تصريح الناطقة الرسمية السابقة بإسم بعثة اليوناميد د. عائشة البصري حول نتائج تحقيق “فريق مراجعة إدعاءات التلاعب في التقارير حول دارفور”
على عكس ما جاء في البيان الصادر عن ستيفان دوجاريك الناطق الرسمي بإسم الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون يوم 29 أكتوبر الماضي فإن نتائج تحقيق فريق مراجعة إدعاءات التلاعب في التقارير حول دارفوركشفت عن تستر واضح من طرف بعثة اليوناميد في محاولة يائسة لتبرئة إدارة حفظ السلام بمقر الأمم المتحدة في نيويورك من تهمة المشاركة في التستر على جرائم الحكومة السودانية و القوات الموالية لها التي لازلُت أوجهها لهما. هذه حقيقة ماجاء في نص الموجز التنفيذي المرفق طيا و الذي نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية يوم 29 أكتوبر رغم عزم الأمم المتحدة إبقاء هذه الوثيقة في السر.
لقد كشف الموجز التنفيذى (الرجاء الاطلاع على الترجمة الحرفية لمقتطفات منه أدناه)كشف تقرير فريق المراجعة على أنه من أصل الحوادث 16 التي وثقتها و قاموا بمراجعتها فإن البعثة تسترت حول حقائق تثبت ضلوع القوات الحكومية أو القوات الموالية للحكومة في خمسة حوادث تخص جرائم ضد المدنيين و ضد جنود البعثة على حد سواء. و لقد أقر الفريق بأن البعثة حجبت عن إدارة حفظ السلام في نيويورك “نسخة من تقرير التحقيق في الهجوم و الإغتصاب والنهب الذي قامت به قوات موالية للحكومة في طويلة” و كان قد تأكد تقرير البعثة عن هذا الهجوم الذي تسترت عنه بأن عناصر تابعة لقوات الحكومة السودانية كانت تستقل أكثر من 150 مركبة عسكرية خلال يومي 24-27 أغسطس ثم شنت هجوما على أربع قرى في منطقة طويلة معظمهم من قبائل الزغاوة والفور، وذلك بحجة الاشتباه في كونهم يؤيدون الحركات المسلحة في دارفور. و كان قد تأكد التحقيق أيضا بأن الجنود قد اغتصبوا عددا من النساء، واعتدوا كذلك على الرجال والأطفال، ونهبوا ممتلكات خاصة ، ودمروا عددا من المزارع و تسببوا في تشرد أكثر من 5000 إمرأة و رجل و طفل.
و في حادثة أخرى أقر فريق المراجعة بأن البعثة حجبت أيضا “أدلة معقولة بما فيها التقارير الداخلية التي تم تداولها وسط بعثة اليوناميد، كانت تشير إلى أن أعضاءً من حرس الحدود كانوا قد شاركوا في الهجوم في منطقة هشابة وإرتكبوا إثرها جرائم و إنتهاكات حقوق الإنسان.” بالفعل لقدت وثقت البعثة هذا الهجوم الذي راح ضحيته ما بين 70 و 100 مدني حسب تقديرات البعثة الجد متواضعة التي لم تذكر حالات الاغتصاب و النهب و التشريد التي وثقتها بتقارير البعثة أيضا..
و يمضي فريق المراجعة مصرحا: ” لقد قررت بعثة اليوناميد بعدم رفع تقرير لمقر الأمم المتحدة يفيد بالتهديد الذي صدر عن أفراد من قوات الدفاع الشعبي التي هددت بقتل أي زغاوة تقله دورية اليوناميد و التي كان يصاحبها قرويان من الزغاوة.” و كان هذا التهديد هو السبب الحقيقي الذي جعل البعثة تلغي مهمة التحقق من جرائم أخرى بقرية أبو دلك على عكس إدعائها بضيق الوقت. و يشكل صمت البعثة عن هذاالتهديد دليلا على جرائم قتل 10 مدنيين والنهب و التشريد التي كانت قد إرتكبتها قوات الدفاع الشعبي يوم 2 نفمبر2012 في حق سكان قرية سجلي وهو أيضا دليل على إستهداف القوات الحكومية للزغاوة منذ نهاية 2010 كما جاء في التقارير الداخلية للبعثة التي كانت تصل إدارة حفظ السلام والتي قررت إلتزام الصمت أيضا حيال هذا التحول الخطير في الحرب ضد مدنيي دارفور.
