رئيس حركة العدل والمساواة يعتبر دعوة النظام السوداني للحوار مناورة لكسب الوقت.
العرب أميرة الحبر [نُشر في 24/02/2014، العدد: 9479، ص(4)]
جبريل إبراهيم في أحد معاقله مع عناصر من حركة العدل
الخرطوم- يحاول الرئيس السوداني عمر البشير الخروج من الأزمة السياسية التي يتخبط فيها نظامه عبر طرح مبادرات تدعو في مجملها إلى الحوار في خطوة اعتبرها خصومه، مناورة سياسية منه لتخفيف حجم الضغط المفروض عليه. ولتسليط الضوء على هذا الموضوع كان لـ”العرب” لقاء مطول مع رئيس حركة العدل والمساواة ونائب رئيس الجبهة الثورية السودانية المعارضة جبريل إبراهيم.
عزا رئيس حركة العدل والمساواة المتمرّدة جبريل إبراهيم؛ حملهم السلاح، ضد نظام عمر البشير إلى انسداد أفق الحوار في البلاد، ولجوء النظام إلى القوة والعنف ضد خصومه وكل من يخالفه الرأي والتوجه.
وقال إبراهيم: “نحن أصحاب مطالب وطنية مشروعة، فإن تيسّر لنا نيلها أو تحقيقها بغير قتال، فذلك ما نصبو إليه وتنتفي بالتالي الحاجة إلى القوة إن قبل النظام أن يكون جزءا من الحل بدلا من أن يكون كل المشكلة”، وتابع: “إن تجربتنا الطويلة مع هذا النظام تقول أنه ليس على استعداد لدفع استحقاقات السلام بغير القوة؛ وأننا في المقابل لن نقبل بمناورات النظام التي تكسبه الوقت ولا تحل مشكلة الوطن”.
وحول دعوة الرئيس البشير للجبهة الثورية بوضع السلاح وقبول الحوار، أكد رئيس الحركة أن النظام لم يأت بجديد، وطالب بضرورة أن يقدم هامش جديّة واضحة ومقنعة لقبول الحوار، كأن يطلق الحريات، ويرفع الرقابة القبلية على الصحف، ويسمح للأحزاب بتنظيم لقاءاتها في الميادين العامة، ويعلق كافة القوانين المقيدة للحريات بما فيها قانون الأمن الوطني، ويطلق سراح الأسرى والمعتقلين السياسيين، ويعلن قبوله بحكومة انتقالية تشارك فيها كل القوى السياسية بلا استثناء كمخرج أساسي للحوار.
نريد بوضوح إسقاط هذا النظام الوالغ في دماء مواطنيه والإتيان بحكم يحترم آدمية الإنسان السوداني ويحفظ كرامته
ولقبول الحوار مع الحكومة، اشترط إبراهيم أن يتم ذلك خارج الحدود وبضمانات إقليمية ودولية، وغير ذلك من الإجراءات والقرارات التي تهيئ المناخ لحوار حقيقي يبعث الأمل في نفوس الشعب.
وأكد أن الجبهة الثورية تسعى مع بقية قوى المعارضة وتنظيمات المجتمع المدني السوداني وقطاعات الشباب والطلاب والنساء والنقابات لإقامة سودان المواطنة، أي السودان الذي يتخذ من المواطنة والانتماء إلى الأرض مناطا للحقوق والواجبات، دون تمييز بين مواطنيه على أساس العرق أو الدين أو اللون أو القبيلة أو الانتماء السياسي أو الجغرافي.
وأشار جبريل إبراهيم إلى سعي الجبهة الثورية مع شركائها إلى إقامة سودان حر ديمقراطي فدرالي يسود فيه حكم القانون، ويحترم فيه التنوّع وتشجّع وتنمّى فيه الثقافات، وتكفل فيه حرية الاعتقاد ولا يكره فيه أحد على ترك دينه أو الانتقال إلى دين آخر، سودان يسود فيه العدل في توزيع السلطة والثروة، وتحترم فيه حقوق الإنسان وفق المواثيق والأعراف الدولية.
وأوضح رئيس حركة العدل والمساواة أن كل الخيارات مفتوحة لبلوغ جبهة المعارضة أهدافها، وفي مقدمتها الحل السلمي المتفاوض عليه الذي يفضي إلى تغيير بنيوي حقيقي شامل في طريقة حكم البلاد.
وحول إمكانية توسيع التحالف أكد إبراهيم أن هناك مسعى من جانبه لتطوير تحالف الجبهة إلى تحالف وطني عريض يستطيع أن يجمع تحت مظلته أحزابا وتنظيمات ذات توجهات وخلفيات مختلفة، تتفق على برنامج تغيير شامل، وتتقدم للشعب ببرامجها لتحكم البلاد وتنفذ برنامج التغيير وفق تفويض شعبي واسع.
وفي ما يتعلق باستراتيجيتهم لما بعد إسقاط حكم الإسلاميين في السودان، قال: “نحن نعمل مع الآخرين لإقامة حكومة قومية انتقالية يكون فيها أكبر تمثيل ممكن للقوى السياسية وتنظيمات المجتمع المدني، على أن تتولى هذه الحكومة مهامّ محددة منها إحلال السلام في الأقاليم الملتهبة، والشروع في إعداد دستور دائم للبلاد، ومحاكمة الذين أجرموا في حق الشعب وارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب محاكمة عادلة”.
حركة العدل والمساواة
◄ إحدى حركات التمرد في دارفور
◄ تعنى بالتغيير الجذري في بنية الحكم
◄ تدعو إلى تأسيس نظام حكم اتحادي (فدرالي)
◄ انتخبت في 2012 جبريل إبراهيم زعيما لها خلفا لخليل إبراهيم
وحول ما ترمي إليه الجبهة الثورية من حملها للسلاح، قال “إننا نريد إزالة المظالم التاريخية عن كل أهل السودان وفي مقدمتهم أهالي الأقاليم المهمشة. نريد بناء بلد يتمتع أهله بالحرية ويسود فيه العدل والمساواة، وتقسّم فيه السلطة والثروة وفق معايير عادلة وشفافة، ويتمّ تداول السلطة فيه عبر صناديق الاقتراع، وتنتهي فيه الحروب الأهلية إلى غير رجعة”. وتابع: “بوضوح نريد إسقاط هذا النظام الوالغ في دماء مواطنيه والإتيان بحكم يحترم آدمية الإنسان السوداني ويحفظ كرامته”.
وشدّد إبراهيم على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم لضمان عدم تكرار الجرائم البشعة التي ارتكبت في دارفور، وقبلها في جنوب السودان وجبال النوبة، وبأن يجد المجرمون الذين دبّروا وموّلوا وسلحوا، وجيّشوا، وخططوا، وأمروا بتنفيذ هذه الجرائم جزاءهم الأوفى أمام محاكم مؤهلة لتحقيق العدالة، وقال “إن هذه المحاكمات لن تكون عوضا عن المصالحات الاجتماعية وأساليب العدالة الانتقالية الأخرى”.
وحول التنسيق مع قوى المعارضة بالداخل التي تسعى بدورها إلى إسقاط النظام، قال نائب رئيس الجبهة الثورية السودانية “بيننا علاقة عمل وبرنامج ومصير مشترك، وتواصل وتنسيق دائم، ونسعى إلى تمتين هذه العلاقة وتطويرها بمواثيق وبرنامج حدّ أدنى يتواضع عليه الجميع ويؤسس عليه موقف تفاوضي مشترك ووفد تفاوضي يمثل الجميع.