تونس: استمرار التظاهرات للمطالبة بسقوط حكومة الغنوشي
تونس – أ ف ب، رويترز – تجمّع نحو 500 شخص أمس الجمعة في وسط تونس مطالبين باستقالة الحكومة الانتقالية التي تضم شخصيات تابعة لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وسار المتظاهرون في شارع الحبيب البورقيبة في اتجاه وزارة الداخلية في محاولة للاعتصام أمامها «إلى أن تحل الحكومة». وهتف المتظاهرون أمام حاجز من رجال مكافحة الشغب: «لقد سرقتم ثروة البلاد لكن لن تتمكنوا من سرقة ثورتنا» و «الشعب يريد استقالة الحكومة».
كما رفعوا علم الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) الذي لعب دوراً مهماً خلال «ثورة الياسمين» التي وجّهها وأعطاها بعداً سياسياً.
وطوّق الجيش الذي يتمتع بشعبية في تونس ووحدات مقاومة الشغب مقر وزارة الداخلية كما منعوا المتظاهرين من الاقتراب من مقر التجمع الدستوري الديموقراطي، حزب الرئيس المخلوع الذي يبعد عنها نحو 400 متر.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «التجمع الدستوري الديموقراطي ارحل»، في حين حمل آخرون بالونات ملوّنة قال أحد المحتجين لـ «فرانس برس» إنها «ترمز إلى أن حركة احتجاجية سلمية». ورفع متظاهر آخر صورة لمحمد البوعزيزي وهتف بأنه «رئيس البلاد». وأحرق البوعزيزي نفسه في سيدي بوزيد الواقعة على بعد 265 كيلومتراً جنوب العاصمة احتجاجاً على مصادرة بضاعته فأشعل ثورة شعبية في البلاد اطاحت الرئيس زين العابدين بن علي الذي فر في 14 كانون الثاني (يناير) إلى المملكة العربية السعودية.
ويحتج المتظاهرون منذ أيام على تولي ثمانية من أعضاء الحزب الحاكم سابقاً مناصب وزارية مهمة في الحكومة الانتقالية التونسية. وتشكلت الحكومة الجديدة بعد ثلاثة أيام من سقوط نظام بن علي بعدما حكم البلاد 23 سنة إثر حركة احتجاج دامت شهراً، وأسفرت عن سقوط 78 قتيلاً و94 جريحاً بحسب الحكومة، بينما أعلنت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي أن عدد القتلى يناهز المئة خلال الأسابيع الخمسة الماضية.
وعرض التلفزيون التونسي الرسمي الجمعة كمية من الأسلحة داخل منزل يملكه أفراد من عائلة زوجة الرئيس التونسي المخلوع. ولم توضح القناة العامة أسماء هؤلاء الأشخاص واكتفت بالقول إنهم من أصهار الرئيس السابق بن علي.
وعرض التلفزيون التونسي مشاهد لبنادق بمناظير وأخرى للصيد ومسدسات وخراطيش كانت رُدمت تحت الرمل في منزل أحد أشقاء ليلى بن علي زوجة الرئيس الفار إلى السعودية.
وتأتي عملية ضبط الأسلحة غداة اعتقال 33 من اقرباء الرئيس التونسي المخلوع للاشتباه بارتكابهم «جرائم بحق تونس»، وفق ما أعلن مصدر رسمي للتلفزيون الوطني الخميس.
وكانت الحكومة التونسية الانتقالية أقرت الخميس في أول اجتماع لها مشروع قانون عفو عام يشمل إسلاميي حركة «النهضة» المحظورة. وقال وزير التنمية أحمد نجيب الشابي لوكالة «فرانس برس» إن «وزير العدل قدم مشروع قانون عفو عام وقد تبناه مجلس الوزراء الذي قرر احالته على البرلمان».
