بسم الله الرحمن الرحيم
حركة العدل و المساواة السودانية
Justice & Equality Movement Sudan (JEM)
www.sudanjem.com
[email protected]
خطاب حركة العدل والمساواة السودانية
الموجّه إلى القمة الإفريقية الخاصة بالنزاعات في القارة المنعقدة
بطرابلس الغرب في 31 أغسطس 2009
الأخ الكريم القائد الأممي رئيس القمة رئيس الاتحاد الإفريقي
السيدات و السادة:
تنتهز حركة العدل والمساواة السودانية هذه السانحة المباركة وتزفّ باسم جماهير الشعب السوداني أجمع خالص التهنئة وأجلّ التبريكات إلى الأخ القائد الأممي مفجر ثورة الفاتح من سبتمبر الظافرة الزعيم العربي الإفريقي المبجّل رئيس الاتحاد الأفريقي وملك ملوك إفريقيا وعبره إلى شعب الجماهيرية العظمى الشقيق بمناسبة العيد الأربعين وإطلالة العام الحادي والأربعين لثورة الفاتح المجيدة، متمنين للأخ القائد الأممي دوام الصحة ولشعب الجماهيرية التقدم والإزدهار.
كما تعبّر حركة العدل والمساواة السودانية عن خالص شكرها وجزيل إمتنانها إلى القائد الأممي رئيس الاتحاد الإفريقي وملك ملوكها الذي بادر بالدعوة إلى هذه القمة للنظر في نزاعات القارة الإفريقية التي أقضّت مضجعها، فهي مبادرة موفّقة تضاف إلى رصيد القائد الأممي الكبير من مبادرات و أعمال جليلة سعدت بها القارة الإفريقية، وتنمّ عن حرص الأخ القائد الأممي على تحقيق السلام في كافة ربوع القارة الواعدة. كما تشكر الحركة كافة رؤساء الدول وممثليها الذين وفدوا إلى طرابلس الفاتح بحثاً عن مفاتيح حلول لنزاعات القارة المقعدة. داعين المولى عزّ وجلّ أن يوفق المشاركين فيها للوصول إلى مقترحات وقرارات عملية وعلمية تساهم في تحقيق السلام واستدامته في القارة.
الأخ القائد الأممي رئيس القمة
الحضور الكريم
النزاع الذي سمي مجازاً بقضية دارفور ما هو إلا تمظهر من تمظهرات القضية السودانية التي تجلّت في كل الهامش السوداني بأشكال احتجاجية متعددة منذ ما قبل جلاء المستعمر الإنجليزي وحتى اليوم. وما لم يحرر ويشخّص المشكل بأبعاده الحقيقية الصحيحة، وتخاطب جذوره بطريقة موضوعية، فسيبقى عصياَ على الحل وقابلاً للتكرار. فقد اختار أهل جنوب السودان حمل السلاح عام 1955 احتجاجاً على رفض المركز تبنّي الحكم الفدرالي الذي وعد به الجنوب في مؤتمر جوبا عام 1947 بجانب الجور الذي وقع عليهم عند إحلال السودانيين في وظائف الإنجليز المغادرين. وقد عاش جنوب السودان نتيجة ذلك حرباً ضروساً استمرت 40 عاماً من عمر الحكم الوطني الذي لم يتجاوز الخمسين عاماً إلا بقليل . ثم تتالت الحركات الرافضة للتهميش فقام مؤتمر البجا في شرق السودان عام 1958 واتحاد جبال النوبة في كردفان عام 1959 كما قامت عدة حركات احتجاجية في دارفور منها حركة اللهيب الأحمر عام 1960 وجبهة سوني عام 1962 وجبهة نهضة دارفور عام 1964 والانتفاضة الشعبية عام 1980 وحركة داود بولاد عام 1991 وأخيراً الثورة التي عمّت الإقليم وامتدت منذ عام 2001 حتى يومنا هذا. ومحصّلة القول هنا هو أن ثورة دارفور ليست بالأمر الجديد العارض، أو نتيجة مؤامرة أجنبية. إنّما هي ثورة ظلّت تعتمل وتغلي في صدور الشعب السوداني منذ فجر الاستقلال، وفي كل أنحاء الهامش السوداني، وانفجرت لأسباب موضوعية تتطلّب معالجة سياسية رصينة دون البحث عن مشاجب أجنبية تعلق عليها الإخفاقات الوطنية.
