حاج وراق يفجر قاعة اجتماعات الاسلامويين بالدوحة (1+2). بقلم: خضر عطا المنان

[email protected]
كان بالفعل قنبلة داوية في تلك القاعة التي ضمتنا هناك !!.

حدث ذلك في ندوة أقامها مركز  الجزيرة للدراسات التابع لقناة الجزيرة القطرية بفندق (شيراتون  الدوحة ) وكانت بعنوان ( الاسلاميون والثورات العربية  .. تحديات الانتقال الديمقراطي واعادة بناء الدولة ) بتاريخ 11- 12/ 2012  وبمشاركة طيف واسع من ( الاسلامويين) يتقدمهم كل من (حسن الترابي) و(راشد الغنوشي) فضلا عن ممثل لكل منظمة أو تياراسلاموي بدءا من دول المغرب العربي ومرورا بفلسطين ولبنان  وسوريا وانعطافا  بمصر وليس انتهاءا  بأوروبا  .. حيث وجد المناضل ( الحاج وراق) نفسه وحيدا وسط غابة من كل هؤلاء  الذين يتخذون  من الاسلام غطاءا لمآرب دنيوية زائلة وستارا لممارسات تقوم على المصالح الذاتية وأرضا ينامون عليها ويتنطعون باسمها ويصدعون بها  رؤوس خلق الله  ليل نهار حتى أضحى معظمهم  ظاهرة  صوتية مخادعة وأكذوبة عصرية  أكثر من كونها  فعل وسلوك ومنهج في حياتهم .. لذا كان  المناضل  الثائر (وراق )  بينهم (صوتا نشازا  !!!) مما جلب اليه الكثير  من الاهتمام والتعليقات واعتبره بعضهم من ( مخلفات الماضي الشيوعي البائد !!!) وهذا  يدل على قوة حضور الرجل وكيف انه استطاع ملامسة أوجاع كثيرة نعاني منها جميعا جراء ممارسات الاسلامويين سواء  خارج السلطة اومن  دانت لهم الامور واصبحوا يتحكمون في مصائر العديد من شعوب المنطقة بعد أن أصبح (الكرسي) شغلهم  الشاغل في ظل تنامي الرفض الشعبي لهم وفشل تجربتهم في السودان مما جعلهم يلجأؤون لأساليب التحشيد والتلصص على أماني الشعوب  والاجتهاد  في كيفية سرقة ثورات تلك الشعوب التي جاءت تحت مسمى ( الربيع العربي ) .

جاء المناضل  ( وراق ) الى الندوة مسلحا بأماني الكثيرين ممن تضرروا من تجربة حكم الاسلام السياسي لا سيما في السودان وكيف انها  تجربة أساءت الى الاسلام  نفسه قولا وفعلا  وحكما وممارسة وعجزت عن تقديم النموذج الأمثل وعن الحفاظ على وحدة (بلد المليون ميل مربع)  وعمدت الى زرع الفتنة  حتى بين أفراد البيت الواحد في مجتمع ظل يتعايش  حتى كفاره مع مسلميه  في ود وتسامح وإلفة ومحبة .. تجربة عززت من العنصرية والجهوية والقبلية وداست بنعلها على كافة القيم التي كانت  مصدر فخر لكل سوداني أينما  حل  وفي أي بقعة من هذا  العالم  الفسيح .

اهتزت القاعة وهمهم بعضهم وأصغى باهتمام كبير لكل كلمة تفوه بها ( وراق) حتى أن بعضهم تناول ورقة امامه وأخذ يدون  فيها ملاحظاته حول تلك الكلمة التي كانت  بالفعل ( صوتا نشازا !!!) في تلك الصالة التي كلما  تجولت  فيها  بنظري رأيت حولي تلك الوجوه التي كثيرا ما ظهرت  عبر  قناة الجزيرة وهي تدافع  عن  مقولة ( الاسلام هو الحل ) ولكن أي  حل ياترى ؟؟ ومن هم أولئك  الذين يقومون  على امر تنفيذ ذلك الحل ؟ وماذا يملكون من قيم اخلاقية دينية لا دنيوية يمكن أن  تؤهلهم  لذلك  ؟؟ أسئلة كثيرة كانت تدور كانت تدور برأسي وانا غاطس وسط بحر من أصحاب اللحى ومنتفخي الأوداج والكروش من آكلي أموال السحت والغلابة المتعبين  في كل بلد سعى فيه  هؤلاء اما للوصول الى السلطة أو وصلوها بالفعل وأصبحوا الناهين الآمرين فيها !!.

وللحديث بقية .. ولك الله يا وطني .

   
دار معظم محتوى الورقة التي  تقدم بها المناضل ( الحاج وراق) حول الحقوق السياسية في ظل تصاعد التيارات الاسلاموية والتي غالبا ما تسعى لاقامة اما  ( نظام اسلامي) اوما يمكن أن يطلق عليه ( دولة اسلامية ) وما أن يتحقق لها ذلك حتى تتحول – وبقدرة قادر- الى دولة استبدادية لا تكتفي بمجرد السيطرة على السلطة السياسية وانما تتخذ من هذه السيطرة وسيلة لاعادة صياغة الحياة بأكملها واخضاعها لما  يسمى بـ ( أسلمة المجتمع ) في حين ان هناك نصوص دينية كثيرة تتحدث عن ( أنتم أعلم بشؤون دنياكم ) كما أن شمولية الاسلام  ستؤدي بالنتيجة الى انكفاء حضاري يغلق عالم  المسلمين على خصوصية تقوم على ( بيعة) غير محددة الاجراءات او الفترة الزمنية ووجود نظام سياسي مستبد يؤدي ايضا الى تمييز ضد النساء وضد من يعتنقون الديانات  الاخرى والى تقديس المشاريع السياسية مما يبعدها عن  المساءلة أو النقد فيكون الحاكم ظل الله  في الارض وبالتالي لايجوز معارضته أو نقده أو مساءلته  والا أصبح أي معارض  له انما مرتكب لمعصية الخالق وخارج عن الملة كما يقود – مثل هذا النظام المسبتد – بالضرورة الى تقديس مستوى معين من المعارف باعتبارها معرفة مطلقة وينجم عن  ذلك اغلاق عملي لامكانية اي تقدم علمي مع صيرورة الحياة واستمراريتها .
وقال ( وراق ) أيضا – خلال طرحه لآرائه عبر ورقته التي قدمها وأثارت حفيظة معظم الاسلامويين  الذين  اكتظت بهم  قاعة الاجتماعات بشيراتون الدوحة – أن هؤلاء الاسلامويين الذين يدعون  انهم يطبقون الاسلام ( نصوصا تحتمل أكثر من وجه ) ولكنهم  – في الغالب الأعم  – لا يستندون لتطوير منهج متسق ونظامي لمعالجة النصوص مما يدخلهم  في التلاعب باستخدام تلك النصوص واخضاعها وفقا  لمصالحهم في كل  مرة مما  يضعف الثقة في استنارتهم  ورسالتهم التي يدعون انهم يسعون من خلالها لتنوير  المجتمع . وأكد (وراق) أن  هؤلاء الاسلامويين  تمسكوا بالاسلام العقابي واقامة الحدود مما ابعده عن  ضمانة كرامة  الانسان وحريته وسعادة في الحياة مؤكدا أن ما من عاقل يمكن له ان يختار السودان مثلا أو ايران  او السعودية  بديلا عن سويسرا … وأشار ( وراق ) ضمنا الى أن الاسلامويين كثيرا ما  يتمسكون بالقشور وما يخدم اغراضهم الدنيوية رغم ما يتسم به الاسلام من  سماحة وعدل ومساواة ورحمة حينما يطبق تطبيقا صحيحا ويصبح ليس سلعة تباع وتشترى وانما سلوكا ومنهجا ومعاملة .
واختتم ( وراق) مداخلته التي كانت حديث القاعة حتى بعد انتهائها وتفرق الجميع بين ردهات الفندق بالوقوف امام تجربة حكم الاسلامويين في السودان مؤكدا انها  كانت  التجربة الاسوأ في التاريخ الحديث لهذا البلد المنكوب وانها انتهت الى الفشل واستشراء الفساد في كافة مفاصل الدولة : فساد اقتصادي , فساد سياسي , فساد اجتماعي . ولكن يظل الفساد الاخلاقي هو أبرز تجليات ذلك الفشل الذي قاد – في نهاية المطاف- الى الابادة الجماعية واغتصاب النساء وقتل الابرياء من الاطفال وحرق القرى وانتهاكات واسعة لأبسط حقوق الانسان مما نتج عنه  تشرد ونزوح ولجوء .
وطالب ( وراق ) في ختام ورقته الاسلامويين  الحاكمين في السودان- ان  ارادوا  تقويم التجربة وتغيير طريقة تفكيرهم وتصحيح المسار – أن يتواضعوا كمسلمين  ديمقراطيين ويستلهموا القيم الدينية على قاعدة ( لا  اكراه في  الدين ) وان يبسطوا الحريات من تعبير وتنظيم وتظاهر وتجمع …..الخ .
*قال لي الكاتب الصحفي (عبدالوهاب بدر خان ) مازحا ونحن نخرج من القاعة في نهاية الجلسة :
’’ كيف ذلك وهذا حـــــاج عندكم ؟ ’’  اشارة الى اسم  ( الحـــــاج وراق) مع حدة ما طرحه من حقائق بحق الاسلامويين وهم يتربعون على سدة الحكم .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *