خال الرئيس السوداني والناشط الانفصالي: نفضل وحدة مع مصر أو تشاد على الجنوب

الطيب مصطفى
الطيب مصطفى

خال الرئيس السوداني والناشط الانفصالي: نفضل وحدة مع مصر أو تشاد على الجنوب

 

الطيب مصطفى الوزير السابق رئيس منبر السلام العادل: حضرنا كرنفالات الفرح ليوم الانفصال * الحلول الوحدوية لم تنجح.. وظللنا في حروب نصف قرن مع الجنوب
عيدروس عبد العزيز
* إثيوبيا بها قوميات أكثر من شمال السودان.. وعندما انفصلت إريتريا لم تثر تلك القوميات

* لو بقي السودان موحدا مع مصر لما طالبنا بهوية أو انفصال

* يجب ألا يمنح الجنوبيون وضعا خاصا إلا بعد فترة اختبار تمتد لـ4 أو 10 سنوات

* البشير ينصحني دائما بتخفيف لهجتي الانفصالية.. وألتقيه في مناسبات العائلة

* كذب من قال إن للبشير أموالا في الخارج.

ظل الطيب مصطفى، وزير الاتصالات السوداني السابق، القيادي السابق في المؤتمر الوطني الحاكم، من القلائل في شمال السودان الذين ينادون بانفصال جنوب السودان. حتى عندما كان مثل هذا الحديث محرما في الشمال كان صوته عاليا وحجته أن «كل الحلول الوحدوية لم تنجح، وفشلت في إنهاء حالة التأزيم المستمرة منذ أكثر من نصف قرن بين الجانبين.. سالت فيها بحور الدماء.. وخربت الاقتصاد والمنشآت.. وأزهقت مئات الآلاف من الأرواح».

تخلى عن عضويته في المؤتمر الوطني حتى لا يجبَر على التوقف عن المناداة بالانفصال. أنشأ «منبر السلام العادل» وصحيفة باسم «الانتباهة» للترويج لأفكاره. مصطفى، الذي تربطه علاقة دم بالرئيس السوداني عمر البشير، (خال الرئيس)، ظل يسبح ضد تيار ابن أخته الذي شن، مؤخرا، حملات من أجل وحدة السودان. يقول مصطفى، في حوار صريح وجريء مع «الشرق الأوسط»: «إن البشير فقع مرارتي بالحديث عن الوحدة». وقال إن منبره يحضر لاحتفالات وكرنفالات ضخمة في إعلان انفصال الجنوب «باعتباره يوم استقلال السودان الحقيقي». لكنه نفى أن يكون قد تعرض للإساءة للجنوبيين. كما يشاع كثيرا عنه. يقول إنه مع الوحدة مع مصر.. ولن يعارض إذا طلبت إريتريا أو إثيوبيا أو تشاد إقامة وحدة مع السودان، لوجود قواسم مشتركة. ووصف المشكلات بين شعوب مناطق شمال السودان بأنها مجرد «صداع»، أما مع الجنوب فهي «سرطان يحتاج إلى بتر». ونفى أن يكون للبشير أموال في الخارج كما تقول برقيات «ويكيليكس»، وقال: ليت أوكامبو يعلم كم ظُلم البشير بتوجيه اتهامات الإبادة ضده.. وقال: «البشير يقيم الليل ويصوم الاثنين والخميس كل أسبوع ويصل رحمه».. وهذا ظلم للرجل.

* أنت تتحدث جهارا نهار مناديا بالانفصال.. ومنذ سنوات.. لماذا تريد تفتيت السودان؟

– لأسباب بسيطة جدا.. وهي أن كل الحلول الوحدوية لم تنجح. وفشلت فشلا ذريعا في إنهاء حالة التأزم المستمرة منذ أكثر نصف قرن.. سالت فيها بحور الدماء.. وخربت الاقتصاد.. والمنشآت وأزهقت مئات الآلاف من الأرواح.. لذا كانت دعوتنا إلى الانفصال.. لماذا لا نجرب هذا الدواء.. الذي جربته شعوب كثيرة قبلنا، وعاشت في سلام مع الأجزاء التي انفصلت عنها، دول الاتحاد السوفياتي السابق، ودول الاتحاد اليوغسلافي، وباكستان والهند، وإثيوبيا وإريتريا.. وإندونيسيا وتيمور. نحن ظللنا عاطفيين متأثرين بما يكتب في المناهج التعليمية.. «أنت سوداني.. وسوداني أنا.. ضمنا الوادي فمن يفصلنا.. منغو (اسم جنوبي) قل لا عاش من يفصلنا».

* ولكن الفوارق أحيانا تظل محل إثراء للبلاد لا للفرقة..

– هذه فوارق كبيرة جدا، في الثقافة والتقاليد والعادات، والهوية؛ الشمال عربي مسلم، يتوق إلى محيطه العربي المسلم، والجنوب يتوق إلى محيطه الأفريقي، هما كزوجين متنافرين، فالطلاق هو الأفضل لهما.. بسبب عوامل التفرقة والتنافر والمشاعر المتناقضة التي ظلت سائدة منذ عشرات السنين. منذ عام 1947 قرر الجنوبيون الانفصال عن السودان في مؤتمر عقد في جوبا، لكن الإنجليز حرفوا هذه الحقيقة ولم ينقلوا حقيقة ما قاله الجنوبيون. ونقل عنهم المسؤول الإداري البريطاني جيمس روبنسون أنهم يريدون الوحدة. وعندما اندلعت أول شرارة للحرب عام 1955 قبل خروج البريطانيين، قام الجنوبيون بأول عملية تطهير عرقي عندما قتلوا عشرات الشماليين في توريت بالجنوب. واستمرت المعارك إلى يومنا هذا. وحتى عندما تم توقيع اتفاقية السلام، عام 2005، لم تشهد البلاد سلاما حقيقيا، فالحركة التي كانت الشريك الأكبر في الحكم، كانت العدو الأكبر.

* لماذا لا تنظر إلى الجانب الآخر، حيث توجد دول كبرى تعيش في توافق رغم وجود تباين أكثر مما في السودان.. مثل الولايات المتحدة، وهي أكبر دولة في العالم.. التنوع فيها كان مصدرا لثرائها..

– الفرق بيننا وبين الولايات المتحدة، أن المجتمع انصهر في بوتقة واحدة، ويعيش مختلطا، بينما نحن، حيث يعيش الجنوبيون، في رقعة واحدة من الأرض يوجد فيها فقط العنصر الجنوبي.. ثانيا فإن الأصل في الأمور هو التجانس لا التنافر الذي يخلقه التنوع. فكلما كان هناك تجانس، كانت هناك عوامل للوحدة أكبر. وكلما كثر التنافر والتشاكس حول الأرضية المشتركة، حدثت الحروب. لا يمكن أن نقيم حديقة فيها قطط وفئران ونقول إن هذا تنوع ونريد أن يعيشوا فيها بسلام. هل يمكن أن نقيم دولة واحدة للقطط والفئران.

* ولكن العالم يتوحد.. ويتجه إلى إقامة كيانات كبيرة، رغم وجود «تنوع بشري»؟

– التنوع بوجود أرضية مشتركة وقواسم مشتركة لا غضاضة منه.. ولكن التنوع مع التنافر والتباعد والحروب يعد مشكلة كبرى، خصوصا إذا فشل الناس في إيجاد أرضية مشتركة.

* اتفاقية السلام (نيفاشا) وضعت هوية مشتركة، وأساسا مشتركا كان يمكن أن يكون قاعدة للانطلاق؟

– هذه الاتفاقية وضعت الأسس الخطأ.. فقد أسست لدولة تقوم على أساس عرقي وإثني.. هي عنصر الجنوبيين. فقد أعطوهم الحق في تقرير المصير على أساس عنصري.

* ولكنكم تدعون إلى الانفصال، في حين كان الآخرون يعملون من أجل الوحدة وتثبيتها.. حتى اتفاقية السلام كانت تدعو إلى الوحدة أولا..

– الدعوة إلى الانفصال قامت في الجنوب منذ الاستقلال.. وفي الشمال وافقت معظم الأحزاب على حق تقرير المصير.. فلماذا الغضب علينا نحن وحدنا؟! كثير من الشماليين كانوا ينادون بالانفصال، ولكنهم كانوا فرادى.. وقمنا بتجميعهم في كيان واحد، للدعوة بهذا الاتجاه.. كما يدعو الجنوبيون إلى الانفصال منذ الاستقلال.

