الى الكاتب مصطفى البطل …تحرّرْ من عقدة
” هم ” و ” نحن ” حتى يتحرر السودان
محمد بشير ابونمو
[email protected]
كتب مصطفى عبدالعزيز البطل فى زاويته الراتبة (غربا فى اتجاه الشرق ) فى احدى الصحف السودانية قبل ايام ، حديثاً مليئا بالمغالطات و مشوباً بالغيظ والسخط معا ولا اقول (الحقد) ! نعم الرجل مغتاظٌ وساخطٌ من كيف ان طلابا بحركة تحرير السودان بقيادة مناوى يجرأون على أقامة احتفالات محضورة ومنشورة على مستوى واسع فى الاعلام الأسفيرى صوتا وصورة ، حيث جرت الاحتفالات بجامعتى الفاشر والجزيرة ، احتفاءً بالعيد الخامس عشر لقيام ثورة دارفور وتخليدا لشهداء الثورة الذين سقطوا دفاعا عن قضية السودان فى دارفور ، وهم قد تجاوز عددهم حتى الان ال ٧ آلاف شهيد ، وهؤلاء فقط الذين ينتمون لحركة تحرير السودان بقيادة مناوى ، من غير الشهداء فى الحركات الثورية الاخرى . ويشار الى ان الاحتفالات المذكورة قد خاطبه مناوى بالهاتف وقد خاطبت ايضا الدكتورة مريم الصادق احدى الاحتفالات بالهاتف ، اضافة الى بعض رموز المعارضة بالداخل والخارج . ولانى لا أريد ان ينحصر( غيط وسخط) مصطفى البطل فقط فى احتفالات طلاب الجامعات ( حسادة منى ساكت) ، اذّكره ايضا ان احتفالا اكبر من ذلك قد تزامن مع احتفالات طلاب الحركة بالفاشر والجزيرة ، اقامه مكتب الحركة بمدينة لندن لنفس المناسبة ، أمّه كل القوى السياسية السودانية المعارضة فى بريطانيا حضورا وتحدثا ، غير مخاطبة الاحتفال من قبل رموز المعارضة السودانية من خارج بريطانيا وبالهاتف ، منهم على سبيل المثال لا الحصر :
١/ السيد منى اركو مناوى ، رئيس حركة وجيش تحرير السودان ونائب رئيس الجبهة الثورية
٢/ الامام الصادق المهدى ، رئيس حزب الأمة القومى
٣/ الشيخ التوم هجو رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطى المعارض ونائب رئيس الجبهة الثورية
٤/ السيد عبدالواحد محمد احمد النور ، رئيس حركة تحرير السودان ونائب رئيس الجبهة الثورية
٥/ الدكتور جِبْرِيل ابراهيم محمد ، رئيس حركة العدل والمساواة السودانية ورئيس الجبهة الثورية السودانية
٦/ السيد عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السودانى
٧/ السيد فرح عقار ممثلا عن قوى المستقبل السودانى
٨/ السيد على محمود حسنين المحامى ، رئيس الجبهة السودانية العريضة
٩/ الدكتور صلاح البندر الناشط والسياسى المعروف والرئيس التنفيذي لمنظمة “مواطن”
١٠/ الشاعر السودانى المعروف / الصادق الرضى
١١/ السيد سليمان صالح ضرار ممثل مؤتمر البجا
١٢/ المهندس هاشم محمد ، ممثل النقابات الشرعى ، وآخرون من داخل بريطانيا أتوا من مدن مختلفة تحدثوا ممثلين عن قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدنى سودانية ، وقد كان الملفت فى هذا الاحتفال ان الحركة قد دشنت اصدارة جديدة من حوالى ٢٥٠ صفحة باللغتين العربية والإنجليزية لبرنامجها السياسى تحت مسمى “مارشال التحرير” ، نفدت النسخ “الستين ” بيعا قبل انتهاء الاحتفال ، تمنيت لو حُظيى مصطفى البطل بنسخة منها ربما يغير من موقفه المتشدد من الحركات المسلحة ولعرف اننا ننادى بتحرير الافكار وليس الأشخاص . وقد ختم الاحتفال متحدثا الاستاذ والأمير / ابوعبيدة عبدالرحيم الخليفة التعايشى بوصفه راعيا للاحتفال ومساعدا لرئيس الحركة للشئون السياسية
كل هولاء قد ” خذلوا” مصطفى البطل وتحدثوا فى حفل حركة تحرير السودان بقيادة مناوى وعبروا عن تضامنهم مع الدور الطليعى للحركة فى مناهضة حكم الانقاذ وعن برنامجها السياسى المعلن المنادى بانهاء الاهمال التاريخي لمواطنى الهوامش واعتماد المواطنة اساسا للحقوق والواجبات ليتساوى الكل فى وطن يسع الجميع .
