بين الأطراف مفقودة(اي بين المعارضة والحكومة)، وللمعارضة تجارب مريرة ومؤلمة مع هذه الحكومة التي تقول خلاف الذي تضمره، وتتفق لكنها لا تنفذ. و لذلك، و حتى تبنى هذه الثقة، و تتوفر الضمانات بحيث اذا توصل الناس لاتفاق مع الحكومة يجد الاتفاق طريقه للتنفيذ من غيرملاواة. قبل بدء الحوار، لا بد أن يكون هناك إلتزام واضح و قاطع من الطرفين بمخرجات الحوار. لا نريد أن نتحاور مع النظام لنكسبه الوقت إلى الانتخابات دون أن نقدم شيئاً ملموساً للشعب. لا بد من عربون جدّية يقدّمه النظام قبل أن يدخل الناس معه في حوار هادف.
*حالياً ما هو رأيكم في المفاوضات التي تمت أول الامس في أديس أبابا بين الحركة الشعبية والحكومة؟
أولا ذهاب الحركة الشعبية إلى أديس بموجب القرار الأممي رقم 2046 ليس بالأمر الجديد. وصحيح قطعاً اللقاءات هذه قد توقفت منذ فترة لبعد المسافة بين مواقف النظام ومواقف الحركة الشعبية. ولكن انطلاقاً من إقرارنا لمبدأ الحوار، فإننا لا نرفض الحوار. والجبهة الثورية على علم تام بالخطوات التي تخطوها الحركة الشعبية ، والإستراتيجية التي تتبعها الحركة متفق عليها. إننا جميعاً لو دُعينا إلى أيّ منتدى نذهب، ولكننا نوصل نفس الرسالة. و الرسالة هي اننا نريد حلاً شاملاً للقضية السودانية. و نريد للقوى الحاملة للسلاح ولغيرها أن تكون في طرف من طاولة الحوار و النظام في الطرف الآخر؛ نحن ضد الحلول الجزئية، ونريد حلاً شاملاً. لا نريد أن نتحوّل إلى صف النظام لنقاتل غداً حلفاء اليوم. هذه هي الرسالة الواحدة التي تتولى الحركة الشعبية أو غيرها توصيلها في كل المنتديات و المنابر.
عندما ذهبنا نحن إلى أروشا مثلاً، أوصلنا ذات الرسالة. ونقول للوسطاء الإقليميين و اللأمميين: اذهبوا و وحدوا المسار التفاوضي، و وحدوا الوساطة، و كذلك المنبر، لنعمل من أجل سلام عادل و شامل للقضية السودانية. نقول لهم: أننا لا نستطيع أن نتحدث عن اتفاقيات جزئية. هذه هي الرسالة التي حملها الأخ ياسر عرمان ووفده إلى أديس، وقد أدّوا أداءً جيداً بالنسبة لنا حتى الآن.
*هل سبق سفر وفد الحركة الشعبية إلى أديس مشاورات بينكم؟
نعم تمت مشاورات غير مفصّلة بيننا. و أُتفق أن يعكس وفد الحركة الشعبية رأي الجبهة الثورية في أديس. وهو نفس الأمر الذي فعلناه عندما ذهبنا أنا والأخ منّي مناوي و قابلنا الوسيط محمد بن شماس في أروشا وقد أصدرنا بياناً مشتركاً بمضمون محادثاتنا معه و الرسالة التي نقلناها إليه.
*حالياً كما تسمع هناك أحاديث عن تفاوضات واتفاقيات ويدور همس حول إعادتكم مرة أخرى إلى الدوحة ما مدى صحة هذا الكلام؟
لم يتصل بنا أحد للذهاب إلى الدوحة. والمهم ليس الموقع، و إنما المطلوب والمطروح سواء في الدوحة أو أديس أو أم جرس أو هايدل بيرغ. هل هناك رؤيا واضحة لحل شامل للقضية السودانية، أم هي محاولات لتجزئة هذه القضية؟ هذا هو المحك. نحن ليست لدينا أيّة مشكلة مع أي مكان كان. مشكلتنا أننا نريد حلاً شاملاً للقضية السودانية؛ حلاً يخاطب جذور المشكلة، و يشارك فيه كل السودانيين الرؤية و الطرح هو المحك. أما الأمكنة فلا تمثّل مشكلة أبداً.
*ألا تعتقد أن هناك ضرورة عاجلة للتعاون بينكم وقوى الاجماع أم لا زالتم تتعاملون ببطء وكسب وقت والشعب السوداني يعاني الأمرين كما تعرفون؟
في حقيقة الأمر هناك خسارة وقت وضياع فرص. و كلما تأخر الاتفاق بين أهل المعارضة، تفتت المعارضة نفسها؛ لأنها إن لم تتماسك وتذهب نحو أهدافها بايقاع سريع، وبفهم واسع، فإنها يمكن أن تتلاشى، وهذا ما نخشاه. عملياً خرج عن قوى الاجماع الوطني حزب الأمة ومن ثم المؤتمر الشعبي …الخ وبالتالي ربما بفرغ هذا الكيان. لذلك، الوقت مهم. و هو كالسيف إن لم تقطعه قطعك. أعتقد أن مقترح الاتحاد الأوربي بدعوة القوى السياسية لاجتماع في هايدل بيرغ لتدارس الوضع ودراسة مستقبل البلاد، فرصة طيبة يجب أن نتلقفها المعارضة قبل الحكومة، للإفادة منها في توحيد نفسها. وقبلها يمكن أن تجلس المعارضة المسلحة مع غير المسلحة ويمكن التداول حول القضايا العالقة و الوصول الى وثيقة متفق عليها، وعلى توزيع الأدوار، بحيث تتحرك المعارضة في الداخل للقيام بمهمتها، وتتحرك المعارضة المسلحة لأداء ما عليها من واجب ومهام. و أنا أعتقد أنه لا بد لنا أن ننتهز أقرب فرصة للقاء لأننا تأخرنا كثيراً، وأيّ تأخير فسيكون خصماً على المواطن وعلى القضية.
