دارفور: الابادة الثانية انطلقت الحل في الوصاية الدولية \ شاكر عبدالرسول
لوتركنا جانبا ما اثاره الرئيس البشير في خطابه الاخير الذي سمي بالوثبة وعن ما يدور في دهاليز النخبة السودانية في المركز من القضايا مثل الحوار الوطني وغيرها , وانتقلنا مباشرة الى ما يحدث الان في اقليم دارفور نكتشف باننا نعيش في جزيرتين منفصلتين تماما .الناس في الخرطوم منشغلون باخبار لقاء جمع بين الترابي او الصادق المهدي مع البشير او اخبار الشيخ بلة الغائب الذي يعلن امام الملا بانه يعلم مكان الطائرة الماليزية المفقودة , والقنوات الفضائية الوطنية تنقل هذه الاخبار الى جانب خبر خطاب ارسله الرئيس البشير الى امير الكويت يطالبه باصلاح ذات البين بين الدول العربية , بينما الناس هنالك في دارفور شغلهم الشاغل هوكيفية وقف الابادة الجماعية والتطهير العرقي اى نحن نمشي في خطين متوازيين لا يلتقيان ابدا من حيث الامال والام
في خلال شهر واحد فقط يتم احراق اكثر من مئة قرية , وتدمر اكثر من ثلاثين موردا مهما للمياه , وعدد القتلى والمفقودين يزيد عن 300 شخص , وعدد الفتيات المختطفات اكثر من عشرين, بالاضافة الى اللاجئين والنازحين بارقام هائلة, واخرون مازالوا تائهين في الوديان والجبال والصحاري كل هذه المأساة تحدث بدعم مباشر من الحكومة للمليشيات الجنجويد تحت غطاء محاربة التمرد وبصمت داخلي وخارجي رهيب
اليوم اكثر من 95% من مساحة اقليم دارفور خارج سلطة الحكومة, والولاة في ولايات دارفور الخمس يسيطرون فقط على 5% من هذه المساحة, وهي في حد ذاتها عبارة عن اشباه مدن فيها مباني حكومية منتشرة هنا وهناك , اما الاطراف كلها كونتينات مكدسة بالنازحين والجنجويد والعاملين في وكالات الغوث الدولية وقوات اليوناميد وغيرها, كما ان الامن غير موجود حتى في داخل هذه المدن والولاة يغطون فشلهم ببث اكاذيب من خلال التلفزيون والاذاعة. وصلت الاحوال الى مرحلة اختطاف التجار في داخل المدن ونقلهم الى احياء اخرى ليتم اطلاق صراحهم مقابل فدية مالية يدفعها اهل المختطف وصلت قيمتها الى 700مليون جنيها في مدينة مثل زالنجي
هذا هو الوضع في داخل المدن اما اذا انتقلنا الى الارياف فان الاحوال وصلت الى مرحلة الفوضى الخلاقة, 95% من سكان دارفور الان يعيشون خارج سلطة الحكومة لا توجد مراكز شرطة ولا جيش ولا قضاة الامر كله بيد المليشيات الحكومية تقتل وتشرد كما تشاء بدعم من الحكومة نفسها تحت مسميات مثل الجنجويد , حرس الحدود , قوات التدخل السريع وغيرها. فمثلا مدينة تاريخية مثل سرف عمرة اليوم تدار اداريا بواسطة مجلس يتكون من 100 شخص بمعدل خمس اشخاص من كل قبيلة ويتم تسييرها ماديا من قبل الاتاوات التي تجمع من سائقي السيارات, تخيلوا كم من دنانير يدفعه المواطن المسكين من اجل الحصول على رطل سكر واحد فقط وصلت اليه بعد كل هذه الجبايات؟ المهم هكذا تدار مدينة مهمة في القرن الحادي والعشرين, واللوم هنا لايقع على الشيخ موسى هلال بل يقع على اصحاب المشروع الحضاري الذين ارتكبوا كل هذه الاخطاء في حق المواطن والوطن
الناس هنالك يتعرضون للابادة الثانية ومهددون بالانقراض اكثر من اي وقت مضى كما ان الاحوال ليس خطرا على حياة الدارفوريين وحدهم بل اصبح تهدد الامن والسلم الدوليين فموظفي الامم المتحدة وجنود القوى الدولية ” اليوناميد” ايضا حياتهم في خطر انهم عرضة للاختطاف والهجمات من
قبل المليشيات
في مثل هذه الظروف يجب ان نفكر جديا وبعيدا عن اى مؤثرات خارجية عن كيفية انقاذ انفسنا من براثن الابادة , للحق لايوجد في تاريخ البشرية شعب دافع عن نفسه بامكانيات ذاتية ومتواضعة
عن جرائم الابادة والتطهير العرقي مثل شعبنا, فكل الشعوب التي اصابتها سيف الابادة انقذت انفسها بمساعدة خارجية انظر الى ما حدث في البوسنة ورواندا والى الناجين من النازية
اليوم نحن بحاجة ماسة الى ان نطالب المجتمع الدولي بحق الوصاية علينا يجب ان نبدأ بصياغة مذكرة قانونية مفصلة وتصادقها كل شرائح المجتمع الدارفوري وترفع لهيئة الامم المتحدة ونطالب فيها بحق الوصاية علينا لمدة لا تقل عن عشر سنوات عملا بقانون الوصاية الدولي حيث تقوم الدول المكلفة من مجلس الامن بتسيير امور الاقليم ورعاية مصالح شعبه والاخذ بيده نحو النهوض السياسي والاجتماعي والاقتصادي
[email protected]