و لقد أوضح فريق المراجعة بأن تستر البعثة على جرائم الحكومة شمل أيضا هجوم القوات الحكومية على جنود البعثة في قاعدة الفريق في مهاجرية في 18 و 19 أبريل 2013، و يعترف فريق المراجعة بأن جنود البعثة تعرضوا لهجومين إثنين من طرف الحكومة في تلك الليلة إلا أن البعثة لم تخبر المقر إلا بالهجوم الثاني و حجبت عنهم المعلومات التي تشير إلى ضلوع القوات الموالية للحكومة في هذا الهجوم على القبعات الزرق الذي يعد جريمة حرب حسب القانون الدولي: “لقد كانت هناك أدلة قوية و كان هناك ما يدفع للإعتقاد بأن القوات الموالية للحكومة كانت قد قامت بالهجوم المُهلك على قاعدة الفريق في مهاجرية. و هذا ما أكده كل من التحقيق العسكري و تقرير المهمة المتكاملة و تقرير فريق الخبراء المعني بالسودان، ” يستنتج التقرير.
و في حادثة خامسة أقر فريق المراجعة بأنه خلال التحليق الجوي الهجومي الذي قامت به مروحيتين هجوميتين تابعتان للحكومة فوق دورية تابعة للبعثة كانت في طريق عودتها من مهمة التحقق من قصف جوي لمنطقة اهلة بالسكان المدنيين في مليط يوم 26 سبمبر 2012 ، – أقر الفريق بأن “البعثة لم ترفع تقريرا لمقر الأمم المتحدة عن تهديد الحكومة اللفظي الذي هددت فيه بقصف و شن هجوم جوي على دورية اليوناميد كما أن البعثة لم تخبر المقر بأن هذه الدورية كانت تقل خبيرأسلحة عضو في فريق الخبراء المعني بالسودان.” و يضيف قائلا: “لم يتم الإفصاح بشكل كامل عن هذا الحادث لمجلس الأمن إلا من طرف تقرير عن حادث الذي رفعه فريق الخبراء. “
في بعض الحوادث الأخرى التي تمت مراجعتها، لاحظ فريق المراجعة “ بأنه رغم أن التقريرات الأولية كانت تُقر بإشتباه ضلوع القوات الحكومية والقوات الموالية للحكومة في هجومات فإنه كان يتم تغيير هذا الوصف في وقت لاحق خلال عملية رفع التقاري الرسمية. و بهذا يتحول وصف الجناة إلى “مهاجمين مجهولي الهوية” أو ” مسلحين يرتدون زيا عسكريا” … مما حالَ دون محاسبة الحكومة عن أعمال إجرامية قامت بها قواتها و أو القوات الموالية لها.“
و إعترف الفريق أيضا بأنه في حالات أخرى ” كان هناك تناقض شديد بين التقارير الأولية وبين ماظهر في التقارير الرسمية” و أسمى هذا التلاعب “ بالرقابة الذاتية ” ، ثم أضاف: “أظهرت المراجعة غيابا ملحوظا لإصدار البرقيات المشفرة حول الحوادث التي كان يُشتبه بضلوع القوات الحكومية فيها.” ثم مضى الفريق قائلا بأن بعثة اليوناميد ” لم تكن تُشجع رفع تقارير صريحة” و “بأن عددا من كبار المسؤولين في البعثة كانوا عنيدين في قرارهم بعدم الإدلاء بأية تصريحات علنية دون أن يتم التحقق من الحوادث“، علما بأنهم كانوا يُدركون تماما بأن القوات الحكومية لم و لن تسمح لهم بولوج ما تسميه بمناطق العمليات و التي يتعرض فيها المدنيون لهجومات شرسة و قاتلة. و لقد إعترف فريق المراجعة بأن البعثة كانت تلتزم الصمت و التماطل و ” كان يتم تأخير البيانات الصحفية بإستمرار خاصة حين يتعلق الأمر بضلوع مُزمع للقوات الحكومية و/أو القوات الموالية لها، الشيء الذي كان يجعلها خارج الدورة الإعلامية. “
و رغم كل هذه الدلائل القاطعة على التلاعبات المقصودة و الفاضحة جاءت نتيجة التقرير على النحو التالي: “إن فريق المراجعة لم يجد دليلا يدعم الفرضية القائلة بأن بعثة اليوناميد و إدارة حفظ السلام ترفعان التقارير بنية التستر عن جرائم ضد المدنيين و حفظة السلام“.
إن هذا الإستنتاج يشكل في حد ذاته تلاعبالفظيا إضافيا و محاولة يائسة للتستر- ليس على تستر البعثة الصريح الذي كشف عنه موجز التقرير- بل التستر الأكبر و الأخطر الذي تقوم به إدارة حفظ السلام افي نيويورك و التي يرأسها الدبلوماسي الفرنسي السابق هرفي لادسوس. فالغرض من هذه المراجعة -التي سبق وإعترضتُ عليها منذ البداية- هو تبرئة كبار إدارة حفظ السلام بعد أن أعرب أعضاء مجلس الأمن عن إستيائهم و قلقهم الشديد جراء تصريحاتي والتقاريرالإعلامية – و على رأسها تقرير فورين بولسي لأبريل 2014 – التي تشكك في توصل المجلس بحقيقة الجرائم ضد المدنيين و جنود السلام في دارفور. ولهذا فإن هدف هذه المراجعة كان هو الوصول إلى هذا التبرير على حساب إتهامات تخص بأجمعها بعثة اليوناميد:
” كانت تقريبا جميع التقارير حول الحوادث تتم عبر التقرير عن الحالة الموحد اليومي و الذي يتم إعداده من طرف مركز العمليات المشتركة. لكن البعثة لم تكن ترسل دائما إلى مقر الأمم المتحدة تقارير المتابعة لهذه الحوادث بما في ذلك تقارير مهمات التحقيق و التقارير التحقيقات العسكرية. و لو كان الأمر كذلك لكانت إدارة حفظ السلام في موقف يسمح لها بإبقاء مجلس الأمن على علم تام بما يجري في دارفور و لتم العاطي مع حساسية ظلوع الحكومة في إطار إجتماعات مغلقة لهذا الجهاز الأممي.”
و هنا لا يسعني إلا أن أستنكر و أدين بشدة هذا التحايل الجديد و هذه المحاولة اليائسة من طرف الأمم المتحدة للتستر على تواطؤ إدارة حفظ السلام في حجب حقائق تدين جرائم القوات الحكومية و مليشياتها ضد المدنيين و جنود البعثة في دارفور. فإذا كان الفريق مظطرا للإعتراف بحجب البعثة الحقيقة عن المقر في خمس حالات فإن إدارة حفظ السلام – و التي من الإحرى أن تُسمى بإدارة حفظ الحروب و إطالتها – توصلت بالتقارير الوافية في الحالات الإحدى عشر التي لم يتم التطرق إليها في موجز التقرير.
و لربما خير دليل على ذلك هو حادثة كتم في 5 سبتمبر2012 التي وقعت ضحيتها جماعة من المواطنين المدنيين من منطقة ديسا كانوا يستقلون شاحنة تأخذهم إلى بلدة كتم حين اوقفتهم عناصر من حرس الحدود وأطلقت عليهم النار وقتلت وجرحت بعضهم، وذلك على مراى ومسمع جنود اليوناميد الذين إلتقطوا صورا لهذه الحادثة و هي مرفقة طيا لكي يطلع عليها كل من قد يراوده الشك في تواطؤ إدارة حفظ السلام في التستر على جرائم أرتكبت معظمها من طرف القوات الحكومية ومليشياتها. فما كان لهذه الإدارة المعنية بكتابة تقارير الأمين العام إلا تكذب و تعزي مقتل مدني واحد وجرح ثمانية آخرين جراء هذا الهجوم إلى “تبادل لإطلاق النار بين الحكومة وقوات الميليشيات المسلحة العربية“.
