ان كل مهتم بالشان السوداني يتضح له ما يهدف عليه النخب السودانية التي حكم وما زال يحكم السودان هو محاولة لتشيد الغيمة العربية في السودان مع تجاهل متعمد للمكونات الثقافية الاخرى، والذي تعتبر الركيزة الاساسية التي قامت عليه السودان تاريخيآ وهو المكونات الزنجية ،التي تسمى مجازيآ (افريقية)وهذا التجاهل ساهم في تفاخم الازمة بشكل مستمر الى ان جاء الانقاذ ليكمل المشروع الذي بداها السابقين وتلك المشاريع العرجاء التى جاءو به ساهم في تشكيل الوعي الجمعي للشعب السوداني عبر بوابة الاسلام كاحد الاديان التي تشكل منه البنية السياسية ( الاحزاب التقليدية) ولذلك كان من المعهود ان يقوم الشريحة المثقفة في المجتمع السوداني بابتكار مفاهيم جديد لتخليص المجتمع من تلك التى سادت ،وشكلت منها الوعي الجمعي السالب تجاه المكونات الاجتماعية الاخرى، والمعروف ان لكل مجتمع وعي جمعي يتشكل من التمثلات الجماعية القيم والمثل والمعتقدات والمشاعرالمشتركة بين افراد تلك المجتمع .وهذا الوعي اذا كان قوميآ يؤدي الى تماسك المجتمع ككل ويساهم في البناء القومي اما العكس من ذلك حتمآ سوف يساهم في تفتيت النسيج الاجتماعي وهذا ما حصل لذلك كان الناتج هو النزاعات التي دارت وادت الى انفصال ذلك الجزء العزيز( جنوب السودان). وما زال يدور في معظم ارجاء السودان ،ولذلك كان دورالمثقف السالب الذي يتعالى في برجه العالي ويتخلى ان مهامه في المجتمع للاجهزة التي تريد ضق المفاهيم الاقصائية والتي تريد به المحافظة على الايديولوجية الاسلاموعربية وهو ما تشكل منه وعي المجتمع السوداني اليوم وان المثقف السوداني اصبح يتهرب من المهام الاساسية له وهو النزول الى الشرائح الاجتماعية ويتفاعل معه الذي هو صفر كبير ،لكن اراد الحفاظ على مكانه العالي والبحث عن كرسي السلطة (انتهازي) ،حتى اصبح الشعب السوداني يوصف بانه متخلف في اروقة المثقفين ولا يعلم بان ذلك نتاج لغيابه من تلك المجتمع .ولا يعرف الكثير من (المثقفين) حسب الزعم العلاقة الوثيقة التي تربط بين دور المثقف وتشكيل الثقافة العامة للمجتمع مع كل ذلك يدعي انه قايد للمجتمع ،ولذلك من الاكيد ان مسالة الثقافة التي هو اساس الازمة السودانية اليوم ،التي اصبح مازومة الى حد انكار البعض الى سودانية الاخرين(ثقافيآ) حتى اولئك الذين يحملون الجنسية السودانية ،لان معيار السودنة يقاس بالعروبة في السودان، ان الادعاء بعروبة الشعب السوداني ودون الاعتراف بالمكونات الاخرى بشكل واقعي و حقيقي هو تهميش متعمد وسوف يصل التقسيم الى باقي اقاليم السودان، و اصبح قضايا التسامح الثقافي والديني والاجتماعي غائبة تمامآ حتى في المؤسسات الرسمية والتعاملات الاجتماعية اليومية، مما سبب في النظرات الاعدائية بين المكونات السودانية وذلك يولد الغبن التاريخي،ويساهم في تفتيت ما تبقى من النسيج الاجتماعي مما يعني تفتيت السودان، وحسب تعريفي للمثقف هو (ذلك الكائن البشري الذي يستطيع ابتكار مفاهيم (افكار) جديدة في مقابل القديمة الذي استنفد عصره ويكون قادرآ على التعامل والتفاعل مع كل الشرائح الاجتماعية ولا يتعالى عليهم ويكون واقعيآ اكثر منه مثاليآ ). وهو الشي التي لم نراها في تلك الكائن البشري التي يزعم انه (مثقف).ولم يتوارى في اطلاق صافرة البداية من داخل المجتمع كعضو فاعل في المجتمع في رحلته للبحث عن السلطة والا ان يختفي عند تنفيذ المهمة الانتهازية وبعد ذلك يقف متفرج فيما يجري للمجتمع ،والمثقف السوداني لم يكن له مبدا ثابت الا السلطة .مثلآ :تجدهم الكثيرين يتنقلون بين التنظيمات اليسارية واليمينية الطرح مما يوكد لك ريغماتيتهم. وحتى الكثير من الاكاديمين (المفكرين) الذين اشتغلوا في الفكرالسياسي السوداني في محاولة منهم لتقديم معارف علمية هم ايديولوجين اكثر منهم اكاديمين لانهم لم يعرفو الحياد العلمي مما يعني مساهمتهم في انتاج المناهج الايديولوجية التي يدرس الان في الجامعات والمعاهد الاكاديمية هذا ما ادى الى خلق اجيال لم يعرف ابسط مكونات السودان الاجتماعية والثقافية والدينية والتاريخية مع ذلك غير مهتم بمعرفتها، وهذا المعضلة للمؤسسات التربوية والتعليمية في السودان الدور الاكبر لان يقوم بتعليم وتربية الاطفال منذ الصغر ايديولوجيآ وعلى كراهية الاخر التى لا تشترك معه في السمات البيولوجية.وهذا يؤكد غياب التربية الوطنية السليمة للاجيال مما يعنى مؤشر لمزيدآ من المعانا.لان من البديهي ان تذهب جيل وتاتي جيل اخر ليتولى القيادة في المجتمع مع الاستمرار في نفس التفكير التى ورثوها من اسلافهم ( التفكير الاقصائي ) .
و لكي نخرج كمجتمع سوداني من هذا الازمة لابدة للمثقف ان يتخلى من عادته (الغوغاء في مكان متعالي ويتعامل مع المجتمع بشكل ابوي ) وينزل الى الواقع الاجتماعي المازوم والتي تسود فيها المفاهيم الاقصائية السالبة والذي يودي الى انقسامات اكثر مما نحن عليه الان ،ويكون قادرآ على انتاج فكر يستوعب كل الواقع المتعدد ثقافيآ ودينيآ وسياسيآ ونتمكن من المحافظة على ما تبقى من التراب السوداني.وبناء سودان جديد يسع كل الشعب السوداني بتعدده الكبيرويسوده الديمقراطية والحرية والعدالة والتسامح.ويتفق كل الشعب السوداني على هوية جامعة يعبر عن كل المكونات الثقافية والاثنية والدينية ….الخ .واعادة توجيه الناهج العلمية على نحوشامل ويتيح لكل المكونات السودانية المساحة للتعبير عن نفسها ويطور ثقافتها ولغاته .ودون ذلك سوف يؤدي الى الصوملة السودانية اجلآ ام عجلآ، ومزيد من الدمارفي البنية الثقافية والاجتماعية والدينية الحشة اساسآ.واملآ ان يعود الجنوب القديم الى الوحدة بعد ذلك ،واملآ في ان لا نفقد المزيد من التراب السوداني.
بقلم/ محمد مستورزكريا
[email protected]