جوبا تتهم الحكومة السودانية بالاعتداء على منزل نائب رئيس جنوب السودان في الخرطوم
البشير: انسحاب الجيش الشعبي من هجليج قبل التفاوض.. وأصوات تطالب بإقالة وزير الدفاع
نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه ووزير الدفاع السوداني خلال زيارة لأحد المصابين في جنوب كردفان (إ.ب.أ)
لندن: مصطفى سري
أدانت دولة جنوب السودان اعتداء السلطات الأمنية في السودان على منزل نائب الرئيس دكتور رياك مشار في الخرطوم واعتقال 15 من أفراد أسرته بينهم فتاتان واغتصابهما، إلى جانب احتلال المنزل وسرقة محتوياته، واعتبرت أن ذلك ليس من قيم السودانيين حتى في ظل الحرب.
في حين قالت جوبا إن الجيش السوداني قام بعمليات قصف جوي مكثف على بلدة هجليج استهدفت البنيات التحتية وآبار النفط واعتبرته تخريبا متعمدا، بينما شدد الرئيس السوداني عمر البشير على ضرورة سحب الجنوب قواته من هجليج قبل الدخول في مفاوضات معها. إلى ذلك كشفت قيادات نافذة في المؤتمر الوطني الحاكم في السودان عن اتجاه لمحاسبة وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين خلال استدعائه في البرلمان.
وقال دكتور برنابا مريال بنجامين، وزير الإعلام في جنوب السودان المتحدث باسم الحكومة، لـ«الشرق الأوسط» إن منزل نائب رئيس جنوب السودان دكتور رياك مشار في الخرطوم قد تعرض إلى مداهمة واحتلال من قبل السلطات السودانية، وإن محتوياته قد سُرقت إلى جانب سياراته وأموال، وأضاف أن عناصر الاستخبارات والأمن السوداني قامت باعتقال كل من كان في المنزل وعددهم 15 وهم من أسرته الكبيرة بينهم فتاتان عمرهما أقل من 17 عاما وتم الاعتداء عليهما بالضرب المبرح، وقال إن الفتاتين تم اغتصابهما وإن مصير الآخرين غير معروف حتى الآن، داعيا بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم للتدخل لإطلاق سراح المعتقلين والتحقق من الاعتداءات التي تمت في مواجهتهم، وقال إن بلاده قلقة على مواطنيها من تعرضهم للاعتداء وإن على الأمم المتحدة فرض حمايتها على مواطني جنوب السودان هناك.
وشدد بنجامين على أنه على الجنوبيين ضرورة حماية المواطنين السودانيين الشماليين الموجودين في جنوب السودان، وقال: «السودانيون الشماليون في كل بقاع الجنوب مرحَّب بهم ويجب ألا يتم أي اعتداء عليهم حتى إن كان هناك اعتداء ممنهج ضد الجنوبيين في الخرطوم». وأضاف أن السودانيين الشماليين أحرار في الإقامة في دولة الجنوب ومنحهم الجنسية إذا تقدموا لطلبها، وقال: «الشماليون في جنوب السودان هم إخواننا وأخواتنا ولا يمكن أن نعتدي عليهم لأننا حتى في فترة الحرب الأهلية التي استمرت لأكثر من 22 عاما لم يتم الاعتداء عليهم، والآن لن يحدث ذلك إطلاقا»، مشيرا إلى أن المواطنين الذين كانوا في هجليج من أبناء الشمال تم ترحيلهم وتتم معاملتهم معاملة جيدة، دون ذكر أرقامهم، وقال: «الأسرى تتم معاملتهم وفق القانون الدولي، والجيش الشعبي خلال حرب التحرير احتفظ بالأسرى إلى أن تم إطلاق سراحهم حتى قبل التوصل إلى اتفاق السلام»، معتبرا أن تصريحات نائب البشير، الدكتور الحاج آدم بدك، بأن حكومة الجنوب مجرد أوهام «حديث يدعو للسخرية، لن يستطيعوا ذلك؛ لأنه يحتاج إلى قرون، لكن دعهم يحلموا»، مجددا موقف حكومته بوضع شروط الانسحاب، وقال إن سلفا كير أوضح أكثر من مرة لرؤساء دول، بينهم الأميركي باراك أوباما وآخرون، أن انسحاب الجيش الشعبي يجب أن يكون وفق آلية دولية تنشر مراقبين من الأمم المتحدة على المنطقة حتى يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها، إلى جانب إجراء لقاء القمة بين كير والبشير في جوبا أو أي مكان في العالم للتوصل إلى اتفاق حول القضايا العالقة، وأضاف: «لماذا يتهربون من تحقيق لقاء البشير مع سلفا كير؟».
من جهته، قال فيليب أقوير، المتحدث باسم جيش جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط» إن سلاح الجو السوداني لم يتوقف عن قصف أراضي دولته وإنها شملت مواقع أخرى بعيدة عن هجليج، وأضاف أن مناطق في شمال وغرب بحر الغزال ووراب تم قصفها.
إلى ذلك، جدد الرئيس السوداني عمر البشير، خلال لقائه وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، الذي يقوم بزيارات بين دولتي السودان وجنوب السودان بدأها بالخرطوم أمس موقف حكومته بألا تفاوض مع دولة الجنوب إلا بسحب قواتها من منطقة هجليج، وقال إن السودان يحتفظ بحق الرد كيفما شاء وبالطرق التي تعيد أراضيه وتحافظ على أمنه. وأضاف: «السودان تعرض لاعتداء، ولا بد للمعتدي أن يسحب قواته من أراضيه»، مشيرا إلى أن الإدانات الدولية والإقليمية لم تثنِ دولة جنوب السودان عن الإصرار على الاعتداء تجاه الخرطوم، معلنا ترحيبه بالدور المصري لبسط الأمن والاستقرار، وقال إن السودان اقتطع جزءا من أراضيه وفقد موارده الطبيعية من أجل التعايش السلمي في إشارة لانفصال جنوب السودان.
من جانبه، قال عمرو إنه سلم الرئيس البشير رسالة شفهية من رئيس المجلس الأعلى العسكري الحاكم في مصر المشير محمد حسين طنطاوي تتضمن استعداد مصر للعب دور في تقريب وجهات النظر بين السودان ودولة جنوب السودان والتوصل إلى حل للأزمة.
من جهته، كشف مستشار الرئيس السوداني القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إبراهيم أحمد عمر، عن أن الحزب بصدد استدعاء وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين عقب اعتداء الجيش الشعبي على منطقة هجليج النفطية الأسبوع الماضي. وقال عمر إن الحزب استدعى حسين وستتم محاسبته، بينما قال النائب البرلماني عبد الرؤوف بابكر إن كتلة نواب الحزب الحاكم عقدت اجتماعا برئاسة مستشار البشير رئيس الكتلة غازي صلاح الدين شارك فيه أكثر من 230 عضوا، وأضاف أن النواب وجهوا انتقادات إلى وزير الدفاع وطالبوا بسحب الثقة عنه وإقالته بما سموه الإخفاقات الأخيرة بعد سيطرة دولة جنوب السودان على بلدة هجليج.