كما تسترت الإدارة و البعثة على ضلوع عناصر من القوات الحكومية في هجوم عنيف على قبيلة بني حسين في منطقة جبل عامرفي بداية شهر يناير 2013. و لقد وثقت البعثة هذا الهجوم على هذا النحو:
“لقد نادت الرزيقات الشمالية (الأبالة) على مناصريهم لكي يساعدوهم و شرعوا في الهجوم مستخدمين الرشاشات الثقيلة و قنابل يدوية ذات دفع صاروخي( الربي جي ) . و لقد دخل منطقة جبل عامر عدد ضخم من رجال مسلحين يستقلون أكثر من 200 عربة عسكرية ( حرس الحدود و قوات الجيش السوداني) ثم شرعوا في الهجوم على قبائل بني حسين. و قاموا خلال هذا الهجوم بإطلاق نار عشوائي عليهم، و أحرقوا بيوتا، و نهبوا أملاكام خاصة مما دفع عداد كبيار من الضحايا إلى النزوح إلى السويف و و كبكابية و سرف عمرة.”
لكن تقرير البعثة هذا الذي صدر عن القسم المعني بجمع المعلومات الدقيقة يوم 13 كانون الثاني/ يناير 2013 لم يذكره رئيس إدارة حفظ السلام السيد هرفي لادسوس في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في دارفور جراء أحداث العنف في منطقة جبل عامر يوم 18 اذار/ مارس 2013 إذ قال لادسوس لهم: “لقد لاحظت البعثة التقارير الإعلامية التي تفيد بأن بعض الاطراف الحكومية ساندت هجوم مليشيا الأبالة خلال هذه المواجهة العدائية و لكن البعثة لا تتوفر على المعلومات التي من شأنها أن تؤكد هذه الادعاءات.” هذه هي الحقائق التي إرتاى فريق المراجعة حجبها خلال لعبة التحقيق الفاشلة.
و لم يكشف فريق المراجعة بتوصل إدارة حفظ السلام بتقارير البعثة التي تُقر بأن حرس الحدود معززة بمليشيات قبلية أخرى من جهة و شرطة أبو طيرة من جهةأخرى كانت وراء هجوم عنيف على عشرات الاف من النازحين في مخيمي كساب و فاتا برنو في بداية شهر أغسطس 2012 و الذي حسب تقارير البعثة و فريق الامم المتحدة أدى إلى” مقتل 8 أشخاص و جرح عشرة اخرين، و 9 حالات إغتصاب و إختطاف أربعة أشخاص“.
كما أن فريق المراجعة يتغاظى الطرف عن توصل الإدارة بتقرير من بعثة اليوناميد يفيد بأن عناصر تابعة لشرطة الإحتياطي المركزي (أبو طيرة) قاموا يوم 7 يناير/ كانون الثاني 2013 بمهاجمة و جرح 8 رجال من نازحي مخيم زمزم في شمال دارفور و قامت شرطة أبو طيرة بإهانتهم ونهب ممتلكاتهم و ذلك حين كانت شرطة البعثة متواجدة في المخيم مثلها مثل باقي المتفرجين العاجزين.
علاوة على هذا لم يكشف التقرير أيضا على أن إدارة حفظ السلام وثقت كذب البعثة حين إدعت بأن جنودها حاولوا أن يمنعوا مسلحين تابعين لجيش تحرير السودان/ فصيل عبد الواحد يوم 24 اذار/مارس 2013 من إختطاف 31 نازح و نازحة كانوا تحت حماية جنود البعثة. لكن البعثة و إدارة حفظ السلام أصرا على أن الجنود حاولوا التصدي لهذا الاختطاف التعسفي لنساء و رجال مدنيين كانوا في طريقهم إلى نيالا.