وأوضح وزير التعليم العالي أحمد إبراهيم في تصريح إلى الصحافيين أن «حركة النهضة ستكون مشمولة بالعفو العام». وكانت حركة النهضة أعلنت الثلثاء أنها ستتقدم بطلب للحصول على ترخيص بعدما تم حظرها إبان نظام الرئيس المخلوع. وأعلنت الحكومة أيضاً أن الدولة ستستعيد «الأملاك المنقولة وغير المنقولة للتجمع الدستوري الديموقراطي»، حزب الرئيس السابق بن علي. وقال الناطق باسم الحكومة الطيب بكوش «اتخذ قرار بأن تستعيد الدولة كل الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للتجمع الدستوري الديموقراطي». ويندرج هذا القرار في إطار تعهد «حكومة الوحدة الوطنية» التي شكّلها محمد الغنوشي الإثنين بالقيام بعملية فصل بين الدولة والتجمع الدستوري بعد 23 عاماً من حكم بن علي.
ودعت وزارة الشؤون الدينية التونسية، أمس، كافة الائمة الخطباء في جوامع البلاد إلى إقامة صلاة الغائب «ترحماً على أرواح شهداء ثورة الشعب». وطلبت الوزارة في بيان «من الائمة الخطباء في كل جوامع الجمهورية إلى إقامة صلاة الغائب إثر صلاة الجمعة ترحماً على روح شهداء ثورة الشعب التونسي».
ويتوقع أن تكون خطب الائمة التونسيين قد شهدت أمس تغييراً في محتواها بعدما كانوا لفترة طويلة يخضعون لمراقبة بوليسية لصيقة.
والجمعة هو أول أيام الحداد الوطني الثلاثة التي أعلنتها الحكومة الانتقالية الخميس في «ذكرى ضحايا الأحداث الأخيرة».
على صعيد آخر، أفاد مسؤول في البنك المركزي التونسي الجمعة أن احتياطي تونس من الذهب الذي يبلغ 6.8 طن لم يمس، وهي كمية لم تتغير منذ 20 عاماً. ونفى المصدر مفضّلاً عدم كشف هويته، المزاعم المتعلقة بإخراج جزء من الاحتياطي خارج البلاد، والتي قال إنها «سياسية» وهدفها «تشويه صورة» محافظ البنك السابق توفيق بكار.
وأوضح أن «5.3 طن من الذهب موجودة في خزائن البنك المركزي في تونس و1.5 طن في بنك انكلترا، وهذه الكمية لم تتغير منذ نحو عشرين عاماً والوثائق المدعمة لذلك موجودة».
وأضاف المصدر أن المراقبين الدوليين منصف بوزنوقة ومراد قلاعي قاما بمراجعة كمية الذهب في البنك المركزي التونسي وأكدا أن «الكمية لم تشهد تغييراً». واعتبر أن الاتهامات الموجهة إلى بنك تونس المركزي «ذات خلفيات سياسية ترمي إلى النيل من سمعة محافظ البنك المركزي».
وكان مجلس الذهب العالمي أعلن الخميس أن هناك 1.5 طن من الذهب ناقصة في خزائن بنك تونس المركزي بناء على التقييم الذي أصدره في كانون الأول (ديسمبر) استناداً إلى أرقام صندوق النقد الدولي العائدة إلى تشرين الأول (اكتوبر). وقدّر مجلس الذهب العالمي في كانون الأول (ديسمبر) موجودات الذهب لدى تونس بـ 6.8 طن.
ويُصدر مجلس الذهب العالمي تقييمات عالمية منتظمة ويعتبره الخبراء والسوق موثوقاً. ويتفق تقييمه مع ما نشره صندوق النقد الدولي في نهاية تشرين الأول (اكتوبر) الذي تحدث عن 220 ألف أونصة من الذهب في بنك تونس المركزي، أي 6.8 طن.
وذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسية والقناة الأولى في التلفزيون الفرنسي في وقت سابق أن عائلة بن علي هربت من تونس ومعها طن ونصف طن من الذهب. وذكرت المصادر نقلاً عن أجهزة الاستخبارات الفرنسية أن ليلى الطرابلسي توجهت إلى البنك المركزي لأخذ سبائك الذهب، لكن حاكم البنك رفض تسليمها ذلك قبل أن يرضخ لضغوط بن علي. وقالت المصادر إن سحب الكميات الكبيرة جرى نهاية كانون الأول (ديسمبر).