عثمان نواي
فى حادثة لا تعد غريبة على المجرم المطلوب للمحكمة الجنائية احمد هارون ,قائد مليشيات الجنجويد وداعمها الاول , والى ولاية جنوب كردفان السابق ووالى شمال كردفان الحالى, حيث قام احد الصحفيين المقربين اليه والذين يبيعون شرف المهنة التى تهدف لنبش الحقيقة وليس دفنها, قام الصحفى بسب احد ابناء النوبة بالابيض والذى يعمل بمحلية شيكان, حيث دخل احد المكاتب وكان الصحفى المقرب من هارون يجلس هناك. فطلب الصحفى من العامل من ابناء جبال النوبة ان يجلب له قارورة مياه معدنية , وعندما لم يرد العامل عليه قال له الصحفى ” امشى يا نوباوى يا عب , ان اسى اقوم عليك ارجعك الكراكير “.
وثار العامل من ابناء النوبة على الصحفى وطالب الحاضرين بالشهادة على الاهانة العنصرية التى وجهت اليه. وقام العامل بتقديم شكوى الى محكمة العمد والمشايخ بالابيض بمساندة من ابناء النوبة فى المدينة الذين وقفوا صفا واحدا مع العامل ضد هذه المعاملة العنصرية الجلية. ولكن الصحفى المقرب من احمد هارون يحاول الان الاستعانة بنفوذ سادته وبعلاقاته بالوالى والمعتمد ورجال الشرطة حتى يدفن قضية العامل ضده , والتى تكشف تعاليا عنصريا شديدا , مع لجوء لاستخدام النفوذ للضغط والتهديد لتحويل مسار القضية والضغط على العامل للتنازل عن حقه فى المطالبة برد كرامته وتعويضه عن تلك الاهانة العنصرية التى وجهها اليه الصحفى.
ومثل هذه الحادثة ليس من الغريب ان تحدث تحت ولاية مجرم الحرب والمتهم بجرائم ضد الانسانية احمد هارون, بل ليس من الغريب ايضا ان يستند مرتكبها على حماية المجرم هارون, ومعتمديه وشرطته التى تحمى نظاما عنصريا فاسدا ومجرما يقتل مواطنيه بعنصرية فجة ويمكن لعنصرية مؤسسية تمارسها الدولة ومؤسساتها الفاسدة . وما حدث لهذا العامل هو فقط حادث واحد من الكثير من امثال هذه الحوداث التى ترتكب فيها جريمة التمييز العنصرى والاهانة للكرامة الانسانية كل يوم فى شتى انحاء السودان تحت هذا النظام الذى كرس للعنصرية بممارسته لجرائم ابادة جماعية مبنية على العرق كما بينت كافة تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والتى بناءا عليها قدم البشير وهارون وغيرهم لمحكمة الجنايات الدولية كمطلوبين للعدالة فى جرائم ضد الانسانية , من اهم اركانها الاضطهاد المبنى على العرق او الدين حسب الفقرة (ح) من المادة (7), من نظام روما الاساسى المنشىء للمحكمة الجنائية الدولية. وعليه فان ممارسات احمد هارون وبطانته لا تزال تقدم المزيد من الادلة على انه مجرم حرب حقيقى مازال قادرا على الافلات من العقاب, ويقوم بحماية امثاله من العنصريين من بطانته ليفلتوا من العقاب ايضا.
ولكن عزم العامل ومسانديه من ابناء النوبة واهل مدينة الابيض يؤكد ان المحاكمة التى ستجرى جلستها الثانية اليوم لا تمثل سوى خطوة اولى فى كسر الصمت عن هذه الممارسات العنصرية التى تجرى تحت حماية رموز هذا النظام المجرم والعنصرى بامتياز. فان الابيض هى من اهم المدن التى تعايشت فيها عبر الازمان كافة الاثنيات والاعراق السودانية المختلفةو الا ان هذا الوالى الغريب على المدينة واهلها وروحها المتنوعة والراقية, انما يحاول يبث فيها دمار عنصريته وينشر فيها الرعب والخوف والكراهية عبر مليشياته التى تعيث فى المدينة فسادا هذه الايام. ان كراهية احمد هارون للتعايش الطبيعى بين مختلف السودانيين والجرائم التى ارتكبها فى دارفور ثم نقلها الى جبال النوبة ويحاول نقلها الان الى شمال كردفان انما تنم عن النفس المريضة التى ترتاح الا فى اجواء من الكراهية والعاناة والالم والدماء.
ومن هنا تاتى اهمية هذه القضية وشجاعة هذا الشاب الذى اختار الوقوف انتصارا لكرامته واهله, فالتحية له ومن يناصورنه من ابناء الابيض فى وجه والى الخراب والدمار ورهطه. ومن لا يرى فى قضية هذا العامل الشاب مثالا لوقفة يجب ان يقفها الكثيرين ممن تعرضوا لمثل هذا التمييز والاهانة او من الذين يرفضون ان تمارس هذه العنصرية تحت انظارهم وفى وطنهم , فعليه ان يفكر مرة اخرى , حيث ان التغيير لا يتم الا باتخاذ مواقف حقيقية وصغيرة ولكنها تدافع عن المظلومين فى وجه كبار الطغاة وصغارهم ومن يساندونهم. ولسوف ينتصر المظلومون ولو طال الامد.
[email protected]