*لماذا انتظار هايدل بيرغ ومعارضة الداخل قريبة منكم وفي الامكان أن تقطعوا اشواطاً أكبر وتضعون النقاط على الحروف عندما تصلون الى هايدل بيرغ لماذا لا تبادرون أنتم وتتصلون بقوى الاجماع؟
ليس هنالك ما يمنع اللقاء قبل ذلك. في حقيقة الأمر، نحن في الجبهة الثورية كوّنا لجنة برئاسة الأخ أحمد آدم بخيت للاتصال و التنسيق مع الإخوة في قوى الاجماع. و هذه اللجنة الآن على تواصل معهم في الداخل بصورة شبه يومية. و يتدارسون معهم الأوراق ويتبادلونها. لكننا وجدنا في المعارضة الداخلية بعض الإشكالات الصغيرة. فالوثائق التي تأتينا تتبدل من حين لآخر، والجهات التي يجب أن نتصل بها كذلك. وهكذا؛ هناك بعض الإشكالات الإدارية الصغيرة التي لا أحسب أنها مشاكل عائقة، لكنها تؤخر العمل بدرجة ما. على كل، لجنتنا مكلّفة ومفوّضة للالتقاء بهم في أيّ مكان و زمان، وهم الآن يسعون لترتيب ذلك اللقاء.
هل يمكن أن نقول بالنسبة لكم هناك تصور واضح للتنسيق مع قوى الاجماع للوصول الى برنامج محدد يضمن حل للمشاكل وكيفية معالجتها من جانبكم كجبهة ثورية؟
نحن في الجبهة الثورية الأمر واضح بالنسبة لنا وضوح الشمس في رابعة النهار، ولا يخفى علينا شئ. أهدافنا واضحة ورؤيتنا واضحة، ننطلق من اعلاناتنا السياسية، ومواثيقنا في إعادة هيكلة الدولة، ومن ميثاق الفجر الجديد، ونحن على قناعة كاملة بأن وحدة المعارضة هي المفتاح لحل القضية السودانية.
* هل تعتقد ان الشخصيات مثل موسى هلال وصديق ودعة يمكن ان تلعبا اي دور في الفترة القادمة لتقريب وجهات النظر أو تسريع بعض الخطوات او هي تلعب في صالح جهات تحركها؟
في الحقيقة، الشخصيتان مختلفتان. الشيخ موسى هلال لم يقم حتى الآن بأيّ دور في اتجاه الوساطة او توصيل الرسائل أو نقلها من طرف لآخر. وهو زعيم قبلي من جهة، و طرف في العمل العسكري من جهة ثانية. ويبدو أنه يرتّب الآن نفسه بصورة لم تتضح لها معالم واضحة حتى الآن، ولا ندري ماذا يريد؛ هل يريد الانطلاق نحو المعارضة أم يريد البقاء في الحكومة بوسائل ضغط مختلفة؟ الأمر غير واضح بالنسبة لنا ونحن نراقب ما يجري ونحاول استجلاء الامر. أما بالنسبة للحاج صديق ودعة، فهو رجل مدني وله مساعي و طموحات في أن يلعب دوراً في تحقيق السلام في إقليم دارفور و السودان. و له علاقات سواء مع النظام أو مع أطراف آخرى، يستطيع أن يسعى بين الناس. لكن في نهاية الأمر، لا هذا ولا ذاك يملكون قراراً في أمر السلام. لأن قرار الحرب والسلام في يد النظام، وكل الذين يسعون في الطريق لا يملكون تفسيراً منطقياً للوضع في البلاد. والأمر لا يحتاح إلى وساطات. نحن نعتقد أن القضية في غاية الوضوح، والمعارضة لم ترفض الحوار في يوم من الأيام؛ و لكنها تريد وضوحاً في الرؤيا، وإلتزامات واضحة قبل الجلوس للتفاوض، ومن ثمّ الوصول الى السلام. و الضمانات التي تحتاجها المعارضة ليس في مقدور صديق ودعة أو موسى هلال توفيرها، إنما توفرها جهات دولية وإقليمية بالإضافة إلى ضمانات ذاتية نحن نعلم كيف نرتّبها. لكن اعتقد أن تعقيد الأمر ليس له ضرورة؛ لا بوساطات شخصية و لا بغيرها.
*شخصية كموسى هلال يبدو انها على وشك ادارة ظهرها للسلطة هل تعتقد إذا فعل ذلك يمكن أن يكون مرحباً به في الجبهة الثورية ومفيداً أم أن هناك حسابات آخري قديمة؟
هناك أمران في هذا الموضوع: أولهما خروج أيّ طرف من النظام القائم فيه إضعاف له، و ذلك مرحب به من قبلنا في المعارضة، لأنه سيساهم في التعجيل بنهاية النظام. و هذا لا شك فيه، ونحن نرحب بأيّ خطوة. أما ثاني الأمرين، فهو مسألة الانضمام إلى الجبهة الثورية، و نقول في هذا الصدد: لكل حادثة حديث. شيخ موسى نفسه قد لا يرغب في الانضمام إلى الجبهة الثورية، و قد تكون لأهل الجبهة اراء مختلفة في الموضوع وسندرس ذلك في وقته ولا نريد استباق الاحداث.