الأخ القائد الأممي رئيس القمة
الحضور الكريم
أعلنت حركة العدل والمساواة السودانية عن نفسها في أغسطس عام 2001، بمشروع إصلاحي سياسي واضح. ونشرت رؤآها وأدبياتها الداعية إلى سودان موحّد يستوي فيه المواطنون في الحقوق والواجبات، ويحكم فيه بالفدرالية الحقّة، وينتخب فيه الحكّام عبر انتخابات حرة ونزيهة، وتقتسم فيه السلطة والثروة بالعدل بين أقاليمه وشعوبه، وتسود فيه الحريات العامة وحكم القانون. وسعت للحوار مع النظام في الخرطوم بالحسنى وعبر كل قناة ممكنة قبل اللجوء إلى السلاح. إلاّ أن الخرطوم رفضت أن تعير نداءآت الحركة أذناً صاغية، وتمترست عند موقفها المعلن القائل: “ألاّ حوار إلاّ مع من يحمل السلاح”! فاضطرت الحركة إلى حمل السلاح لاسماع صوت شعبها وقضيته. ورغم حمل السلاح، إلاّ أن الحركة لم تتوقف يوماً ولم تدّخر وسعاً في البحث عن السلام العادل الشامل الذي يردّ حقوق المظلومين ويضع حداً لمعاناة الأهل الذين قتّلوا بدم بارد، وأخرجوا من ديارهم بالملايين، بمؤامرة دنيئة مرّغت أنف القانون الدولي الإنساني وضربت به عرض الحائط على مرأى ومسمع من المجتمع الإقليمي والدولي، وما زالوا يعيشون مأساة إنسانية لم يشهد القرن مثلها. فذهبت الحركة إلى كل منتديات الحوار بقلب مفتوح وإرادة سلام لا تلين؛ إبتداءً بإنجمينا، ومروراً بطرابلس الغرب وأديس أبابا وأبوجا وانتهاءً بالدوحة. إلاّ أنها لم تجد شريكاً جاداً يسعى لتحقيق سلام عادل يجلب الأمن والإستقرار للبلاد، ويحل مشكلة الوطن والمواطن. ورغم غياب الشريك الجاد إلاّ أنّ عزم الحركة في البحث عن السلام العادل لم يفل، وقناعتها بالحل السلمي المتفاوض عليه كخيار إستراتيجي لم تتزعزع، وستظل تبحث عن السلام بكل السبل إلى أن يتحقق.
الأخ القائد الأممي رئيس القمة
الحضور الكريم
تبيّن الخلفية التاريخية للمشكل السوداني التي عرضت آنفاً، أن مشكلة التهميش مشكلة واحدة في كل أنحاء البلاد باختلاف في الدرجة وطرائق التعبير عنها. وأن مكمن داء السودان ليس في إنسانه ولا حجم موارده، ولكن في سوء إدارة المركز للبلاد، وهضم حقّ أهل الأقاليم في السلطة والثروة. وأنّ الحلول الجزئية، ومحاولات توطين المشكلة في مساحات جغرافية محدودة، ساهمت في تفاقم المشكلة السودانية بدلاً من وضع نهاية لها. وبالتالي لا بد للحل أن يكون شاملاً ومخاطباً لجذور المشكلة بدلاً من قصره على الأعراض والآثار الجانبية – دون المساس بأهمية معالجة الآثار وبخاصة الإنسانية منها – بحيث لا يسمح للصراع بالانتقال من إقليم إلى آخر لتراق المزيد من الدماء قبل الوصول إلى السلام في بؤرة النزاع الجديدة. فالحركة مع الحل الشامل الذي يخاطب جذور المشكل السوداني دون تجاوز لخصوصيات الأقاليم ومناطق الصراع.
• الأخ القائد الأممي رئيس القمة
الحضور الكريم
يعاني المواطن السوداني في معسكرات النزوح واللجوء، وكذلك الذين لم يجدوا طريقهم إلى هذه المعسكرات، شحّاً كبيراً في ماء الشرب والغذاء والدواء، وتردّياً مريعاً في المأوى، وتهديداً مستمراً ومباشراً في أمنه وعرضه وحريته، رغم الجهود الأقليمية والدولية المشكورة التي بذلت لإغاثته. وقد إزداد الوضع سوءاً بطرد منظمات إنسانية هامة وعديدة في مارس الماضي إثر صدور مذكرة توقيف في حق الرئيس عمر البشير من المحكمة الجنائية الدولية. ولا بد من أن تتكاتف الجهود الإقليمية والدولية لمعالجة الوضع الإنساني المزري في معسكرات النزوح وبصورة عاجلة، بإعادة المنظمات الدولية المطرودة أو إحلالها ببديل في كفاءتها وخبرتها، وتوفير المزيد من الموارد لسدّ الفجوات الهائلة في كل الضرورات الحياتية للنازح واللاجئ، مع الضغط على النظام في الخرطوم للكفّ عن إغتيال قادة المعسكرات أو اعتقالهم وتعريضهم لصنوف من العذاب الجسدي والنفسي، والاقلاع عن بثّ الرعب في نفوس العاملين في العمل الإنساني في إقليم دارفور بإختطافهم عبر منظمات مشبوهة تعلن ولاءها الصريح للنظام.