* ألم تكن الحركة الشعبية حركة وحدوية، ينادي مؤسسها جون قرنق بالوحدة.. وخاض أول حروبه ضد الانفصاليين.. وكان يدعو إلى سودان جديد يسع الجميع؟

– ما كان ينادي به قرنق بشأن السودان الجديد يستحيل تطبيقه.. لأنه يريد أن يفرض هوية الأقلية على الأغلبية.. ماذا يقول قرنق في أحد تعريفاته الكثيرة لمفهوم السودان الجديد؟ «الهدف الرئيسي للحركة الشعبية هو إنشاء السودان الجديد، الذي يعني نهاية النموذج العربي الإسلامي وإعادة هيكلة السودان من خلال الإحلال والإبدال». قال هذا في محاضرة بفرجينيا في الولايات المتحدة.. هو يريد أن يفرض هوية الأقلية على الأغلبية. يريدون من الأغلبية أن تتخلى عن دينها وعروبتها وهويتها في سبيل استرضاء هؤلاء.. هذا ليس من الديمقراطية في شيء.

* أنت متهم بأنك عنصري.. فالقضية ليست هوية وغيره.. ولكنك عنصري وتتحدث بحقد عن الجنوبيين، وتصفهم بأوصاف عنصرية..

– هذا أمر مضحك.. بكل ما تحمل الكلمة من معان.. لم يحدث يوما أن وصفت العنصر الجنوبي بأنه متدنٍ.. ولكن أطالب بأن يحصل الانفصال بين القط والفأر.. ومعروف تاريخيا أن كل من يأتي بدعوة جديدة، يواجه معارضة قوية واتهامات. حتى الرسل عندما جاءوا بشيء جديد هوجموا ووصفوا بالسحرة والمجانيين. هذا أمر طبيعي أن أتهم بالعنصرية إذن. وأنا أستغرب من الذي يتهم بالعنصرية أنا أم الحركة الشعبية التي تريد فصل الجنوب بسبب العنصر.. ونادت بحق تقرير المصير لهم باعتبارهم عنصرا جنوبيا؟ كل الأحزاب الشمالية نادت بحق تقرير المصير للجنوبيين من أم وأب جنوبيين.. فلماذا فقط عندما ينادي الطيب مصطفى بذلك يتهم بأنه عنصري. وأنا أدعوكم إلى مطالعة الصحف الجنوبية ومشاهدة «تلفزيون جنوب السودان»، وتلفزيون «أيبوني» (وهو رمز فيه عنصرية)، لتروا العنصرية على أصولها.

* باقان أموم (الأمين العام للحركة الشعبية) يقول إنك وصفته بأوصاف عنصرية..

– لم يحدث ذلك وأتحداه أن يثبت ذلك.. ديني يمنعني أن أصف الناس بأوصاف غير كريمة.. وإذا قلت فذلك يعني أن بداخلي جاهلية.

* أموم حملك شخصيا وزر انفصال جنوب السودان؟

– هذا غريب.. من بيده حق التصويت للوحدة أو الانفصال.. الجنوبيون هم من يملكون هذا الحق.. إذا أرادوا الوحدة فليصوتوا لها. دينق ألور (وزير الخارجية السابق) قال إنني وصحيفة «الانتباهة» نتحمل وزر انفضاض مشروع السودان الجديد. نحن نفتخر بهذا لأننا نقاوم مشروع السودان الجديد. لأنه يسلبنا هويتنا ويطمسها. وهو دعوة إلى استعمارنا. نحن دعونا إلى الانفصال في «الانتباهة».. وتلقفها الشعب. وأصبحت «الانتباهة» توزع 88 ألف نسخة.. والفرق بيننا بين الصحيفة الثانية 55 ألف نسخة.. ذلك لأننا ندعو إلى شيء يريده الناس.. ويعبر عنهم.

* ربما لأنكم تجدون الدعم من الدولة.. وليس لأهمية أفكاركم؟

– أنا تركت المؤتمر الوطني (الحاكم) منذ عام 2002، عندما كتبت مقالا يدعو إلى الانفصال.. طلب مني الأمين العام للمؤتمر الوطني وقتها (إبراهيم أحمد عمر) أن أكف عن ذلك.. ورفضت، وخرجت وكونت منبر السلام العادل. رفضت ديكتاتورية المؤتمر الوطني في حجب آرائي.. وصحيفة أوقفت عن الصدور بسبب أننا نتحدث بصراحة. فلا أحد يساندني من الدولة أو الحكومة.

