اعتقال 100 في البحر الأحمر.. وقائد تيار لـ «الشرق الأوسط»: هدفنا رفع الظلم.. و«الوطني»: هذا لا يؤثر في توجهاتناالخرطوم: الشرق الاوسط
في تطور جديد للخلافات، التي ضربت حزب المؤتمر الوطني الحاكم هذه الأيام، مترافقة مع الترشيحات للانتخابات العامة في البلاد، وقع صدام بين الشرطة وتيار مناوئ داخل الحزب الحاكم في ولاية البحر الأحمر (شرق)، عندما اعترضت الشرطة «مسيرة» للتيار، أسفرت عن اعتقال 100 شخص من أنصاره، قبل أن تفرج عنهم بعد ساعات. وأعلن زعيم التيار وهو قيادي بارز في حزب المؤتمر الوطني الذي يقوده الرئيس عمر البشير، لـ«الشرق الأوسط» أن تياره ليس انشقاقا بل مجموعة مناوئة، تعمل من أجل «العدالة ورفع الظلم»، وأطلق على تياره اسم «تيار التواصل»، قبل أن يشدد أن تياره هدفه التواصل مع الجميع في الولاية «بعد أن انعدمت الشورى في الحزب».
وقلل نائب رئيس الحزب في الولاية من «تيار التواصل» الجديد وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يؤثر لا من قريب أو بعيد في توجه الحزب الانتخابي»، ونفى أن يكون الحزب يمارس الإقصاء، وقال: إن زعيم التيار مارس كل حقوقه في الحزب ولم يجد سوى «صوتين» في مجلس شورى الحزب، ويتهم مسؤولون في الولاية التيار بأنه «ذو نزعة قبلية». وأدت ترشيحات الحزب الحاكم للانتخابات إلى تفجير خلافات واسعة داخل الحزب في أغلب ولايات البلاد الشمالية، بين مؤيدي الترشيحات ومعارضيه، ودفعت تلك الخلافات قيادة الحزب إلى تبني تحركات واسعة في الولايات «لإطفاء الحرائق» التي بدأت تشتعل في جسم الحزب، حسب تعبير نشطاء. وتشهد 6 ولايات توترات في قياداتها التابعة للحزب الحاكم، هي: البحر الأحمر، وكسلا، وسنار، والجزيرة وشمال كردفان، والنيل الأبيض.
وحسب متابعين عن كثب لهذه التطورات فإن التوترات تأخذ الطابع القبلي، حيث يرى أبناء أي قبيلة أن ابنهم القيادي في الحزب هو الأحق بالترشيح للمستويات الانتخابية المطروحة، وهي: الرئاسة، ومنصب الوالي، ونواب البرلمان القومي، ونواب برلمانات الولايات، وفي الجنوب، رئيس حكومة الجنوب، وبرلمان جنوب السودان، وبرلمانات ولايات جنوب السودان.
وتصاعدت الخلافات داخل الحزب الحاكم في مدينة بورتسودان عاصمة البحر الأحمر، وأكبر ميناء بحري سوداني على البحر الأحمر، عندما سير أنصار والي الولاية محمد طاهر أيلا، الذي اعتمده رئيس الحزب الرئيس عمر البشير مرشحا للحزب لمنصب والي ولاية البحر الأحمر، عندما سيروا مسيرة تأييد للمرشح من أمام مبني مفوضية الانتخابات في المدينة، رفضها زعيم التيار المناوئ، وهو حامد محمد علي وأنصاره. وبعد ساعات سيروا مسيرة مناوئة في المكان نفسه، لكن الشرطة تصدت لها واعتقلت حسب مصادر مطلعة 100 من أنصار «تيار التواصل» الوليد، غير أنها أفرجت عنهم تباعا بعد ساعات. وذكر أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، الذين تجمهروا بكثافة في حي ولع والقادسية.
وشغل زعيم التيار المناوئ للحزب الحاكم «حامد» في وقت سابق منصب وكيل ناظر لقبيلة بني عامر، إحدى القبائل الرئيسية في شرق السودان. وأشارت أنباء إلى أن تصاعد الخلافات في المدينة، دفعت الحكومة إلى إرسال وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود حامد سرا إلى المدينة لاحتوائها، و«إقناع حامد وأحد أعيان قبيلة بني عامر» بعدم الترشح في مواجهة مرشح الحزب أيلا.
وقال حامد لـ«الشرق الأوسط»: إنه عندما رأى أن الحزب أقصاه تماما، أعلن هو وآخرون تكوين «تيار التواصل» داخل الحزب في ولاية البحر الأحمر، وعندما فتح باب الترشيح «رشحت نفسي مستقلا لمنصب والي البحر الأحمر، كأول شخص يقدم اسمه لمفوضية الانتخابات في الولاية». وحول ما إذا كانت الخطوة تمثل انشقاقا من الحزب، نفى حامد أن تكون الخطوة انشقاقا، لكنه قال: «إنها من أجل العدالة ورفع الظلم، الذي نتعرض له من الحزب في الولاية»، وقال: «وعليه قررنا أن نترشح لمنصب الوالي مستقلا»، وبدا متفائلا بأنه سيحقق الفوز على مرشح الحزب أيلا، وقال: «أنا أمثل تيارا ضخما ولكن ليس من السهولة التحول إلى حزب» ومضى قائلا: «إن الانشقاق من الحزب يتم عبر دراسة، ولكن نحن الآن نسجل اعتراضنا على ممارسات الحزب غير الشورية في الولاية».
وواصل هجومه على الحزب الحاكم وقال: إنه «حزب بلا مؤسسية وقراراته يتخذها شخص واحد ولا توجد شورى ويمارس الإقصاء» وأضاف: إن «هناك عصبة من الناس مسلوبة الإرادة» وقال: إنه شخصيا تعرض إلى الإقصاء رغم أنه جرى تصعيده من بلدته عتربة جنوب منطقة طوكر في البحر الأحمر، وقال: إن الحزب يتعامل «معنا كأننا غير موجودين.. ويبدو أنهم تنفسوا الصعداء»، وأضاف «ولكن أنا أمثل كل الذين يتطلعون للعدالة ورفع الظلم من مختلف قطاعات الحزب في الولاية»، ومضى يقول: «أصبحنا نتواصل مع كل القبائل والفعاليات في البحر الأحمر»، وتابع «هم يتخفون من التيار.. وإن شاء الله نحن منتصرون». وكشف أن تياره بدأ يمارس نشاطه من دار اسمها «دار التواصل» في مدينة بورتسودان، لكن الظلاميين في الولاية أغلقوها في وجوهنا.
غير أن نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني في الولاية محمد طاهر أحمد حسين قال لـ«الشرق الأوسط»: إن زعيم التيار المناوئ لحزبه، لم يُقْصه أحد وإنما خاض المنافسة داخل الحزب وأتيحت له كل الفرص، ولكنه في اجتماع الشورى لقيادة الحزب حصل فقط على صوتين، صوته وصوت من رشحه «من جملة 355 صوتا» في مجلس الشورى، وأضاف حسين «وعليه قرر أن يترشح مستقلا عن الحزب»، ونوه إلى أنه «حسب علمه وجد التزكية المناسبة لذلك».
وروى ملابسات فض الشرطة لمسيرة زعيم التيار وأنصاره، وقال: «إننا عملنا مهرجانا كبيرا بعد حصولنا على الإذن من السلطات الأمنية بمناسبة ترشح أيلا لمنصب الوالي، طفنا ساعات حول مدينة بورتسودان بأحسن ما يكون، وعصرا عقد حامد وأنصاره ندوة سريعة من دون أخذ الإذن من السلطان، ثم تحركوا على متن نحو 20 حافلة في مسيرة في المدينة، فتصدت لهم السلطات الأمنية لعدم حصولهم على الإذن، وفرقتهم». وردا على سؤال قلل من أهمية التيار، وقال: إنه «لا يؤثر لا من قريب ولا من بعيد في عمل الأحزاب الانتخابي»، وقال: إن وكيل ناظر قبيلته (بني عامر) هو واحد من مرشحي الحزب في الانتخابات المقبلة في الدوائر الجغرافية.