الأخ القائد الأممي رئيس القمة
الحضور الكريم
تؤكد حركة العدل والمساواة السودانية على أهمية الدور الإقليمي والدولي المساند والداعم للحلول والإرادة الوطنية. فمع الإقرار بأن الحل بيد الأطراف السودانية المتصارعة إلا أن حاجة السودان إلى المجتمع الإقليمي والدولي من حوله لا تقتصر على مرحلة البحث عن السلام فقط، ولكن تتعداها إلى مرحلة بناء السلام والحفاظ عليه وإعادة بناء ما دمّرته الحرب. ولكي يكون هذا الدور فاعلاً، لا بد لنظرة المجتمع الإقليمي والدولي للمشكل السوداني أن تكون نظرةعميقة وفاحصة؛ تخاطب أسّ المشكل لا أعراضه؛ وتبتعد فيه عن التأطيرات الإثنية الضيقة، ومحاولات شق صفوف الثورة بجهل أو عن عمد؛ وتقلع فيه عن الزجّ بالمشكل السوداني في أتون المنافسات والصراعات الإقليمية والدولية غير ذات الصلة؛ مع ضرورة التقليل من سيل المبادرات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من التنسيق. كما أن من الأهمية بمكان أن يتحدّث المجتمع الدولي في القضية السودانية بصوت واحد، وعبر قناة موحّدة، حتى لا تتضارب وتتناقض الإشارات الصادرة منه، مع البعد عن محاولات فرض حلول غير واقعية وغير منصفة للأطراف.
الأخ القائد الأممي رئيس القمة
الحضور الكريم
تعلن حركة العدل والمساواة السودانية عن رغبتها في استمرار التفاوض مع النظام في الخرطوم والوصول إلى حل عادل متفاوض عليه عبر منبر الدوحة، مع تأكيدها على أهمية دور دول الجوار الإقليمي وعلى رأسها الجماهيرية الليبية وجمهورية تشاد وجمهورية مصر العربية ودولة إريتيريا والمجتمع الدولي المكمّل والداعم لهذا المنبر، على أن يكون المنهج واضحاً وموضوعات ومواقيت التفاوض متفق عليها سلفاً؛ وأن يكون صوت المقاومة موحداً تحت مرجعية واحدة؛ وأن يكون المجتمع الإقليمي والدولي قادراً – بإرادته الموحدة – على حمل الأطراف لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه. والحركة مستعدة لإبرام اتفاق سلام عادل وشامل ودائم لو توفرت إرادة السلام لدى طرف النظام، واستجابت لمطالب أهل السودان وأهل دارفور المتمثلة في بسط الحريات العامة، وسيادة حكم القانون، مع تمكين الحكم الفدرالي على أساس الأقاليم، والمشاركة العادلة – وفق معايير معلومة – في السلطة في كل مستوياتها، وقسمة عادلة للثروة، وتعويض المتضررين من الحرب فردياً وجماعياً، مع ضمان العودة الطوعية للنازحين واللاجئين إلى مواطنهم الأصلية، وترتيبات أمنية تضمن تنفيذ الاتفاق وتحول دون العودة إلى الحرب.
الأخ القائد الأممي رئيس القمة
الحضور الكريم
تجدر الإشارة هنا إلى أن الانتخابات التي تنوي الخرطوم إجراؤها في إبريل المقبل قبل تحقيق السلام وإستتباب الأمن في ربوع الوطن ستضرّ بالعملية السلمية وتطيل المعاناة الإنسانية في البلاد بدلاً من وضع حد لها. ففي غياب الأمن والسلام ومع إحصاء سكاني يفتقر إلى الشفافية والنزاهة وترفضه معظم القوى السياسية الأساسية في البلاد وسيادة قوانين مانعة للحريات العامة واحتكار الحزب الحاكم للاعلام والموارد، تكون نتائج الانتخابات قد حددت سلفاً، ولا يعدو إجراؤها تحت الظروف المذكورة إلا أن تكون تزييفاً للإرادة الشعبية، وعزلاً للأقاليم التي لن تجرى الإنتخابات فيها من رسم مستقبلها في مرحلة هامة وحرجة من تاريخ البلاد.
الأخ القائد الأممي رئيس القمة
الحضور الكريم
تثمّن حركة العدل والمساواة السودانية غالياً دور المنظمات الإقليمية والدولية في إغاثة اللاجئ والنازح السوداني، وإمداده بالغذاء والدواء والمأوى، وجهودها في توفير الأمن له. كما تثمّن لها دورها في إقرار مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقوبة في الجرائم الفظيعة التي أرتكبت في دارفور وأجزاء أخرى من السودان. وتبدي الحركة استعدادها التام للتعاون مع كافة المنظمات الإقليمية والدولية بهدف إغاثة اللاجئين والنازحين، وضمان مراعاة القانون الدولي الإنساني، وتحقيق السلام والحفاظ عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله
د. خليل إبراهيم محمد
رئيس حركة العدل والمساواة السودانية
طرابلس الغرب 31 أغسطس 2009