بقلم : أحمد قارديا خميس.
الانتهازية السياسية سلوك ليس بغريب في الأدبيات السياسية, هو السلوك الذي يضع المصلحة الشخصية قبل مصلحة الآخرين ويقرنها بالأنانية.. فالانتهازية أنماط ومستويات. وسلوك الانتهازي لا تظهر الا من خلال وجود اضطراب مرحلي في مكان ما .
المثقف الانتهازي كما عرفه العلماء هو: انسان ذكي جدا يتمتع بمرونة عجيبة , غير مبدئي , براغماتي , لاعب ماهر يجيد كل الأدوار, يكرس قلمه لمنافعه الشخصية, وهو يخاطب الجماهير معتمدا علي ثقافة كل المعارف الاعتيادية وبالتالي يمارس نشاطه وفق أيديولوجية اعتيادية, وهو أفضل من يقوم بتزييف الحقيقة , ويقوم بدور هام وخطير في خداع وتضليل السياسي حيث انه يزيف الواقع برمته مقابل مصالح شخصية. ويضحي بالمصالح الاستراتيجية للأمة والوطن في سبيل تحقيق مصالحه الذاتية.
أما المثقف الثوري فهو انسان مبدئي بطبعه ومبادئه وأفكاره , يتحمل كل شئ في سبيل مبدئه , شجاع وموضوعي , لا يبني حياته علي شقاء الآخرين بل يضحي بسعادته ومعيشته اليومية في سبيل تحقيق الأهداف الاستراتيجية , يري سعادته في سعادة الآخرين , ناقد متحرك سلاحه الحقيقة التي يكرس كل حياته للكشف عنها واظهارها للناس … لا يقبل الظلم والقهر.
مستنقع السياسة يعج بالقاذورات .. يفرض علي الخائضين فيه المراوغة والتراجع والانتهازية وكل ما يخطر علي الذهن من حيِل , إضافةً للاستفزاز . زج الدين النقي في هذا المستنقع اساءة بالغة للايمان . يقوم الدين علي قيم ومبادئ ومعتقدات باقية خالدة .. السياسة نقيض لذلك , فهي تخضع للظروف الآنية ومستجدات الساعة, فتجبر أصحابها علي تغيير برامجهم ومساراتهم وحتي مبادئهم , وهذا هو المعترك الجاري في السودان. لديك اسلاميون يريدون التمسك بأفكار , ورجال دولة مُلزمون بالتفاعل مع الواقع . ودخول الاسلام السياسي في الساحة السودانية هو العامل الأساسي في هذه الازمة والمحنة التي نمر بها .
شخصيا اعتقد أن ما نراه هذه الايام من تبني بعض ابناء دارفور في اللجان (ألية أم جرس – لجنة الاتصال بالحركات المسلحة الغير موقعة علي سلام الدوحة – مكتب متابعة سلام دارفور – السلطة الاقليمية لدارفور) مهام سلام دارفور الجزئي الذي دفناه مع اتفاقية سلام دارفور(ابوجا) , واجتماعات السرية والعلنية بين المؤتمر الوطني وبعض الاحزاب السياسية (الامة –الشعبي), وارتمت حزبان الي طليقهما المؤتمر الوطني ,واصبح السودان بين نارين ,نار المؤتمر الوطني ونار العنصريين التقليديين من الاحزاب وكلاهما احقد من الاخر ..وان مستقبل بهذه الانتهازية تكون مظلم جدا , واعلان نظام المؤتمر الوطني حوارات المضلِلة للشعب السوداني, وكلها تصب في المستنقع الانتهازية السياسية, الجبهة الثورية قررت عدة مرات للحل الشامل للازمة السودانية دون تجزئة, وإلّا تتقدم لاسقاط نظام الابادة الجماعية .. ونحن نعرف وانتم تعرفون !!!.
الثوار أحرار يا اعضاء اللجان .. لم يستبدلوا سيدا بالأخر , فالثائر حر , ولن يرضي أن يخون شعبه مقابل مال لا تملكونه بل هو ملكٌ الشعب , أما مليشيا المؤتمر الوطني تسقط تحت ضربات الاحرار كما سقطت قبله العديد من الانظمة . وسياسة السلام الجزئي لن تجدي نفعا كما تعلمون انتم جيدا , اين ذهب سلام ابوجا واليوم الدوحة 1, والدوحة 2 , كليهما تمر بمرحلة موت سريري .
أما السادة أعضاء اللجنة المخضرمين والذين لم يتورطوا من قبل في هذه المهازل ولم يكونوا من الانتهازيين فأدعوهم الي الاستقالة فورا حتي يسهل التمييز بين من كان مع الشعب ,أو من هو انتهازي مع المغتصبين لحق الشعب.
نحن أيها السادة نعيش اليوم فراغا اخلاقيا وامنيا وإقتصادياً وسياسيا وانتهازيا في السودان. أما السياسة فلم نراها منذ 1989م سوي فئة من انتهازي السياسة الخادعة سياسة (حك الجحوش), حيث يتكئ كل علي الأخر ليحك له (رِمشه) , (اخدمني ونخدمك) ولا علاقة لهم بما يجري في السودان بل يعيشون غيبوبة وطنية . ولذلك اكرر طلبي هذا لاعضاء اللجنة المحترمين كفاكم تدميلا وهزلا و ضحكا علي الذقون , فالشعب أذكي مما تتصورون .. واستقيلوا يرحمكم الله .. واعرف من أنت !!! الانتهازية …واحد يعارض وواحد يستفيد ..؟؟!! .
[email protected]