وقّع تحالف قوى “نداء السودان” المعارض مساء الاثنين بأديس أبابا على خارطة طريق تتضمن رؤى ومراحل لإحلال السلام في السودان وبدء حوار سياسي مع الحكومة.
وتمسكت قوى “نداء السودان” بعد توقيعها على خارطة الطريق، بعقد اجتماع تحضيري لعملية الحوار، ويبدأ يوم الثلاثاء التفاوض المباشر بين الحكومة والحركات المسلحة حول مساري الهدنة بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق والسلام بدارفور.
وجرت مراسم توقيع خارطة الطريق بفندق رديسون في أديس أبابا بحضور الوساطة الأفريقية برئاسة ثامبو امبيكي وممثلين لـ (إيقاد) والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والمبعوث الأميركي وممثلين للمجتمع المدني.
ووقع على الوثيقة رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، ومالك عقار عن الحركة الشعبية ـ
شمال، وجبريل إبراهيم عن حركة العدل والمساواة، ومني أركو مناوي عن حركة تحرير السودان، بينما وقع كل من غازي صلاح الدين وفرح عقار عن تحالف قوى المستقبل الذي شارك بصفة مراقب.
وأكد تصريح صحفي لقوى (نداء السودان) إيمانها العميق بأن تحقيق عملية حوار دستوري قومية شاملة وذات مصداقية، تستوجب اجتماعاً تحضيرياً يضمن حقها في تشكيل وفدها للاجتماع، وتوسع الدعوة لأعضاء الحكومة وممثلي آلية (7+7) الخاصة بالحوار الوطني.
وأشار التصريح إلى ضرورة أن تتضمن أجندة الاجتماع التحضيري الاتفاق على أولوية وقف الحرب وتوصيل الإغاثة للمتضررين كمدخل ضروري للسماح ببدء الحوار، والتداول حول مخرجات الحوار الدائر في الخرطوم للبناء عليها، وتحديد الأجندة والقواعد والإجراءات والضوابط والآليات والضمانات لتشكيل عملية حوار قومي دستوري شامل ذي مصداقية.
وشددت قوى “نداء السودان” على أهمية الاتفاق على كفالة الحريات الأساسية وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين السياسيين، على أن تنتج عن الاجتماع مخرجات مرضية لجميع الأطراف المنوط بها المشاركة في الحوار القومي الدستوري.
وقالت “إن قوى نداء السودان مستعدة للمضي قدماً بعقول وقلوب مفتوحة في عملية سلام مستدام وحوار قومي دستوري شامل، كما هو منصوص عليه في قراري مجلس السلم والأمن الأفريقي (456) و(539)”.
وتابعت “ستظل قوى نداء السودان ملتزمة بحل سياسي سلمي عادل وشامل يخاطب الأسباب الجذرية للنزاعات في السودان، وتعلن استعدادها للدخول فوراً في مفاوضات لوقف العدائيات وفتح الممرات الإنسانية.
من جانبه أعلن رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة ثامبو امبيكي أن وفدي الحكومة والحركة الشعبية ـ شمال سيبدأن بأديس أبابا التفاوض المباشر حول وقف اطلاق النار والترتيبات الأمنية وكيفية إيصال المساعدات الإنسانية بالمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).
وأضاف أن حركتي “العدل والمساواة” و”تحرير السودان” ستبحثان في مسار منفصل السلام في إقليم دارفور.
وأكد رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، خلال حديثه في حفل التوقيع، أنهم حصلوا على ضمان من أجل الاستقرار والسلام في السودان.
من جهته قال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي في كلمته عقب مراسم التوقيع “نريد أن نصنع من مناسبة التوقيع عملية متصلة نشترك فيها جميعا مهما اختلفنا لنرد للشعب السوداني الأمانة ونوقف الحرب بسلام عادل وشامل”.
وتابع “لا نريد أن نجعل التوقيع (بيضة ديك) مبينا أن خارطة الطريق تتطلب أن يجعل منها السودانيون عرسا للوطن خاصة وأن الشعب ظل يعاني من الإحباط والإخفاق”، وقال “نحن جميعا الآن حزب السودان”، مشيرا إلى أهمية البحث في آلية لإكمال المهمة لتحقيق السلام.
في ذات السياق اعتبر رئيس الحركة الشعبية ـ شمال، مالك عقار، التوقيع على الخارطة فرصة أخرى للسودان لتحقيق الاستقرار، وقال “إن الحرب لا خير فيها ويجب أن نوقفها”، وناشد الجميع بالعمل من أجل المستقبل وترك خلافاتهم من أجل السودان.
ومضى عقار قائلاً “الآن الفرصة سانحة للسلام.. جئنا بروح جديدة وبحسن نية رغم أن لدينا تحفظات على خارطة الطريق”.
وكانت الحكومة السودانية وقعت منفردة على هذه الخارطة التي قدمها الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي قبل أربعة أشهر، بينما امتنع تحالف “نداء السودان” عن توقيعها قبل تضمينها مطالب قدمها بشأن إحلال السلام. ووفق وكالة الأناضول فقد رحب مبيكي بهذه الخطوة، معلنا “استئناف التفاوض بين الحكومة والمعارضة” غدا الثلاثاء.
في غضون ذلك ينتظر، أن تبدأ جولتي التفاوض، الثلاثاء بفندق (رايدسون بلو) وسط زخم سياسي واسع، بعد توقيع قوى (نداء السودان) على الخارطة، المقدمة من الوساطة الأفريقية للتسوية السياسية في السودان.
وتوافد على العاصمة الإثيوبية منذ فجر الإثنين، العشرات من القادة السياسيين والعسكريين في المعارضة السودانية بشقيها كما وصل قادة أحزاب سياسية وناشطين فضلا عن مبعوثين دوليين لمتابعة التوقيع على خارطة الطريق وحضور جولتي التفاوض الحاسمتين.
وقال رئيس الوفد السوداني المفاوض إبراهيم محمود حامد، إن مفاوضي الحكومة سينخرطون مباشرة في عقد اجتماعات مع قوى (نداء السودان) عقب التوقيع مباشرة على خارطة الطريق، مبينًا أن الوفد سيلتقي المعارضة وفق الخيارات التي دفع بها الوسيط الأفريقي للأطراف المعنية بالخارطة.
وأبدى المسئول السوداني أملا في أن تكون الأطراف الأخرى بذات الإرادة السياسية والقوة التي قال إن الوفد الحكومى يدخل بها قاعة المفاوضات.
ونقل المركز السوداني للخدمات الصحفية، الإثنين، عن عضو الوفد بشارة جمعة أرور إن الجلسة التي تبدأ الثلاثاء ستناقش الترتيبات الأولية المنصوص عليها في الفقرة (1-2) من خارطة الطريق، والتي تختص بوقف العدائيات، ووقف دائم لإطلاق النار، والعمل على إسراع المساعدات الإنسانية.
وأشار إلى أنه وبعد هذه الجلسة سيتم الدخول مباشرة في المفاوضات عبر اللجان المعروفة في إطار الترتيبات الأمنية والسياسية.
ومن هذه المطالب عقد اجتماع تحضيري يضم كل قوى المعارضة مع الحكومة في الخارج لتهيئة الأجواء للحوار في الداخل عبر عدة خطوات، تشمل الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإطلاق الحريات العامة، وتشكيل آلية مستقلة لإدارة الحوار الوطني الذي يجري حاليا في الخرطوم ويرأسه الرئيس عمر البشير.
ويضم تحالف “نداء السودان” الذي تأسس في ديسمبر/كانون الأول 2014، حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، والحركة الشعبية-قطاع الشمال، وحركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور، وحركة تحرير السودان-جناح مني أركو مناوي.
ومن شأن التوقيع على هذه الخارطة أن يفضي إلى بدء حوار جدي بين المعارضة السودانية وحكومة الرئيس البشير.
بنود الخارطة
وتتضمن خارطة الطريق لعملية سلام السودان، إجراءات لوقف إطلاق النار والعدائيات، والترتيبات الأمنية في مناطق النزاع بإقليم دارفور (غرب) ومنطقتي النيل الأزرق (جنوب شرق) وجنوب كردفان (جنوب)، وإيصال المساعدات الإنسانية، والحل السياسي، والحوار الوطني.
وإلى جانب الحكومة وتحالف “نداء السودان”، تحظى خارطة الطريق بدعم “تحالف قوى المستقبل” الذي يضم حزب المؤتمر الشعبي وغيره.
وأفاد مراسل الجزيرة نت في الخرطوم بأن الغالبية الساحقة من القوى السياسية المعارضة والموالية تدعم خارطة الطريق، وأن الرأي العام السوداني يتوق إلى بدء حوار سياسي يؤدي إلى إحلال السلام.
وكان الرئيس السوداني رحب أمس السبت باعتزام فصائل المعارضة التوقيع على خارطة الطريق، وقال إن “ترحيبنا يمتد لكل من يلتحق بركب الحوار في أي مرحلة كانت، حتى وصولنا إلى المؤتمر العام” يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.