* ينسب إليك أنك دعوت إلى فصل الشرق لينضم إلى إريتريا والغرب إلى تشاد.. ماذا تبقى في السودان؟

– لم أقل يوما هذا.. قلت إذا كانت هناك منطقة في السودان، واختار جميع أهلها الانفصال فلا ضير.. والقرآن يقول: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ».. فهل نجعل قضية الوطن أكبر من الدين؟ هل نريد للكل أن يبقى ضمن إطار الوطن بـ«الشلوت.. والقهر»؟ هذا ضد الديمقراطية.. ما قلته هو إن مشكلة الجنوب تختلف عن المشكلات الأخرى.. والمقارنة بينهما مثل المقارنة بين الصداع والسرطان. مشكلات شعوب شمال السودان في الشرق ودارفور مثل الصداع.. ليس بيننا مشكلة هوية أو انصهار أو تجانس.. أو عرق. اتفاقية الشرق لم تدعُ إلى تقرير مصير.. وحتى اتفاقية أبوجا لم تدعُ إلى تقرير المصير. حتى من يرفعون السلاح لم نسمع منهم أنهم يريدون الانفصال. ولو نادوا بذلك فهم يعلمون أنهم سيرفضون بقوة من قبل الشعب. وإن كنت أذهب إلى أبعد من ذلك وأقول: لو أتيحت لشعب تشاد أو إريتريا أو إثيوبيا فرصة التوحد مع السودان لرحب الجميع.. فما بالك بأبناء الشرق ودارفور.

* الدستور السوداني والقانون يعاقب من يدعو إلى تفتيت السودان.. وأنت ظللت تدعو إلى الانفصال منذ سنوات.. ولا يطالك القانون.. فمن أين تستمد هذه القوة؟

– أعرف ما ترمي إليه.. ولكنني أقول لك إن قانون الاستفتاء يعطي الحق والفرصة لإبداء الرأي في الاتجاهين.. الانفصال والوحدة.. من خلال أجهزة الإعلام. والقرآن يتيح الرأي الآخر.

* هل تؤيد إقامة علاقة تعاون بين الشمال والجنوب بعد الانفصال.. مثل الجنسية المزدوجة والحريات الأربع التي تطالب بها الحركة الشعبية؟

– هذا مرفوض تماما.. الجنسية المزدوجة خطر على السودان الشمالي.. لم نسمع بدولة تمنح جنسيتها لشعب دولة أخرى.. ثم لماذا يطالبون بالانفصال إذا كانوا متمسكين بالجنسية السودانية.. هم قالوا إننا نمارس عليهم عنصرية، وإنهم مواطنون درجة ثالثة في الشمال، فماذا يفعلون بالجنسية. أما الحريات الأربع فليست شيئا منصوصا في القانون الدولي.. العلاقة الخاصة التي نشأت بين مصر والسودان هي التي كانت وراء منح شعبي البلدين الحريات الأربع وهي: حريات التنقل، وحرية الحركة، وحرية الإقامة، وحرية التملك، وليس بالضرورة منح هذه الحريات إلى أي دولة أخرى.. ممكن واحدة أو اثنتين. لا ينبغي أن تمنح هذه الأشياء إلى جنوب السودان.. حتى يتم التعرف على شكل العلاقة بعد الانفصال.. فإذا كانت هناك علاقات سلسة ومستمرة لعدة أعوام (من 4 إلى 10 سنوات).. حينها يمكن منح هذه الحريات. أما الآن فلا، في ظل أن الحركة الشعبية تعمل وتنادي بإقامة مشروع السودان الجديد في الشمال حتى بعد الانفصال.. فكيف نسمح لوجود عنصر يعمل على تنفيذ مشروع سياسي في دولة أخرى. كيف نسمح لمجموعة تعمل كـ«شوكة حوت» أو «مسمار جحا» داخل تراب بلدنا. توجد علاقات بيننا وبين شعوب دول أخرى مثل تشاد وإريتريا وإثيوبيا.. هم الأولى بمنحهم الجنسية المزدوجة كما مع مصر حاليا. الجنوبيون يجب أن يختبروا أولا.

* هل تعتبر التقارب بين شعوب شمال السودان وشعوب مصر وإريتريا وإثيوبيا وتشاد أقرب منه إلى الجنوبيين رغم أنهم أبناء الوطن الواحد؟

– نعم.. ولا شك في ذلك.. هؤلاء جربناهم، ولا توجد مشكلة معهم.. أما مع الجنوب فنحن أمام مشكلة مستمرة.