هذا سرد عن احتفالات الحركة سواء كانت بالسودان او لندن ومدى تجاوب القوى المعارضة مع فعالياتها . اما عن مصطفى البطل ، و من لا يعرفه من اهل الهامش ، فهو صحفى لكل الأنظمة الدكتاتورية المعاصرة بدء ً بمايو وانتهاءً بنظام الانقاذ الحالى ، ويعتبر احد مساندى ومنظرى ” السودان القديم المستمر للان ” ، بعقلية “هم” و”نحن ” ، كما ظهر فى مقاله ، و اقول ان المتحدثين فى احتفال حركة التحرير قد خذلوا مصطفى البطل لانه لا يرى فى حركة تحرير السودان غير تلك الفئة ( المتمردة الذين يستقطبون العون من الخارج ثم يدخلون المدن اقتحاما وينهبون البنوك ويحطمون المنشآت والمرافق ويرعبون الامنيين ويجبرونهم على مغادرة قراهم ، ويقودونهم مثل قطعان الماعز الى معسكرات اللاجئين ……الخ ) يعنى باختصار هم naughty boys ولا قضية لهم !
بالطبع لا يرى “البطل ” اًى دور لحكومته لما يجرى فى دارفور ، لا يرى طيران الانطونوف التى احرقت الأخضر واليابس فى قرى دارفور ولا يرى فظاعات اللواء المليشى ” حميدتى ” من قتل بالجملة وحرق بالجملة واغتصاب بالجملة ايضا ، وكل البرابرة الذين يقومون بهذه الاعمال الوحشية هم اتباع من يسميه مصطفى البطل ب ( الحبيب اللواء حميدتى ) ، ومصطفى البطل لا يضيره كل تلك الجرائم رغم خسائرها البشرية والمادية لانها تحدث فى هوامش السودان البعيدة عن السودان الشمالي النيلى الذى يدعى “البطل” تمثيله ، ودونكم هذا الافتراء التالى من مصطفى البطل : (ان حركة تحرير السودان قيادة ” الحبيب مناوى” تأسست تحت شعارات معادية ورافضة لتسلط المركز ومتمردة على الهيمنة الشمالية العربية على السودان ، وترعرعت تحت لواء التصدى لثقافة المركز العربى النيلى ….)
أسمّى هذه الفقرة افتراءً من مصطفى البطل ولا احتاج لكثير عناء لإثبات ذلك ، فقط ألفت نظر الكاتب الى ان حوالى ال ٨٠٪ من سيل المتحدثين فى احتفالات الحركة بلندن والفاشر والجزيرة ، بدءً بالإمام الصادق المهدى ومرورا بابنته السياسية المصادمة المنصورة الدكتورة مريم الصادق وانتهاءً بالأستاذ على محمود حسنين ، هم ممن يطلق عليهم مصطفى البطل اهل الشمال النيلى ( اعداء حركة التحرير) حسب تصنيف البطل ، فان كان الامر كذلك فما الذى يجعلهم يخاطبون احتفالات الحركة بكل ذلك الحماس والتنافس والجدية (وفيديوهات أحاديثهم منشورة فى النت الان بالصوت والصورة ” ، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هو : هل مصطفى البطل اكثر عروبة و”نقاءً عرقيا ” من “الحبيب الامام الصادق المهدى ” اًو المهندس عمر الدقير او الشيخ التوم هجو ، وهل هو حامى حمى الثقافة العربية المهددة بالفناء من قبل حركة التحرير بقيادة مناوى ؟ ولماذا لا يرى “البطل ” محمدة واحدة لحركة التحرير مناوى غير (تهذيب وهدوء مناوى وحياءه الجمّ والذى لاحظه اثناء وجودهما معاً فى قروب واحد حسب البطل ) ، وهل يعتقد البطل ان “مناوى” محتاج لشهادة “حسن سير وسلوك ” منه حتى يستوعبه السياسيون فى تجمعاتهم ومنتدياتهم ؟ ولماذا لا يتعاطف “البطل” مع الملايين من النازحين واللاجئين من اهل دارفور الذين تسببت حكومته فى مأساتهم ولماذا يرى غيره من اهل الشمال المذكورين عكس تقديرات البطل من ان هؤلاء فقط ضحايا حركة التحرير وليست الحكومة بشكل اساسى ؟
وأشير بهذا الخصوص الى حديث مؤثر أورده فى احتفال لندن الدكتور صلاح البندر ،الناشط المعروف والاستاذ السابق بجامعة كمبرج المعروفة (من الشمال النيلى) ، وهو قوله ان إعداد النازحين واللاجئين فى دارفور يشكل اربعة أضعاف عدد سكان السودان للمساحة الممتدة من شندى الى وادى حلفا ، اذن باى منطق اخلاقى او دينى او غيره يجعلنا نحن السودانيين ، حكاما ومواطنين ان نسكت على هذه الماساة طوال ثلاثة عشرة سنة متواصلة ؟ سؤال محرج بالطبع اهديه لمصطفى البطل المساند القوى لنظام الإبادة الجماعية بالخرطوم .
وختم “البطل” حديثه المليئ بالكراهية والبغضاء (سأبين هذه الفقرة بنهاية هذا المقال ) على حركة التحرير مناوى بهذه الفقرة الفاصلة :
(تتهموننا بالهيمنة والتسلط ، وترفعون علينا السلاح ، ثم تتغنون بأغانينا وترقصون وتبشرون وتسكسكون ) ؟
الرجل يتحدث هنا وكأنه البشير نفسه او احد اركانه امثال بكرى حسن صالح او عبدالرحيم محمد حسين … لا بأس ، ولكنى
افهم جدا ان ينكر امثال مصطفى البطل على اهل الهامش حقوقهم المشروعة فى السلطة والثروة ويرفعون السلاح لتأديبهم اذا تمادوا فى المطالبة بهذه الحقوق كما يحصل الان فى هوامش السودان فى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ، ولكن لا افهم ولا اتفهم ان ينكر احد على إنسان الاستماع الى فنان ويعجب بفنه أيا كان جنسه او عرقه ، فقط لان هذا المستمع يتبع لغير عرق الفنان وثقافته ، لذلك يستكثر “البطل ” علينا الاستماع الى الرائع محمد وردى والاستمتاع باغانيه ، وحجته فى ذلك اننا لا ننتمى الى وردى عرقيا لانه من الشمال النيلى ونحن من الهوامش ومن الاعراق غير العربية !
فقط أذكّر مصطفى البطل انى شخصيا من معجبى الفنان محمد وردى ولكن اعجابى به لا يطعن فى عدالة قضيتى ، قضية الهامش ، واكثر من ذلك يعلم “البطل” انى استمتع ايضا باغانى مغنى البوب العالمي الراحل مايكل جاكسون ولكنى كما يعلم مصطفى البطل لا انتمى اليه لا عرقيا ولا جغرافيا ، اذن كيف الخروج من هذه الحلقة المفرغة يا بطل ؟
اخى مصطفى البطل ما كتبته فى هذا الخصوص هو فى حقيقته خطاب كراهية للاسف hate speech ، وليس مقالا بالمعنى ، على الاقل هذا من وجهه نظرى المتواضع
مع احترامى
محمد بشير ابونمو
لندن
٦ سبتمبر ٢٠١٦