لندن: مصطفى سري
يوقع قادة الأحزاب السياسية المعارضة في تحالف قوى الإجماع الوطني في السودان اليوم على وثيقة برنامج البديل الديمقراطي لما بعد نظام الرئيس عمر البشير، في وقت شنت فيه المعارضة هجوما عنيفا على الحكومة التي قالت إن مظاهرات الاحتجاج تستهدف أحكام الشريعة، وسط تواصل المظاهرات في جامعة الخرطوم أمس، والتي تم تفريقها بالغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة، بينما ينفذ الصحافيون وقفة احتجاجية اليوم تحت اسم «أربعاء الكرامة»، تنديدا بالرقابة الأمنية وحظر بعض الصحافيين من الكتابة.
ونفى عضو الهيئة العامة في الإجماع الوطني كمال عمر عبد السلام لـ«الشرق الأوسط» وجود أي خلافات بين القوى السياسية المعارضة تحت قوى الإجماع الوطني، وقال «سنوقع اليوم على برنامج البديل الديمقراطي لما بعد نظام الإنقاذ، وتم تأجيل التوقيع على مشروع الدستور، حيث إننا طرحناه على أطراف أخرى، ولا نريد أن نغلقه أمامهم»، مشيرا إلى أن تلك المجموعات التي لم يسمها سترفض أن تصبح ملحقا، وقال «لا سيما أن هذه المجموعات لديها رصيدها النضالي ضد هذا النظام»، مشددا على عدم وجود معسكرين في السودان تحت اسم «معسكري العلمانية والشريعة». وقال «لدينا معسكر الديمقراطية، ونحن في قوى الإجماع الوطني معسكرنا هو الديمقراطية، حيث حكم الشعب»، واصفا حديث مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع بوجود معسكرين في السودان «بالهلوسة».
واعتبر عبد السلام أن هدوء الاحتجاجات في بعض المناطق بالهدوء الذي يسبق العاصفة، وقال إن المظاهرات لن تتوقف حتى يتم إسقاط النظام. وأضاف أن الحكومة ابتدعت وسائل مختلفة من الاعتقالات واختطاف الناشطين. وتابع «نحن ندرك كل ذلك ونعمل على تصعيد العمل النضالي حتى يسقط النظام ويذهب إلى مذبلة التاريخ». وشن هجوما على نافع علي نافع، مساعد البشير ووصفه بأنه لا يحمل أي أفكار. وقال «نافع من تيار الظلام وهو لا يعرف حرية الاعتقاد والديمقراطية وحق التعبير».
من جهة أخرى، قال الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني يوسف حسين في مؤتمر صحافي، إنه من الصعب جمع كل ما تم من انتهاكات من قبل الحكومة. وأضاف «هناك أنباء بأن عدد المعتقلين حتى جمعة (لحس الكوع) بلغ نحو ألف معتقل»، مشددا على أن أبرز ما يميز المظاهرات سلميتها ومشاركة جماهير حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل، وقال «على الرغم من دعاية الحكومة التي حاولت أن تجعل الأمة والاتحادي خارج الصورة»، وقال إن الاعتقال طال قيادات في قوى الإجماع الوطني في الخرطوم والولايات إلى جانب عدد من الصحافيين، مشيرا إلى أن حركة ارفض لن تتوقف وأنها في اتساع، وقال «النظام شكل ميليشيات الرباطة وهي مجموعة مسلحة بالأسلحة النارية والبيضاء من مدى وسكاكين». وأردف «هناك غياب كامل للحريات الصحافية بسبب الرقابة الأمنية قبل الطبع إلى جانب حجب المواقع الإلكترونية والنظام أغلق السودان بالضبة والمفتاح».
وقال حسين، إن 56 في المائة من الموازنة تصرف على الأمن والدفاع، وهذه بسبب السياسات الحربية للنظام. وأضاف «المال منهوب بالمليارات وليس هناك حديث عن استرداد تلك الأموال أو محاكمات نفذت». وقال «في الفترة في الفترة المقبلة سيحمل المواطن الأموال في القفة ويأتي بالخضار في جيبه». وأضاف أن حل الأزمة الراهنة بالبلاد في رحيل النظام.
إلى ذلك، أعلن صحافيون سودانيون أنهم سينفذون وقفة احتجاجية اليوم ضد الرقابة الأمنية القبلية والقيود المفروضة على الصحف وكبت الحريات. وقال عدد من الصحافيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» طلبوا عدم نشر أسمائهم بسبب ما وصفوه بالمخاطر الأمنية، إن الوقفة الاحتجاجية جاءت بعد مواصلة الأجهزة الأمنية انتهاك قانون الصحافة من خلال اعتراض الصحافيين أثناء أداء مهامهم الرسمية في تغطية الأحداث الجارية في البلاد واعتقالهم وتعذيبهم. وأضافوا أن الأجهزة الأمنية تتدخل بشكل سافر في السياسات الإدارية للصحف من خلال إيقاف أعداد كبيرة من الصحافيين والكتاب من الكتابة في الصحف وتوجيه إدارات الصحف بفصل بعضهم من غير الموالين للسلطة – على حد تعبيرهم – وقالوا إن الوقفة لها ما بعدها.
وكان مساعد الرئيس السوداني الدكتور نافع علي نافع قد اتهم دوائر صهيونية بالسعي لإثارة الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وقال إن مثيري تلك الاحتجاجات يريدون إلغاء الشريعة الإسلامية من حياة السودانيين، معتبرا ما يجري صراعا بين معسكري الشريعة والعلمانية. وأضاف أن حكومته تملك الأدلة على وجود تنسيق بين الجماعات المتمردة وساسة دولة جنوب السودان ودوائر صهيونية في الولايات المتحدة لتخريب بلاده، لكنه لم يكشف عن تلك الأدلة. وأضاف «الذين يسعون إلى تحريك الشارع باسم الهامش أو الضائقة الاقتصادية واهمون». وتابع «كل ما يحاك ضد الوطن يقصد به إلغاء الشريعة الإسلامية من حياة السودانيين». وقال إن حكومته متمسكة بتطبيق الشريعة مهما كانت التحديات، مشيرا إلى أن اجتماع تحالف قوى الإجماع الوطني شهد خلافات مما أدى إلى فشل اجتماعاتها بسبب إقرار الشريعة الإسلامية من عدمه. وقال «الحكومة قادرة على كشف كافة المخططات التي يحيكها أعداء الوطن».
من جهته، أعلن وزير العدل محمد بشارة دوسة الشروع في تفعيل النص القانوني «من أين لك هذا»، اعتبارا من بعد غد (الخميس)، مؤكدا أنه سينتقل بنفسه لمباني الإدارة العامة للثراء الحرام لمباشرة المهمة من هناك، داعيا الشعب السوداني للتبليغ عن أي قضايا أو شبهات لثراء حرام.