* ألا تتخوف من نعرات في أقاليم الشمال الأخرى.. أو امتدادات لمشكلة الجنوب في أبيي والنيل الأزرق وجبال النوبة؟

– إثيوبيا بها قوميات أكثر.. وعندما انفصلت إريتريا ولم نشهد أي تمرد آخر في قومياتها الأخرى. والروابط بين شعوب شمال السودان قوية، جدا.. ووصلت إلى حد الانصهار والتزاوج.. صحيح توجد أجندة دولية.. ولكننا سنهزمها. أما ما يحدث في مناطق التماس الحدودية مع الجنوب.. فقد دعونا إلى حل مشكلات الحدود قبل الاستفتاء حتى لا تبقى عالقة لدهور، كما في كشمير، وبادمي، بين إثيوبيا وإريتريا. وعلى الرغم من أننا ننادي بتسريع الانفصال، فإننا طالبنا أيضا بحل المشكلات العالقة قبل الاستفتاء.

* تتحدث عن شمال عربي وإسلامي.. والرئيس كذلك.. ولكنه ليس كذلك.. هناك المسيحيون والعناصر غير العربية الفور والزغاوة في الغرب وفي جبال النوبة والشرق والنيل الأزرق…

– دعنا نفرق بين أمرين.. أولا هم جميعا مسلمون.. وعندما ينفصل الجنوب فلن تكون هناك قضية تسمى بـ«الهوية».. فالهوية الإسلامية متفق عليها بين 97 في المائة من شعوب شمال السودان. ما قاله البشير هو إن النزاع حول الهوية سينتهي.. بالنسبة للشق العربي فصحيح أن هناك قبائل غير عربية، ولكنها تتحدث بلسان عربي مبين. والعربية هي لسان.. كما وصفها الرسول عليه الصلاة والسلام. كل السودان الشمالي يتحدث اللغة العربية، وبالتالي فهم عرب. فلا مشكلة في الهوية العربية الإسلامية مع وجود أغلبية. وفي أوروبا المسيحية هي السائدة رغم وجود ديانات أخرى.. والمسلمون هناك لا يمارسون حقوقهم كاملة.

* يقولون إن ما تكتبه يتبناه الرئيس بعد أيام في خطاب؟

– هذا غير صحيح، الرئيس يعمل من خلال مؤسسات المؤتمر الوطني، ولو كان الرئيس يقول بما أراه لكان اتخذ موقفا ضد نيفاشا.. التي أعتبرها من الأخطاء الكبيرة، بينما يراها المؤتمر الوطني إنجازا كبيرا. والرئيس لم يتبنَ ما قلته حول الشريعة.. لأن موقفه من الشريعة هو أحد مبادئ المؤتمر الوطني التي ظل يعلنها منذ اليوم الأول. لذلك فهو لم يأت بجديد.

* ما الذي حصل.. البشير كان ينادي بالوحدة ويطلق حملات.. والآن يتحدث عن دولة الشمال؟

– لا يزال البشير وحدويا.. ويقاتل بشكل «فقع مرارتي» من أجل الوحدة.. وقدم في سبيلها التضحيات.. وآخرها قيام الدورة المدرسية في الجنوب.. التي أقيمت من أجلها منشآت.. وما إن انفضت حتى تم طرد عناصرها.. الجنوبيون يمارسون سياسة هل من مزيد.. الرئيس منحهم كل عائدات البترول فقالوا نريد أبيي.. أعطوهم 50 في المائة من البترول ويريدون المزيد! هي سياسة ابتزاز.

* ولكن 70 في المائة من آبار البترول هي في مناطقهم..

– هذه ثروة قومية، تعطى للوطن كله. ورغم ذلك منحوا 50% كمناطق إنتاج، في حين تعطى مناطق الإنتاج في الشمال 2%. الاتفاقية أعطتهم أكثر مما كان يخطط قرنق نفسه.

* هل تلتقي بالبشير دائما.. وتتناقش معه في هذه الأمور؟

– ألتقي به في مناسبات اجتماعية وأسرية كثيرة.. وكثيرا ما يعاتبني على ما ينسب إلي، خصوصا في ما يتعلق بالتصدي لنيفاشا. واستخدامي لعبارات حادة مع المعارضين. فأنا من أنصار الكلمة النافذة.

* لكن من دون إساءة؟

– من دون إساءة.. كلمات صادمة للآخرين.

* ماذا يعجبك في البشير؟

– هو رجل عابد يقوم الليل ويصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع.. لا يترك مناسبة لرجل أو امرأة في الحي القديم بكوبر، حيث كان يسكن، إلا وتجده فيها.. يضحك مع الكبير والصغير.. ومتواضع لأبعد الحدود.. ليت أوكامبو يعلم ذلك.. ليعرف كم هو ظالم لهذا الرجل باتهاماته القاسية له. كيف يتهم مثل هذه التهم.. وغيره من المجرمين الحقيقيين من مصاصي الدماء في أبو غريب يمرحون ويسرحون.