ثم لم يتحدث فريق المراجعة عن توصل المقر بتقرير البعثة عن قصف حكومي عشوائي عبر طيارة الانتينوف الروسية الصنع يوم 22 اذار/مارس 2013 لتجمع مدنيين قرب بئر في قرية أم أجاجة في منطقة مليط في شمال دارفور فحولوا إلى رماد أجساد خمسة أبرياء بما فيهم طفل و إمرأة. لقد صمت الفريق عن هذه الحادثة كما إلتزم الصمت حيال كل عمليات القصف الجوي العشوائي بالطبع و التي كانت إدارة حفظ السلام على علم تام بهاو لم تذكرها في تقارير الامين العام، وكنت أنت أتوقع من أي تحقيق في تلاعبات البعثة بالتقارير حول دارفور أن يجيب عن الإبهام الذي يحيط بدور رئيس أركان البعثة لخمس سنوات ألسيد كارين تشاليان الروسي الأصل في رفع التقارير عن القصف المحظور بواسطة طيران بلده و ما إلى غيره من الجرائم في حين أنه كان المسؤول الأول عن كل المعلومات الصادرة عن البعثة و الرائجة فيها.
أما عن هجومات القوات الحكومية – بما فيها القوات المساعدة – فلقد وفرت لفريق المراجعة ما يكفي من وثائق و حقائق لإثبات تستر إدارة حفظ السلام و بعثة اليوناميد على هجومات هذه القوات على دوريات البعثة في كل من قرية دوبو و كلبس و أبو دلك التي أعزتها البعثة و الإدارة إلى “هجومات من طرف مسلحين مجهولي الهوية”. إن مأساة أهل دارفور تكمن في ضلوع إدارة حفظ السلام في حجب الحقائق المزعجة والتي توضح إنتهاكات جسيمة لحياة و ممتلكات مدنيين و أعراضهم. فلقد وثقتُ صمت البعثة و الإدارة عن جرائم الإغتصاب الممنهج و الجماعي من طرف مليشيات الجنجويد الحكومية على نحو لا يترك مجالا للشك. هذا و ناهيك عن تلاعبات البعثة بالأرقام التي كان المشرفون على عمل البعثة في نيويورك على علم بهاو التي كانت تضخم عدد دوريات البعثة و تقلل من عدد ضحايا الحرب على المدنيين لأن إنخفاض عدد القتلى هو مؤشر لنجاح البعثة حسب المعايير الأممية لتقييم إنجازات بعثات حفظ السلام حول العالم بما فيها بعثة اليوناميد.
هذا فيض من غيض الجرائم المسكوت عنها في تقرير فريق المراجعة. هذا تناولي بإيجاز شديد لبعض الحالات التي أدخلها تقرير فريق المراجعة تحت إطار الإحدى عشرة حالة التي لم يجدوا فيها أدلة ثبت إتهاماتي الصريحة بتستر يطال إدارة حفظ السلام و بعثتها في دارفور.
لكن على الرغم من ذلك فأنا أرحب بهذا التقرير الذي كان مرغما نظرا لكثرة الحوادث و ووفرة الوثائق بأن يقر بالقليل من جرائم تستر البعثة بما يكفي لملاحقتها و ملاحقة المشرفين عليها و طلب التزام الأمين العام للأمم المتحدة بطلب المحكمة الجنائية بتشكيل فريق “للتحقيق الشامل و المستقل و العلني.” لذلك فما وقف عليه فريق المراجعة هو شهادة إضافية بصحة الإتهامات التي لازلت أوجهها للبعثة و للإدارة على حد سواء.
وفائي و إحترامي لضحايا أهل دارفور المنسيين و إمتناني لشعب السودان الذي شاطرتة كسرته و ملاحه لن يجعلاني أدخر أي جهد في مواصلة المطالبة بالحقيقة، كل الحقيقة و لا شيء غير الحقيقة.
د. عائشة البصري
الناطقة الرسمية السابقة بإسم بعثة اليوناميد
ترجمة حرفية لمقتطفات من الموجز التنفيذى لتقرير فريق مراجعة إدعاءات التلاعب في التقارير حول دارفور
الحوادث الستة عشر التي قام فيها الفريق بمراجعة تقارير بعثة اليوناميد، تضم سبعة حوادث تتعلق بهجومات على مدنيين، و حادثتين تتعلقان بفشل البعثة المزموع في رفع تقارير عن إنتاهاكات حقوق الانسان أو التحقيق فيها، و ستة حوادث تُعنى بهجومات على اليوناميد و حادثة تتعلق بهجوم على المدنيين و اليوناميد على حد سواء.
في خمس حالات تمت مراجعتها، لم تقم البعثة برفع تقارير شاملة حول ملابسات هذه الحوادث التي تتعلق بمخالفات محتملة من طرف القوات الحكومية أو القوات الموالية للحكومة.
1 طويلة: لم ترسل بعثة اليوناميد إلى إدارة حفظ السلام نسخة من تقرير التحقق في الهجوم و الإغتصاب والنهب الذي قامت به قوات موالية للحكومة في طويلة. ولهذا و رغم أنه كان قد تم إخبار مجلس الأمن بوقوع الحادث فيما قبل ، فإنه لم يتم إطلاع أعضاء المجلس على نتائج التحقيق، كما أنه لم يتم تضمين هذه النتائج في في تقرير الأمين العام لمجلس الأمن أيضا.
2 كشينة: أما فيما يخص التحليق الجوي الهجومي الذي قامت به مروحيتين هجوميتين تابعتان للحكومة، فإن البعثة لم ترفع تقريرا لمقر الأمم المتحدة عن تهديد الحكومة اللفظي الذي هددت فيه بقصف و شن هجوم جوي على دورية اليوناميد كما أن البعثة لم تخبر المقر بأن هذه الدورية كانت تقل خبيرأسلحة عضو في فريق الخبراء المعني بالسودان. لم يتم الإفصاح بشكل كامل عن هذا الحادث لمجلس الأمن إلا من طرف تقرير عن حادث الذي رفعه فريق الخبراء.
3 هشابة: كانت هناك أدلة معقولة بما فيها التقارير الداخلية التي تم تداولها وسط بعثة اليوناميد، كانت تشير إلى أن أعضاءً من حرس الحدود كانوا قد شاركوا في الهجوم في منطقة هشابة وإرتكبوا إثرها جرائم و إنتهاكات حقوق الإنسان. لم ترفع بعثة اليوناميد هذه المعلومات إلى مقر الأمم المتحدة كما أنه لم يتم إصدار أي تصريح يدين هذا العمل الإجرامي.
4 سجلي: لقد قررت بعثة اليوناميد بعدم رفع تقرير لمقر الأمم المتحدة بالتهديد الذي صدر عن أفراد من قوات الدفاع الشعبي التي هددت بقتل زغاوة تقله دورية اليوناميد و التي كان يصاحبها قرويان من الزغاوة. ولم ترجع دورية البعثة إلى قاعدتها إلا بعد أن قامت قوات الدفاع الشعبي بتفتيش عربات الأمم المتحدة و شرعت في إستجواب عدائي للموظفين السودانيين العاملين في البعثة. لقد رفعت البعثة تقريرا تقول فيه بأنه تم إلغاء المهمة نظرا لضياع الوقت في نقطة تفتيش الذي حال دون القيام بهذه المهمة.
5 قاعدة الفريق في مهاجرية: لقد كانت هناك أدلة قوية و كان هناك ما يدفع للإعتقاد بأن القوات الموالية للحكومة كانت قد قامت بالهجوم المُهلك على قاعدة الفريق في مهاجرية. و هذا ما أكده كل من التحقيق العسكري و تقرير المهمة المتكاملة و تقرير فريق الخبراء المعني بالسودان. ولقد شهدت تلك الليلة هجومين على مقر الفريق إلا أنه لم يتم رفع تقرير علني إلا حول الهجوم الثاني فقط. و قامت إدارة حفظ السلام بوصف المهاجمين بكونهم “مهاجمين مجهولي الهوية” نظرا لعدم تأكدها من هوية و إنتماء المهاجمين. لقد وافقت الحكومة على إجراء تحقيق لكن بعد مضي أكثر من سنة فإنه لم تتحق العدالة بعد.
في بعض الحوادث التي تمت مراجعتها، لاحظ فريق المراجعة بأنه رغم أن التقريرات الأولية كانت تُقر بإشتباه ضلوع القوات الحكومية والقوات الموالية للحكومة في هجومات فإنه كان يتم تغيير هذا الوصف في وقت لاحق خلال عملية رفع التقاري الرسمية. و بهذا يتحول وصف الجناة إلى “مهاجمين مجهولي الهوية” أو ” مسلحين يرتدون زيا عسكريا” نظرا لعدم تمكن البعثة من التحقق المؤكد من هويتهم، مما منح الجناة فرصة عدم الكشف عن هويتهم و حالَ دون محاسبة الحكومة عن أعمال إجرامية قامت بها قواتها و أو القوات الموالية لها.
لقد أظهرت مراجعة التقارير الإعلامية بأن عددا من كبار المسؤولين في البعثة كانوا عنيدين في قرارهم بعدم الإدلاء بأية تصريحات علنية دون أن يتم التحقق من الحوادث رغم أن الإعلام الدولي كان قد رفع تقاريره عن الحوادث مسبقا. كان يتم تأخير البيانات الصحفية بإستمرار خاصة حين يتعلق الأمر بضلوع مُزمع للقوات الحكومية و/أو القوات الموالية لها، الشيء الذي كان يجعلها خارج الدورة الإعلامية.
لقد أبرزت هذه المراجعة بالفعل بأن عدم نسب المسؤولية إلى القوات الحكومية و القوات الموالية للحكومة بدون التحقق و التأكد أدى إلى نقص في التقارير عن الحوادث التي كان يُشتبه ضلوع القوات الحكومية أو القوات الموالية للحكومة فيها. ففي بعض الحالات كان هناك تناقض شديد بين التقارير الأولية وبين ماظهر في التقارير الرسمية. ففي بعض الأحيان يمكن أن يُعزى الأمر جزئيا إلى ضعف في معايير كتابة التقارير في عدد من عناصر تسلسل القيادة. لكن إلتزام البعثة بالرقابة الذاتية حين يتعلق الأمر برفع تقارير إلى مقر الأمم المتحدة هي مشكلة تستوجب حلا فوريا.
لقد أظهرت المراجعة غيابا ملحوظا لإصدار البرقيات المشفرة حول الحوادث التي كان يُشتبه بضلوع القوات الحكومية فيها.
كانت تقريبا جميع التقارير حول الحوادث تتم عبر التقرير عن الحالة الموحد اليومي و الذي يتم إعداده من طرف مركز العمليات المشتركة. لكن البعثة لم تكن ترسل دائما إلى مقر الأمم المتحدة تقارير المتابعة لهذه الحوادث بما في ذلك تقارير مهمات التحقيق و التقارير التحقيقات العسكرية. و لو كان الأمر كذلك لكانت إدارة حفظ السلام في موقف يسمح لها بإبقاء مجلس الأمن على علم تام بما يجري في دارفور و لتم العاطي مع حساسية ظلوع الحكومة في إطار إجتماعات مغلقة لهذا الجهاز الأممي.
لم تكن بعثة اليوناميد تُشجع رفع تقارير صريحة نظرا لتهديدات الحكومة المضيفة بالعقاب.
لقد أصبحت الجهود الرامية إلى الإبقاء على علاقات طيبة مع الحكومة السودانية و التعاون معها لكي تتمكن البعثة من القيام بمهامها قدر المستطاع غاية في حد ذاتها.
•إن فريق المراجعة لم يجد دليلا يدعم الفرضية القائلة بأن بعثة اليوناميد و إدارة حفظ السلام ترفعان التقارير بنية التستر عن جرائم ضد المدنيين و حفظة السلام.
مرفق طيا النص الكامل لرسالة بان كي مون لمجلس الأمن و الموجز التنفيذي لتقرير افريق المراجعة الذي يمكن الإطلاع عليه عبر الظغط على الرابط التالي: http://www.scribd.com/doc/244921250/291014-SG-Letter-of-29-October