حوار من أجل النظام !
بقلم:عبد العزيز التوم ابراهيم
تزداد الامور من جهالة الي جهالة حتي بات التنبؤ بمستقبل السياسة السودانية امرا مستحيلا ، وتبتدع النظام القائم يوما بعد يوم ادوات واليات جديدة مما يجعله اكثر هيمنة وسيطرة والمضي قدما في جهالاته في كل ما هو خارج من المنظومة القيمية والاخلاقية من الفساد والتشريد والقتل والابادة للشعوب السودانية في الوقت الذي تطرح فيه الحكومة السودانية حوار مع القوي السياسية .
ومن المعلوم ان النظام الشمولي في سبيل استمراريته في السلطة تتخذ اساليبا “حربائيا” وخاصة عندما تزداد الوعي السياسي وتزداد عدد الراغبين في السلطة من قبل الشعوب والفئات المحرومة من حقهم العادل للمشاركة في الشأن العام، وحكومة المؤتمرالوطني كغيرها من الحكومات الاستبدادية والتي تعتبر ظاهرة الطمع السياسي واحدة من ابرز سماتها ،وانها في اطار مواجهتها للاعباء السياسية المثقلة علي عاتقها تجد نفسها امام ثلاثة خيارات اوبدائل :-
البديل الاول:هو اتجاه النظام الي تطوير سياساته ومؤسساته وأطره الفكرية والايدولوجية حتي يستوعب المطالب والقوي والمتغيرات الجديدة دونما اللجوء الي العنف كالية بديلة لمجابهة تلك المطالب والمتغيرات، ولكن نظام الخرطوم ومن خلال تاريخه الدموي والحافل بالأنتهاكات الصارخة ضد حقوق الانسان لم يطور أطره الفكرية والسياسية بل لجئت لسياسات التمكين واُلت كل موارد الدولة الي جيوب الانقاذيين وتطاولت العمارات لدرجة ان هناك مدن كبيرة خارج البلاد ملكية خالصة للانقاذيين !!،وانحصرت دائرة السلطة في يد شللية ذات خصوصية عرقية وجهوية ،وخاضوا حربا مقدسا في مواجهة المطالب المشروعة لابناء الجنوب انذلك، وتبنوا الان سياسات فرق تسد في مواجهة المطالب العادلة لابناء دارفور والشعوب السودانية الاخري .
البديل الثاني :هو الألتجاء لألهاء المواطنين وتحويل اهتماماتهم الي قضايا هامشية ،وتتجلي هذه المسالة في سياسات النظام المفضية الي تجهيل المواطنين وتسفيههم عبر الاجهزة الاعلامية المملوكة والاجهزة الامنية المتخصصة بهذا الصدد ، ويا تري ماذا ستلد رحم المفاجئات في الايام القادمات وخاصة من خلال العمل الدؤوب للاحزاب السياسية للاتصال بجماهيرهم عبر الندوات وغيرها تزامنا بقرارت الرئيس القاضية باتاحة الفرصة للاحزاب السياسية لممارسة نشاطاتهم خارج دورهم ، كنا نسمع اشاعات من قبيل ” حواء اب دنب” كائن متوحش يفترس الناس ” والكلاب الضالة…الخ وكذلك محاولة الهاء الناس بالمباريات واليالي الغنائية وغيرها وخاصة عندما تتخذ الحكومة قرارات يلامس معايش الناس ! .
البديل الثالث:هو استخدام العنف لضبط هذه المطالب المتزايدة وكبح جماحها ،وهذا الامر من الاشياء التي تحدث نفسها في السودان ، ارقام قياسية من ضحايا عنف الدولة متمثلة في الموتي والنازحين والمشردين ،ولكن الملاحظ ان نظام المؤتمر الوطني قد تبني أليتا العنف وألهاء الجمهور معا كحلول للمشكلة السياسية لانها لم تكن مستعدة بتخصيص موارد مالية لاغراض التنمية والعمران وكما ذكرنا سابقا ذهبت الموارد الي بطون كودار المؤتمرالوطني وجهاز الامن بدل تخصيصها لحل ازمة التنمية بشتي مجالاتها ! وكذلك عدم استعداد النخبة الحاكمة الي القبول بدرجة من المشاركة السياسية وتحمل المسئولية ! وبعد كل هذا الخراب والفساد الذي ضرب اركان المجتمع السوداني التفتت الحكومة اخيرا للحواركألية من الاليات التي يمكن ان تعيد بها انتاج نفسها في حقل السلطة بشكل جديد ! وان دعوة النظام للقوي السياسية في الحوار ما هي الا اجراء تكتيكي القصد منه لنيل ثقة مفقودة ! لان في ظل الهيمنة المطلقة للحكومة علي الدولة وحتي مصائر الناس فلا مجال للحديث عن الحوار الوطني لان للحوار الوطني له شرائط وضمانات ،وبالتالي اي تصريح من رئيس الجمهورية من اطلاق الحريات واتاحة الفرصة لاحزاب السياسية لممارسة النشاط علنا، لا تعتبر منتجة وليست لها اي اثر في ظل وجود قانون جهاز الامن وقانون الصحافة والمطبوعات وغيرها من القوانين المقيدو للحريات ،واي عملية حوارية لا تتضمن شرائطها الجوهرية من تهيئة المناخ السياسي وازالة كل القوانين المقيدة للحريات واشراك كل الوان الطيف الاجتماعي والسياسي في السودان ما هي الا زيادة نفخ روح المؤتمر الوطني في السلطة !.