* يقال إنك كنت تقوم بوساطة من أجل توفير منفى للبشير في دولة خليجية؟

– هذا لم يحدث.

* نحن نقول ما نسمعه ونقرأه في الخرطوم..

– عليّ الطلاق هذا لم يحدث.

* «ويكيليكس» تقول إن للبشير مليارات في الخارج؟

– هذا يجافي المنطق قبل الحقيقة.. هناك عقوبات على المسؤولين السودانيين في الغرب فكيف يضع أمواله هناك إذا كان له مثل ما يقول أوكامبو.. ليس للبشير مليم واحد في الخارج.. وما يقال هو مسرحية رخيصة حاكت خيوطها أوكامبو.. لا تعلم كيف يفعل هذا وهو المدعي العام.. كيف يتجه إلى هذا الاتجاه وهو المخول له في اتجاه واحد ما يتعلق بدارفور.

* ولكن يقال إن لإخوة البشير استثمارات مهولة؟

– إخوته يعملون في مجال الاستثمارات وهذا ليس عيبا.. وأنتم تعلمون، إخوة الرؤساء في العالم الثالث ماذا يفعلون.. ما أؤكده أنهم مستثمرون فما الذي يمنع ذلك.. ويكفي أن شقيقه صديق أحمد البشير موجود في لندن.. ويعمل كطبيب.. ولو كان يريد أن يستغل الظرف لجاء إلى السودان.. وأحد إخوته كان مغتربا في الإمارات (محمد حسن) وجاء قبل أعوام قليلة.. أعتقد أن ما يقال تضخيم من المعارضة. أنا لا أريد أن أجزم بأن كل ما يفعلونه صحيح أو غير صحيح.. لا أستطيع أن اجزم بشيء ولكن من حقهم أن يمارسوا التجارة والأعمال مثلهم مثل بقية السودانيين.. لماذا يحرمون من هذا الحق، لأنهم إخوة الرئيس؟. هناك أمور وتسهيلات يمنحها الله لعباده يجب ألا نعترض عليها.. هناك زعماء أحزاب وصل أبناؤهم إلى مراتب عليا في أحزابهم.. ليس لأنهم أكفاء ولكن لأن والدهم زعيم للحزب.. وحتى زعماء بعض الأحزاب لم يصلوا إلى رئاسة الحزب إلا لأنهم ورثوا ذلك من آبائهم.

* كيف تستعد لانفصال جنوب؟

– حضرنا كرنفالات الفرح.. وبدأنا نعد العدة لإقامة صلاة الشكر في الميادين العامة.. فنحن نعتبر أن يوم الانفصال هو يوم استقلال السودان الحقيقي.. الاستقلال ليس خروج الإنجليز من السودان. لأنهم عندما خرجوا تركوا لنا شوكة في خصرنا.. وهي الصراع على الهوية. فالاستقلال الحقيقي هو يوم ينتهي هذا الصراع. حينما نصل إلى الطلاق.. بين الزوجين المتشاكسين.. لعل الله يرزقهما زوجا أو زوجة صالحة.. نتمنى لهم زواجا مع دولة أوغندا.. أو كينيا.. ونتمنى للشمال زواجا مع مصر.. أو هكذا..

* هل أنت من دعاة أن ينضم الشمال إلى مصر؟

– لو كان السودان بقي موحدا مع مصر.. ما كنا طرحنا يوما قضية الهوية.. أو الانفصال.. وكان في مقدورنا اليوم أن نغزو أفريقيا بهوية قوية يمكن أن تتمدد نحو عمق القارة بقوة. ولكننا أصبحنا الآن منطقة ضغط جوي منخفض بانفصالنا عن مصر.

* هل لديك أصدقاء جنوبيون؟

– نعم لدي… لام أكول… (ويتذكر)… عبد الله دينق قبل أن ينضم إلى الترابي بعد انشقاق المؤتمر الوطني…. (يتذكر)… المهم هناك…. أبو بكر دينق (لا أعرفه)….. ثلاثتهم.. أما عداوتي الشديدة.. فلباقان أموم الذي اعتبره من أكبر المتسببين في التشاكس خلال الفترة الانتقالية… وياسر عرمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *