لندن: مصطفى سري
تعقد اليوم في جوبا، عاصمة جنوب السودان، أولى جلسات محاكمة الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية الحاكم باقان وثلاثة آخرين كانوا وزراء سابقين بعد أن جرى تأجيلها من أمس، ويواجه المتهمون تسعة اتهامات، منها قلب النظام الدستوري والخيانة العظمى، وتصل عقوباتها للإعدام، في وقت كشف فيه نائب رئيس جنوب السودان عن مقترح من الوساطة الأفريقية قدم بوضع الدولة تحت وصاية الأمم المتحدة، مشددا على رفض المقترح.
وقالت الدكتورة سوزان أموم، زوجة الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية الحاكم باقان أموم، لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي من جوبا، إن زوجها ورفاقه الثلاثة سيجري تقديمهم إلى محكمة علانية اليوم وسيسمح للجمهور بحضورها، ولكنها أشارت إلى أن محامي المتهمين أكدوا لها أن غرفة المحكمة ضيقة، ودعت أجهزة الإعلام لحضور الجلسة حتى يطلع الشعب على الحقيقة، وشددت على أنها واثقة ببراءة زوجها من التهم الموجهة إليه التي قد تصل إلى حكم الإعدام وفق مواد القانون، وقالت: «لقد زرت أموم قبل أسبوعين، وهو بصحة جيدة، وحالة نفسية وعقلية ممتازة، ومعنوياته عالية، وقد أكد لي أنه بريء من هذه الاتهامات»، وأضاف: «كما أكد لي أموم أنه لا يخشى أي شخص أو أي أحكام، لأن أي محاولة كيدية لن تنجح وأنه مؤمن بعدالة قضيته»، وتابعت: «نتمنى أن تكون المحاكمة عادلة وفق النظام القانوني وبعيدا عن التأثيرات السياسية».
ودعت سوزان الحكومة إلى وقف الحرب الدعائية والمحاكمات المسبقة من خلال الأجهزة الإعلامية ضد باقان أموم ورفاقه منذ اعتقالهم، وقالت إن تجييش المشاعر والحملات التي ظلت مثارة ضد المعتقلين غير مفيدة، وأضافت: «ظللنا نتابع باستمرار حملات إشانة السمعة وإثارة العواطف ضد باقان ورفاقه من قبل جهات معلومة، وعلى الحكومة أن توقف ذلك حتى لا يؤثر على سير العدالة، طالما ارتضت اللجوء إلى القضاء لأن هذه الحملات لا تفيدهم في شيء»، وقالت: «إذا كان هناك احترام للقضاء ويوجد فصل للسلطات القضائية عن التنفيذية، فإن المتهمين سيحصلون على البراءة، وأنا لا أخشى من أي شيء».
من جانبه، قال مصدر قانوني في جوبا لـ«الشرق الأوسط» إن الجلسة الأولى لمحاكمة الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية الحاكم باقان أموم وثلاثة آخرين قد جرى تأجيلها، وأضاف أن المتهمين مع أموم هم: الدكتور مجاك أقوت وزير الدولة للدفاع السابق، وأياي دينق أجاك وزير الشؤون الأمنية السابق، وأزيكيل لول سفير جنوب الأسبق إلى دولة أوغندا، مشيرا إلى أن جميعهم يواجهون اتهامات تتعلق بمحاولة قلب نظام الحكم بالقوة والخيانة العظمى وتقويض الدستور على خلفية ما ظلت تصفه الحكومة بالانقلاب الفاشل بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار في الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفي حالة إدانتهم يمكن أن تصل الأحكام إلى الإعدام أو السجن إلى سنوات طويلة.
وكان وزير الإعلام، مايكل مكوي، قد قال إن المعتقلين الأربعة سيواجهون اتهامات متعلقة بتقويض النظام الدستوري، مشيرا إلى أن «المدعي العام للحكومة قد قدم أدلته للرئيس سلفا كير، وقال إنه يحق للمتهمين أن يدافعوا عن أنفسهم أمام المحكمة».
وكانت الحكومة قد أفرجت عن 7 من قيادات الحزب الحاكم كانوا ضمن المعتقلين وعلى رأسهم عضو المكتب السياسي دينق ألور، وقد جرى تسليمهم إلى دولة كينيا، قامت بإطلاق سراح سبعة من المعتقلين على خلفية المحاولة الانقلابية حيث أبعدتهم إلى دولة كينيا المجاورة، لكنها أبقت على أربعة منهم أموم، وقد انضم المفرج عنهم إلى مفاوضات السلام المنعقدة في أديس أبابا وما زالت تراوح مكانها. من جهة أخرى، كشف نائب رئيس جنوب السودان، جيمس واني إيقا، في كلمة له أمام مظاهرات نظمها منبر شباب الأحزاب السياسية المشاركة في حكومته لدعم شرعية الرئيس سلفا كير، أمس، عن أن جوبا رفضت مقترحا تقدمت به الوساطة الأفريقية من دول «الإيقاد»، نصت على وضع دولته تحت الوصاية الدولية، وأضاف أن مقترحا آخر تقدمت به الوساطة تمثل في تشكيل حكومة انتقالية برئاسة شخصية مستقلة مع إبعاد الرئيس الحالي سلفا كير ميارديت ونائبه السابق الذي يقود التمرد الدكتور رياك شار، مؤكدا أن حكومته رفضت جميع مقترحات الوساطة الأفريقية لحل الأزمة الراهنة في جنوب السودان، وقال: «(الإيقاد) اقترحت تكوين حكومة قومية تترأسها شخصية مستقلة، وألا يشارك فيها سلفا كير أو رياك مشار، وقد رفضنا ذلك»، وتابع: «وتصور آخر يتحدث عن وضع جنوب السودان تحت وصاية منظمة الأمم المتحدة».
ودعا وسطاء «الإيقاد» إلى تقديم خيارات منطقية للتوصل إلى حلول حقيقية، وأضاف: «أما إذا أرادوا استعمارنا بواسطة الأمم المتحدة، فإنني سأعود لأحمل السلاح رغم تقدمي في السن»، داعيا شباب الأحزاب السياسية إلى الوحدة وإطلاع الشعب على حقائق الأوضاع في بلادهم، مشددا على أن مستقبل جنوب السودان هو في التمسك بشرعية الرئيس المنتخب سلفا كير.